تعريف شعر الحنين إلى الأوطان

ما هو شعر الحنين للوطن

منذ عرف العرب الشعر عرفوا شعر الحنين إلى الوطن ، و نظموه ، وصالوا في دروبه ، وطرقاته بيد أنهم لما فعلوا ذلك كانت مجرد نفحات في أشعارهم ، ولم تكن هذه الأبيات غرضا شعريا في ذاتها ، منفصلا في مبانيه و معانيه ، وكانت أشعارهم في الحنين للوطن مجرد خواطر تجول في حياء في أرجاء القصيدة ، ولكن مع تطور الأحداث السياسية والاقتصادية ، والاجتماعية ، والثقافية في الوطن العربي ، زاد التوجه الخاص بالكتابة عن الوطن ، و الحنين إليه.

يعرف شعر الحنين إلى الوطن بأنه نوع من الفن ، وفرع من الشعر العربي ، و غرض من أغراضه القديمة في الفكرة ، والحديثة في الغرض ، يتحدث عن الشوق إلى الوطن ، والتوق إلى رؤيته.

والحنين إلى الأوطان ، هي حالة شعورية تنتاب الإنسان الذي يبتعد عن وطنه ، ويسافر مغتربا ،  أو مهاجرا ، ولا يتوقف الأمر على الفترة التي يغيبها الإنسان عن وطنه ، لكن ربما تتغير شدة الحنين إلى الأوطان حسب سن المغترب عن وطنه أو جنسه ، مدى ارتباطه بوطنه و أهله ، والحالة التي ترك لأجلها الوطن ، وبعض العوامل الأخرى.

خصائص شعر الحنين إلى الأوطان

و يتميز شعر الحنين إلى الأوطان ببعض الميزات والخصائص ، التي تجعله مختلف عن غيره ، ومن هذه الميزات والخصائص ما يلي :

  • الشوق إلى الوطن.
  • سرد المشاعر تجاه الوطن.
  • تعديد مزايا الوطن.
  • صدق المشاعر والأحاسيس في شعر الحنين إلى الوطن.
  • سمة الحزن التي تغلف الشوق للوطن.
  • التأثر بفراق الأحبة والأهل.
  • اشتماله على لمحات إنسانية.
  • الأمنيات والأحلام بالعودة واللقاء.

و من أشهر ما كتبه الشعراء في

قصائد الحنين إلى الوطن


،

كانت

قصيدة الحنين إلى الوطن لأحمد شوقى

، و غيرها من القصائد و غيره من الشعراء ، من هذه الأشعار الأبيات التالية للشاعر القروي :

وطنٌ ولكنْ للغريبِ وأمةٌ  *  ملهى الطغاةِ وملعبُ الأضدادِ

يا أمةً أعيتْ لطولِ جهادِها  *  أسكونُ موتٍ أم سكونُ رُقادِ؟

يا موطنا عاثَ الذئابُ بأرضهِ  *  عهدي بأنكَ مربضُ الآسادِ

ماذا التمهلُ في المسير كأننا  *  نمشي على حَسَكٍ وشَوْكِ قتادِ؟

هل نلتقي يوما وملءُ نفوسِنا  *  وجلُ المسوقِ وذلةُ المنقادِ؟

هل نرقى يوماً وحشورُ رجالِنا  *  ضعفُ الشيوخِ وخفةُ الأولادِ؟

واهًا لأصفادِ الحديدِ فإِننا  *  من آفةِ التفريقِ في أصفادِ

الحنين إلى الوطن في بلاد الأندلس

الحنين إلى الوطن من المشاعر الرقيقة التي تغلب على الإنسان المغترب ، تؤثر في مشاعره وأفكاره ، وتبث في القلب الشجون ، والأحاسيس ، ويزداد الأمر تأثراً ورقة كلما كان الحنين متدفق من فنان ، وخاصة إذا كان شاعر ، يستخدم الكلمات و يبث في الأذهان أشعاره ، محدثاً ذاك الأثر العميق ، موضحا ما للحنين في قلبه من أثر وما به من شوق.

وكما كان للعرب في المشرق نظما في الشعر خاضوا بحورها ، كان كذلك شعراء الأندلس في الشعر ، عالم تميزوا فيه وصاغوا أروع المعاني وأرق الأبيات ، وبثوا حنينهم وشوقهم إلى أوطانهم بكل الرقة والعذوبة التي تليق مع جلال وحب الوطن ، ومن الشعراء الذين بثوا أشواقهم وحنينهم إلى أوطانهم القاضي، أبو عبد الله محمد بن أبي عيسى ، أبو بكر محمد بن أزرق ، ابن دراج القسطلي.

