نشأة التدوين التاريخي عند المسلمين
متى نشأ التدوين التاريخي عند المسلمين
لقد كان العرب يعتمدون على الروايات الشفهية في تسجيل جميع الأشياء التي يمرون بها والمواقف المختلفة، التي كانت تنتقل فيما بينهم على شكل أخبار، فجميع المعلومات كانت يتم حفظها لم يتم اكتشاف الكتابة أو تسجيلها في هذا الحين، هذا الأمر شمل الحوادث الكبيرة بالنسبة لهم التي كان يتم حفظها وفهمها بدون أن يتم تدوينها.
لهذا السب في ظهور الإسلام كان بمثابة نقلة كبيرة بالنسبة إلى التاريخ فلم يذكر أحداث الحاضر والمستقبل فقط بل كان يتم ذكر أحداث الماضي والمواقف التي حدثت ليتم تدوينها، حيث أن الإسلام يشمل جميع الرسل والأنبياء، وهذا كان سبب في زيادة رغبة الأشخاص في هذه الفترة لأن يتم تدوين تاريخهم ليحفظ إلى العصور القادمة؛ لهذا السبب فإن
أهمية التدوين التاريخي
بالغة.
كان من ضمن الأهتمام بالكتابة أن يتم الأستفادة من الأمم الأخرى، وهذا الأمر كان سبب لأن يتم تدوين المعلومات في كتب ويتم تسجيلها.
أسباب التدوين التاريخي
يوجد العديد من الأسباب المختلفة التي تدفعت المسلمين إلى تدوين على أعتبار أن التدوين ذا أهمية بالغة لا يمكن حصرها، وتتمثل هذه الأسباب فيما يلي:
- أن يتم تسجيل السيرة النبوية بالكامل بداية من ولادة رسول الله إلى بعثة ومختلف المراحل التي قد حدثت حتى يتم نشر الدعوة، إلى إنتقال الرسول إلى الرفيق الأعلى.
- وسيلة يمكن من خلالها التعرف على أحوال الأمم الماضية.
- يمكن من خلالها إتساع مساحة الدول الإسلامية ومعرفة الكثير عن شؤون البلاد وطرق تحصين الأموال وغيرها من السياسات المختلفة.
- معرفة الفرق بين الأقاليم التي تم فتحها عنوة والتي تم فتحها صلحًا، وبشكل عام يتم التعرف على الفتوح الإسلامية بالكامل ومعرفة أزمنتها بدقة.
- يمكن من خلالها معرفة أبناء المناطق التي تم فتحها والذين كان لهم دور في نشر الإسلام، وقيامهم بالعديد من المحاولات لنشر الإسلام في جميع أنحاء العالم.
- لقد ظهر لدى المسلمين تقويم ثابت وهذا كان سبب في أن يتم تحديد التاريخ بالأرقام ولا يعتمد على الحوادث التي حدثت في هذه المرحلة.
صور تطور التدوين التاريخي عند المسلمين
لقد تم تطوير التدوين التاريخي بشكل واضح وملحوظ وهذا الأمر كان سبب في أن يصل التدوين إلى ما هو عليه اليوم، ومن ضمن صور التطوير ما يلي:
كتابة السيرة النبوية
من أكثر الأشياء التي حرص عليها العلماء والمؤخرين هي معرفة السيرة النبوية بجميع التفاصيل والأحادث؛ لهذا السبب فإن السيرة النبوية كانت أول ما تم كتابته، كذلك تم جمع الأحاديث النوبية وتنقيتها ليصل إلينا منها الأحاديث الصحيحة، وبعد الإنتهاء من كتابة الحديث تم كتابة المغازي والسير والتي كانت متأثرة بالحديث بشكل كبير، وعلماء المدينة هم أول من قاموا بكتابة أحاديث السيرة النبوية، حيث أن المدينة كانت مثوى النبي صلوات الله وسلامة عليه وأصحاب الرسول، وأهم المدينة كانوا أكثر الناس معرفة بأخبارهم.
اخبار الفتوح والأمم المجاورة
إن إتساع الفتوح كان سبب واضح في أن يتم إتساع نطاق البحث التاريخي؛ فلقد كان يتم تدوين أخبار الفتوح وتاريخ الأمم المجاورة، والسيرة النبوية وأحوال العرب والحوادث التاريخي، والتي كان لها دور كبير في التاريخ الإسلامي، وفي معرفة الطريقة التي تمت بها مختلف الفتوحات بغرض نشر الدين الإسلامي في العالم أجمع.
