القيم التربوية في وصايا لقمان
القيم التربوية المستمدة من وصايا لقمان الحكيم لابنه
القيم المستمدة من وصايا لقمان لابنه عديدة وتكون بحسب الآيات وهي كما يأتي:
عدم الشرك بالله
قال الله عز وجل على لسان لقمان: ﴿يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ هي من أهم القيم التربوية التي يجب جعلها من أهم الأولويات في المربي الراشد العاقل، فهي الغرض الأساسي الذي خُلق من أجله البشر، وهي عملة الاصلي، قال الله عز وجل: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾، ومن يعيش على عبادة وتوحيد غير الله عز وجل فهو بمثابة من خسر كل شيء، قال الله عز وجل: ﴿وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾.
وقد قام لقمان بتأكيد هذه القيمة التربوية بالعديد من الأشياء، وهذا حتى ينبه ولده على أهمية هذه القيمة، ومن ذلك قول الله تعالى: ﴿يَا بُنَيَّ﴾ وهذا حتى يتمكن من جذب انتباهِه لأهمية ما سيخبره به، وهذا بالإضافة إلى أنه قد قدم النهي عند قوله للوصية، وهذا لأن لقمان يعرف مخاطر الشرك بالله جيداً.
بر الوالدين
قال الله عز وجل: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾، وقد ربط لقمان بين تلك القيمة التربوية الهامة وبين عبادة الله عز وجل وعدم الكفر بالله.
وقد أوصي لقمان الوالدين ثم أكد على أهمية بر الأم وذلك لأنها تواجهه الكثير من
الآلآم
خلال فترة الحمل، وخلال عملية الولادة يزداد التعب، ولا يزول التعب بعد الولادة بل يزداد وذلك خلال فترة حضانة الطفل (الرضاعة).
مراقبة الله تعالى
﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾، وبعد أن انتهى لقمان من نصح ابنه في الآيات السابقة، أضاف له هذه القيمة التربوية التي تعد من أهم القيم التي يجب على المسلم اتباعها، حيث يحث لقمان ابنه على مراقبة الله تعالى في تصرفاته، وأن يهتم لأوامر الله تعالى ويجتنب ما نهاه عنه وأن يتقرب إليه بما يحبه، ويخبره أن الله عز وجل لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء وما من شيء مهما كان يسيراً إلا ويعلمه الله عز وجل، وينبهه أن يراقب الله تعالى في تصرفاته.
إقامة الصلاة
﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ ﴾ يرشد لقمان ولده إلى إقامة الصلاة، ونبهه على أهمية تأدية الفروض والطاعات، ولكن لقمان أكد على الصلاة واختصها عن غيرها من باقي العبادات، وذلك لأن الصلاة هي أساسا العبادات والفروض حيث تشمل جميع العبادات سواء كان صوم أو حج، فمن يقوم بتأدية الصلاة يتوجه إلى أحد بيوت الله عز وجل وذلك حتي يقوم بتأدية الصلاة فيه، وأثناء إقامة الصلاة يمتنع المصلى عن تناول سائر الأطعمة والمشروبات حتي ينتهى منها، والحركات التي يؤديها المصلى أثناء الصلاة يزكي فيها عن نفسه، وذلك بالإضافة إلى أهميتها العظيمة، وذلك لأن فريضة الصلاة لم تفرض على العباد في الأرض مثل سائر العبادات بل فرضها الله تعالى على المسلمين في السماء وهي من أكثر العبادات التي يجب على المسلم تأديتها فهي مفروضة على المسلمين خمس مرات في اليوم.
وقد قام لقمان بإرشاد ابنه وتنبيهه على أهمية الصلاة وذلك لأن الصلاة تهذب أخلاق مؤديها وذلك فضلاً عن كونها تبعث الطمأنينة في القلوب.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
قال الله عز وجل: ﴿ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾، يرشد لقمان في هذه الآيات ولده إلى صنع المعروف وينهيه عن المنكر.
ولأن لقمان حكيم ودائماً نصائحه كاملة عندما أوصى ولده بأن يصنع المعروف ويتجنب المنكر لم يتركه دون أن يخبره عن كيفية تنفيذ هذا الأمر، والنصيحة التي قدمها له لتعينه على ذلك هي الصبر، ويوضح لقمان القيمة العظيمة للصبر لولدة وذلك بقوله:
﴿ إِنَّ
ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ
الْأُمُورِ ﴾
أي: أن الصبر من الأمور التي عزمها الله عز وجل وأوجبها.
