عيوب نموذج بوشامب

نظرية المنهج

إن نظرية المنهج يقدرها العلماء تقديراً كبيراً حيث أنهم يرونها مهمة جداً فهي ممكن أن توفر مجموعة من الأدوات المفاهيمية لتحليل مقترحات للمناهج، للممارسة الجيدة وللتوجيه والإصلاح، فنجد أنها تأخذ حيزاً مهماً في عملية التخطيط التربوي، مع العلم أن اختصاصيو التوعية لاحظوا وجود صعوبات في استخدام الأساليب النظرية لجعلها دائمة التحليلات، ووجود التقييمات الدائمة والمراجعات للمناهج الدراسية، وأن تكون في ضوء مجالات مختلفة مثل المعلومات التكنولوجية وعلم اجتماع المعرفة.

فلتطوير الفهم الأساسي لنظرية المناهج يجب أن يتم توفير الأدوات اللازمة عند تحليل مقترحات المناهج، و أن يكون لها القدرة على وصف المنهج وتحليله وتوقع ننائجه، بالإضافة إلى إلقاء الضوء على الممارسة والتوجيه، وأن يكون لهذه النظرية مواقف واضحة ومحددة من عناصر المنهج الأساسية.

وإن مصادر الأدب التربوي تشير أن الدراسات التي اهتمت بالتنظير للمنهج قد كانت بداية بصورة بدائية بسيطة منذ عشرينات القرن العشرين، ويعتبر عام 1947 هو بداية الدراسات الفعلية في هذا المجال، حيث تم عقد أول مؤتمر لنظرية المنهج بجامعة شيكاغو، وتم نشر البحوث التي نوقشت فيه عام 1950، بعد ذلك صدر كتاب نظرية المنهج لبوشامب وقد تم ذلك عام 1961، وكان لهذا الكتاب أهمية كبيرة حيث أنه عمل على بلورة نظرية المنهج، وقدم بوشامب ورقتا العمل للمؤتمر القومي لجمعية الإشراف وتطوير المناهج في عام 1963 حيث تضمنت الورقة الأولى مناقشة بناء النظرية في المنهج، أما الورقة الثانية فكانت تدور حول دور الفلسفة في تطوير نظرية المنهج، وهنا نجد أن نماذج بناء المنهج الدراسي يعتبر بمثابة الإطار العملي الذي يعمل على الإرشاد والتوجيه المنبثقان من نظرية المنهج .[3]

نموذج بوشامب

عرّف بوشامب نظرية المنهج بأنها هي مجموعة من العبارات التي ترتبط مع بعضها البعض لتعطي معنى للمنهج الدراسي، ويتم ذلك عن طريق إبراز العلاقات التي تربط بين عناصره وتقويمه بالإضافة إلى استخدامه وتطويره، ففي عام 1981 اعترف جورج بوشامب بإجراءات المناهج الدراسية التي وصفها تايلر، وتتجلى هذه الإجراءات في عملية تحديد الأهداف بالإضافة إلى اختيار وتنظيم خبرات التعلم وتقويم برنامج المناهج، ثم قام نموذج تصميم بوشامب في تضمين عنصرين إضافيين، فالعنصر الأول يتضمن مجموعة القواعد التي تحدد كيفية استخدام المنهج الدراسي ووضع خطة التقييم التي تحددها، والعنصر الثاني هو الأبعاد الأساسية لبنود العنصرالأول، ويمتلك المنهج الدراسي وفق نموذج بوشامب على خصائص دراسية معينة وهي :

  • أن يكون هناك وثيقة مكتوبة تحتوي على عبارات تعمل على تحديد الأهداف للمدرسة التي تم تصميم المنهج لها.
  • أن تحتوي هذه الوثيقة على مجموعة ثقافية تتعلق بالمحتوى أو الموضوع الذي سيعمل على تحقيق أهداف المدرسة.
  • تحتوي على بيان يظهر فيه أن هذه الوثيقة ستستخدم في الإرشاد والتوجيه وتخطيط الاستراتيجيات التعليمية.
  • يجب أن تتضمن الوثيقة على تقييم مخطط له للخطة الموضوعة.

