مقارنة بين الفلسفة المثالية والاسلامية
مفهوم الفلسفة
إن أصل كلمة الفلسفة من اليونان وتدل على (حب الحكمة) أو (حب المعرفة والبحث عنها)، ويوجد لها معنى غير ذلك وهو (البحث عن العلل البعيدة للظواهر، مقابل العلم الذي يبحث عن العلل القريبة لها)، وعلى هذا فإن مذاهب الفلسفة تكون عبارة عن وجهة نظر حاملة لاسم أصحابها، وكذلك فإن كل فلسفة تحمل رؤية خاصة للكون، الحياة، الإنسان، و
الفرق بين بين الفلسفة المثالية والطبيعية والبراجماتية
يكون في نظرته إليهما. [1]
ويوجد تعريفات متعددة للفسلفة عند المسلمين، منها ما قاله الفيلسوف الكندي: “إنها علم الأشياء بحقائقها بقدر طاقة الإنسان، لأن غرض الفيلسوف في علمه إصابة الحق، وفي عمله العمل بالحق”
الفلسفة المثالية
إن
الفلسفة المثالية
تؤمن بالعديد من المبادئ الرئيسية المنطلقة من الإيمان بوجود أفكار عامة، مطلقة، ثابتة، مستقلة عن عالم الخبرات اليومية ومكانها العالم المثالي: [1]
تصورات الفلسفة المثالية
إن الفلسفة المثالية تشتمل في داخلها على عدد من التصورات الخاصة بالكون والإنسان وما يدور بهما، وفي التالي توضيح تلك التصورات: [2]
الإنسان
- إن رؤية الفلسفة المثالية للإنسان أنه روح وجسم، أي الروح التي تنضم إلى العالم الذي تحكمه القوى الثلاثة للذات وهي: (الغاضبة، العاقلة، الشهوانية)، والجسد الذي ينضم إلى العالم الحسي.
- وقد كان اهتمام المثالية الكبير بالروح، حتى أنها قامت بجعلها هي الأساس.
- وقد وضعت الوظيفة الأساسية للتربية هي تنمية الروح.
- كما جعلت اهتمامها يتجه إلى التربية الأخلاقية، الإيمانية، العقلية، بمعنى أن يؤمن بالله والعالم المثالي، أما التربية الأخلاقية تُساعد الفرد على أن يُزكي نفسه ويترك الغايات والأفعال السيئة.
- وكذلك وظفت بعض الاهتمام بالتربية الجسدية والجمالية، وهذا لا يكون لصالح الجسد بل إنه للروح حتى يتوصل الإنسان إلى الكمال.
الكون والوجود
المثالية جعلت العالم كعالمين وهما: [2]
-
العالم المحسوس:
أي أنه العالم الذي يعيش فيه الإنسان. -
عالم المثل:
أي كل الأشياء المحسوسة في العالم.
كما جعلت الوجود يعتمد على العقل، واعترفت بأن العالم الروحاني موجود كوجود العالم المادي تمامًا.
وأهم ما في الفسلفة المثالية هو (الروح)، فهي التي تسود كافة الأشياء لذلك تُعتبر الروح كل شئ.
والمثالية متوافقة مع النظرية التي التي تدعم أن (العالم يتكون من ذرات مادية)، وهي السبب في نشأة الفسلفة المادية.
في حين أن
الفلسفة البراجماتية
تُنكر نظرية الثنائية في معرفة الطبيعة البشرية، إذ أنه وحدة عضوية تتصل بين البيئة والبشر، كما تقول أن البشر قادرين على أن يتعلموا، فيتمكن من استرجاع معلوماته وخبراته ويقوم بتجديدها وفقًا لما نتج عن الخبرات السابقة لديه، ومن خلال التواصل الاجتماعي تتشكل شخصية الإنسان فيقوم بالتمييز بين نفسه والآخرين، وكذلك يتمكن من كسب الكثير من العادات خلال تواصله مع بيئته. [2]
القيم
من أهم ما يميزها أنها ثابتة وغير قابلة للتغير، كما أنها من الوسائل التي ترتقي بالعالم إلى عالم المثل، وقد أكدت على أنها لا تكون من صنع البشر إذ أنها جزء من الكون.
وقد جعلت القيم هي التي تُحدد الأخلاق، وتم تصنيفها إلى قيم ثلاثة معروفة وهي:
-
الجمال:
وهي المُعبر عن كافة أنواع الفنون. -
الحق:
وهو الذي يقود إلى المعرفة والعلم. -
الخير:
ويدل على طبيعة البشر الطيبة.
المعرفة
المثالية تعتقد بأن المصدر الرئيسي للمعرفة يكون السماء أو العالم المثالي أي (عالم الأرواح).