عدم التكبر والاستعلاء
قال الله عز وجل:
﴿ وَلَا
تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ
فَخُورٍ ﴾
، بعد أن أوضح لقمان لولده العديد من الوصايا في الناحية التي تقربه من الله عز وجل انتقل إلى توجيهه إلى آداب المعاملة.
قال الله عز وجل: ﴿ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾، وذلك بسبب خطورة التكبُّر والاستعلاء التي تؤثر بالسلب على الحياة والأشخاص، وبعد أن انتهى لقمان من نصح ابنه أضاف إلى تلك القيمة الأخلاقية أسلوب حكيم جداً.
الاعتدال في التصرفات
قال الله عز وجل: ﴿ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ ﴾ بعد أن فرغ لقمان من نهْي ولده عن بعض الأشياء التي تبعث على الكراهية والحقد بين البشر، ثم بدأ لقمان في إرشاد ولده إلى ما يحثه على الاحترام والألفة، وحثه على أن يكون معتدلاً في جميع مناحي الحياة وفي جميع تصرفاته، ومن الممكن أيضاً أن يكون قد حثه على عدم الابطاء في المشي حتى لا يتعرض للفتن أثناء سيره فقد ينظر إلى محرم أثناء سيره ببطء، وأيضاً قد يصل بيه الإسراع في السير إلى الهلاك.
غض الصوت
قال الله عز وجل: ﴿ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ ﴾ هذه القيمة التربوية يحث فيها لقمان ابنه على أن يثق بنفسه، وينهيه عن سوء الأدب، حيث أن ارتفاع الصوت يدل على أن صاحب الصوت ذو حجة ضعيفة، ويشير إلى أن المناقشة وإيصال الرأي بالحجة والإقناع أفضل بكثير من ارتفاع الصوت فهذا يقلل من حق صاحبه.
وفي قوله:
﴿ إِنَّ
أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ
الْحَمِيرِ ﴾
يرشد لقمان ابنه في هذه الآية بالمعلومات الهامة خلال انشغاله بنُصح ولده، فقام لقمان بالجمع بين التنفير والتحذير من علو الصوت وبين اكتساب الخبرات.
[1]
أهم القيم التربوية
المستفادة من نصائح لقمان
الآيات السابقة ذكرت العديد من القيم التربوية وهي قيم يجري غرسها في الناشئين من خلال الاسرة والمدرسة والمحيط الاجتماعي ليكتسب الفرد عضويته في المجتمع، وهي توجيهات قصديه تهدف إلى تنشئة جيل جديد يتوافق سلوكه مع أحكام المجتمع، ولا يمكن تحقيق أهداف التربية دون غرس مفهوم القيم التربوية والاخلاقية غرثاً هادفاً يرتقي بأبنائنا وطلابنا وطالباتنا إلى آفاق أوسع، ومن أهم
القيم المستفادة من سورة لقمان
ما يأتي:
-
غرس الإيمان بالله تعالى في نفوس الإبناء وجعله الهدف الأول في التربية والقاعدة الأساس للانطلاق نحو التسليم المطلق لعبادة الله تعالى.
-
حب الارتقاء بالشخصية الى مصاف الكمال مع أنه لا كمال إلا لله تعالى إلا أن بناء الشخصية المتكاملة بجوانبها العقلية والجسدية والروحية من أهم أهداف التربية الإسلامية في تحقيق الرضا عن الذات.
-
اظهار عظمة الوالدين وأبراز منزلتهما في نفوس الأبناء وغرس محبتهم واحترامهم وتقديرهم والاحسان إليهم والتنبيه على أن رضا الله تعالى مرتبط برضا الوالدين.
-
بث روح التعاون بين أفراد الأسرة والمجتمع والشعور بالمسؤوليات تجاههم وذلك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
-
التحلي بالأخلاق الكريمة والصفات النبيلة من الكرم والشجاعة والتسامح والايثار والابتعاد عن الرذائل والاخلاق المذمومة من الكبر والحسد والنفاق والكذب إلى غير ذلك من السلوكيات الضارة بالفرد والمجتمع على حد سواء، وذلك من
فوائد قصة لقمان
.
[2]