أثر التقدير الاستراتيجي على إدارة الأزمات
العلاقة بين التقدير الاستراتيجي وإدارة الأزمات
تعرف الأزمة بأنها شيء مفاجئ يكون له العديد من النتائج السلبية على أداء منظمة ما ، أو دولة ، أو مؤسسة ، وفي مجالات مختلفة حيث تتواجد الأزمات الاقتصادية ، والسياسية ، والدولية ، وتكون نتائجها التي يحتمل أن تهدد مؤسسة ما في مستويات مختلفة من الخطورة ، ودرجات مختلفة من التأثير ، وبصفة عامة ، تقوم بعض المنظمات حول العالم بإدراج إدارة رسمية معنية بإدارة الأزمات التي تقوم بتطبيق مناهج التقدير الاستراتيجي.
وهي تكون مدربة ، وقادرة على تفادي الأزمات التي يمكن أن تضر بالشركة ، أو المؤسسة ، وذلك عبر عدد من المراحل ، والآليات التي تقوم بها ، وبصفة عامة تتعدد نماذج إدارة الأزمات وفق ما أقره العديد من الدارسين ، والتي تقوم على عناصر ، ومعايير مختلفة ورغم تعدد هذه المعايير ، فقد ظهر اهتمام مستجد بهذا المجال من قبل رواد تقدير الأزمات أمثال “بلنجز” عام 1980 ، وغيره من الرواد الذين أرسو نموذج إدارة للأزمات يقوم على معيار “التقدير” ، والذي يأخذ مساره نحو إدارة الازمات من خلال عملية الاستشراف وتحديد القرار الذي يكون موجه نحو المستقبل.
ويمكن القول أن هناك علاقة بين عملية التقدير وبين إدارة الأزمات في كل المجالات ، حيث أن إدارة الأزمات قد تصبح جزء من التقدير الاستراتيجي فالثانية جزء من الأولى وكلاهما يكملان بعضهما البعض لاتخاذ القرار المناسب الذي يسهم في تجنب الأزمة ، حيث يظهر في هذا السياق عمليتين أساسيتين تتمثلان في تقييم المخاطر ، أو الأزمات crisis evaluation ، وتحليل المخاطر crisis analysis.
أهمية التقدير الاستراتيجي وقت الأزمة
تقوم الكليات الحربية والعسكرية بتطبيق مبادئ ، وعمليات التقدير الاستراتيجي ، حيث تم اضافتها في المناهج والمقررات العلمية العسكرية لتدريس الطلبة العسكريين كيف يتم تطبيق هذا المنهج ، وكيفية استخدامه في وقت الأزمات العسكرية ، حيث تم اعتماده في الكليات الحربية لتقدير المواقف بصفة عامة ، ولهذه العملية طرق وأساليب ونماذج متعددة غير أن المتخصصون أكدوا على أنه لا يوجد نموذج ثابت ، أو دليل محدد لتقدير الموقف بصفة عامة.
تهدئة الأزمة
والجدير بالذكر أن الأنشطة الإستراتيجية في عملية التقدير الاستراتيجي في المجال العسكري ووقت إدارة الأزمات يتم بها تنفيذ بعض الإجراءات لمحاولة تهدئة الأزمة فهناك أهمية ترتبط بعملية التقدير الاستراتيجي من اجل منع الأزمة قبل حدوثها ، وهناك تفعيل للتقدير الاستراتيجي الذي يرتبط بتخفيف آثار الأزمة ، حيث أن تفعيل الخيارات الوقائية التي تشمل الخيارات والبدائل التي يمكن أن نظر بها الإدارة ، أو المنظمة بالتنسيق مع الأطراف المرتبطة ، تسهم بشكل كبير في تحقيق هذين الهدفين.[1]
الاستعداد للأزمة
كما ترتبط عملية التقدير الاستراتيجي بوجود مجموعة واسعة من التدابير ، و الاجراءات التي تغطي جميع المجالات ، كما أنها ترتبط بشكل كبير بمرحلة التأهب أو مرحلة الاستعدادية خاصة في ظل تفاقم الأزمات السياسية ، والأزمات الاقتصادية والأزمات الدولية والعسكرية كما هو الحال في قيادة حلف شمال الأطلسي التي تقوم بتفعيل منظومة التقدير الاستراتيجي من خلال عمليات التحليل الاستراتيجي للمواقف ، حيث يقوم الناتو في مرحلة إدارة الأزمات بتفعيل مجموعة الآليات الوقائية المرتبطة بعلمية التقدير الاستراتيجي لما يسمى ب”المفاجأة المضادة”.
