ما مَعْنَى غسل البراجم وَانْتِقَاصُ الماء

ما معنى غسل البراجم

غسل

البراجم

هو القيام بتنظيف الأماكن التي تتجمع فيها الأوساخ والأتربة في الجسم، والأصل في البراجم أنها تكون في منطقة ظهور الأصابع.

وروى مسلم عَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ)، قَالَ زَكَرِيَّا: قَالَ مُصْعَبٌ: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ، زَادَ قُتَيْبَةُ، قَالَ وَكِيعٌ: انْتِقَاصُ الْمَاءِ: يَعْنِي الِاسْتِنْجَاءَ.

وفي مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: (وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ غَسْلُ جَمِيعِ عُقَدِهَا مِنْ مَفَاصِلِهَا وَمَعَاطِفِهَا). انتهى. وفي نيل الأوطار للشوكاني وهو يبين المراد بالبراجم قال: (وَهِيَ عُقَدُ الْأَصَابِعِ وَمَعَاطِفُهَا كُلُّهَا وَغَسْلُهَا سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ).

يقول العلماء: (وَيُلْحَقُ بِالْبَرَاجِمِ مَا يَجْتَمِعُ مِنْ الْوَسَخِ فِي مَعَاطِفِ الْأُذُنِ وَقَعْرِ الصِّمَاخِ فَيُزِيلُهُ بِالْمَسْحِ وَنَحْوِهِ). انتهى. ولا توجد مدة محددة لغسل البراجم، ونفس الأمر أيضًا مع الاستحداد. [1]

انتقاص الماء من سنن الفطرة

يُعني انتقاص الماء كما قام بتفسيرة وكيع بن الجراح أنه الاستنجاء، وقد كان الاستنجاء ومازال من الفطرة، وذلك بسبب ما فيه من تطهير وتنظيف للجسم، ومن أهم لوازم عادة الاستنجاء هو الاستبراء، ويشمل الاستبراء طلب البراءة من هذا الأمر، حيث ينبغي أن يستبرأ الرجل من البول والأشياء التي تماثله، بحيث يتيقن من نظافته ولا يشعر بالوسوسة، والمرأة كذلك.

وبناء على ما سبق ذكره، فإن انتقاص الماء هو القيام بالاستنجاء، ويعتبر الاستنجاء من الفطرة، ومن الضروري أن يهتم المؤمن بهذا الأمر بدون أي وسوسة، لأن عذاب القبر بسبب عدم التطهر والاستنجاء من البول من الأمور الشائعة. حيث روى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: (تنزهوا مِنَ البَوْلِ، فَإِنَّ عَامَّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ).

وقد روى الإمام البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرَيْنِ، فَقَالَ: (إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَـمْشِي بِالنَّمِيمَةِ). هذا، والله تعالى أعلم. [2]

شرح حديث عشر من الفطرة

روت عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ ـ قَالَ زَكَرِيَّا: قَالَ مُصْعَبٌ: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ، زَادَ قُتَيْبَةُ، قَالَ وَكِيعٌ: انْتِقَاصُ الْمَاءِ: يَعْنِي الِاسْتِنْجَاءَ. رواه مسلم.

خلق الله البشر على الفطرة، وقد فطرهم الله تعالى على حب الخير لغيرهم والإيثار، وكراهية الشر والحرص على دفعه، مع الحرص الدائم على الإخلاص لله وقبول الخير، وقد جعل الله الفطرة وشرائعها نوعين وهما:

طهارة الروح والقلب، وذلك من خلال الإيمان بالله عز وجل، والخوف منه والإنابة إليه، ويقول الله تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَك لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ، مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ).

وهذا الأمر يُذكي النفس، ويُطهر القلب وينميه، كما أنه يُذهب عنه الرذيلة، ويجعله يتحلى بالأخلاق الحميدة، وجميع هذه الأمور من أصول الإيمان بالله، أما عن النوع الثاني من الفطرة فهو يتمثل في تطهير الجسم والحرص على النظافة الشخصية، ويتم ذلك عن طريق دفع الأقذار والأوساخ عن الجسم بشتى الطرق، وهذا يساعد على تقوية الجهاز المناعي والحفاظ على الصحة العامة.