كما تعتقد أن روح البشر قبل أن تنزل إلى أجسادهم كانت مليئة بجميع المعارف، وعند نزولها إلى الجسد تنسى تلك المعارف كلها، أي أن المعرفة سمة فطرية كامنة عند الروح، إذ أن الروح تمتلكها بالفطرة.
المعرفة لا يمكن أن تنتقل من خلال الحواس، ولكنها تنتقل عن طريق العقل بواسطة نقلها من المحسوس إلى المعقول.
إن المثل هي نظام الوجود، أي أنها النظام الرئيسي للعالم ككل، والعلم الذي لا بد من الاهتمام به هو العلم بتلك المثل، إذ أنها أبدية وخالدة إلى الأبد.
وإذا كانت المعرفة خالية من المدركات الحسية فإنها سوف تسمو وترتقي وتصبح ثابتة ويقينية أكثر.
الفلسفة الإسلامية
إن رؤية الفلسفة الإسلامية تعتمد على كون التربية نظام شامل كامل، كما أن منهجها في التعليم مصدره يكون من عند الله عز وجل، وقائم على الوحي إذ أنه المصدر الرئيسي وحقيقة كل المعايير والقيم الغير متغيرة التي تقوم بتوجيه سلوك البشر وأعمالهم، كما أنها تُساعدهم على تعمير الأرض وتنميتها، ولا بد على المسلمين أن يفهموا الحقيقة الخاصة بالألوهية، الحياة، الإنسان، وعن طريق ذلك الإدراك فإن شخصية الشخص تتطور إلى أن يصل إلى الكمال المُهئ له من عند الله. [1]
ومن الجدير بالذكر أن فلسفة الإسلام مختلفة تمامًا في رؤيتها عن رؤية غيرها من الفلسفات الموضوعة، وفلسفة التربية الإسلامية مُشتقة من فلسفة الإسلام العامة والتي تتمثل في ( البناء الفكري الإسلامي الذي يتعلق بالتربية الرئيسية من خلال الأهداف، المضمون، الأساليب، الفاعلية، الاتجاهات) أي أن فلسفة التربية الاسلامية تكون في حدود الرؤية الاسلاميه وهي: [1]
- الكون.
- الإنسان.
- الحياة .
خصائص الفلسفة الإسلامية
تحتوي الفلسفة الإسلامية على خصائص وهي: [3] [4]
-
الإنسان
إن الإسلام قائم منذ بدايته على التشريع الذي تم اخذه من القرآن الكريم والسنة النبوية اللذان وضعا الإطار الأساسي لوجود الإنسان على سطح الأرض، وهو أن البشر سوف يكونون خلفاء الله في أرضه وذلك ما جاء في قول الله عز وجل (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) [سورة البقرة: الآية 30]، وعلى ذلك الأساس كان الهدف الرئيسي للفلسفة الإسلامية هو القيام بتنفيذ ذلك الهدف ومحاولة إتمام السعادتين الدنيوية والأخروية، فالفلسفة الإسلامية فلفسة يصبح فيها الجميع متساوون ولا يوجد تفرقة بين العرق واللون، إذ أن البشر يتميزون فقط يتقواهم وعملهم الصالح.
-
المعرفة
إن الفلسفة الإسلامية لها ارتباط وثيق بالعلم والمعرفة إذ أنها تُغذيه وتتغذى منه، ويأخذان من بعضهما البعض، وقد وُجد في الدراسات الفلسفية الإسلامية العديد من العلوم والقضايا الخاصة به، كما أن الأبحاث العلمية تحتوي على بعض النظريات والمبادئ الفلسفية والحقيقة أن الفلاسفة في الإسلام قد اعتبروا أن العلوم العقلية أحد أجزاء الفلسفة، كما قاموا بمعالجة بعض الأشياء في الطبيعة وكذلك بعض المسائل الميتافزقية.
-
القيم
الفسلفة الإسلامية تعتقد أن القيم قد نزلت من عند الله عز وجل، وهي لا تكون قيم خيالية ولا مثالية، بل أنها قيمًا عملية وكذلك تطبيقية، ومن الممكن أن تُحقق من خلال بذل المجهود من البشر في إطار أكثر من مفهوم إسلامي صحيح، والمقدرة على زراعتها في جميع البيئات بصرف النظر عن ماهية الحياة التي تسود بها، إذ أنها غير مُعارضة بل مُشجعة بواسطة العقيدة الإسلامية لكافة التطورات والترقيات التي تحدث في المجالات بأنواعها المختلفة، وتُمهد الطرق وتفتحها حتى تستقبل النتيجة التي تترتب على تفكير الإنسان والحضارة البشرية.
ومن أهم ما يُميز القيم في الفلسفة الإسلامية هو أنها تتسم بالحياة والتطور، كما أنها تتمكن من التحرك وتصلح في البيئات باختلاف أنواعها وعصورها، وهذا يرجع إلى كونها تستمد المقومات الرئيسية لها من منبعين وهما القران الكريم والسنة النبوية.