هل الدورة الشهرية ابتلاء
هل الحيض ابتلاء
يتساءل العديد عن
لماذا خلق الله الدورة الشهرية
وهل كانت عقاب من الله تعالى للنساء من أجل السيدة مريم عليها السلام حينما ولدت سيدنا عيسى وجاء مخاض الدم على جذع الشجرة، أم أن ما ذُكر من تلك الأقاويل ليس صحيحًا، والإجابة على ذلك تتلخص في أنه أمر باطل ومنكر ولا يوجد له أصل صحيح، والدورة الشهرية شئ كتبه الله على بنات آدم منذ خلقهن، ولم يتم ذكر أنه كان نتيجة لأمر مريم، وقد ورد ما يدل على أن الدورة الشهرية أول ما تم إلقائها، ألقيت على بني إسرائيل.
إذ قال الحافظ في الفتح: “قَوْلُهُ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ أَوَّلُ بِالرَّفْعِ ـ لِأَنَّهُ اسْمُ كَانَ وَالْخَبَرُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَيْ عَلَى نِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابن مَسْعُودٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَالَ: كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُصَلُّونَ جَمِيعًا، فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَتَشَرَّفُ لِلرَّجُلِ فَأَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِنَّ الْحَيْضَ وَمَنَعَهُنَّ الْمَسَاجِدَ ـ وَعِنْدَهُ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوُهُ قَوْلُهُ وَحَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ، قِيلَ مَعْنَاهُ أَشْمَلُ، لِأَنَّهُ عَامٌّ فِي جَمِيعِ بَنَاتِ آدَمَ فَيَتَنَاوَلُ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ وَمَنْ قَبْلَهُنَّ، أَوِ الْمُرَادُ أَكْثَرُ شَوَاهِدَ أَوْ أَكْثَرُ قُوَّةً، وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: لَيْسَ بَيْنَهُمَا مُخَالَفَةٌ، فَإِنَّ نِسَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ، فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ: بَنَاتُ آدَمَ ـ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ، قُلْتُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا مَعَ الْقَوْلِ بِالتَّعْمِيمِ بِأَنَّ الَّذِي أُرْسِلَ عَلَى نِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ طُولُ مُكْثِهِ بِهِنَّ عُقُوبَةً لَهُنَّ لَا ابْتِدَاءُ وُجُودِهِ، وَقد روى الطَّبَرِيّ وَغَيره عَن ابن عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيم: وَامْرَأَته قَائِمَة فَضَحكت ـ أَيْ حَاضَتْ، وَالْقِصَّةُ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِلَا ريب، وروى الْحَاكِم وابن الْمُنْذر بِإِسْنَاد صَحِيح عَن ابن عَبَّاسٍ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْحَيْضِ كَانَ عَلَى حَوَّاءَ بَعْدَ أَنْ أُهْبِطَتْ مِنَ الْجَنَّةِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَبَنَاتُ آدَمَ بَنَاتُهَا”. [1]
هل الحيض عقوبة حواء
لا يوجد شئ مؤكد من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم شيءٌ يُشير إلى أن الله عاقب حواء نتيجة أكلها من الشجرة، في حين أنه قد ذُكر في قول ابن عباس رضي الله عنه أنها عوقبت بالحيض لأنها أكلت من الشجرة وتزيين ذلك الفعل لآدم عليه السلام، فقد روى (الطبري، الخرائطي، ابن المنذر، الحاكم، البيهقي، ابن أبي الدنيا) عن ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما، قال: ” لَمَّا أَكَلَ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ عَصَيْتَنِي؟) قَالَ: رَبِّ زَيَّنَتْ لِي حَوَّاءُ.
قَالَ: (فَإِنِّي أَعْقَبْتُهَا أَنْ لَا تَحْمِلَ إِلَّا كَرْهًا، وَلَا تَضَعَ إِلَّا كَرْهًا، وَدَميْتُهَا فِي الشَّهْرِ مَرَّتَيْنِ).
فَلَمَّا سَمِعَتْ حَوَّاءُ ذَلِكَ رَنَّتْ، فَقَالَ لَهَا: (عَلَيْكِ الرَّنَّةُ وَعَلَى بَنَاتِكِ) “.