الرحلات والترجمة
بعد أن أنتهت حركة الفتوح وهذا كان سبب في طمأنة المسلمين في الأماكن المختلفة، فإن كان سبب في إنتشار مجموعة من طلاب العلم في البلاد، وهذا كان سبب في مشاهدة المعالم في مختلف البلاد وإخبار العلماء بماء رأوه، وزيادة حركة الترجمة كانت سبب في التدوين التاريخي، وهذا كان سبب في أن يتم نقل العديد من الكتب التاريخي من خلال اللغات الأخرى، كما أن هذا الأمر قد ساعد المدونين على الأستفادة من الوثائق الرسمية الصادرة من الدولة.
تواريخ المدن
إن التفكك الذي أصاب الأمة الإسلامية بداية من القرن الثالث الهجري كان له تأثير واضح على التدوين التاريخي، حيث أنه في هذه الفترة حدث تفكك سياسي كان سب في تفكك المدن إلى دويلات صغيرة، وكان هذا سبب في شيوع ظاهرة التدوين التاريخي الغير شائع في هذه الفترة، وظهرت تواريخ محلية، وكان يتم كتابة تراجم إلى مختلف طبقات العلماء في كل إقليم، ومن أشهر هذه الكتب هو كتاب تاريخ دمشق وكتاب تاريخ دمياط وغيرها من الكتب التي لا حصر لها.
البعد الفلسفي
في القرن الخامس والسادس الهجري لقد حدث عدوان صليبي على البلاد الإسلامية، وكذلك الهجوم المغولي إضافة إلى سقوط الدولة العباسية في بغداد في القرن السابع الهجري، وهذا كان سبب واضح في ظهور البعد الفلسفي، وهذا من خلال التأمل في الحوادث المختلفة التي حدثت ومن ثم يتم تحديد الأسباب التي أدت إلى قيام الدول، والأسباب التي أدت إلى سقوطها أيضًا، إضافة إلى تحديد مختلف مظاهر العمران في الدول والطرق التي تطورت بها.
كل هذه العوامل كانت سبب في إزدهار علم التأريخ والتسجيل الذي تطور على نطاق واسع وتفرع على مر العصور، وكان سبب في تدوين التاريخ الإسلامي ليتمكن المسلمين من معرفة هذا التاريخ بشكل مفصل.[1]
علم التأريخ عند المسلمين
لقد تعرف المسلمين على فوائد علم التاريخ المتعددة والتي تشمل الفوائد الدينية والفوائد الدنيوية، حيث أنها وسيلة لمطالعة أخبار وحضارات الماضيين مما يشعر الفرد كأنه عاصرهم وتعتبر وسيلة لزيادة المعرفة وفهم الدين بشكل أكبر، كذلك بالنسبة إلى الملوك الذي لديهم النهي والأمر فإن مطالعة الماضي والسياسات التي كانت يتم إتباعها يمكن الاستفادة منها.
كما يجب أن يكون لدى المسلمين معرفة بأن الدنيا لا يتم الحصول منها على شيء سوى العمل الطبي، وبناء على ذلك يمكنهم الصبر على بلاء الدنيا وعلى مختلف الصعوبات بها، ولقد ذكر في ذلك الأصفهاني أنه لولا التاريخ لما ضاعت مساعي أهل السياسات الفاضلة، ويكون من الصعب معرفة الأيام السهلة من الأيام الصعبة وهذا دليل على أهمية التاريخ وأهمية التدوين الذي كان يتم على مر العصور.
نشأة التاريخ الهجري
إن بداية التاريخ الهجري تبدء مع بداية هجرة رسول الله صلوات الله وسلامة عليه من مكة إلى المدينة، ولقد كانت هذه المرحلة عبارة عن نقطة تحول في حياة المسلمين، ولقد حرص المسلمين على أتخاذ هذه المرحلة بداية تاريخية لهم، فلقد كانت بداية التاريخ الإسلامي في 622م.
إن تدوين التاريخ كانت نقطة مهمة للجميع فلقد ساعدت على معرفة حضارات القدماء، ومعرفة جميع ما مر به القدماء وهذا كان سبب في أن يتم التعرف على كيفية التعامل مع المواقف عن تكرارها من جديد، كما أن التاريخ ساعدنا على معرفة بعثة الرسول صلوات الله وسلامة عليه وجميع ما جاء حول هذه البعثة، كما أنه وضع المعلومات المختلفة التي مرت بها العصور القديمة قبل الإسلام مع مختلف الأنبياء وقومهم لتكون عبرة وعظة إلى جميع ما يستمع لهذه القصص، وفي نفس الوقت فإنها وسيلة للتخلص من الجهل الذي كان عليه العرب قبل معرفة التدوين فلقد كان يتم حفظ الأخبار ونقلها.