فوائد حفظ اللسان وأثره على الفرد والمجتمع

فوائد حفظ اللسان

من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم أن يمسك المسلم لسانه ولا يتكلم بما لا يعنيه، ويكون حديثه فقط حول كل ما ينفع الإنسان ولا يضره، واللسان عضو يتساهل قطاع كبير من الناس في استخدامه، فالبعض يتحدث كثيرًا ويخوض في مواضيع لا تتفق مع ثقافتهم ومعرفتهم، فيرتكبون الأخطاء ويشعرون بالحرج فيما بعد، والبعض الآخر يتعمد جرح الآخرين وأن يضعهم في مواقف محرجة ومسيئة لهم، بينما يقع البعض في إثم الغيبة والنميمة والكثير من

آفات اللسان

التي تقود صاحبها إلى المهالك.

كما علمنا الرسول الكريم أهمية الكلام ومكانة اللغة، حيث قال معاذ بن جبل، رضي الله عنه، إنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في رحلة، وكان على مقربة منه وهم يسيرون، فسأله عن عملٍ يُدخله الجنة ويجنبّه النار، فرد الرسول صلي الله عليه وسلم قائلًا: “لقد سألت عن أمر عظيم، وإنه لسهل على من سهلّه الله عليه: تعبد الله الواحد الأحد ولا تشرك به شيئًا، وتؤدي الصلاة في مواعيدها، وتُخرج الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتؤدي فريضة الحج”.

ثم تابع النبي الكريم: “أتريد أن أخبرك عن أبواب الخير: الصيام جنة، والصدقة تطفئ الذنب، والصلاة في نصف الليل”، ثم قال: ” أتريد أن أخبرك بذروة الأمر كله”، فأجابه معاذ بـ “نعم”، فأمسك النبي الكريم بلسانه ثم قال “أمسك عليك هذا”، فقال معاذ: “هل نؤخذ بما نتكلم به يا رسول الله”، فقال النبي: “وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا لما حصدته ألسنتهم”، وهو ما يوضح أهمية حفظ اللسان وفوائده والتي يُمكن توضيحها فيما يلي:[1]

  • ينل رضا الله سبحانه تعالى.
  • بوابة نزاهة الإيمان وأساس القلب الطيب والمؤمنين الصالحين.
  • من يمسك لسانه يطور إسلامه ويحسن التصرف.
  • سبب لبلوغ المراتب العليا وأعلى الجنان في الحياة الآخرة.
  • عدم حفظ اللسان يسرق الحسنات بفعل السيئات كالغيبة والنميمة والكلام الكاذب وسب الناس والإهانة والاستهزاء، والتي تعتبر

    افة من افات اللسان

    .
  • يمكن أن يكون لسانك نهرًا يجلب لك الخير العظيم من الأعمال الصغيرة.
  • من أسهل الأمور على الإنسان أن ينطق بالكلمات الطيبة، لكنه قد لا يشعر بما ورائها من الثواب العظيم أو الذنب العظيم، فاختر كلماتك، كما نكهات طعامك، فيجب أنت تعرف ما الذي تتحدث عنه.

أثر حفظ اللسان على الفرد والمجتمع

اللسان هي الوسيلة التي تُنطق بها الشهادة، فهو رغم صغر حجمه قد يكون وسيلة للخير العظيم أو سبب الشر العظيم، فهل تضح الحقيقة من الكذب، والصواب من الخطأ، والخير من الشر إلا من خلاله، إنه مترجم القلب الذي يتحكم في أعضاء الإنسان، فتجد جميع الأعضاء هو من يقودها، ويأتي صلاحها من صلاحه، وفسادها من فساده.

ويؤثر كلام اللسان على أعضاء الإنسان بالنجاح أو الخذلان، فاللسان من أكثر الأعضاء جامحًا وقسوة، والأكثر فسادًا وعدوانية، فما من ذنبٍ إلا وللسان علاقة به، فمن أهمله ولم يلتفت لعمله، قال ما يشاء، وأخبره بما يشاء من الكذب، ومضي معه في ميدان الخطأ والمعاصي، ولا ينجى شخص من شره إلا بأن يحفظه بأمر الشريعة، كما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يتفكر فيما يريد أن يقوله، وإن رأى فيه الخير يتكلم، وإن كان غير ذلك يسكت.

من حكمة الله أنه خلق اللسان خالٍ من العظم والعصب ليسهل حركته، ولن تجد في باقي الأعضاء من يهتم بكثرة الحركة مثله، لأن أي عضو بالجسم إذا حركته مثلما تحرك اللسان لن يتحمل، ولأن اللسان يتجول في مجالات لا حصر لها، ولأن سلطته كبيرة وضرره أكبر، فقد خاف علماء هذه الأمة وصالحوها من عواقب اللسان، وذهولوا من نتائجه المدمرة.

