فوائد قصة لقمان
قصة لقمان الحكيم
قيل أن لقمان كان عبدا لدى سيده الذي كان يرى فيه الحكمة ، و البلاغة ، وفي يوم طلب منه سيده أن يأتي له لقمان بشاة يذبحها ثم يأتي بأفضل ما في الذبيحة وأطيبها و يطهوه له ، ففعل لقمان ما طلبه سيده ، ثم عاد وأحضر له لسان الشاه و قلبها ، وتعجب الرجل ، وسأل لقمان ألم يكن في الشاة ما هو أطيب من تلك القطعة ، فقال لقمان لا ، فسكت الرجل. [1]
وفي اليوم الثاني طلب منه سيده أن يذبح شاة ويأتي بأخبث ما فيها ففعل لقمان، عاد لقمان ومعه ما طلبه سيده أخبث ما في الشاة لسان وقلب ، فتعجب الرجل وسأله ، ألم تجد في الشاة ما هو أخبث من القلب واللسان فقال لا ، فتعجب سيده ، وسأله ، لما طلبت منك أطيب ما في الشاة أحضرت لي القلب واللسان ، ولما عاودت وطلبت منك أخبث ما في الشاة عدت وأحضرت ذات القطعتين القلب واللسان.
فكيف يكونا هما الطيب ، والخبث، قال له لقمان ليس هناك شيء أطيب من اللسان والقلب إن طابا ، وليس هناك أخبث من اللسان ، والقلب إن خبثا.
أعجب الرجل بحكمة لقمان فأعتقه ، وسافر لقمان حيث يعيش نبي الله داود في فلسطين، و عمل عنده ، فلما رأى داوود حكمته ، وشاهده في حل النزاع بين الناس جعله قاضي بين بني إسرائيل، والمعتبر من تلك القصة يعرف فوائد قصة لقمان، وكيف كانت حكمته سبب في أن يذكر في كتاب الله. [2]
فوائد قصة لقمان الحكيم
تتعدد الفوائد من قصة لقمان ، وتختلف ، وذلك نظراً لحكة لقمان ، والتي أثرت قصته ، وجعلتها مليئة بالفوائد ، و
القيم المستفادة من سورة لقمان
متعددة، ومن فوائد قصة لقمان:
-
الحكمة التي أعطاها الله للقمان ، ومنحها له هي نعمة ربانية ، لا دخل لبشر فيها ، لذلك فإن السبيل الوحيد إليها هو الدعاء والطلب من الله ، يناله من كان صادق ، مقبل على الله ، وقائم على عبادته ، و ملتزم بأوامره ، ونواهيه.
-
الحياة ، و طريقة عيشها ، قد عرف عن لقمان ، قلة كلامه ، وكثرة تأمله ، والتزامه بالعبادة ، والاستفادة من مجالس العلم ، وأهله.
-
شكر نعم الله التي أتاها لعبادة ، و ذلك لأن شكر الله ، سبب في دوام النعمة وعدم زوالها ، وبقائها، بل ويجلب غيرها من النعم ، ويزيد فيها.
-
شكر النعم بكل الطرق المتاحة للإنسان سواء كان ذلك الشكر بالقلب ، أو باللسان ، أو بالجوارح ، وبكل سبيل أتيح للإنسان أن يشكر به.
-
شكر العباد لربهم ليس لجلب منفعة أو منع ضرر ، فالله غني عن عباده وعن العالمين وعن شكرهم ، وأن من ينتفع بذلك الشكر فقط هو صاحبه ، ويعود عليه هو وحده ، والله غني عن كل ذلك.
-
الإيمان التام بغنى الله ، وأنه لا يزيده في ملكه شكر عباده ، ولا ينقصه ، كفرهم وجحودهم بنعمته.
-
أهمية و مكانة الحكمة ، وعظيم أثرها ، فهي تمنح البصيرة والسداد ، وحسن الرأي والفهم.
-
أهمية أسلوب الوعظ ، والنصح في تربية أي ناشئ ، وفي تربية الناس عامة، والجمع بين الترهيب والترغيب.
-
قسمة الود ، والتودد ولين الكلام من الناصح للمنصوح ، حتى تدخل النصيحة القلب ، على عكس أسلوب الذم ، أو التعنيف ، أو التهديد ، أو الكلام الخالي من الود.
-
مراعاة ترتيب الأوليات ، ترتيب الأولويات عند الموعظة والنصح أمر هام وضروري اتباعه ، واتباع ترتيب الأهم في النصح.
-
ضرورة التربية على التوحيد ، وتنشئة الأبناء على عدم الشرك بالله ، وذلك بكل أنواع وأشكال الشرك.
-
ومن فوائد قصة لقمان التنبيه على خطورة الشرك وأنه ظلم للنفس ، وأن من يشرك بالله فإنما يظلم نفسه ، ولذا كانت أول نصائح لقمان الحكيم لإبنه.
