اعظم مراتب الدين واقلها

اعظم مراتب الدين هي مرتبة

يقول الله عز وجل في كتابه العزيز : ”

قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ” ، وهنا بيان واضح لان

مراتب الدين

الاسلامي تكون مختلفة ، وليست كلها بمنزلة واحدة ، فالايمان اعلى منزلة من الاسلام ، وقد بين النبي صلوات الله وسلامه عليه ان مراتب الدين ثلاثة ، وهي ؛ الاسلام ، والايمان ، والاحسان ، ولكن ايهم اعلى منزلة وايهم اقل ؟ هذا ما سنعرفه.

وهناك العديد من التناقضات والاختلافات حول اعظم مرتبة من مراتب الدين الاسلامي ، فهناك من يقرر ان اعظم مرتبة هي الاسلام ، وذلك استنادا على العديد من الايات القرانية ، فمثلا في الاية السابقة يتضح لنا ان الايمان هو اعلى مرتبة من الاسلام ، حيث فالايمان اقوى حيث يتعلق بالقلب الذي لا يستطيع الانسان ان يتحكم به.

بينما تتجه الاراء الاخرى الى الايات القرانية التي تنص ان الاسلام اعلى مرتبة من مراتب الدين الاسلامي ، ومن هذه الايات قول الله تعالى : [1]

” وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ “

” إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَٰذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ “

” رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ “

وفي الاية السابقة ، يلتمس ابراهيم عليه السلام من ربه ان يكون من المسلمين هو واهل ومن تبعه ، فان كان الاسلام اقل منزلة فكيف يتمناها نبي الله ، الم يكن من الاولى ان يتمنى ان يكون في اعظم مرتبة من مراتب الدين ؟

الا انه في الاية الكريمة التي تقول : ” وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ ” وغيرها من الايات القرانية ، نلاحظ انه يمكن ان ينافق المرء باسلامه ولكن ليس بإيمانه ، فالايمان يكون من القلب ، وليس باللسان او الاعمال الظاهرة ، فنعود الى ان الايمان اعلى من الاسلام.

وهناك من يتجه الى ان الاحسان هو اعلى مرتبة من مراتب الدين الاسلامي ، حيث تقول الاية الكريمة : ” وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ ” ، وهنا فقد تم ابعاد الاسلام وهو الذي تدل عليه الاعمال الظاهرة ، وكذلك الايمان التي تدل عليه اللاعمال الباطنة ، الى ان الحسان هو اعلى المراتب بترك المحرمات ، وعمل الصالح كأن العبد يرى ربه ، ويخافه.

ودليل اخر على ان الاحسان هو اعلى مرتبة واعظمها ، قول الله تعالى : ” وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ” ، وهنا بيان واضح ان المحسنين هم الذين يتمسكون بأقوى اشكال الايمان ، واعلى درجاته.[2]

اقل مراتب الدين هي

هناك العديد من الاراء التي تتجه الى ان اقل مراتب الدين هي الاسلام ، حيث ان شامل وعام ، فالاسلام يشمل الايمان والاحسان ، حيث لا تجد مؤمنا ليس مسلم ، ولا محسنا ليس مسلم ، فالاصل في دخول الدين الاسلامي ، هو التسليم بكل ما انزل الله وتحقيق شروط

اركان الاسلام

الخمسة.

لذلك فان الاسلام يكون اقل مرتبة ، ومنها يرتفع المسلم الى درجة الايمان ومن ثم الى الاحسان والتمسك بالعروة الوثقى.

هل كل مؤمن مسلم

هل حقا كل مؤمن مسلم ؟ وكل مسلم مؤمن ؟ ، وفقا لكتاب الله تعالى ، وتوضيحها من السنة النبوية الشريفة ، فإن كل مؤمن يكون مسلم ، حيث ان الإسلام شامل الايمان ، والايمان هو الطاعة الكاملة التي يقوم بها العبد من خلال ان يؤدي ما أمره الله به من طاعات ، ويتجنب كل ما حرم الله.

والايمان كما تحدثنا مسبقا ، هو المنزلة الثانية ، والرتبة الثانية من رتب الدين ، فليس كل مسلم يكون مؤمن ، حيث إن المؤمن اكمل من المسلم العام ، فالمؤمن تخطى التصديق بالله إلى الإيمان به بقلبه وجوارحه ، كما ان المسلم ان نقصه شيء ، او كان يعمل معصية يسمى مسلم ، او مؤمن عاص ، او مؤمن ناقص الايمان.

فالمسلم لا يجوز إطلاق قول المؤمن عليه ، لأن الايمان المطلق ، والمؤمن المطلق هو المستقيم على دين الله عز وجل ، أما المسلم فقد يقع في المعصية لكن لا يستحلها مثل الذي يكذب او يسرق او يزني وهو موحد بالله تعالى.

هل ثواب المسلم نفس ثواب المؤمن والمحسن

تختلف المنزلة بين مراتب الدين من الإسلام ، والايمان ، والإحسان ، فبالتالي يختلف ثواب كل منهم ، كما أن الله تعالى بشر المسلمين بالجنة ، واخص المؤمنين بها ، والمسنين يكونون أعلى مكانة.

انا عن بشارة المسلم والمؤمن بدخول الجنة ، فقد انزل الله تعالى الآيات القرآنية التي تجيب عن هذا السؤال ، حيث يقول الله تعالى : ” إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ “.

وفي هذه الآية بيان من الله تعالى ان المؤمنين وهم الذين صدقوا بالله تعالى ، ثم ساروا على الطريق المستقيم ، اي أنهم اسلموا ومن ثم آمنوا بالله بجوارحهم ، فهؤلاء هم الذين تبشرهم الملائكة بالجنة ، وقد ذكر في العديد من التفسيرات ان المسلم يدخل النار عند الحساب إلى إن يُنقى من الذنوب ، والمعاصي التي وقع فيها في الدنيا ، ومن ثم يدخل الجنة.

كما قال تعالى : ” فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ* فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ* وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ* فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ* وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ* فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ* وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ “.

وهنا يقصد بالمقربين ، المسلمين الذين اطلعوا الله وتقربوا منه سبحانه وتعالى بالأعمال الصالحة والطيبة ، فسوف ينعم الله تعالى عليهم بالاطمئنان ودخول الجنة ، أما المؤمنين فهم في منزلة عالية من الجنة ، وهم أصحاب اليمين ، بينما المعذبين الذين كذبوا بما أنزله الله تعالى من كتابه العزيز ، ورسله وأحكامه ، وأمره ، فسوف يكون مصيرهم النار والعياذ بالله.

ومن حب الله لعباده ، جعل إن كل الم يشعر به العبد المؤمن في الدنيا ، يخفف عنه خطاياه كما ذكر في الحديث الصحيح عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فيقول : ” ما أصاب المؤمن من هم ولا غم ولا حزن حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله من خطاياه “.

فكل أذى يصيب المؤمن هو تكفير من الله عز وجل عن خطاياه ، وكم نحن بحاجة إلى التكفير عن العديد من الخطايا ، والايام التي نقع فيها بالخطأ.[3]