لماذا خلق الله الناس مختلفين


لماذا خلقنا الله مختلفين


يذكر أهل العلم من الدين أن سبب خلق الله الناس مختلفين هو ناتج لما خلقوا منه بالأساس ،  ثم أن المعلوم من القرآن الكريم و الأحاديث النبوية الشريفة أن أول من خلقه الله هو آدم عليه السلام، وهذا له في أيات القرآن الكريم الكثير من الأدلة


وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً {:30} وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَاۤءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ فَقَالَ أَنۢبِـُٔونِی بِأَسۡمَاۤءِ هَـٰۤؤُلَاۤءِ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ﴾ [البقرة 31]، وأما الحديث النبوي الشريف فقد جاء بزيادة توضح


أسباب الاختلاف بين الناس


، وهي أن الله حين جمع التراب الذي خلق منه أدم عليه السلام، جمعه من كل تراب الأرض.


أي أنه لم يخلقه من تراب بقعة واحدة في تلك الأرض ، بل شاء سبحانه وتعالى، أن يجعل الناس مختلفين ، كما هو اختلاف تربة الأرض ، التي خلق منها البشر ، ولأن الجميع نسل أدم ، سوف يحدث هذا التنوع حتما ، هذا سيحمل صفات من شرق الأرض وطبيعتها ، وذاك يحمل من غربها ، ويتنوع الاختلاف هذا ، ما بين اللون ، واللغة ، والطباع ، والأخلاق ، وغيرها كما ورد ذلك في الحديث الصحيح عن أبي موسى الأشعرِي -رضي الله عنه- أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (إن الله تعالى خلق آدم من قبضةٍ قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض منهم الأحمر والأسود والأبيض والأصفر وبين ذلك والسهل والحزن و الخبيث والطيب} ، وهو أيضاً من

الحكمة من خلق الناس شُعُوبًا وقبائل

، فالاختلاف يجذب التعارف بين البشر ، والتنوع يخلق الاندماج، والتعارف. [1]


اختلاف الناس


خلق الله سبحانه وتعالى الناس مختلفين بينهم ، في كل شئ بداية من اللون فهذا أبيض وهذا أسود وهذا أصفر ، وغيره ، وكذلك لم يجعلهم يحملون نفس الطباع بل خلقهم مختلفين متنوعين فهذا هادئ وذاك عصبي وحاد وغيرهم حليم والاختلاف والتنوع الذي بين البشر يشمل كل الخلق ، حتى من كانوا أبناء نفس الأب والأم مشتركين في الأصل ومتحدين معه ، لن يكون بينهم تماثل وتطابق، وهو ما جعل للحياة مذاق ، لأن هذا التنوع وذاك الاختلاف هو مايجعل الناس تتشابك في العلاقات ، فلن يرغب أحد في أن يكمل حياته مع شخص هو صورة متماثلة تماما منه في كل شئ ، فما الحاجة له إذا ، هذا التنوع يجعل الحياة أكثر اختلافاً، ويجعل فكرة الاستغناء بالنفس عن باقي البشر مستحيلة، كذلك ما كان هذا الاختلاف عميق حتى يجعل الله البشر في حالة تشاحن مستمر ، وخلاف مستديم ، فهو اختلاف داخله ميزة تنوع له دور التنوع والتكامل كذلك ، مثال

دور الاختلاف في اثراء الفكر

، وليس عقاب أبدي لاستمرار النزاع ، فلا هو تطابق يغني عن الناس ولا اختلاف يؤدي إلى نزاع هو تكامل أقرب ما يكون ، ﴿ولَو شَاء ربُّكَ لَجعلَ النَّاسَ أمَّةً واحِدةً ولاَ يزَالُونَ مُختَلِفينَ{118}إِلاَّ مَن رَّحمَ ربُّكَ ولذَلكَ خَلقَهُم وتَمَّتْ كلِمةُ ربِّكَ لأَملأنَّ جهنَّمَ منَ الجِنَّةِ والنَّاسِ أَجمَعِينَ {119} سورة (هود ).


لماذا لم يجعل الله كل الناس مسلمين


إن خلق الله للناس أمم لهو أمر عظيم ، وقد أخبرنا الله كما في أياته

ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة

، لكن لماذا لم يجعل الله كل الناس مسلمين، إن هذا الأمر يعود إلى خلق الناس أجمعين حين أشهد الله ذرية أدم كاملة قبل أن يولدوا وهم في أصلاب أبائهم على أنه هو الخالق ، وشهد له ذرية أدم بذلك ، ثم جعلها الله فطرة في نسل أدم ، وبذلك يكون الإنسان مر بمرحلتين من توحيد الله الأولى وهو نطفة في صلب أبيه، والثانية في فطرته خلق بها.


