أسباب الاختلاف بين الناس
مفهوم الاختلاف
الخلاف هو إحدى المصطلحات التي تشير إلى التناقض أو الاختلاف أو التباين في وجهات النظر حول موضوع معين أو آراء ومعتقدات شخصية، ويكون الخلاف بين شخص أو عدة أشخاص، فيؤدي هذا التباين إلى الاحتكاك أو التصادم بين الطرفين، وقد تكون هذه الأطراف عبارة عن أفراد أو قرى أو مناطق أو دول (كالخلاف بين اليهود والفلسطينيين على الأرض).
والخلاف هو عكس الاتفاق ونقيضه وهو مصدر الفعل اختلفَ ولكلمة اختلاف الكثير من المعاني بحسب سياقها في اللغة العربية لكن أقوى معنى لها النقيض.[2]
الأسباب المتعددة لاختلاف الناس
هل سأل أحدكم نفسه
لماذا خلق الله الناس مختلفين
وما العبرة في هذا الخلاف وما الأسباب لتي أدت لظهور هذا الخلاف بين الناس وما
الحكمة من خلق الناس شُعُوبًا وقبائل
وهل الخلاف شيء محمود أو مذموم.
في الحقيقة تتجلى العبر الإلهية في جعل الناس مختلفون لعديد من الأسباب والفوائد التي تعود على الأمم بالنفع فمن أسباب اختلاف الناس ما يلي:[2]
-
فساد النية:
بعض النفوس يسيطر عليها البغي والحسد والعلو في الأرض والاستكبار والفساد، فيقوم بذم فعل أحدهم أو الاستهزاء أو الاستهتار به أو حسده على ما يملك فيلجأ إلى الاختلاف معه تعبيراً عن صفاته الدنيئة، أو غلبته ليتميز عليه. -
أتباع الأهوا
ء:
فقد يكون الخلاف ناتج عن رغبات نفسية لدى الفرد ويريد تحقيق غرض ذاتي أو أمر شخصي يهمه ويعنيه إزاء هذا الخلاف، فبعض الأشخاص تلجأ للخلاف من أجل التظاهر بالفهم أو العلم أو الفقه والدرايه بكل شيء، إن هذا النوع من الخلاف مذموم مهما كانت أشكاله وفي مختلف صوره لأن هذه الأهواء لا تعطي صاحبها الخير. -
جهل المختلفين بحقيقة الأمر الذي يتنازعان فيه:
إن الجهل علة من العلل التي ليس لها دواء، فإن جهل الشخص بالموضوع الذي يناقش فيه أو جهل أحد الأطراف بالدليل الذي يرشد به أحدهما الآخر أي ليشرح له وجهة نظره فلا يرى أي سبيل من أجل أيصال وجهة نظره للمختلف معه بمعنى أدق جهل أحد الطرفين بطريقة التواصل الصحيحة التي تؤدي لحل الخلاف وعدم احترام آداب الحوار وعرض الأفكار، أو جهل أحدهما بطريقة إيصال الآخر الحكمة أو الدليل المنطقي على كلامه، فالجهل أصل كل شر. -
النزوع إلى السلطة، والعصبيات القومية، أو الإقليمية، أو العنصرية:
يظهر هذا السبب للخلاف في حال كان المتخالفين أمة ضد أمة والمقصود بأمة دولة أو مجموعة دول أو شعب
ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة
غالباً في هذا النوع من الآراء لا تتفق مع آداب الخلاف المنطقي وتفتقر للحق والعدل هنا المختلف ينظر فقط لكرسي سلطه وعرشه فتبعد أصحابها عن الحق. -
التعصب لأقوال الأشخاص والمذاهب والطوائف
:
وهنا يظهر
دور الاختلاف في اثراء الفكر
فينشأ هذا التعصب عن بعض المبادئ النابعة عن مذاهب وطوائف معينة دوناً عن غيرها، فقد يكون هذا التعصب نابع عن قوة الإيمان بالفكرة، أو عن التسيير والانجرار وراء هذه الأفكار والدفاع عنها دون توفر أي سبب منطقي مما يمنع الشخص من إدراك الحقيقة، وقد يكون السبب غرور وخيلاء وعلو وتكبر، أو لزمته المجادلة والمكابرة، وقد يحتفظ الإنسان بالتعصب في نفسه ويخفيه، فيخال الإنسان نفسه مخلص في الدفاع عن الحق. -
المحاكاة وتقليد السابقين مع الفقر للدليل والبرهان:
غالباً ما يتعصب الناس لآراء السلف الأقدمين ويدافعون عنا مع علمهم أن بعضها غير صحيح (كالعادات والتقاليد الموجودة في بيئة معينة) فيذهب أحد ما لمخالفتها والحيد عنها مما يسبب له مخالفة من قبل هذه الجماعة، ومن الطبيعي أن ينشأ عن ذلك الاختلال والمشاحنة، والجدال العقيم الذي لا طائلة له، وخاصة إذا تناقش اثنين من بيئتين مختلفتين وحاملان لآراء مختلفة وذلك لأن كل واحد يناقش وهو مكبل بقيود الأسلاف فهو يدافع عن فكر من حيث لا يشعر. -
عدم تحقيق النقطة المحددة التي يدور حولها النزاع:
وذلك يكون بعدم ثبات النقاش على موضوع بعينه فيجب على الشخص أن يحدد الشخص الهدف الرئيسي الذي يريد أن يصله للآخر أو الفكرة الرئيسية التي يجب أن يصل إليها بعد انتهاء النقاش، فتجد كل من الشخصين يتحدث بفكرة ليس هي التي يتحدث عنها الآخر، مما يؤدي لكبر الخلاف بينهما، ومهما حاولوا لا يستطيعون الوصول لطريقة من أجل حل خلافهم.
