تعريف الشعر المهجري وخصائصه  

تعريف الشعر المهجري

لقد قامت مدرسة المهجر على أيدي الأدباء العرب ، المهاجرين من بلاد الشام إلى الأمريكتين ؛ الشمالية ، والجنوبية ، حيث قاموا بتكوين روابط ، وجمعيات أدبية ، والتي كان أبرزها ، العصبة الأندلسية ، و

الرابطة القلمية


.

ولقد لعب شعراء هذه المدرسة ، دورا كبيرا في نهضة العربي منذ مطلع القرن العشرين ، وقامو بالتجديد فيه ، حيث اتاحوا للشعر العربي ، الانفتاح على التجارب الأدبية الريادية.

والشعر المهجري ، شعر عربي في ثوبه الجديد ، متكرر من الجمود ، والالفاظ االمقيدة ، كما أنه يمثل طاقة كبيرة من الصور ، والمشاعر ، والاخيلة.

فلقد نبذ شعر المهجر أغراض الشعر القديمة ، مؤكدا على أهمية الصدق النفسي في الشعر ، والقيمة الثقافية في تكوين الشاعر ، وتعميق رؤيته الحياتية ، حتى يكون الشعر عبارة عن الفضاء ذاتي ، او انعكاس لعالم الشاعر الداخلي.

كما ابتعد شعر المهجر عن تناول العالم بطريقة موضوعية ، وكذلك تجنب الاغراض التقليدية ، مما أدى إلى توسع المجالات للرؤية الشعرية.

ولقد قامت جمعيات ، وروابط مدرسة المهجر ، وبالأخص ، الرابطة القلمية ، والتي من أبرز شعرائها ؛ ايليا ابو ماضي ، جبران خليل جبران ، نسيب عريضة ، ميخائيل نعيمة ، بالثورة على الشعر التقليدي ، داعية إلى التجديد في الشعر شكلا ، ومضمونا.

بينما كانت العصبة الأندلسية ، والتي قام لتأسيسها ؛ ميشيل معلوف ، أكثر حفاظا على القديم ، والربط بين الشعر الحديث ، والقديم

سمات شعر المهجر

يعتبر الادب العربي تحول كبير في تاريخ الادب العربي ، كونه نتاج الكتاب ، والشعراء الذين اتسمت أعمالهم بالجمال ، والرقة ، والعذوبة ، بالإضافة إلى اتسامه بالعديد من الخصائص المميزة ، وبالأخص الشعر المهجرين.

حيث أن الشعر المهجري تميزه سمات ، كانت سببا في تبوئه مركزا مرموقة في النهضة الحديثة ، حيث تعمق الشعراء المهجرين في فن الشعر ، وكتبوا عن كل الأغراض ، حيث يتميز بعناصر حية تتلخص في تسع مزايا كبرى ، وهم كما يلي :

  • التحرر التام من قيود القديم.
  • الاسلوب الفني والطابع الشخصي المميز.
  • الحنين إلى الوطن.
  • عمق الشعور بالطبيعة.
  • التأمل.
  • النزعة الإنسانية.
  • العناية الرقيقة في الشعر.
  • براعة التعبير والوصف.
  • الحرية الدينية.

كما تميز شعراء المهجر في الشعر ، ووصف الألم ، والتأمل ، والطبيعة ، والبكاء ، والحيرة ، كما أنهم قاموا بتنظيم القصة الشعرية ، والدعوة في قصائد الحنين إلى الوطن ، وقد غلب على الشعر المهجري بعض الطوابع الآتية :

  • الطابع العاطفي ؛ الذي تجلى في شدة رقة العاطفة ، حيث الشوق ، والحنين إلى الوطن البعيد.
  • الطابع الروحي ؛ ويتمثل في مناجاة الهلل، وحب للطبيعة ، والهيام بالجمال.
  • الطابع التأملي ؛ كما يظهر في ” الطلاسم ” لأبي ماضي.
  • الطابع القومي ؛ ومثالا عليه ، كما نرى في وطنيات أبي شادي ، والقروي ، وفرحات.
  • الطابع الإنساني ؛ ويكثر في شهر المهجر.

شرح خصائص الشعر المهجري

لقد تميز شعر المهجر عن غيره من اشعار المدارس الأخرى ، بسماته ، وخصائصه المختلفة ؛ حيث يوجد خصائص متعلقة بالقتال التعبيري ، وأخرى خاصة بالموضوع ، وسوف نتناول هذه الخصائص بالشرح المفصل فيما يلي :

خصائص القالب التعبيري


  • التحرر من قيود القديم

حيث أن المدرسة المهجرية قامت بالظهور بخصائصها المميزة ، وعناصرها الحية ، وثورتها على كل قديم لا يساير العصر ، والحياة ، فتحررت من الأساليب التعبيرية القديمة ، وقيود الألفاظ ، فدعت مدرسة المهجر إلى التجديد في القالب الشعري.


