متى يكون الخوف الطبيعي معصية

ما هو الخوف

الخوف عاطفة إنسانية طبيعية وقوية وبداية ، تجعل الشخص ينطوي على استجابة كيميائية حيوية بالإضافة إلى استجابة عاطفية فردية عالية ، ينبهنا الخوف إلى وجود خطر أو تهديد بالضرر، سواء كان ذلك الخطر جسدي ، أو نفسي ، ينبع الخوف أحيانا من تهديدات حقيقية ، ولكنه قد ينشأ أيضا من مخاطر متخيلة، يمكن أن يكون الخوف أيضا أحد أعراض بعض حالات الصحة العقلية ، بما في ذلك اضطراب الهلع واضطراب القلق الاجتماعي والرهاب ، واضطراب ما بعد الصدمة .

مما يتكون الخوف

ويتكون الخوف من تفاعلين أساسيين تجاه نوع من التهديد المتصور : الكيمياء الحيوية والعاطفية :-

  • تفاعل كيميائي حيوي

الخوف عاطفة طبيعية وآلية للبقاء ، لذلك عندما نواجه تهديد محسوسا ، تستجيب أجسامنا بطرق محددة ، تشمل ردود الفعل الجسدية للخوف التعرق وزيادة معدل ضربات القلب ، وارتفاع مستويات الأدرينالين التي تجعلنا في حالة تأهب قصوى .

  • استجابة عاطفية

من ناحية أخرى، فإن الاستجابة العاطفية للخوف شخصية للغاية ، لأن الخوف ينطوي على بعض التفاعلات الكيميائية في أدمغتنا ، مثل المشاعر الإيجابية ، مثل السعادة والإثارة ، فإن الشعور بالخوف في ظل ظروف معينة يمكن اعتباره ممتعا، مثل عندما تشاهد فيلما مخيف .

بعض الناس يبحثون عن الأدرينالين ، و يزدهرون في الرياضات الخطرة ، وغيرها من مواقف الإثارة التي تثير الخوف ، لدى البعض الآخر رد فعل سلبي على الشعور بالخوف ، وتجنب المواقف المسببة للخوف بأي ثمن .[1]

أنواع الخوف


الخوف من الله تعالى

ويعتبر الخوف من الله نوع من أنواع العبادات المستحبة، حيث أنه دليل على محبة الله وتعظيمه ، ويكون سببا في بعد الإنسان عن معصية الله خوفا منه ، وهو واجب على المؤمن المخلص لله تعالى، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : أن الخوف الطبيعي المحمود هو الذي يحجز الإنسان عن فعل المعصية ، أما إذا زاد الخوف حتى يصل إلى مراحل اليأس ، فهو خوف مذموم فواجب على المؤمن الموازنة بين كلا من عبادة الخوف وعبادة الرجاء .


الخوف من غير الله

  • الخوف الطبيعي : هو مخافة الإنسان من أذى قد يلحق به ، مثل خوف الإنسان من أن يفترسه حيوان ما ، ويكون هذا الخوف مباح في حال وجد السبب، ولا ينافي الإيمان ، قال تعالى عن موسى: ﴿ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ﴾ [القصص: 21[ ، ولكن يجب عدم الإفراط فيه، ويكون مستقرا ومتأصلا في القلب بل يجب على الإنسان أن يتوكل على الله ويأخذ بالأسباب ويدفع هذا الخوف عن سببه ، واستحضار أن كل شيء بأمر الله عز وجل، قال تعالى﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ [آل عمران: 173] .


الخوف المحرم

وهو في حال دفع خوف الإنسان إلى فعله لشيء منهي عنه ، أو ترك شيء واجب عليه فعله ، وهو أن يخاف الإنسان من مخلوق أخر مما يجعله يفعل شيء من المعاصي ليرضي المخلوق ، كأن يترك الإنسان الصلاة في المسجد خوفا من مديره أن لا يجده فيفصله عن عمله .


خوف السر

هو أن يخاف الإنسان من غير الله في شيء لا يقدر عليه أحد غير الله تعالى ، كأن يخاف من أنس ، أو جن ، أو فيروس ، أو مرض ، أو عدوى ، وهذه الأمور كلها فقط بيد الله ، وينطبق هذا الخوف على من يخاف من ولي مقبور ، قال تعالى عن قوم هود : ﴿ إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ ﴾ [هود: 54] ، وهذا النوع من الخوف يعد من الشرك الأكبر ، لقوله تعالى : ﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 175] ؛ أي : آن الشيطان هو من يخوف البشر من هؤلاء الأولياء فيقول الله تعالى﴿ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ ﴾ ، وهذا يدل على النهي من الخوف من غير الله .

فضل عبودية الخوف

  1. جعل الله الخوف منه شرطا من شروط الإيمان ، وأمر عباده به فقال تعالى﴿ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 175].
  2. من صفات الملائكة لقولِه : ﴿ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ﴾ [النحل: 50]، ووصف أنبياءه بقوله : ﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ ،وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾ [الأحزاب: 39] .
  3. مدح الله الذين يخشونه، فقال عنهم : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 57 – 61] .
  • روى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت : سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية ، فقلت : أَهُم الذين يشربون الخمر ويزنون ويسرقون؟ فقال: ((لا يابنت الصدِّيق ، ولكنهم الذين يصومون ويصلُّون ويتصدَّقون، وهم يخافون ألا تُقبل منهم ، ﴿ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ﴾ [المؤمنون: 61]))؛ صحيح الترمذي .
  1. يجعل الخوف صاحبه في ظل عرش الرحمن يوم القيامة ؛ ((ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه)) .
  2. يمنع الإنسان من المعاصي والشهوات المحرمة .
  3. يكون الخوف من أسباب دخول الجنة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن خاف أدلج، ومَن أدلج بلغ المنزل ، ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إن سلعة الله الجنة )).[2]

متى يكون الخوف الطبيعي معصية

الخوف الطبيعي يكون أنواع الخوف من الله والخوف من غير الله ، فمن الطبيعي أن يخاف الإنسان من رب العالمين ، ولكن ليس من الطبيعي أن يخاف من غير الله، ولكن الخوف من غير الله يكون فيه بعض الأنواع المباحة كخوف الإنسان من أن يأكله حيوان مفترس ، أو الخوف من النيران ، أو الخوف من أي خطر ما وذلك ليس فيه عبادة لله ، ولكنه إن وجد في قلب الإنسان لا يكون منافيا للإيمان والإخلاص، إذا كان السبب موجود بالفعل ، ولكن يكون الخوف الطبيعي معصية إذا تسبب في ترك أمر واجب ، أو فعل منكر، كخوف الإنسان من إنسان أخر مما يضطر لتنفيذ أوامره حتى ، وإن كان فيها معصية لله تعالى . [1]