دوافع الاستعمار البرتغالي لمنطقة الخليج العربي

الرحلات الاستكشافية

في ظل ازدهار التجارة في منطقة الخليج العربي نتيجة مرور القوافل التجارية والسفن المسافرة بين الشرق والغربي بها ، سعت الدول الأوروبية إلى اكتشاف طريق جديد للملاحة ، وفي مقدمة تلك الدول البرتغال ، حيث بذلت البرتغال جهدًا كبيرًا في الاكتشاف والبحث عن طريق بديل ، كما شجع ملوكها الرحالة والبحارة على الانطلاق في المزيد من الرحلات الاستكشافية ، فأنشأوا مدرسة بحرية ، وأدخلوا تحسينات فعالة في السفن ، واستخدموا البوصلات البحرية ، ومن الجدير بالذكر أن الأسبان والبرتغاليين قد استفادوا من علوم العرب ومعارفهم في بلاد الأندلس في رحلاتهم والتي صححت الكثير من المفاهيم الخاطئة والخرافات لديهم عن المحيطات والبحار .

رحلة فاسكو دا جاما

استمر البرتغاليون في استكشاف شمال إفريقيا بقصد اكتشاف طريق للوصول إلى الشرق ، حتى نجح فاسكو دا جاما في الوصول إلى الشرق عن طريق رأس الرجاء الصالح ، بدأت رحلة دا جاما بعد أن جمع المعلومات التي تم التوصل إليها من الرحلات الاستكشافية السابقة، كما حرص على الاستفادة من الخبرات العربية نفسها في الملاحة وصناعة السفن ، فاقنع القائد العربي أحمد بن ماجد بقيادة سفن البرتغال عبر المحيط ، ثم جمع أطقمًا من البحارة عدوا جميعهم مجندين في خدمة الملك ، كما جند دا جاما في أطقمه من لديه معرفة باللغات الإفريقية واللغة العربية ، وانطلق في حملة مكونة من ثماني سفن منها أربعة لتموين الحملة لمدة تصل لثلاث سنوات، انطلقت رحلة فاسكو دا جاما بمحاذاة السواحل الغربية لأروبا حتى نهاية جنوب قارة إفريقيا وهي المنطقة المسماة بـ (رأس الزوابع) ثم أطلق عليها (رأس الرجاء الصالح) ، ومن هناك استدار حول القارة الإفريقية ليواصل شمالًا نحو السواحل الشرقية عام ١٤٩٨م نجح دا جاما في الوصول إلى الهند في ٢٣ مايو عام ١٤٩٨م ، ومن هنا بدأ التهديد الحقيقي للتجارة العربية ، حيث طلب البرتغاليون من حاكم كاليكوت أن يمنع التجار العرب من للإقامة في مملكته وذلك عام ١٥٠٠م ، ثم أسس البرتغاليون على الساحل الغربي للهند مركزًا تجاريًا في غوا وجعلوه قاعدة رئيسية لهم ، ولم يتوقف الزحف البرتغالي عند هذا الحد بل امتد شرقًا نحو اندونيسيا والملايو ليحتكروا تجارة التوابل مع أوروبا لمدة مائة عام بعد أن أسسوا في مالقا قاعدة تجارية كبرى.

دوافع الاحتلال البرتغالي لمنطقة الخليج العربي

قد كان الاستعمار البرتغالي


أول استعمار وصل لمنطقة الخليج العربي


، وقد وجدت العديد من الأسباب التي هيأت للاحتلال البرتغالي منها:

  • تفكك القوى السياسية الإسلاميون وانشغالها لمحاربة بعضها ، وكذلك عدم اتخاذ موقف حاسم تجاه تهديدات الاستعمار البرتغالي ، وقد كانت الدولة الإسلاميون آنذاك تتمثل في : الدولة العثمانية ، والدولة الصفوية بإيران، والمماليك في بلاد الشام ومصر.
  • سعي البرتغاليون وراء إحكام السيطرة على للتجارة البحرية في شبه الجزيرة العربية والخليج العربي ، وعلى أهم المنافذ المائية في المنطقة كالبحر الأحمر والخليج العربي ، لما في ذلك من نفع كبير لهم .
  • السعي وراء التوسعات الاستعمارية حيث قرر البرتغاليون استعمار الكثير من المدن العربية مثل : خورفكان ، ومسقط ، والبحرين ، وهرمز ، والقطيف .
  • أدى فشل الحروب الصليبية في الاستيلاء على الشرق الإسلامي إلى غضب أوروبا وسعي قادة البرتغال إلى محاولة غزو الحجاز ، كما قاموا بالانتقام الشنيع من العرب في منطقة الخليج وجنوب شبه الجزيرة العربية .[1]