وكان من رحمة الله بخلقه أنه سبحانه وتعالى أراد لهم الخير ، فأرسل الرسل منذرين موضحين الإيمان، ثم زاد على ذلك سبحانه بأن جعل القرآن الكريم محفوظ لهدايتهم ، ثم زاد برحمته و جعل مخلوقات الكون وظواهره ، بما تحمله من معجزات دليل على الله ووحدانيته.


وبعد كل ما فات من وسائل للإيمان ، وضع الله سبحانه وتعالى الإنسان موضع اختيار ، له أن يتبع التوحيد أو يخالفه ، هو وقدرته ، إما ينتصر على شياطين الإنس والجن ويهتدي بالفطرة والكتاب والرسل ، وقدرة الله التي يراها في الكون حوله، أو يتبع شيطانه ، وشياطين الإنس والجن ويعارض فطرته ، و يشرك أو يكفر ، فالإنسان يختار بنفسه طريقه ، ولم يتركه الله برحمته بلا دليل ومرشد ، لكن الأمر في النهاية لاختيار الإنسان وحده ، حتى يستحق العقاب في النار، أو يسعد بالجنة في الآخرة. [2]


كيفية التعامل السليم مع الاختلاف


  • وجب على كل شخص أن لا يعتبر نفسه دائما هو أصل أو أنه الأصل في كل الأمور، وعلى أن غيره واجب عليهم أن يصبحوا تكرار له صورة منسوخة منه، لأن الناس كلها بها من الصفات ما هو خير جيد حسن ، وبها من المساوئ ما هو شر ، وأذى ، ومكروه ، الكل بلا استثناء خليط ، ومن غير المقبول أن يصر الإنسان أن يجعل من حوله صورة منه بمميزاته وعيوبه ، وعيب الأمر هذا أن الكثير لا يدري خطأه ولا عيوب نفسه ، ويتمسك بجعل الناس مثله وهو نفسه لا يعرف نفسه جيدا.

  • محاولة فهم وتفهم للأراء ووجهات النظر للغير وخاصة المختلفين معنا ، مع مراعاة بعض الأمور الهامة والتي قد تعين أكثر على تجاوز الخلافات وتقبل الاختلاف، مثل معرفة خلفيات الأخر و ظروفه ، وتربيته ، وما مربه في حياته ، و الخبرات الحياتية التي شكلته ، ومدى قسوتها ، والتسامح و تقبل الأعذار يعين في ذلك كثيراً.

  • عدم اعتبار الاختلاف و


    مظاهر الاختلاف بين الناس


    على أنها سبب للتعكير والضيق والنزاع والتنافر ، بل تغيير النظر لتلك الاختلافات وجعلها نظرة أعمق باعتبار الاختلاف يؤدي إلى الثراء الفكري ، الذي يجعل الفكر أكثر تنوع، وتكامل ، وهذا الاختلاف ما دام لم يمتد للأصول ، فلا مانع من اختلاف الفروع ، لن يكون سبب ضرر بل سبب في التقدم أكثر.

  • التمسك بالرأي ، والاختلاف يحتاج الرجوع للقاعدة ، ومعرفة كيف عرف الشخص نفسه أنه على حق ، فلو أن الفيصل بين المختلفين راجع للدين ، فيكون الحكم لكتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما كتبه وألفه وشرحه أهل العلم ، ولو كان الأمر مختلف فيه بين أئمة الأمة الأربعة أنفسهم يكون الراجح ما رجحه جمهور أهل العلم ، أما وإن كان الخلاف دنيوي ولم يهتدي المختلفين إلى أصل له في أمور الشرع فلا مانع من استشارة أهل العلم المختصين أو أشخاص معروف عنهم الحكمة والعلم والإيمان.

  • يحتاج كل طرف من المختلفين أن يتهم نفسه قبل اللجوء لاتهام الآخرين ، قبل الأشارة لمن يخالفه أنه متعنت في الرأي يوجه الإشارة لنفسه ، قبل اتهام الغير بأنه على خطأ ، يوجه الاتهام لنفسه ، وهكذا.

  • الاعتماد في الاختلاف على الحوار أولا ثم مهارة التفاوض ، دون تصلب في الرأي ، واعتماد المرونة طريق و أسلوب. [3]