وذلك الأثر قام الحاكم بتصحيحه في المستدرك، وقال الحافظ في “المطالب العالية “هذا موقوفٌ صحيح الإسناد”، وعن ابن عبَّاس رضي الله عنه: أنَّ ابتداء الحيض كان على حواء بعد أن أُهبطت من الجنة”، وذلك هو القول الأكيد عن ابن عباس، والاحتمال الأكبر أنه قد أخذه عن أهل الكتاب، ولذلك فلا يجب أن يكون هو الدليل على الرغم من رجاحته وغلبة الظن به ولكنه ليس من قول الرسول صلى الله عليه وسلم، والذي يرجح احتمال ابن عباس تلقاه من أهل الكتاب هو وجود ما يقرب منه في المعني بالتوراة، وقول ابن عباس لذاك الأمر لا ينبغي قبوله واعتماده، ولكنه رضي الله عنه يرويه وفقًا لإذن النبي في قوله صلى الله عليه وسلم: حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ ، رواه البخاري في صحيحه (3274)، وكذلك وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتَابِ، وَلا تُكَذِّبُوهُمْ) رواه البخاري (4215).
أما ما ذُكر في الشرع الإسلامي أن الله قد تاب على آدم وحواء، وغفر لهم ما فعلاه من ذنب في قوله تعالى: (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، [الأعراف: 23]، وبذلك يكون الحيض أمر كتبه الله على بنات آدم عليه السلام، والذي يؤكد ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : (
إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ)،
رواه البخاري (294)، ومسلم (1211)، وهو يؤكد بأن الحيض قد قدره الله تعالى بفضل حكمته وعلمه، وليس من صور الابتلاءات ولا العقوبات، كالذي كتبه الله على بني إسرائيل من الإصر والتشديد كعقاب لهم على بغيهم وظلمهم.
وقد قال ابن بطَّال: “هذا الحديث يدُلُّ على أنَّ الحيض مكتوب على بنات آدم فمَن بعدهنَّ من البنات، كما قال صلى الله عليه وسلم، وهو من أصل خلقتهنَّ الذي فيه صلاحهنَّ” انتهى من “شرح صحيح البخاري”. (1/411)، في حين أنه لم يتم إثبات أي شي عن الرسول صلى الله عليه وسلم يدل على ذلك، والذي ثبت عن ابن عباس رضي الله عنه يكون من الإسرائيليات التي لا يتم تصديقها ولا تكذيبها. [2]
لماذا جعل الله الحيض للمرأة
عنددما يتساءل الأشخاص
لماذا جعل الله الحيض للمرأة
، فيكون الرد على ذلك السؤال أن نشأة دم الحيض يرتبط باحتقان عروق الرحم و تقشير المخاط مما يترتب عليه حدوث نزيف الدم، وذلك الدم هو ما يندفع خلال فترة الحيض إذ أنه يتجمع كل شهر في رحم النساء حتى يقوم بتغذية الجنين الذي من المحتمل وجوده، إذ أن الرحم يقوم بإنتاج بويضة كل شهر وفي الوقت ذاته، تصبح العروق الداخلية للرحم ممتلأة بالدم استعدادًا لتغذية النطفة، ففي تلك الفترة أي عندما تدخل البويضة بالرحم، فيتشكل الجنين ويبدأ الدم الموجود بعروق الرحم في تغذيته، وفي حالة عدم وجود جنين يتقشر مخاط الرحم وتنشق العروق مما يؤدي لخروج الدم منها ويكون دم الحيض، لأنه لو لم يخرج لتسبب في العديد من المشاكل داخل الجسم. [3]
هل
الحيض يكفر الذنوب
إن كافة المصائب التي تُصيب العباد ويتلقونها بالصبر والاحتساب فيكون لهم ثواب عليها، وتقوم بتكفير الخطايا، وهناك العديد من الآيات والأحاديث التي تدل على ذلك، وبما في ذلك ما تتعرض له النساء من آلام أو أوجاع في فترة الحيض، والدليل على ذلك في التالي: [4]
وقد قال الله عز وجل في توضيح جزاء الصابرين: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)، {البقرة:155-156-157}.
وقد روى مسلم في صحيحه قوله صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له).
وعن مسلم كذلك عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به سيئاته).
وفي الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله عز وجل عنه حتى الشوكة يشاكها).