متى انتهى عصر الرواية والتدوين
انتشار الرواية وبدء تدوين السنة
بدأ التدوين عند العرب
عقب وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد أن استقر عصر الخلافة حيث بدء تدوين السنة وشيوع الرواية، وقد كان الصحابة الأجلاء في بداية عهد الخلافة كثيروا التشدد فيما يخص النقل والرواية والنقل وهو ما يرجع إلى مدى خشيتهم أن يحدث على رسول الله كذباً، والتقول بما لم يقله عليه، كما كانوا يخشون أن تنشغل الأمة عن القرآن ودراسته وفهمه، ولكن قد من الله على أمة الإسلام بسرعة الاستقرار وهنا احتاج المسلمون إلى الحديث كما احتاجوا لروايته، وذلك لما كان يقع من أمور وأحداث من حين لآخر وهو ما يتضح معه أهمية
تاريخ الكتابة
واكتشافها.
وبذلك كانت الرواية قد شاعت في كل من جيل الصحابة ومن اتبعهم، وأصبح من بها من الرواة رجالًا وركبانًا، وممن ظهر في جيل التابعين من الرواة (محمد بن شهاب الزهري، أبو الزبير المكي، خالد الكلاعي، مقسم بن بجرة، سعيد بن جبير ومجاهد بن جبير) وغيرهم كثيرون ممن دونوا الأحاديث وكتبوها وجمعوها.
وبعدما كثرت الفتوحات الإسلامية للبلاد، ودخل الدين الإسلامي من كافة البلدان أقوام وفئات ممن لا يفقهون في دين الإسلام ولا يعرفون شيئاً، وكما كان قد ظهر في ذلك زمان بعض الفتن وقد نتج عنها تفرقًا بالصف المسلم ونشأت ما عرفت بالفرق، وعلى إثرها ظهر الكذابون، والوضاعون والمدلسون بالحديث والعلم، ووقع ببعض الأمصار والبلدان أن من يلبس على الناس بدينهم وشرائعهم، فاستلزمت تلك الفتن أن يتم حفظ السنة النبوية المشرفة وعلومها، من أيدي الكذابين والعابثين.
ولذا ورد عن ابن سيرين أنه قال: (كانوا لا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة، قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، والى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم)، كما ورد بصحيح الإمام مسلم؛ عن عبدان بن عثمان يقول: (سمعت عبدالله بن المبارك يقول: “الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء”). وقال (محمد بن عبدالله، حدثني العباس بن أبي رزمة، قال: سمعت عبدالله يقول: “بيننا وبين القوم القوائم يعني الإسناد”)، كما وقد
نشأة التأليف عند العرب
منذ عصر ما قبل الإسلام. [1]
انتهاء تدوين السنة
لم يحدث أي توقف عن كتابة الحديث مطلقً؛ ولكن إن قد يقال على (عصر الرواية) أنه هو الذي نتهى على الرغم من أن ذلك الأمر محل خلاف، حيث إن الصحيح أن رواية الحديث لم تتوقف بالقرن الثالث الميلادي كما ورد من ادعاءات كاذبة من قبل بعض الجهلة من المليبارية، بل إنها قد امتدت إلى ما أتى كذلك بعد القرن الرابع.
وأولئك المدعون والضالون من المليبارية يعتقدون أن المتأخرين من بعد الدار قطني مع كونه عقب القرن الثالث الميلادي لا تعتبر ما قاموا بوضعه من تصنيفات قد التي صنفوها في السنة والحديث تتصل بما يطلق عليه (عصر التدوين)، ولكن ما يلي ذلك من المؤلفات المشهورة بالحديث والسنة والأجزاء الحديثية والمعاجم؛ أحياناً ما يعتد به باعتباره سند من يرويها عنهم؛ وهو ما يدل على أنه ما هو إلى لبقاء بركة السند دون أي شئ آخر؛ وإلا فقد كان بالفعل انتهى زمن التدوين وعصر الرواية عقب ظهور تلك المصنفات .