وهنا نستنتج من هذه الخصائص أن المنهج وفق نموذج بوشامب هو خطة مكتوبة تصور النطاق وخطوات ترتيب البرنامج التعليمي المتوقع تنفيذه في المدرسة، فهو يعمل على تحديد وإظهار الأهداف للمنهج التعليمي، ولم يكتفِ بالاهتمام في نموذجه على المحتوى الدراسي أو الخبرات التعليمية المخططة أو حتى سلسلة المخرجات التعليمية فقط بل عمل على تضمين الأبعاد جميعها التي اشتملت على تنظيم مكون من المتخصصين بالإضافة إلى الإجراءات المتعلقة بتصميمه وتنفيذه وتقويمه، فجوهر نموذجه يكمن في التعديل والتطوير للمنهج فهو يعتمد على المدخلات والعمليات بالإضافة إلى المخرجات.[2]

المجال الثقافي بنموذج بوشامب

تتكون المناهج الدراسية من جزء كبير يهتم بالمحتوى الثقافي، حيث أن بوشامب يصف المحتوى الثقافي بأنه يحتوي على مجالات أخرى كوجود اللغات والاتصالات والصحة بالإضافة إلى التربية البدنية والفنون الجميلة والتطبيقية، ولم ينسَ أن يشمل العلوم المختلفة مثل العلوم الطبيعية والاجتماعية وعلم الرياضيات، فإن المحتوى الثقافي يتم تحديده من خلال خصائص غير خصائص المواد الدراسية، فهذه الخصائص تشير إلى المكونات المعرفية والمكونات المؤثرة مضافاً لها مكون الاستفسار بالإضافة  إلى المهارات التي تتوافق مع مجالات تصنيف بلوم وتصنيف Krathwohl وغيرها من التصنيفات.

يتم تضمين مكونات المحتوى الثقافي بحيث يكون مرتبط بالأهداف السلوكية أثناء التخطيط التعليمي، وعادة ما يتم تنظيمها وتصنيفها من حيث التنظيم الإداري للمدرسة، فممكن أن تصننف بحسب المستويات الصفية (الابتدائية، المتوسطة، الثانوية)أو حسب السنوات الترتيبية.

أهمية نموذج بوشامب

يعتبر نموذج بوشامب أن المنهج هو كنظام حيث أن هذا النظام يمثل أحد أنظمة العملية التعليمية فهو يؤثر ويتأثر بها، ويجب الأخذ بتحليل النظم عند إعداد المناهج وتنفيذها لأن لذلك أهمية في:

  • النظرة المتكاملة لأسس بناء بناء المنهج ومكوناته.
  • التعرف على العلاقات المتبادلة بين العناصر المؤثر في المنهج مع مكوناته.
  • يساعد على التقويم المستمر لكل من مدخلات النظام وعملياته.[1]

سلبيات نموذج وفلسفة بوشامب

سنناقش في هذه الجزئية من المقال موقف الفلسفة الكانتية أو ما تسمى بفلسفة الواجب كما يعرضها بوشامب وتشيلدرس، ففلسفة الواجب تعرف حسب المفهوم الكانتي بأن لا يكذب الطبيب أو أي شخص في أي ظروف كانت لأن الكذب يعتبر رذيلة ويجب أن يعمل على تجنبها في كل الأحوال، ولو كان الصدق سيؤدي لقتل المريض أو أن الصدق سيؤدي إلى تحطم الأسرة، وهذا الموقف مرفوض رفضاً تاماً من الناحية العقلية والدينية لأن إنقاذ حياة شخص هي أهم من الكذبة فقد سمح الإسلام بالكذب في مثل هذه المواقف، مثلها ومثل إصلاح ذات البين، وهناك جوانب أخلاقية يجب أن يتحلى بها الطبيب مثل عدم إفشاء أسرار مريضه، وأن يتقبل رفض الأب مثلاً أن يتبرع بكليته لابنه، وبالتالي عدم اعتبار موقف الأب غير أخلاقي.[4]

