أنواع المفارقة في اللغة العربية

المفارقة في اللغة العربية

اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم ، و هي من أكثر اللغات أنتشارا في العالم . حيث تتمتع اللغة العربية بالبلاغة في التعبير و المعاني ، و ذلك لأن الوصف في اللغة العربية يتطلب شرحا مطولا لكل جملة

و فيما يلي يأتي أسلوب المفارقة ، و هو ذلك الأسلوب البلاغي الذي يكون فيه المعنى الخفي في تضاد واضح مع المعنى الظاهري الواضح أمامك .  و تخاطب المفارقة العقل و التفكير  و لا علاقة لها بالروح أو الخيال .

و من خلال المفارقة نستطيع أن نبلغ الحقيقة و نصل إلى لذة النص . و يقول نقاد عظماء   “أن الحقيقة التي يسعى الشاعر إلى كشفها لا تأتي إلا عبر أسلوب المفارقة”. لذلك نجد أن أسلوب المفارقة لا يقبل عليها إلا الشعراء الكبار و يفر منها من كانت تجربته بسيطة في الحياة .

أنواع المفارقة

لقد قسم النقاد أسلوب المفارقة إلى عدة أشكال و أنواع . فهناك من قسمها بحسب أساليبها ، و هناك من قسمها تبعاً إلى درجة شدتها . و البعض الآخر قد قام بتقسيمها تبعا لموقعها و تمركزها في النص .

و للمفارقة نوعان أساسيان، تعرف عليهما كل دارسي اللغة العربية مع وجود

أمثلة على المفارقة

لتأكيد الفهم أثناء الدراسة ، و تندرج تحت كل منهما أنواع و أنماط فرعية ،  و في الأطلاع لمعرفة  الأقوال  النظرية  للمفارقة  في الأبداع  الشعري في اللغة العربية عموما ، أتضح أن هناك  بعضا من  دواوين لشعراء اتسمت أغلب قصائدئهم  بالمفارقة ، و من أنواع المفارقة ما يلي :-

المفارقة اللفظية

تعتبر من أهم سمات المفارقة اللفظية في الأسلوب البلاغي هي أن المعنى الظاهري واضحا ولا يتسم بالغموض ، و المعنى الموجود في المفارقة اللفظية هجوميا و يكثر بقوة في شعر الهجاء .

و تعتبر المفارقة اللفظية شكل من أشكال القول الذي يساق فيه معنى معين ، في حين يقصد به معنى آخر . أي أن هذا النوع ينشأ من كون الظاهر يؤدي معنين متناقضين ، الأول ظاهر و الآخر خفي .

و يمكن تعريف المفارقة اللفظية على أنها معنى واضح للبلاغة  ، إذا تظهر المفارقة على أنها متناقض بين ما يقال و ما يكتب و ما يقصد ، و على هذا الأساس بينت لنا بعض القصائد الشعرية ظهور أنواع و أنماط مختلفة من المفارقة اللفظية و منها :-


مفارقة الاضراب (الاستدراك )

إستخدم بعض الشعراء بعض الأدوات اللغوية التي تعمل على  إنتاج الأدلة بصورة إستثنائية وواعية ، فقد كان الشاعر يقول شيئا ثم يعدل من مسار الفهم بإحدى تلك الأدوات . حيث أن الهدف الأساسي من قصائد الهجوم أو المواجهة هو إبراز المفارقات و أساليبها .

فكلما إكتشف القارئ سبلا جديدا في المعنى  ، زاد إحساسه بالمفارفة . عن طريق إستخدام بعض الأدوات التي إنفردت بتحويل إتجاه المعنى أو  إلغائه مثل :

  • لكن (الإستدراكية )
  • إن (الشرطية )
  • إذا ( الفجائية )
  • أم (المنقطعة )
  • إلا (الإستثنائية )


مثال

( قد يأكلون لفرط الجوع أنفسهم      لكنهم من قدروا الغير ما أكلوا )

قد بدأت الجملة بتأكيد للفعل يأكلون ثم بعد ذلك نفاه في الجملة الثانية بإستخدام ( لكن )


مفارقة الحضور و الغياب

لقد تعمد بعض  الشعراء من إستخدام مفارقة الحضور  و الغياب في قصائدهم و ذلك لجعل القارئ يبحث و يتأمل عن طبيعة القصيدة فمثلا في قول الشاعر ( يصيح بي : أيها الغافي هنا أبدا       إن العراق معافي أيها الجمل )  .

