أمثلة على أعمال القلوب


أشهر أمثلة على أعمال القلوب


مليئة الحياة بالمنغصات ، والفتن ، وبما يعرض على القلب من ألوان الذنوب وأصناف الأثام ، وما يقلب القلوب بين كفيه من هم وحزن وألم ويعتصره من أثقال الدنيا ، ومفاتنها، فلابد للقلب من صفاء وأعمال ترفع عنه ما أوجعه ، وينظف القلب من الذنوب ، ويفرغ الهموم وتعد أعمال القلوب صلة بينها وبين بعض ، لا تنفك عن بعضها ، وتتصل فيما بينها، ولا تغني إحداها عن الأخرى ، وتعرف أعمال القلوب في المصطلح الشرعي بأنها أعمال محلها القلب ، أعظمها الإيمان بالله وحده لا شريك له ، وأعمال القلوب منها الإخلاص، واليقين، والتفكر، والخشوع، والمراقبة، والورع، والتوكل، والمحبة، والرجاء، والخوف، والصبر، والرضا، والشكر، والغيرة، والحياء، والتوبة، وكلها أعمال تحتاج من الفرد التوجه لله ، وطلب الإعانه منه ، وتخليص القلب من الشوائب العالقة به، ولكل من هذه الأعمال ما تختص به [1] ، نوضحه في التفصيل الأتي:


الإخلاص


ويقصد بالإخلاص أي أصبح صافي خالي من الشوائب، ومن ذلك أخلص الدين لله أي أنه توجه بفعله لاه فقط لا سمعة ولا رياء في ذلك  ، وكلمة الإخلاص هي كلمة التوحيد عند علماء المسلمين، ولذلك تعني كلمة الإخلاص في الاصطلاح الشرعي ، أن المخلصين هم الموحدين بالله تعالى وحده ، وكما ذكر ابن القيم أن الإخلاص هو توحيه النية في العمل والطاعة ابتغاء الله دون شريك.


ويسمى الشخص مخلصاً إذا أصبح لا يهتم لو لم يعد له في نفوس الخلق مكانة، ولكن قلبه صالح مع ربه، و يحب أن يبقى الخير الذي يفعله والبر ، والصلاح بينه وبين ربه ، لا يريد لإنسان أن يطلع عليه ، ويقول عنه المدح ، وخير الكلام ، ويبقى ما بينه وبين ربه خبيئة ، لا يبغي بها سوى رضاء الخالق ، {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [ البينة من الآية:5]، وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم :  {قُلِ اللَّـهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي} [الزمر:14]. {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:162-163] .


وذلك على عكس من يفعل الخير ، ويقدم فيه رضاء الناس ، وحب الشهرة ، والسعي للمدح والذكر الحسن والنفاق والرياء وهم من قال عنهم سبحانه وتعالى  {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ. أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ۖ } [هود:15-16]. [2]


اليقين


إن المبتدأ في أعمال القلوب هو العلم ولذا كان قول الله سبحانه وتعالى [فَاْعلَمْ أَنَّهُ لاْ إِلَه إِلاْ الله وَاْسّتَغْفِرْ لِذَنْبِك ] سورة  [محمد:19] ” وبداية ما يدخل قلب العبد الموحد بالله هو العلم بخالقه سبحانه وتعالى مع إيمانه به ، والعلم بأنه لا إله إلا الله وتعد تلك هي قول الحق ، حسب ما نقله العلماء  قول رب العالمين [ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ] [الزخرف:86] ، وبذلك اليقين والعلم أنه لا خالق سوى الله ، ولا قادر سواه ولا مدبر ، ولا معين ، ولا غفور ولا رزاق ولا محي ولا مميت سواه رب العالمين. [3]



التفكر



إن التفكر رغم كونه عمل عقلي ، يعمله العقل إلا إنه من أعمال القلوب، وذلك لإن التفكر يؤدي إلى زيادة الإيمان واليقين بالله ، وتعد عبادة التفكر من العبادات اليسيرة التي لا تطلب جهد خاص ولا تحتاج لترتيبات ، ولا تجهيزات ولا مجهود ، لكن أثرها في النفس العميق وهو يبدأ بخطوات يسيرة صغيرة، يهتم القلب فيها بأيات الله العظيمة ، وقدرته التي لا توصف ولا حد لها، وتدبيره سبحانه وتعالى في تيسير الكون للعباد.


