مميزات المثل والحكمة من حيث الصوغ الفني
ما معنى المثل والحكمة
المثل:
هو قول مأثور يؤخد عن السلف والخلف وهو كلام يقال عند المرور في حادثة معينة أو مناسبة خاصة ثم يتم ترديده في المناسبات التي تشبه هذا المثل ويتناقل الناس هذا المثل عند الأجداد منذ أقدم العصور ويوجد الكثير من الأمثال المنتشرة والتي يتم استخدامها من كافة شرائح المجتمع تذكيراً بقائلها وتمجيداً للأجداد.
قد يحوي المثل في الكثير من الأحيان على الحكمة وهذا ما يفسر ارتباطهما ببعضهما البعض.
الحكمة:
وهي قول يحوي على رأي حكيم لتجربة قام بها وحدد الصواب فيها من الخطأ والحق من الباطل كما أنها عبارات تمثل خلاصة تجربة حياة بعض الناس فيتم عرض رأيهم وتسميتهم بالحكماء نتيجة لصواب رأيهم وكان للحكمة في الزمن القديم دور يشبه دور الشعر آنذاك.
الحكمة تنتج عن خبرة وخضرمة وفلسفة في الحياة ودراية عالية بالموقف وطريقة حله كما أن الحكيم لديه رؤية ثاقبة في حل الأمور وهذا نوع من أنواع الفراسة.
الخصائص الفنية في الحكم والأمثال العربية
تتعدد
خصائص المثل والحكمة
وهذه من أهم الخصائص الفنية في الأمثال والحكم:[1]
- التصوير والتشخيص: هي أبرز سمات الأمثال والحكمة وقد استعان مبدعوا الأمثال والحكم بالعديد من الوسائط الحسية وبالعنصرين البشري والحيواني وبمظاهر الطبيعة واعتمدوا على التصوير واستغلوا هذه المكونات الحسية وقرنوها بالمفاهيم المجردة كالخير والشر والبخل والكرم والحسد والكثير من المفاهيم المجردة الأخرى واستخدموا المحاكة البلاغية والرموز المجردة والسرد القصصي والاستعارات المجازية فكانت ناتجة عن حكمة وبلاغة فنية.
- الموسيقا الداخلية والتنوع الإيقاعي فتحوي الامثال والحكم على قافية وجناس وطباق وتكرار وسجع وتقسيم زمني للوحدات الكلامية ما يفسر علاقتها بالبلاغة.
- التنوع في الأسلوب والبناء فقد كانت الأمثال والحكم ناتجة عن ظواهر معجمية إبداعية بأسلوب راقٍ فكانت تنتمي إلى مجال البيئة المحيطة بها ما يجعلها سهلة ومفهومة واستخدام المفردات استخدام مجازي يخرج بها عن الأصل واستغل المبدع هنا التضاد بغرض إيضاح الفكرة والتصوير لها بهدف الإمتاع عند سماعها، كما استخدموا العدول من أجل إخراج تركيب وفق قواعد اللغة وسننها وتنوع في الأسلوب ففاد في بناء التنوع والعدول عن طريق التقديم والتأخير والحذف وإطلاق المفاعيل.
- التكثيف والاستدلال والإيحاء: وهذه السمة الفنية مسترسلة من الفنون السابقة فلا تتحقق التكثيف والاستدلال والإيحاء إلا من بناء النص على عناصر فنية معينة فيتحقق الإيجاز وتتكثف الدلالة ويوحي إلى الموضوع مما يجعل الأمثال والحكم فناً يتسم في الإيجاز وكثافة التعبير وغرابة الاستدلال وقوة الدلالة وجماليتها.
- الرمز: تعد الأمثال والحكم رمزاً من رموز التعبير نظراً لقدرة المبدع فيها على القدرة الكبيرة في التصوير وعلاقتها بالعادات والمعتقدات وتقاليد المجتمع وتتسم أيضاً بأنها مختزلة كمغزى القصة وكثيفة بالمعنى وتأثيرها في الإحساس وارتباطها بتاريخ المجتمع وتراثه.
- المحاكاة: تظهر المحاكاة والتقليد في التعبير عن المحيط وتقليد القدامى فوجد خلال الحكم والأمثال على الكثير من الأنماط وهي محاكاة صادقة ومحاكاة الإمكان ومحاكاة الاستلهام والمحاكاة التخيلية.
- السرد والحكاية: فتطرق الأمثال والحكم إلى السرد والحكاية وتناول القضايا الاجتماعية وقد تجلى السرد في الأمثال والحكم في مجتمع ميداني من خلال عاداته وتقاليده وأساليبه القولية وعاداته الاجتماعية وآراءه ومعتقداته.
