سبب تسمية سورة الانشقاق بهذا الاسم


موضوعات سورة الانشقاق

إن سورة الانشقاق إحدى سور المفصل المكية، إذ أن نزولها كان قبل نزول سورة الروم وبعد أن نزلت سورة الانفطار، وقد كان ترتيب نزولها الثالث والثمانين، في حين أن ترتيبها في المصحف العثماني يختلف فهي السورة الرابعة والثمانون، وتبلغ آياتها من حيث العدد خمس وعشرين آية، وكافة الآيات توجد في آخر ربع من الحزب رقم تسعة وخمسين من الجزء الأخير، وقد تم افتتاح السورة في أول آية باستخدام أسلوب الشرط وبالتحديد الأداة (إذا)، وكذلك قد احتوت السورة في الآية رقم واحد وعشرين على سجدة، ومن الجدير بالذكر أن سورة الانشقاق كمثلها من السور المكية تتحدث آياتها عن ما يتعلق بأصول الأسلام وعقيدته، وعن الساعة (يوم القيامة).


سبب تسمية سورة الانشقاق

لقد تم تسمية تلك السورة بـ(الانشقاق) وهو اسم مشتق من الفعل (انشق) الذي تم ذكره في أول آية من السورة: (إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ)، (سورة الانشقاق: الآية رقم 1)، وكلمة الانشقاق تعني وتدل على (الانفطار) وهي الكلمة التي ذُكرت في (سورة الانفطار) وتُعتبر من الأهوال المتعلقة بيوم الساعة، إذ أن نظام الكون سوف يحدث به اختلال في ذلك اليوم ومن المعروف أنه من أعظم الأيام، وقد كانت سورة الانشقاق في عصر الصحابة تُعرف بسورة (إذا السماء انشقت) وهو الذي جاء في الحديث، فضلًا عن أنها تحتوي على سجدة في إحدى آياتها: “سجَد رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- في: (إذا السماءُ انشَقَّتْ)، و (اقرَأْ بِاسمِ ربِّك)، وكان لها اسمًا مختصرًا في عدة كتب من كتب التفسير وهو سورة (انشقت). [1]


أسماء سورة الانشقاق

إن سورة الانشقاق سُميت بأكثر من اسم، وتلك الأسماء هي: [2]

  • سورة الانشقاق.
  • وفي بعض الأحيان يُقال عنها اسم سورة “انشقت”.
  • أما في عصر الصحابة قد عُرف عنها اسم سورة (إذا السماء انشقت)، إذ أنه عن أبي سلمة في الموطأ: “

    أن

    أبا هريرة

    قرأ بهم إذا السماء انشقت فسجد فيها، فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فيها

    “، وهنا الضمير (فيها) يعود على (

    إذا السماء انشقت

    ) بتفسير السورة.


تفسير سورة الانشقاق

من خلال قراءة الآيات وفهمها يتم تفسير السورة وفهم على ماذا تدل وتُشير، وفي التالي تفسير آيات سورة الانشقاق: [3]

  • إن سورة الانشقاق تتحدث عن الأهوال التي سوف توجد في يوم القيامة العظيم، والعديد من التقلبات والاختلافات الكبيرة التي سوف يُصاب بها الكون بالكامل خلال هذا اليوم والتي وعد الله تعالى بها.
  • وبعد ذلك تتناول السورة الحديث عن العبد الذي يتعب في الدنيا حتى يكسب رزقه، ويكون جزائه في الآخرة إما خيرًا أو شرًّا، بناءً على ما قام به في دنياه وعلى حسب ما قام بتقديمه لنفسه، إذ أن الله عز وجل قد قال: (فأَمَّا منْ أوتِيَ كتَابَهُ بيَمِينِهِ * فسَوْفَ يُحاسَبُ حسَابًا يسِيرًا * ويَنْقَلِبُ إِلى أَهلِهِ مسْرُورًا * وأَمَّا منْ أوتِيَ كتَابَهُ ورَاءَ ظهْرِهِ * فَسوْفَ يدْعُو ثبُورًا)، سورة الانشقاق (الآيات 7 : 11).
  • ثم تتحدث السورة بعد هذا عن رأى الكافرين وموقفهم من الكتاب (أي القرآن الكريم) الذي نزله الله عز وجل، وتُشير إلى ما سوف يُصيبهم من عذاب في يوم القيامة بسبب أنهم كفروا وجحدوا بكتابه تعالى.
  • وفي النهاية تقوم الأيات بتبشير الكفار بالعذاب الشديد وتوبخهم، ثم تتوجه بالحديث إلى المؤمنين وتقوم بتبشيرهم بالأجر والمكسب الكبير من الله تعالى، إذ قال عز وجل: (“بلِ الذِينَ كفَرُوا يكَذِّبُونَ * واللَّهُ أَعلَمُ بمَا يوعُونَ * فبَشِّرْهُمْ بعَذَابٍ ألِيمٍ * إلَّا الَّذينَ آمنُوا وعَمِلُوا الصَّالحَاتِ لهُمْ أَجرٌ غَيرُ ممنُونٍ)، [الانشقاق الآيات 22 : 25].