الشاعر ابن زيدون يحكي عن أيامه و عن ماضي شبابه و وطنه في الأبيات :

على الثَّغَبِ الشهديِّ مني تَحَّيةٌ – ذَكَتْ وَعَلَى وَادي العقيق سَلامُ

ولا زال نَوْرٌ في الرُّصافةِ ضاحكٌ – بأرجائها يَبْكي عَلَيْه غَمَامُ

مَعاهد لَهْوٍ لم تزل في ظِلَالهِا – تُدَارُ عليه للمُجونِ مُدامُ

فإنْ بانَ منِّي عهدُها فبِلَوْعةٍ – يُشَبُّ لها بَيْن الضُّلُوع ضِرامُ

تَذكَّرتُ أيامي بها فتبادرتْ – دُموعٌ كما خان الفريدَ نظامُ


شعراء شعر الحنين إلى الأوطان

وقد كان لكثير من الشعراء باع في شعر الحنين إلى الأوطان ، وخاصة شعراء العصر الحديث ، وتميزوا في ذلك و اشتهروا بروائع قصائدهم والتي اختلفت أسباب غربتهم عن أوطانهم تبعا لظروف كل منهم ، و قد كان لشعراء مصر ، وسوريا ، والشام عموما نصيب من هذا الشعر مثل

أحمد شوقي


،

وبعض

أقوال محمود درويش عن الوطن


،

و هذه بعض النماذج لبعض من مشاهير الشعراء :

حافظ إبراهيم


حافظ إبراهيم

هو شاعر مصري لقب بشاعر النيل ، تميز شعره بالبساطة، سافر إلى السودان وعاد وعاش شعور الحنين إلى الوطن وأبدع في قصائده حيث يقول :

لمصر أم لربوع الشام تنتسب-هنا العلا وهناك المجد والحسب

ركنان للشرق لازالت ربوعها-قلب الهلال عليهما خافق يجب

خدران للضاد لم تهتك سترها-ولا تحول عن مغناهـما الأدب

يرغبان عن الحسنى وبينهما-في رائعات المعالي ذلك النسب؟ [1]

إيليا أبو ماضي

الشاعر

إيليا أبو ماضي

شاعر عربي لبناني ، اغترب عن وطنه لبنان وعاش بعيدا وتوفى في نيويورك ويقول :

أرضُ آبائنا عليكِ سلامٌ

أرضُ آبائِنا عَليكِ سَلامٌ وسَقَى الله أنفُسَ الآباءِ

ما هَجرنَاكِ إذ هَجرنَاكِ طَوعاً لا تَظُنِّي العُقوقَ في الأبْنَاءِ

يُسأمُ الخُلدُ والحياةُ نَعيمٌ أفترضَى الخُلودَ في البَأساءِ؟

ليست الغربة إلا غربة الجسد!

جُعتُ والخبزُ وفيرٌ في وِطابي والسَنا حَولي وروحي في ضَبابِ

وشَرِبتُ الماءَ عَذباً سائِغاً وكأَنّي لم أَذُق غَيرَ سَرابِ

حيَرةٌ لَيسَ لَها مَثلٌ سِوى حَيرةِ الزورَقِ في طاغي العُبابِ

رشيد سليم الخوري

شاعر عربي لبناني ، عاش في المهجر في البرازيل قبل أن يعود إلى وطنه ويقول :

يا نَسِيم البَحرِ البَليلَ سَلامُ زارَكَ اليومَ صَبُّكَ المُسْتَهامُ

إنْ تَكُنْ ما عَرَفْتَني فَلَكَ العُذْرُ فقدْ غَيَّرَ المُحِبَّ السِّقامُ

أَوَلا تَذْكُرُ الغُلامَ رَشيداً إننّي يا نَسيمُ ذاكَ الغلامُ

طالَما زُرْتَني إذا انْتَصَفَ الليلُ بِلُبنانَ والأَنامُ نِيامُ

ورَفَعْتَ الغِطاءَ عنّي قليلاً فأَحَسَّتْ بِمَزْحِكَ الأَقدامُ

وتَنَبَّهْتُ فاتِحاً لكَ صَدْراً شبَّ فيهِ إلى لِقاكَ ضِرامُ

فَتَغَلْغَلْتَ في الأضلاعِ أَنفاساً لِطافاً تَهْفو إليها العِظامُ

ناصر ثابت

وهو شاعر فلسطيني عاش في أمريكا ويقول :

في غربتي الصماءْ ينتابني – شوقٌ عظيم جارفٌ إليكْ

ورغبةٌ في الحزنِ والبكاءْ ينتابني – شوقُ العذابات التي تطرزُ الرسائلَ المعتقة

بالورد والدموع والحنَّاء – شوقُ الخريفِ للتجلي في متاهات القمر

وشوقُ لحظةِ الفراق للولوج في مشاعر البشرْ – ولهفةُ القلوبِ إذ تستقبلُ الدماءْ

ينتابني شوقٌ كشوقِ العاشق الصوفي للسماء يا وطني

لا تقبلِ الأعذارَ من بنيك – فبعضهم من أجل شيءٍ تافه نسوك

وبعضهم من أجل شيء تافه باعوك ولم يعدْ – من بينهم – يظهر بعدَ اليومِ

مَنْ بروحه يفديكْ – يا وطني [2]