وتحوي عدد من التدابير المسبقة من أجل ضمان مواجهة هذا النوع من الأزمات الطارئة ، ويتم تصميم التدابير الوقائية لحماية القوات ، والقدرات ، والهيئات المدنية ، والعسكرية والبنية التحتية الحيوية وبمجرد الإعلان عن تدابير المفاجأة المضادة لا يمكن أن تستمر إلا لفترة قصيرة ويجب أن تستند إلى مؤشرات قاطعة على هجوم وشيك ، بمعنى أن يكون هناك معلومات مؤكدة على أنه ثمة ازمة ستحدث فعلياً.
مواجهة الأزمة
كما تقوم الحكومات ، والمنظمات الدولية في مجال إدارة الأزمات عبر عمليات التقدير الاستراتيجي بمواجهة ما يطلق عليه “العدوان المضاد” من خلال تفعيل عمليات إدارة الأزمات التي يتم تطوير كافة الإعدادات الشاملة للبيئة التنفيذية ، والتي تغطي جميع المجالات بما في ذلك مجالات التهديدات ومحالات المخاطر المحتملة المرتبطة ، حيث أن تغطية كافة المجالات التي تتعلق بالأزمة ستسهم في دعم عمليات التخطيط ، وإجراء حملة ، أو عملية ناجحة ضد هذه الأزمات المهددة.
عمليات ومراحل التقدير الاستراتيجي
تتم عملية التقدير الاستراتيجي من خلال عدد من المستويات والمراحل ، ويعد المستوى الاستراتيجي أهم المستويات التي يتم بها تحقيق التقدير ، و ذلك من خلال مراقبة فرق العمل المخصصة ، وخاصة عندما تكون هذه الفرق مدرجة في الهيكل التنظيمي الرسمي للمنظمات ، أو الإدارات التي يناط بها العمل على إدارة الأزمات ومنع حدوثها من خلال تطبيق فكر التقدير الاستراتيجي.
مرحلة التشاور والتصور
ففي مركز إدارة الأزمات والعمليات الشاملة يقوم الأفراد بتقديم التقارير بانتظام ، كما تتم مشاركة المعلومات ومراقبة عمل الفرق من خلال مجموعة تحديد الأزمات ، وتكون هذه الفرق مسئولة عن إبلاغ القيادة ولجنة عمليات الأزمات داخل المنظمات ، ويتم تصنيف القضايا الهامة التي من شأنها أن تهدد المنظمة فضلاً عن تحديد الأزمات المحتملة في قائمة تحديث الأزمة ، وهذه القائمة يتم تجديدها دائماً من خلال تحديد الأزمات الطارئة ، والمباغتة ، وتكون في الغالب ذات أولوية ، حيث يتم ترقيتها من حيث أولوية خطورتها وتهديدها أو يتم تقليلها حسب الاقتضاء.
فإذا بدت قضية ما وكأنها قد تتصاعد إلى أزمة ذات تأثير على أداء المؤسسة ، أو الكيان ، أو الدولة مثلاً ، يتم تشكيل مؤتمر الأطراف مع فريق العمل في أوقات الأزمات لإجراء تقدير أولي للوضع وإبلاغ مجموعة التنسيق ، وتؤثر مراحل عملية التقدير الاستراتيجي وفقاً للمنظور العسكري على إدارة الأزمات ، حيث أن لكل مرحلة من المراحل في هذه العلمية يكون لها هدف محدد ، ودور معين في سياق عمليات إدارة الأزمات عبر علمية التقدير الاستراتيجي.
وتقوم مراحل و خطوات التقدير الاستراتيجي للأزمة ، أو للقضية الطارئة في سياق المرحلة الأولى من عملية التقدير الاستراتيجي للموقف على التشاور بين الأطراف في سرد وتأطير الأزمة ، وعرض أسبابها ثم توضيح الأزمة ، وفي المجالات العسكرية يقوم العسكريون بالاعتماد على خطوات التصور ، والاستجابة.[2]
مرحلة الاستجابة
كما تعتمد المرحلة الثانية من التقدير الاستراتيجي على الاستجابة الاستراتيجية التي تلي مرحلة التقدير ، حيث يتم بها التركيز على مفهوم الاستجابة المستقبلية ، والتي تعتمد على خطوة التقييم والتقدير حول ما يحتم القيام به ولماذا سيحتم القيام به وتأتي الخطوة الثانية حول تحديد العوامل المقيدة أو المعرقلة وهنا يتم عرض أهم الفرضيات التي يجب افتراضها في ظل غياب الحقائق اليقينية لاستكمال عملية التخطيط الاستراتيجي ، والخطوة الثالثة تتم من خلال كيفية تنفيذ خطوة الاستجابة والتي تشمل عمليات الإصلاحات العسكرية المادية ، وغير المادية وهذا بدوره يسهم في تحقيق تقييم للمخاطر ومن ثم تخفيف حدتها ، ثم تأتي مرحلة تعزيز الموارد.