اسباب ظهور الرومانسية في الشعر العربي
الرومانسية في الشعر العربي
على عكس
تعريف الغزل
في العصور السابقة ، فلقد عرفت الرومانسية لدى العرب على أنها ، مذهب ادبي حديث تم ظهوره بسبب تعقيدات المذهب الكلاسيكي ، والذي أدى الى نزوع ذاتي لاستنطاق الانا ، وتغليب التصور.
وقد كان
شعر الغزل
، جزء لا يتجزأ من مذهب الرومانسية ، حيث كانت الرومانسية تعتبر مخاصمة للواقع ، ومصالحة للعالم الحالم.
لقد تأثر الادب العربي بالرومانسية الغربية بشكل كبير ، حيث تجد أنهم يتفقون في السمات العامة ، والتي تكون خاصة بالنظرة إلى الفن الادبي إذ أن ؛
-
النزعة الذاتية تسيطر في كتابات
الحب و الغزل في الشعر العربي
. - الشعراء العرب كانوا يحتفون بالنفس الإنسانية ، ويقدسونها.
- الشعراء العرب كانوا يجدون الألم الذاتي ، والإنساني ، ويلجأوون إلى الطبيعة في كتاباتهم.
-
عواطف الشعراء العرب الذاتية جاءت متباينة مع الغرب ، حيث نلمح فيها الفرح الغامر عند البعض ، بينما نشعر بالتشاؤم ، والسوداوية لدى البعض الآخر منهم ، وهو من
خصائص المدرسة الرومانسية في الأدب العربي
.
عوامل ظهور الرومانسية في الشعر العربي
يرجع ظهور المذهب الرومانسي في الشعر إلى العديد من الأسباب ، من الممكن تلخيصها كما يلي : [1] ، [2]
- ظهور النقد ، ورفض منهج المدرسة الكلاسيكية.
- اتصال العرب بالثقافة الغربية من خلال سفر البعثات بالخارج.
- ظهور الترجمات ، ومطالعة الادب الغربي.
- زيادة الرغبة في التعبير عن الذاتية ، والشخصية المستقلة ، والوجدانية.
- الظروف المحيطة بسبب الاستعمار ، والتوجه نحو الهروب الى عالم الخيال.
اسباب ظهور المذهب الرومانسي في الشعر العربي
لقد كان مطران خليل مطران ، أول من دعا إلى هذا المذهب ، وقد ظهرت الرومانسية تبعا للأسباب المذكورة أعلاه ، وفيما يلي سوف نقوم بشرح هذه الأسباب والعوامل : [1]
التأثر بالغرب
لما كان للثقافة العربية من اتصال قوي بالثقافة العربية في منتصف القرن الثامن عشر ، فلقد زادت هذه القوى بسبب البعثات العربية إلى أروبا من أجل التزود بالعلوم الجديدة ، مما أدى إلى التأثر بها ، والعودة إلى الوطن العربي بهذا التأثير.
وقد عرف الأدباء والمثقفين ما توصل إليه الغرب من وسائل التصوير ، واسرار الصياغة الشعرية ، مع كثرة ترجمات ، ومطالعات كتب الغرب.
كما قد بينت ثقافة الأدباء والمثقفين لهم ، الأغوار المتواجدة في النفس البشرية الإنسانية ، واسرار الطبيعة إلى أن أثرت هذه التيارات في الشعر العربي.
التجمعات الأدبية
حيث ظهرت العديد من الدعوات ، من أجل التجديد ، وتم تنظيمها في تجمعات أدبية تتضمن اركان ، وأسس محددة ، ومن هذه التجمعات :
مدرسة الديوان
التي كانت تشمل نفس المنهج الصادر عن جامع الكنز الذهبي ، الذي يكون عبارة عن مجموعة من أفضل ما تم كتابته من شعر غنائي ، ووجداني عن طريق الشعراء الإنجليز ، وقد حصل عليه عباس العقاد ، والمازني واقتبسوا منه.
حلقات الشيخ اسكندر العازار
وقد مثلت هذه الحلقات فئة الأدباء المتأثرين بالمذهب الرومانسي الغربي ، ومن أبرز هذه الحلقات ؛ سليمان البستاني ، وشبلي الملاط ، ووديع عسل ، وأمين تقي الدين ، ونقولا فياض ، وبشارة الخوري.
الرابطة الرقمية في المهجر
وقد كانت أول مدرسة أدبية منظمة ، قامت على الدعوة إلى تكوين جماعة ذات طابع خاص في التفكير ، والتعبير ، ومن أبرز اعلام هذه الرابطة ؛ جبران خليل جبران.