التدوين في عصر الخلفاء الراشدين
عرف العرب الكتابة
منذ القدم في حين ظهرت حركة تدوين الحديث والسنة بشكل تدريجي، وكان عماد تلك الحركة هو الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز – رحمه الله -، وقد ورد عن الإمام البخاري: (كتب عمر بن عبدالعزيز إلى أبي بكر بن حزم انظر ما كان من حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فاكتبه فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء)، وفي لفظ أبي نعيم: (كتب عمر بن عبدالعزيز إلى الآفاق انظروا ما كان من حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فاجمعوه).
ثم قام المحدث العظيم محمد بن شهاب الزهري بأول الجمع، إذ تحدث عن نفسه قائلاً: (لم يدون هذا العلم أحد قبل تدويني)، ثم أتى بعد محمد بن شهاب في الجمع كل من:
- الإمام الأوزاعي بالشام.
- سفيان الثوري بالكوفة.
- حماد بن سلمة بالبصرة.
- والإمام مالك بن أنس بالمدينة.
- ومعمر باليمن.
- وجرير بن عبدالحميد بالري.
- وابن المبارك بخراسان.
- وغيرهم ممن جمعوا الحديث وصنفوا وحدثوا، رحمة الله عليهم جميعًا. [1]
طرق تدوين أهل العلم والحديث
كما يوجد
مراحل تطور الكتابة
يوجد في نهج أهل الحديث والعلم بتدوين الحديث وما له من علوم طرقًا مختلفة ومتيزة، يُذكر منها: [1]
طريقة المسانيد
ويتم بها جمع أحاديث كل واحد من الصحابة على حده، وأحياناً ما يكون الكتاب الواحد جامعًا لأكثر من مسانيد الصحابة الأجلاء، وقد يختص المصنف بصحابي واحد، وذلك مثل:
- مسند البزار.
- مسند الإمام أبي داود الطيالسي.
- مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني.
- مسند أبي يعلى الموصلي وغيرها.
طريقة المعاجم
وينم من خلالها جمع أسماء المحدثين والأعلام والصحابة، ويقع ترتيبهم بها على ترتيب أحرف الهجاء، من أول الأحرف إلى آخرها، ثم يكون أسفل كل حرف أسماء الشيوخ والصحابة، وقد تكون في بعض الحالات تلك المعاجم على أسلوب الأماكن والبلدان، وهناك الكثير من المعاجم منها:
- الأوسط.
- والصغير.
- معجم الإمام الطبراني الكبير.
- معجم البلدان لأبي يعلى الموصلي.
طريقة الأبواب الجامعة للدين
وهي تكون في جمع كل ما يتعلق بجوامع أبواب الإسلام والشريعة ومن أشهر الكتب في هذه الطريقة، صحيح الإمام البخاري، وصحيح الإمام مسلم، وسنن الإمام الترمذي “الجامع الصحيح”، وغيرها.
طريقة الأبواب الفقهية
وهي طريقة جامعة يتم بها الالمام بالشريعة وما يتعلق بها والدين والتي يغلب عليها جمع الفقه الخاص بأحكام الصلاة والطهارة، والأنكحة، والصيام، البيوع والمعاملات، والحج والعمرة ومن أبرزها:
- سنن أبي داود السجستاني.
- سنن النسائي “المجتبى”.
- سنن ابن ماجه.
- الشافعي.
- الدارمي.
- البيهقي.
- الدارقطني.
طريقة الموضوعات
وهي ما يتم عن طريقها جمع كتاب ما يدور ما به من أحداث بموضوع ما لا تخرج عنه، مثل:
- الترغيب والترهيب للإمام المنذري.
- الزهد للإمام أحمد ولابن المبارك.
- الشمائل المحمدية للترمذي.
- رياض الصالحين للنووي.
طريقة الأحكام
يتم من خلالها جمع الكتب الجامعة لأحاديث الأحكام فقط دون أي شيء آخر، مثل:
- كتاب عمدة الأحكام.
- الأحكام الكبرى لعبد الغني المقدسي.
- الإلمام في أحاديث الأحكام لابن دقيق العيد.
- المنتقى للمجد ابن تيمية.
- بلوغ المرام للحافظ ابن حجر.
- شروحها كسبل السلام للصنعاني.
- نيل الأوطار للشوكاني.