آداب الاختلاف بين الناس
يجب مراعاة آداب الاختلاف العامة ومن هذه آداب الاختلاف بين الناس ما يلي:[1]
-
العذر بالجهل
:
فقد ورد في حديث للرسول لابن ماجة عن حذيفة عندما قال: “يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدري ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة وليسري على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز يقولون أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله فنحن نقولها فيقول صلة بن زفر لحذيفة راوي الحديث ما تغني عنهم لا إله إلا الله وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة؟ فأعرض عنه حذيفة ثم أقبل عليه في الثالثة فقال يا صلة تنجيهم من النار. ثلاثاً” رواه الحاكم. -
العذر بالاجتهاد
وقد وجد ابن تيمية أن جميع الأعذار ثلاثة أصناف وهي:
- عدم اعتقاد هذا الشخص أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قاله.
- عدم اعتقاد هذا الشخص إرادة تلك المسألة بذلك.
- اعتقاده أن ذلك الحكم منسوخ أي غير حقيقي.
-
العذر باختلاف العلماء
-
الرفق في التعامل
-
ألا يتكلم بغير علم
-
أدب مراعاة المصالح الشرعية في الإنكار
فوائد الاختلاف بين الناس
إن هذا التباين والاختلاف الموجود بين الناس يعود عليهم بجملة من الفوائد شريطة التزام حدود الاختلاف وقواعدها وآدابها، فمن أبرز فوائد الاختلاف من الناس ما يلي:[1]
- إن الاختلاف بشريطة صدق النوايا يتيح التعرف على كل الاحتمالات التي قد تكون الدليل الذي يرمي إليها بوجه من أوجوه الأدلة.
- الاختلاف يعتبر كرياضة للأذهان، وكلقاح فكري خاص بالآراء، كما يفتح الاختلاف أفق أكبر أمام الشخص فالاختلاف يعطي الأشخاص مجالات أوسع في التفكير من أجل الوصول إلى جميع الافتراضات التي تستطيع العقول المختلفة الوصول إليها.
- الاختلاف يؤدي إلى تعدد الحلول والآراء أمام صاحب كل مشكلة بعدها يهتدي إلى الحل المناسب للمشكلة التي وضع أمامها وذلك بما يتناسب مع مشكلة الشخص الذي يتعامل مع أشخاص من واقع حياتهم.
- يكسب الاختلاف الأفراد القدرة العالية إلى حل المشاكل مما يزيد الثقة بالنفس وقدرته على مواجهة المشاكل والتصدي لها كما يطور مهارة إيجاد الحلول عند الأفراد.
- الاختلاف في الرأي رحمة من الله عز وجل وحكمة إلهية فمن المستحيل حمل الناس والبشرية جمعاء على رأي واحد.
-
لا تتحقق هذه الفوائد إلا إذا بقي هذا الاختلاف ضمن الحدود والقواعد والشروط والآداب التي يجب الحرص عليها عند الاختلاف بحيث يجب مراعاتها وعدم تجاوز حدودها، ففي حال عدم مراعاتها فسوف تتحول إلى جدال وشقاق وتتحول إلى ظاهرة سلبية سيئة وغير حضارية وهذه العواقب السيئة تحدث شرخاً في الأمة فيتحول الاختلاف إلى ظاهرة بناءة وهذا يبين أهمية
مظاهر الاختلاف بين الناس
وعوائده بالفائدة على الأمة والعبرة الإلهية من هذا الاختلاف.