أهمية الأمثال والحكم
أن الأمثال والحكم العربية لها أهمية كبرى ومكانة مرموقة في العرب القدامى فعي خلاصة لتجارب القدامى وحكمتهم، فكانت الأمثال والحكم تصف أحوالهم الفكرية والاجتماعية والأدبية والثقافية والتاريخية والوطنية والأخلاقية أي أنها كانت تتناول كل جوانب الحياة لديهم، كما أنها كانت تترجم واقعهم وآمالهم وآلامهم، في عبارات بليغة وفصيحة، فالأمثال والحكم هي صوت الأمة القوي وقلبها النابض وضميرها الحي الذي لا يموت وعقلها الواعي، فالأمثال والحكم هي الشواهد المعنوية وخاصية العقل ولبه وثمرته.
كانوا العرب ذووا نفوس حساسة وغيرة وأصحاب ارتجال وبديه وكانوا مشهورون بالفصاحة والبلاغة وسجع الكهان الذي كان بديل للشعر آنذاك ومع تطور العصور ابتدعوا نوع جديد من البلاغة وهو الحكمة والأمثال واستخدموها في كل مجال من المجالات المختلفة، فلا يخلو موقف من حياتهم إلا وقرنوه بمثل أو حكمة ولا تخلو خطبة مشهورة ولا قصيدة سائرة من مثل وحكمة رائعة مؤثرة في حياتنا وتناقلت عبر الأجيال حتى وصلت إلينا بشكلها الحالي.
أوجه التشابه والاختلاف بين المثل والحكمة
بأن المثل والحكمة مرتبطان ببعضهما البعض فكثير من الأمثال تحوي على حكمة كبيرة ورغم ارتباطهما ببعضهما البعض إلا أن يوجد بينهما الكثير من الاختلافات الجوهرية ويكمن
الفرق بين الأمثال والحكم
بما يلي :
- تنشأ الأمثال من تجارب الناس فتأتي بمغزى يشبه الحكمة أما الحكمة فهس نتيجة رأي صائب لشخص ما (مخضرم أو حكيم).
- تستخدم الأمثال في المناسبات الشعبية التي تشبه المناسبة المحكي فيها المثل أما الحكمة فتحكى في كل الأوقات.
- المثل موجز مختصر أما الحكمة نتيجة دراسة للواقع ورؤية تأملية تجريدية للواقع.
- الحكمة توازن بين الأمور للوصول إلى رأي صائب بينما المثل يؤخذ لموقف ومناسبة معينة وينتشر بين الناس.
- الحكمة ناتجة عن بلاغة العرب أما المثل فناتج عن تجارب الناس.
- الحكمة قول موجز ومختصر والمثل يقترن بقصة أدت إليه.
- الحكمة نابعة من واقع المجتمع التي كان يعيش فيها قائلها وعن معاناته وتجاربه بالحياة والمثل يصدر غالباً من جماعة خاصة من الناس لها خبرتها وتجاربها وثقافتها وحكمتها في الحياة.
سبب انتشار المثل والحكمة
يوجد الكثير من الأسباب التي أدت إلى انتشار الأمثال والحكم بين العرب فكان معروف عن حكمة العرب ودهائهم قديماً وكان العرب قديماً يستخدمون السجع كطريقة يتحدثون بها بين بعضهم وكانوا أيضاً مشهورين بكثرة الشعراء على مر العصور وأرادوا العرب آنذاك ابتداع أسلوب جديد لشد الناس لعلمهم فابتدعوا المثل والحكمة ومن أهم أسباب انتشار الحكمة والمثل هي:
- حكمة العرب القدامى واقتدارهم وذلك لكثرة التجارب التي مروا فيها ما دفعهم لاستخلاص الموعظة ونشرها بين الناس.
- كانت الأمثال والحكم بصفة تدوين أو تاريخ للقصص والأحداث التي مروا بيها آنذاك ما زاد من انتشارها بشكل سريع.
- حب العرب للبلاغة والتشابيه فكانت هذه الأمثال والحكم كملخص بلاغي تناقله الناس وصولاً لعصرنا الحالي.
- التباين بين طبقات المجتمع فكان هناك تباين في ثقافات طبقات المجتمع حيث كان يوجد في زمن الاحتلال حكماء وفقهاء وأميون مما شجع على انتشار هذه الحكم بشكل كبير بين الناس وتناقلها بينهم.
- فن جديد غير مألوف فلم يعرف هذا الفن من قبل كان منتشر الشعر والسجع وجاء هذا الفن بجمل قصيرة نحوي على إيقاع وشبيهة بالفنون القديمة مما شجع كل فئات المجتمع آنذاك على حفظها وتناقلها.
الهدف من المثل والحكمة
كانت الحكمة والمثل كنوع من أنواع تدوين التاريخ بطريقة سهلة ووصوله لأكبر فئة من فئات المجتمع فكان يسهل على أي أحد حفظ الحكمة والمثل ونقلها من مكان إلى آخر وسعر العرب القدامى إلى تعليم هذه الحكم والأمثال لأبنائهم كما أن المخطوطات التاريخية لوحظ فيها جمع الحكم وتدوينها لكي لا تضيع ويضمن لهم توارثها وتناقلها عبر الأجيال من كثرة اهتمامهم بها.[1]