عصبة العشرة
وقد تم تأسيسها في لبنان ، ومن أعلامها ؛ الشيخ خليل تقي الدين ، وميشيل ابو شهلا ، واليأس ابو شبكة.
مدرسة ابوللو
وقد نشأت هذه المدرسة في مصر ، وكانت تمثل التعبير عن ملامح التطلع ، والنظر إلى باتجاه الغرب ، وموازنة آدابه بآداب الشرق ، ومن اعلام هذه المدرسة ؛ علي محمود طه ، وأبو القاسم الشابي.
الانتقادات الموجهة للأدب الكلاسيكي
حيث أن الأدب الكلاسيكي تعرض العديد من الانتقادات ، وقد تركز الهجوم على الأعراض الشعرية للأدب الكلاسيكي ، وقالب التعبير الذي تبنوه ، والصنعة الأدبية ، وتفكك القصيدة ، لذلك فسوف تلاحظ
الفرق بين المدرسة الكلاسيكية والرومانسية
.
المجلات والصحف الداعية للتجديد
فقد قامت المجلات الأدبية بدورها في الإسهام ، في الحركة التجديدية للأدب العربي ، وشملت صفحاتها الأعمال الأدبية التطبيقية لهذا التجديد ، حيث ان ؛
- عبد المسيح حداد قام بإصدار مجلة الفنون عام 1913.
- ايليا ابو ماضي قام بإصدار مجلة السمير في عام 1929.
-
ميشيل معلوف قام بإصدار مجلة العصبة الأندلسية ، بعيدا عن اسمها الذي يذكرنا بمواضيع
الغزل في العصر الاندلسي
. - احمد شاكر قام بإصدار مجلة الميزان في مصر عام 1933.
-
مجلة ابوللو انطلقت في مصر ، حاملة مختلف القصائد لجميع الاتجاهات من
شعر غزل فصيح
في المذهب الرومانسي ، إلى شعر الادب الكلاسيكي.
المعاناة بعد الحرب العالمية الأولى
فلقد اعزى بعض النقاد ظهور المذهب الرومانسي في الشعر والادب العربي ، إلى المعاناة التي كان يعانيها الجيل العربي أثناء الحرب العالمية الأولى ، وفي اعقابها ، حيث عانى الناس من العذاب ، وكبت الحريات ، والعواطف ، والقيود ، مما أدى إلى انطواء الشاعر على نفسه ، والتوجه إلى دنيا الاحلام بين الياس ، والامل ، كما كان يكتب عن الحزن ، والأسى ، والمعاناة.
نقد المدرسة الرومانسية
لم يكن التجديد الذي نادت به المدرسة الرومانسية مرفوضا في حد ذاته ، حيث أن الأدب الإسلامي يحرص على التحديث ، والتجديد طالما أنه لا يخالف المعايير الشرعية.
ومع ذلك فإن الرومانسية قد جاءت بأفكار كثيرة لا تتفق مع التصور الإسلامي ، كما كانت بداية تغريب خطير في الشعر العربي الحديث ، ومن الأفكار المتطرفة التي حملتها الرومانسية ، ما يلي : [1]
- الفن للفن ؛ وحدث ذلك عن طريق رفض ربط الشعر بأعراض خلقية ، او توظيفه في الإصلاح ، وخدمة القضايا الاجتماعية ، والتربوية.
- التهوين من الإثم الفردي ؛ حيث أن الرومانسية تبين أن المجتمع هو المسؤول الوحيد عن سقوط الفرد ، وتحمله أسباب السقوط هذه.
- التطرف في الفردية ؛ وقد قاد هذا التطرف إلى رفض النواميس المتوازنة ، والاستخفاف بالقيم ، والتقاليد.
-
كذلك يرى النقاد أن طابع الهروب في الرومانسية يمثل محور عام بعيدا عن
انواع الغزل
، فهو يتمثل في عدم التكيف الاجتماعي ، والنفسي ، ومن اهم الأساليب التي واجه الرومانسيون بها مجتمعهم هي ؛ - الهروب الى الطبيعة ، والموت ، والحب ، والتشرد الدائم ، والألم الحاد ، والتجول الهائم ، والعزلة في عالم التصوف ، فقد اقتبس الشعر العربي من الرومانسية ، العديد من الأفكار السفينة ، والعواطف المضنية ، الأمر الذي جعل شخصية الشاعر العربي مهزوزة ، وغير سوية.