تعريف الإيواء لغة واصطلاحا
المقصود بـ الإيواء
هو عبارة عن مصطلح يعبر عن الاقامة الدائمة، وحسن الاستقبال، وكذلك حسن الرعاية والإستقرار الإجتماعي والنفسي، و طلب الأمن والسند والراحة، أو بمعنى آخر ضم الإنسان غيره، واللجوء إلى مكان آمن يرجع إليه في أي وقت،وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز : “أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون” [1]
تعريف الإيواء في اللغة
كلمة الايواء مشتقة من مصدر آوى، وكلمة الايواء وأوي لهم نفس المعني، وتُعبر عن ضم الإنسان غيره الي نفس، مثل قول الله تعالي:(وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ).
أو بمعني آخر الاقامة في مكان أمن ، وقد قال الله تعالى :(فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ)، أي الإنضمام واللجوء إليه ،وقد يأتي بمعنى العودة ، مثل قول : أوى إلى اللَّه أي رجع الي الله، أوآوى إلى الفراش ، أي رجع وانضمّ إليه .
و المأوى هو كلّ مكان يأوي إليه شيء ما وقد يُعرف بمعنى الإنزال مثل قول: أويت فلاناً، ويعني أنزلته بك، أو بمعنى اللجوء، عندما يقال أن الإنسان أوي إلى مكان ما يعني لجأ إليه، ومنه قول الله تعالى: «قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُني مِنَ الْمَاءِ ».[2]
تعريف الإيواء في الاصطلاح
يستخدم الفقهاء الايواء بنفس المعنى اللغوي، وقد استعمل الفقهاء كلمة الإيواء بمعانيها المختلفة في أبواب متفرقة من الفقه، مثل ايواء اليتيم، ايواء الضيف، ايواء المشرد، ايواء اللقطة، ايواء الفار من الظالم، إيواء الجاني والجاسوس.
ويتم تقسيم الايواء الى:
- الإيواء الراجح.
- الإيواء المرجوح.
ماهو الإيواء الراجح
وقد قام الفقهاء بذكر بعض المصاديق للإيواء الراجح منها:
إيواء المسلم:
من المستحبات في الدين علاقة المسلم مع غيره، واللجوء إلى بعض في وقت الحاجة، فإذا رأي المسلم أخاه المسلم يُعاني من الجوع أوحتي كان عريانا ولا يملك مسكن يأوي إليه، فإن ايواءه والقيام باطعامه والاحسان اليه من أعظم الأفعال المستحبة، وفي الشرع إذا كان الانسان فقيراً أو ابن سبيل،يعتبر ذلك من مصاديق الإحسان و البر وفعل الخير الذي يؤمر به في شريعة الدين الاسلامي.
ويعتبر من أبرز المصاديق هنا هو إيواء الذرية النبوية،وأهل البيت عليهم جميعاً السلام، والمَن عند جميع الفقهاء ممدوحيه مودة ذرية النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، وعلى أهل بيته عليهم السلام،والتي كان من مصاديقها الصلة والإيواء كما أمر به بعض الفقهاء من ضمن وصيتهم لابنائهم.
و آية المودّة تدل على ذلك،وكذلك ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال:(إذا كان يوم القيامة نادى مناد : أيّها الخلائق ، أنصتوا فإنّ محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم يكلّمكم، فأنصت الخلائق، فيقوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيقول:
يا معشر الخلائق، من كانت له عندي يد أو منّة أو معروف فليقم حتى اكافئه، فيقولون: بآبائنا و امّهاتنا ، وأيّ يد وأيّ منّة وأيّ معروف لنا؟! بل اليد والمنّة والمعروف للَّه ولرسوله على جميع الخلائق، فيقول لهم: بلى من آوى أحداً من أهل بيتي، أو برّهم، أو كساهم من عري ، أو أشبع جائعهم فليقم حتى أكافئه، فيقوم اناس قد فعلوا ذلك، فيأتي النداء من عند اللَّه تعالى: يا محمّد يا حبيبي ، قد جعلت مكافأتهم إليك فأسكنهم من الجنّة حيث شئت)
إيواء اليتيم
: في الدين الاسلامي مستحب إيواء اليتامي من اطفال المسلمين، وكذلك الانفاق عليهم، وكل من صنائ المعروف، وأيضا من مصاديق توليهم وتولي جميع أمورهم، ويكون الثواب علي ذلك كما ورد عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام، في وصيّة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام فقد قال:(يا علي، أربع من كنّ فيه بنى اللَّه له بيتاً في الجنّة: من آوى اليتيم، ورحم الضعيف ، وأشفق على والديه ، ورفق بمملوكه ).