ونظرًا لما للسان من تأثير كبير على صلاح حال الفرد ومن ثم حال المجتمع، كانت هناك العديد من الوصايا النبوية والأحاديث التي تدعو إلى الحفاظ على اللسان وإلزامه بالرعاية والنزاهة والسيطرة، فإذا تم إطلاق سراحه لاتباع اللذة والرغبات والفتن والملذات، وطرق الغي والانحطاط سيكون أصل الكارثة والدمار.

كما أن زلة من زات اللسان فد تقود الإنسان إلى الدمار والهلاك في الدنيا والآخرة، فاستخدم لسانك للخير والصدق، وكل كلمة تنطق بها إما لك أو عليك، واحذر من حيل الشيطان، فهو يدفع الإنسان إلى كلمة الشر والفتنة لإثارة العداء، وتفرقة الشمل، وقطع الحبل المتّصل.

عليك النطق بالكلمة الطيبة، لأنها تزيل سواد النفوس، وتزيد ترابط العلاقات، وتشفي الجروح، وتجلب الحياة والقوة والرباط والرحمة للأواصر، وتطرد الشيطان، فلا تجعل له طريقًا إلى قلبك، يجب أن نفكر في كلامنا قبل أن يتجاوز شفاهنا، لأن الله سبحانه وتعالى لا يقبل شيئاً منا إلا أجمل الكلمات وأشرفه وأحسن القول وأعلاه، فلا يذهب الاحترام إلى بعد الكلام الكثير والنميمة، وإذا لم يكن الإنسان يمتلك نفسه، فإن فمه سيكون مدخلًا لكل ما هو خاطئ، وبالتالي يلوث سيرته وسريرته، ويأتي يوم القيامة بلا حسنات وجبال من السيئات.[2]

أهمية حفظ اللسان

تُنطق شهادة الإسلام بالسان، ليصبح من أهل السعادة والإيمان، وتُنطق أيضًا كلمات الكفر باللسان فيبعد الإنسان نفسه عن نور الإسلام، ويكسب الإنسان الأعمال الصالحة التي تزيد الحسنات باللسان أيضًا، ويفقد الأعمال الصالحة وحسنات كالجبال باللسان، وباللسان يتم البيع والشراء، ويتم حل أي خلاف أو تعقيده، وباللسان تتزوج المرأة من الرجل، وبه ينكسر الرباط بينهما، فالكلمة الخاطئة تمزق البيوت، وتقطع الروابط الأسرية، وكلمة واحدة تقتل أحياء، وأخرى تحيي أموات.

كلمة واحدة قد تقضي على الأخضر واليابس، وتشعل الحرب بين الافراد والعائلات والمجتمعات، ووقود هذه الحروب هو جثث القتلى، وسببها الكلام القبيح، وأقوى أجزاء الجسم على الإنسان هو اللسان، وأغلب ذنوب ابن آدم تأتي من اللسان، فكم من كلمة أزالت نعمة وأضاعت صاحبها، ومتى خرجت لا يمكن التراجع عنها، ويكن من الصعب تعويض خطرها، فالملائكة يكتبون، والناس يسمعون، وآخرون يعلقون ويشرحون، ويتكاثرون ويقلصون، والشخص الذي يخرج كلمته من لسانه هو الوحيد الذي يتحمل كل العواقب.

وباللسان يرتفع مصير العبد عند الله فيصير من أهل الجنان، أو يهبط ويُزّل ويصبح من أهل النار، وحفظ اللسان من صفات المؤمنين، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم، إن إيمان الإنسان لا يكتمل إلا باستقامة قلبه، واستقامة القلب لا تأتي إلى باستقامة اللسان وحفظه.

وينقسم والكلام إلى أربع أصناف، نوع هو ضرر خالص، ونوع نفع خالص، ونوع به ضرر ونفع، ونوع لا يضر ولا ينفع، وأما ما هو ضرر خالص فيجب أن يسكت الإنسان عنه، وكذلك ما هو ضار ونافع، والمنفعة به لا تُعوض الضر، وأما ما ليس له نفع ولا ضرر، فهو الفضول والعمل به مضيعة للوقت وعين الخسارة، وبقي الفصل الرابع فقط، لأن ثلاثة أرباع الكلام سقط وبقي ربعه، وهذا الربع خطير إذا اختلط به ظلم أو إثم أو النفاق الدقيق، والغيبة، والتطهير الذاتي، وفضول التحدث بكلام ممتزج يصعب فهمه، فيكون ضار للإنسان وبه مخاطرة.[3]