نماذج المنهج التعليمة

هناك نماذج عديدة قامت لبناء وتطوير المناهج الدراسية فتكون

صناعة المناهج وتطويرها في ضوء النماذج

، حيث أن كان هدفها الأساسي هو إعطاء الترتيب والتعاقب والتبسيط لعملية البناء والتطوير ومن هذه النماذج:

نموذج رالف تايلور

ويعتبر من النماذج القديمة المعروفة التي اهتمت بتطوير المناهج، وقد عمل نموذج رالف على توصية مخططي المناهج أن يعملوا على اشتقاق الأهداف التعليمية بواسطة جمع المعلومات، ويكون هذا الجمع من خلال مصادر رئيسية وهي :

  • المتعلم
  • الحياة المعاصرة التي تكون خارج المدرسة
  • آراء المختصين.

وبعد أن يتم اشتقاق الأهداف العامة يجب على المخططين أن يعملوا على تنقية وتصفية هذه الأهداف بواسطة الفلسفة التربوية المتواجدة في المجتمع بالإضافة إلى سيكولوجية التعلم، ويشتمل نموذج تايلر على ثلاث أقسام وهي:

  • اختيار الخبرات التعليمية
  • تنظيم الخبرات التعليمية
  • تقويم الخبرات التعليمية

ومن عيوب نموذج رالف تايلور أنه يسير في اتجاه واحد خطي وإن حلقاته لا ترتبط مع بعضها البعض حيث أن الاتصال بين أطراف العملية التعليمية هي اتصال غير مباشر، بالإضافة إلى عدم وجود التغذية الراجعة ووضع التقويم في نهاية التخطيط مما جعله هدفاً وليس وسيلة يتم الإستعانة بها لتحسين العملية التعليمية.

نموذج هيلدا تابا

تعتقد هيلدا أن المنهج المدرسي يجب أن يخضع للتطوير من قبل المعلمين وليس من قبل خبراء في مؤسسات كبيرة، فتصرح أنه يمكن أن يطور المنهج من خلال تصميم الوحدات الدراسية من قِبل المعلمين، فهي تشدد على استخدام الطريقة الاستقرائية لتطوير المنهج، فعملت هيلدا تابا على إبراز العلاقة بين الحاجات ونواحي السلوك المراد تغييرها من ناحية وبالمقابل سلطت الضوء على الأهداف من جانب آخر، وقد اعتبرت هذه الحاجات والسلوك بأنها هي المصادر التي يتم من خلالها تحديد أهداف المنهج، ونجد أن اتجاه تابا هو اتجاه خطي وبالتالي تنسحب عليه العيوب التي تم ذكرها في نموذج تايلر.

نموذج ويلر

يتصف نموذج ويلر بالمرونة والاستمرار فهو نموذج دائري ويتكون من خمس خطوات رئيسية متسلسلة وهي:

  • تحديد الغايات والأهداف العامة والخاصة.
  • تحديد الخبرات التعليمية.
  • اختيار المحتوى.
  • تنظيم وتكامل الخبرات التعليمية والمحتوى.
  • اختيار وتطوير أنشطة ووسائل التقويم.

ونجد أن مميزات نموذج تايلر هي أن العملية التعليمية فيه تكون مستمرة دائرية مرتبطة مع بعضها البعض، ويتم اختيار المحتوى ضمن الأهداف الموجودة وطبيعتها، بالإضافة إلى وجود التكامل والتناسق بين كل محتوى مع الخبرات التعليمية، وأيضاً نجد أن من مميزاته هو التقويم الذي لا يعتبر نهائياً بل هو يتصل بالأهداف والغايات وببقية العناصر الأخرى على خلاف النماذج التي تم ذكرها سابقاً، فهو يختلف عن نموذج تايلور في استمرارية وتكاملية وتطور الأهداف وتنوعها.