معنى الإيواء المرجوح
لقد ذكر بعض الفقهاء بعد الموارد التي يكون فيها الإيواء مرجوحاً، وأهمّها ما يلي:
إيواء الجاسوس والمحارب:
لقد صرح الفقهاء بتحريم إيواء أعداء الاسلام،أو الجاسوس المشرك، وذلك نتيجة للأضرار التي قد يلحقها بالمسلمين ومصالحهم العليا، ففي حالة إيواء الجواسيس واعداء الاسلام يكون هذا الإيواء سكن لهم ومصدر للامن والاستقرار، مما قد يهيء لهم القيام بالمهام العدوانية التي سوف يقوم بها، كذلك ايوائهم يعتبر إعانة على الإثم والعدوان، وفي العموم صرح الفقهاء بوجوب تسليمهم الى ولاة الامر لمعاقبتهم وذلك للحد من الأضرار التي تضر بمصلحة المسلمين، وقد ذكر الفقهاء أن من شروط الذمة ترك ايواء الجواسيس وعيون المشركين، كما لو حدث وأن أخل أهل الذمة بذلك فقد انفسخ العقد معهم، وذلك لما يكون في ايوائهم له الحق في إعلان الحرب وكذلك كسر قواعد المعاهد والعهد عرفا وعقلائياً.
ولا يُسمح لعيون المشركين وكذلك اعداء الاسلام ايوائهم لي اي مكان ولا يكون لهم استقرار علؤ وجه الارض حتي يموت، وذلك لصحيحة حنان عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قول اللَّه عزّ وجلّ: «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ»، قال:(لا يبايع ولا يؤوى ولا يتصدّق عليه).
إيواء الملتجئ إلى الحرم
: قد ذكر في القرآن الكريم على أن الحرم مكان آمن، ولا يجوز هتك حرمته بأي شكل من الأشكال،وذلك لقول الله تعالى (وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً) وعلى ذلك لا يقام الحد مطلقا على من قد التجأ إليه، وذلك التزاماً بهذا المبدأ العام الذي لا مخصّص له، وعلى ذلك قد أجمع الفقهاء علي أن من أحدث ما يوجب حدّاً أو تعزيراً أو قصاصاً والتجأ إلى الحرم لا يأوي حتى يخرج من الحرم، فيتم أخذه ثم يقام عليه الحدّ، واستدل على ذلك أيضاً بصحيحة معاوية بن عمّار عن الإمام الصادق عليه السلام:(لا يطعم ولا يسقى ولا يبايع ولا يأوي حتى يخرج من الحرم)، و يعني ذلك أن عدم إيوائه أو القيام إطعامه لا يخرجه عن حالة الأمن التي فيها داخل الحرم لكنه يجبره على الخروج من الحرم، وبالتالي يحقّق موضوع جواز إلقاء القبض عليه وكذلك إنزال العقاب عليه.
إيواء العاصي:
قد صرح الفقهاء بعدم تحريم إيواء العصاة من المسلملين أو حتي غير المسلمين، وكذلك ذكر صرح بعض من الفقهاء المعاصرين تحريم إيواء المغنّية لأجل غنائها و كذلك تسهيل عملها المحرّم؛ وذلك لرواية نصر بن قابوس، قال: سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول:(والمغنّية ملعونة ، ومن آواها ملعون، وآكل كسبها ملعون).
إيواء القمامة في البيت:
بعض من الفقهاء قد صرحوا بكراهة إيواء القمامة داخل البيت خصوصا خلف الباب، وذلك لما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام :(لا تؤوا التراب خلف الباب؛ فإنّه مأوى الشياطين)، وقد ورد أيضاً في رواية اخرى عدم إيواء منديل اللحم داخل البيت.
الوضوء عند الإيواء للفراش:
وقد صرح جماعة من الفقهاء باستحباب الوضوء عند الذهاب او الإيواء للفراش وذلك عن رواية محمد بن كردوس عن رسول الله عليه السلام قال:(من تطهّر ثمّ آوى إلى فراشه بات وفراشه كمسجده)، وهناك أيضاً بعض من الفقهاء قد ذكروا أنّه إذا آوى إلى فراشه ثمّ ذكر أنّه ليس على وضوء جاز له التيمّم رجاءً وإن تمكّن من استعمال الماء، ومعنى ذلك أنّه يتيمّم من دثاره ، لا أن يتيمّم قبل دخوله في فراشه متعمّداً مع إمكان الوضوء.[2]