وتحتاج عبادة التفكر إلى قلب نقي ، يستطيع رؤية عظمة الله في خلق الكون والانصراف عن المظاهر ، يلتفت للأيات ، وينظر في الشواهد التي تؤكد عظمة الله سبحانه وتعالى وقدرته على تنظيم الكون ، تلك السماء المرفوعة بلا عمد تراه العيون ، ولا خرق فيها منذ ألاف السنين ، وهذه الجبال التي تستقر بها الأرض فلا تميد ، وهذا الإنسان الضعيف، وميف خلق ومما هلق ، كلها أمور يؤدي التفكر فيها باطمئنان القلب إلى وحدانية الله ، وصفاته التي تنزه سبحانه عن أن يكون مثله شئ. [4]



الخشوع



يعد الخشوع من أعمال القلوب الهامة حيث يعني الإذلال لله سبحانه وتعالى ، وهو قيام قلب الإنسان بين يد الله ، و تذلل القلب ، وهو معنى يدور بين الخشية ، والسكون ، ولابد أن يكون الخشوع بهذين الأمرين ليتم الخشوع، يخشع القلب كما تخشع الجوارح ، وهناك


أعمال الجوارح


كما في الصلاة مثلا من حركات الرفع والقيام والتشهد ، فالقلب يعتمر بالسكون والتعظيم والتواضع لله ، والسكون في كل سيئ البصر والجسد وغيره، والتواضع من متطلبات الخشوع، والخشوع في غاية الأهمية ، ومن فقد الخشوع فقد واجب من واجبات الصلاة عند بعض العلماء ، وخشوع القلب وإجلال الرب يتبعه الجسد فتسكن الجوارح وتبكي العين ، ويرتجف البدن والأطراف ، وينسى الفرد كل ما حوله سوى الصلاة التي يؤديها لله لا في روحه ولا قلبه ولا عقله سوى الهيبة والخوف من الله، ومما يعين على الخشوع تهيئة المكان ، والنفس والبدن والقلب ، ومنع المشتتات الجانبية ، وفهم وتدبر معاني كلمات القرآن الكريم ، والإقبال على الله بقلب سليم ، وصدق النية، والعزم على التقرب له سبحانه وتعالى والدعاء.



التوبة



التوبة ، والعودة إلى الله ، ما من مسلم لم يقترف ذنب في حياته ، وما من شخص إلا وقد أذنب ، إن التوبة عمل عظيم من


انواع اعمال القلوب


،


فهو لا يصدر إلا عن قلب واع بخطورة الذنب وعظم الإثم ، لا يستصغر ذنب ولا يقلل من شأن معصية يتساوى عنده كل شئ أمام غضب الله واتباع أوامره واجتناب نواهيه ، يعود إلى الله باكيا نادما مستغفرا طالبا العفو و الغفران وهو من تعظيم جلال الله ، فالعفو والمغفرة لا تطلب إلا من عظيم ، ولا تطلب إلا خوف ورجاء ورغبة وحب ، وطمع في رضاء المحبوب ، إن التوبة تشتمل على معاني عظيمة من التعظيم والحب والخوف.


التوكل


إن التوكل على الله سبحانه وتعالى لهو من عظيم الاعتراف بضعف الإنسان وقلة حيلته ، وهوانه أمام الخالق سبحانه عز وجل ، فالمتوكل يعطي لمن يتوكل عليه ، تصريف شؤونه ، ومراعاة حاله ، وتدبير أموره ، ولا يخشى شئ سوى خالقه ، يعلم أنه مدبر الأمر وحده ، وأنه القادر ، المعز والمذل ، وأنه إن أراد به خيرا ما منعه شئ وإن كتب عليه ما يكره ما منعه شئ ، لذلك فإن التوكل يعد من أبواب الالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى مع يقين تام في حكمته ، وتدبيره ، وأن لا معقب على ما يريد سبحانه.