-
ضرورة معرفة المربي بالأوامر والنواهي ، وأهميتها وخطورتها ، حتى يستطيع التنبيه والإرشاد لها للمتعلم ، أو المتربي.
-
تذكر معاناة الأباء ، وما بذلوه ، وما قدموه معين للأبناء على البر بهما ، وتقديرهم.
-
حق الأم ، أمر عظيم ، والإحسان لها واجب ، وطاعتها وبرها ، والاعتراف بفضلها ، و ماقدمته واجب على كل إنسان، وتذكر حملها ، وتربيتها ، والاعتراف بفضلها.
-
الإقران بين حق الله وحق الوالدين يؤكد ، ويدل بقوة على عظم حق الوالدين وضرورة برهما ، حتى يصبح في مرتبة عالية تلي مرتبة الشرك بالله والتي هي أعظم الظلم.
-
من فوائد قصة لقمان مراعاة الفضل ، والجميل لأهله ، ومن قدموه ، وعدم انكار هذا الجميل أو إغفاله ، أو تناسيه.
-
فضل الصحابة والصالحين والأولين ، وغيرهم ممن كانوا على الطريق ، وهم خير قرن.
-
اختيار الصاحب أو الجليس ومدى أهمية ذلك الأمر ، ومنفعته ، ولا يجب أن يجلس من كان يؤمن بالله مع أي شخص ، قد يفتنه عن دينه أو يجلب له السيئات. [2]
من هو لقمان الحكيم
ورد عن لقمان الحكيم عدة اخبار واختلف العلماء في شأنه ، بداية قيل ان اسم ابيه عنقاء بن سدون وقيل انه ابن ثاران ، قيل أنه نبي ، وقيل أنه عبد صالح وحكيم، قيل أنه كان قاضي في زمن النبي أيوب عليه السلام، وقيل أنه كان نجار ، وقيل أنه من أهل سودان مصر ، ولم يثبت لدى العلماء بلده الحقيقية. [1]
ورد ذكره في القرآن الكريم، ونزلت على النبي صلى الله عليه وسلم سورة تحمل اسمه ، وهي سورة لقمان ، والتي حكت عن نصائح وحكم و وعظ لقمان لابنه ، حيث قيل أنه فقد كل أولاده ، وكانت تلك المواعظ لابنه الوحيد الذي عاش ، وقد صبر على موتهم ، ولم يصدر عنه أي اعتراض أو ضجر، وتلك من أعظم فوائد قصة لقمان. [1]
وصايا لقمان الحكيم
تعد
وصايا لقمان التربوية
لابنه في كتاب الله متعددة ، ومتقنة وذات أثر كبير في حياة أي فرد يتبعها ، فهي من فوائد قصة لقمان لكل ناظر لها، ودارس ، لا تقتصر على شخص لقمان وابنه ، ولا تقتصر على زمن بعينه، ولذلك فهي وصايا عامة متنوعة ومتعددة ، تصلح لكل زمان ومكان وأشخاص ، وتلك الوصايا هي
-
أشكر الله ، وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا لُقۡمَـٰنَ ٱلۡحِكۡمَةَ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِلَّهِۚ وَمَن یَشۡكُرۡ فَإِنَّمَا یَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِیٌّ حَمِیدࣱ﴾ [لقمان 12].
-
لا تشرك مع الله أحداً ، [ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِیمࣱ ]. ( لقمان 13 ).
-
ضرورة بر الوالدين ( وَوَصَّیۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ بِوَ ٰلِدَیۡهِ ).
-
ضرورة اتباع طريق السابقين من أهل الصلاح.
-
لا تستصغر المعاصي ، والذنوب مهما كان حجمها يحاسب الله عليها.
-
أقم الصلاة، وأمر بالمعروف، وانه عن المنكر، و اصبر على ما أصابك.
-
لا تتكبر على الناس، ولا تختال بنفسك ، واعتدل في مشيك ، وتواضع ، ولا تختال، واخفض من صوتك. [2]
سورة لقمان
لقد تناولت سورة لقمان ، وصايا لقمان الحكيم لابنه، و هي مليئة بالعبر ، والوعظ ، يستفيد منها من أراد الخير لنفسه ومن حوله ، ومن أراد بها أن يربي أبناءه، والناس ، فهي مرجع للواعظ والمربي ، والاهل ، والمعلم ، لما تشمله من نصح و وصايا ، وآداب ، وسورة لقمان سورة هي السورة رقم واحد وثلاثون في ترتيب المصحف الشريف، وسميت بذلك الاسم لما احتوت عليه من ذكر اسم لقمان الحكيم و وصاياه، وهي سورة مكية ، أربعة وثلاثين آية، وشملت على غير قصة لقمان على فوائد تدبرية أخرى من آيات الله في الكون. [4]