  • الاسلوب الفني والطابع الشخصي

حيث أن لكل شاعر طابعه الخاص به ، والذي يميزه عن غيره ، حيث يولي كل شاعر أهمية التعبير عما بداخله ، متأثرا بما يحيطه ، كما يتفاعل الشاعر مع الطبيعة بشكل كبير ، ويحن إلى وطنه بطريقة جامحة.

جوهر العمل الأدبي


  • الحنين إلى الوطن

دائما ما يشعر المغترب عن بلده بالحنين إليه ، حتى وإن عانى فيه من الظلم ، والبؤس ، والجوع ، وكان شعراء المهجر خير دليل على هذا ، فبالرغم من نجاحهم ، وجنيهم المال ، والشرف ، إلا أنهم يشعرون بالحنين إلى أوطانهم ، متحسرين على ما آلت إليه الظروف.

ويتضح في شعر المهجرين ، حنينهم اللامحدود لأوطانهم ، والممزوج بصدق المشاعر ، والإبداع ، والعذوبة ، ومن أمثلة شعر الحنين للوطن عند شعراء المهجر ، قول نسيب عريضة ، في حنينه إلى مدينته حمص :

يا جارة العاصي لديك السؤدد *  لبنان دونك ساجد متعبد

هو عاشق من دمعه له مورد  * وارحمتا لمتيم مصفود


  • التأمل

وهو المنهج الذي اتخذه شعر المهجر ، حيث اطال شعراء المهجر النظر في ذواتهم ، وما حولهم من الكائنات ،كما أنهم انشغلوا بما يوجد في أعماق النفس ، وانشغلوا بمشاكل الوجود ، وقضايا الفناء والخلود ، ومن ذلك شعر أبي ماضي التأملي ، حيث يقول في الطلاسم :

جئت لا اعلم من اين ولكني اتيت

ولقد أبصرت قدماي طريقا ، فمشيت

وسأبقى سائرا إن شئت هذا ام ابيت

كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟ لست ادري!


  • النزعة الإنسانية

ومن الأمور التي ميزت شعراء المهجر هي ؛

النزعة الانسانية في الشعر المهجري

، حيث حمل أسمى المعاني الإنسانية من ، نشر المثل العليا ، والمبادئ ، والرحمة ، والمحبة ، وكان هدفها سعادة البشرية ، ومن ذلك يقول إيليا أبي ابو ماضي في قصيدته ” ابتسم ” :

قال : السماء كئيبة وتجهما  * قلت ابتسم يكفي التجهم في السما

قال : الليالي جرعتني علقما *  قلت : ابتسم ولئن جرعت العلقما


  • حب الطبيعة

لشعراء المهجر كانوا من عشاق الطبيعة ، فنجد أن شعر الطبيعة لديهم يكون ممتزج بمظاهرها ، كما أنه يعبر عن كل ما يشعر به الشاعر من الم ، وشوق ، وحزن ، وهموم.


  • البساطة في التعبير والرقة الغنائية

لقد تميز الشعر المهجري برقة ألفاظه ، وعدم تكلف اللغة ، حيث كان اعتماده الملئ على البساطة ، والرقة ، وجدير بالذكر أن هذا لم يكن هربا من تكاليف الشعر ، وانما كان راسخ في عقول المهجرين ، ان الشعر عبارة عن فن للحياة ، وان الرقة ، والبساطة ، والعناية هي أصل الشعر ، مما ساهم في ايصال شعرهم إلى كافة الناس ، ومن أمثلة هذا ، قول أبو ماضي في قصيدة له بعنوان ” شاعر الشهور ” :

آيار، يا شاعر الشهور وبسمة الحب في الدهور

وخالق الزهر في الروابي وخالق العطر في الزهور


  • الحرية الدينية

وهي أحد العوامل التي جعلت للأدب المهجري عموما ، وللشعر المهجري خصوصا ميزة خاصة ، عن طريق ما تنشره من معاني التسامح في الدين ، والدعوة إلى الحرية في مختلف المعتقدات ، بالرغم من اختلاف مذاهب الشعراء الدينية.

ومن الشعراء المهجريين الذين كان لهم رأيهم الصريح في الدين ، هو جبران خليل جبران ، وليليا ابو ماضي ، فيقول :

فديني كدين الروض يعبق بالشذا * ولو لم يكن فيه سوى اللص منسلا

فكم هش للأنسام والنور والندى * وآوى إليه الطير والذر والنمال

وديني الذي اختار الغدير لنفسه * ويا حسن ما اختار الغدير وما أحلى


  • براعة الوصف والتصوير

حيث أنها ميزة من مميزات الشعر المهجرين ، والتي تتميز باللطف ، والرقة ، والجمال ، وتترك في النفس آثار عميقة ، فلقد جمع شعراء المهجر بين العاطفة الجياشة والفكر الموجه ، وعمق التجربة ، والخيال ، ومن هذه الصور الجميلة قول أبو ماضي :

دمية حسناء تغري النظرا * أم ملاك طاهر فوق الثرى

طفلة ساذجة أطهر من * زهرة الروض وأنقى جوهرا

شرفت أصال وطابت عنصرا *  وارتقت نفسا ، وراقت منظرا