أساليب الاستعمار البرتغالي في المدن المحتلة

اتبع البرتغاليون أساليب اتصفت بالوحشية والقسوة مع أهل المدن التي استولوا عليها ، حيث برز تعصبهم الصليبي تجاه الإسلام والمسلمين، وممارستهم لكثير من أعمال الإرهاب فكانوا يشعلون النيران في المدن المحتلة ، ويستولون على حمولات السفن، ويضطهدون بحاراتها ويعذبونهم ، ومن جانب آخر كانوا يعيثون في سكان المدن قتلًا وتنكيلًا حتى أنهم كانوا يمزقون أنوفهم وآذانهم غير عابئين بما إن كان منهم النساء أو الأطفال أو الشيوخ .

آثار الاحتلال البرتغالي لمنطقة الخليج العربي

أدى الاحتلال البرتغالي إلى العديد من النتائج السلبية التي عاني ويلاتها الشعب العربي، ومن هذه الآثار :

  • تدهور النشاط التجاري البحري في الخليج العربي .
  • تحول طرق التجارة من الخليج العربي والبحر الأحمر إلى طريق رأس الرجاء الصالح .
  • معاناة الشعوب العربية من سوء الأحوال الاقتصادية حيث احتكر البرتغاليون معظم تجارة الشرق .[2]

المقاومة العربية في الخليج العربي ضد الاستعمار البرتغالي

قام سكان البحرين عام 1602 بأول حركة مقاومة ضد الاحتلال البرتغالي حيث هاجموا الحاميات البرتغالية بضراوة ، كما شرعت في الوقت ذاته السفن الخليجية في مهاجمة الأسطول البرتغالي ، ليضعوا البرتغاليين في موقف يصعب عليهم الصمود فيه أما القوات الثائرة من العرب ، فاستنجدوا بباقي الأساطيل البرتغالية بالهند ، والتي استطاعت للأسف إخماد الثورة البحرينية .

بعد هذا بستة أعوام أي عام 1608م، ثارت مدينة أخرى من المدن المحتلة وهي مدينة هرمز ، لكن هرمز استعانت بقوى منافسة للبرتغاليين وهي القوة البريطانية فاستطاعوا أن يجلوا البرتغاليون عن أراضيهم ، ليغدر بهم فيما بعد الإنجليز ويسلموا المدينة لمستعمر جديد وهو الفرس والذين كانوا بدورهم موالين لبريطانيا .

بعدها بإحدى عشر سنة أي عام 1619م ثارت مدينة أخرى وهي مدينة القريات على ساحل عمان ، وتوالت الثورات حتى ظهر ما يعرف بحكم الأئمة اليعاربة ، خاض الأئمة اليعاربة حربًا ضارية ضد البرتغاليين استمرت لسنوات ما بين 1630 حتى 1648 حتى استطاعوا التخلص من البرتغاليين بعد إسقاط معاقلهم في صور ، وجلفار، وقريات.

ثم وحد الإمام القائد  ناصر بن مرشد، وأسس أسطول قوي، وأخذ يسقط معاقل البرتغاليين الواحد تلو الآخر ويسيطر عليها ، حتى لجأ البرتغاليون في نهاية الأمر إلى طلب الصلح ، والالتزام بشروط مضنية على الرغم منهم ، وبالفعل انتهى عهد الهيمنة البرتغالية على الخليج العربي بسقوط آخر معاقلهم عام 1665م .

وبعد أن استعرضنا دوافع الاستعمار البرتغالي لمنطقة الخليج العربي، فمن المسلم به أن السبب الرئيسي في نجاح أي استعمار تعرض له العالم وتجرئه على إظهار مطامعه يكمن بشكل أساسي في الخلافات الداخلية بين الحكام العرب ، وانشغالهم بعروشهم عن تأسيس قوى عسكرية تحمي ما حباهم الله به من ثروات طبيعية، وموقع استراتيجي هام لكنه رغم انجازات البرتغاليين في الهند والاماكن التي احتلوها إلا أنه تم


سقوط الامبراطورية البرتغالية


.[1][2]