ويعتبر كل من الاستنشاق والمضمضة من الأمور المشروعة للطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، وهما من الفروض، ويشملان تطهير الأنف والفم وتنظيفهما بشكل جيد، وذلك لأن هذه المناطق يأتيها الكثير من الأوساخ من الأجواء المحيطة بالإنسان، ويضطر الفرد بذلك إلى إزالة هذه الأوساخ، وتطهير الفم باستخدام السواك.

ومن الفطرة أيضًا قص الشارب، وذلك لتنظيفه مما قد يخرج من الأنف ويناله، كما أن شعر الشارب من الوارد أن يتلوث بالأطعمة والمشروبات المختلفة.

وهذا الأمر يكون بخلاف شعر اللحية، حيث جعل الله تعالى اللحية وقار للرجل وجمال له، ولهذا يزداد جمال الرجل عند الكبر بشعر لحيته، ومن الأمور الهامة أيضًا القيام بقص الأظافر للتخلص من الجراثيم والبكتيريا التي تختفي خلفها، مع الاهتمام بنتف الإبط والقيام بغسل البراجم أو ظهور الأصابع التي تتجمع فيها أوساخ وأتربة.

ما هو الاستنجاء

الاستنجاء هو عملية يتم فيها إزالة البول وكل ما يخرج من السبيلين باستخدام الحجر أو الماء، وهذا الأمر يعتبر شرط من أهم شروط الطهارة، وجميع الأمور السابق ذكرها بما فيها الاستنجاء هي أشياء تكمل الظاهر من الإنسان، وتعمل على تطهيرة وتنظيفة، وتبعد عنه كل ما يضر صحته، لأن النظافة من الإيمان.

والمقصود من ذلك أن الفطرة تشمل جميع أمور الشريعة من الباطن والظاهر، وذلك لأنها تعمل على نفس الأخلاق الرذيلة الباطنة، وتساعد على التحلي بالأخلاقيات الكريمة، وهذه الأخلاقيات تعود إلى عقيدة الإيمان والتوحيد، وينبغي أن أن يخلص الفرد لله في ذلك، ويعمل على تنقية الجسم مما يظهر من أوساخ ونجاسة.

هكذا ينبغي التطهر بشكل حسي ومعنوي، ويقول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}، والشريعة أساسها الطهارة والتكميل والتنمية، والحث على أفضل الأمور، والنهي عن ما يضر.

هل غسل البراجم من الوضوء

من أهم الأحاديث التي تصف ذلك هو حديث ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه، ويتحدث في هذا الحديث عن غسل البراجم، وأن هذا الأمر هو جزء لا يتجزأ من الوضوء والطهارة بشكل عام.

ويقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم (أن يحلق الرجل عانته كل أربعين يومًا، وأن ينتف إبطه كلما طلع، ولا يدع شاربيه يطولان، وأن يقلم أظفاره من الجمعة إلى الجمعة، وأن يتعاهد البراجم إذا توضأ؛ فإن الوسخ إليها سريع، واعلم أن لنفسك عليك حقًّا، وأن لرأسك عليك حقًّا، وأن لجسدك عليك حقًّا، وأن لزوجك عليك حقًّا، وأما النساء فليس ينبغي إلا أن يتعاهدن أنفسهن ولأزواجهن، وأن الله – عزَّ وجلَّ – جميل يحب الجمال، وأن لكم حفظة يحبون الريح الطيب كما تحبونها، ويكرهون الريح المنتنة كما تكرهونه).

والخلاصة في ذلك أن القيام بغسل البراجم بالرغم من أنه لم يتم ذكره في حديث صحيح إلا أنه في رواية أخرى للسيدة عائشة رضي الله عنها، لم يرد أن غسل البراجم من الوضوء، ولكن جميع المسلمين بشكل عام مأمورون بالحفاظ على النظافة الشخصية لأجسادهم، وذلك لأن الدين الإسلامي قائم على الطهارة والنظافة. [3]