في هذا البيت الشعري قد نجد أننا لا نصيح إلا بكثرة النوم أو التغافي في النوم العميق ، و هنا أراد أن يذكر الشاعر طوال حياته و لكنه أكتفى بتصوير النوم في أول شطر أي أن الحلم هو حالة غياب في القصيدة .

أما الشطر الثاني فيوضح حالة الحضور لحالة العراق الدامي في ذلك الوقت الصعب بتعبير مضاد لما يحدث في  ( العراق معافي ) . ليوضح لنا أن حلمه موجود و هو أن يرى العراق متعافية تماما من الحروب  و الأزمات .


مفارقة السخرية و التهكم

قد يتخذ الشاعر من التهكم و السخربة أسلوبا ، و عُرف التهكم على أنه ( الأتيان بلفظ البشارة في موضع الإنذار و الوعد في مكان الوعي و المدح في مكان الإستهزاء )  ،


مثال

قد نرى الشاعر يسخر من رد فعل العرقين قائلا :

أم أنهم أجمعوا ألا يظللنا       في أرضنا نحن لا سفح ولاجبل

ألا ببارق أمريكا و جحفلها    و هل لحر على أمثالها من قبل ؟

لقد صور الشاعر خلو أرض العراق من كل خدمات الحياة و أنه لم يعد يرى إلا أسلحة الأمريكان على الأرض من حوله و حث على مواجهتهم و في السؤال ( هل لحر على أمثالها من قبل ؟ ).

و هو سؤال يصدم القارئ الذي يعرف أن الأحرار لا يرضون بالذل و المهانة ، و قد تعمد إلى إستخدام السخرية في هذا السؤال منكرا من تصرف العراقيين أمام الأمريكان . و هي في لغتنا العربية كقولك ( يا للبراعة) لمن أساء التصرف في أمرا ما .

مفارقة الموقف ( السياق )

مفارقة الموقف في اللغة العربية هي أن تستحضر المفارقة موقفا كاملا و متكاملا قد يجسد علاقة الذات المتكلمة  بالبيئة المحيطة به  أو الأخرين المحيطين به في و قت محدد من الزمان   المكان أيضا .

و هي في الأغلب تعتمد على حس الشاعر و تصوره لحضور موقف ما ، و هي في الغالب تحتاج إلى تحليل و إستنباط كامل للقصيدة كلها من أجل معرفة أطراف الموقف . و لعل من أبرزها أنماط مفارقة الموقف:


المفارقة الدرامية

تأتي المفارقة الدرامية من أسمها على أنها تصور لحالة أو حدث أو موقف معين ، على أن يقوم القارئ بالوعي على أبعاده كلها ، و قد يتعمد الشعراء في أغلب القصائد التي قد تحمل نفس المعنى على تأسيس موقف معين من الحياة و سعى لتصوير جميع جوانب الحياة .


مثال


لكن سأستغفر التاريخ إن جُرحت   أوجاعنا فيه جرحا ليس يندمل

سوف أطوي لمن يأتون صفحته    هذي لينشرها مستغفر بطل

لقد أستكفى القارئ بذكر التاريخ مع عدم  سرد ما حدث في تاريخ العراق و لكن ذكر ما قد سيفعله مع من يتهاون في حقها . و إتبع الشاعر أسلوب المفارقة الدرامية حيث جعل من بطلها  (العراقي )ضحية لا يجد أي أستعطاف من قبل القارئ و هو (  المراقب ) لتسلسل مفارقة التاريخ . و يسرد الشاعر دراميته بأنه سيقوم بغلق صفحة التاريخ تماما إذا لم يجد من يفتحها من جديد .


المفارقة الرومانسية

يقوم هذا العمل الفني على أساس أن الشاعر يعتمد فيه على أن يبني عالما من الوهم ثم يعود بعد ذلك ليهده تماما ، أو بمعنى أخر قد هو عمل فني يقوم فيه الشاعر ببناء هيكل فني وهمي ثم يحطمه ليدل على أنه خالق هذا العمل و يمكنه تحطيمه في أي وقت .

و يفضلها بعض القراء لأنه بالنسبة إليهم هي حقيقة للكشف عن ما في الحقيقة من تناقضات و تبدأ عادة  بكلمة إيجابية تلفت النظر


مثال

لم تشرق الشمس إلا من مشارقه     و لم تغب عنه إلا و هي تبتهل

قد نرى الشاعر بدأ  بشروق الشمس  حيث جعل الشمس كأنها كائنا يدعو للعراق و ختمها  بتحول نية الشاعر من الأمل إلى الألم .