سبب نزول سورة الانشقاق

اهتم المسلمون وخاصة علمائهم بمعرفة علوم كتاب الله تعالى وجميع تصنيفاته، ومن بينها الأسباب التي تتعلق بنزول الآيات ويُعتبر أشهر من قام بالبحث في ذلك هو (الواحدي) من خلال كتاب (أسباب النزول)، وكذلك كتاب (لباب النقول في أسباب النزول) الذي كتبه (السيوطي) ولكن لم يتم ذكر


سبب نزول سورة الانشقاق


أو أحد آياتها في أيٍ من هذه الأبحاث، وذلك ليس بالأمر العجيب، إذ أنه لا يوجد أسباب نزول لكافة السور فقد نزلت عدة سور وكذلك آيات لغاية ما وبغير تعلقها بمواقف تتطلب نزولها، فمثلًا في سورة الانشقاق يظهر الأمر واضحًا بأن الهدف من نزولها هو إيضاح وتبيين أهوال يوم القيامة حتى يدركها المسلمون ويعرفون شدتها فيعملون بجهد حتى ينجيهم عملهم الخير في هذا اليوم العصيب. [4]، [5]

مضمون سورة الانشقاق

نزلت سورة الانشقاق متضمنة لعدة أمور، ويمكن ذكرها في التالي: [3]

  • العديد من المشاهد التي تتعلق بالآخرة، والتغيير الكبير الذي سوف يظهر في الكون عندما تقوم الساعة.
  • إيضاح أن الإنسان قد تم خلقه ثم يشقى من أجل الحصول على أسباب مكسبه ومعيشته، وليعمل لآخرته ما يتمنى سواء أكان خير أم شر، وبعد ذلك يُجازي الله سبحانه وتعالى عباده بالعدل.
  • توضيح رأي المشركين وموقفهم من كتاب الله تعالى وأنهم سيتعرضون لأهوال وصعاب هذا اليوم العظيم.
  • تبشر الكفار وتوبخهم على أنهم لم يؤمنوا بالله تعالى، وتوضيح الآيات والدلائل على قدرة الله عز وجل وإنذارهم بما سيلقونه من عذاب شديد في النار، في حين أن المؤمنين الصالحين يتم تبشيرهم بالثواب المستمر الذي لا انقطاع له.


فضل سورة الانشقاق

إن سورة الانشقاق واحدة من السور التي تصور للأشخاص ما في يوم الساعة من أهوال وصعاب كما لو أنهم يرونه بأعينهم، ولذلك أكد الرسول صلى الله عليه وسلم وحث الصحابة وكافة البشر بقراءة جميع السور التي تُشير إلى يوم القيامة ومنها سورة الانشقاق: “من سرَّه أن ينظرَ إلى يومِ القيامةِ كأنه رأيُ العينِ؛ فليقرأْ “إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ”، و”إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ”، و”إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ”، كما أن عليه الصلاة والسلام أهاب بمعاذ بن جبل حتى يخفف عن المؤمنين في صلاتهم فيقرأ من أواسط المفصل ومنها سورة الانشقاق. [6]

وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- أن من فضل سورة الانشقاق تيسيير الولادة على الحامل التي صعبت ولادتها بحيث تُقرأ الآيات الأولى من السورة: (إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ* وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ* وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ* وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ)، على كمية من المياه في وعاء نظيف ثم تقوم الحامل بشربه وترش منه على بطنها، في حين أنه عند سؤال الشيخان ابن عثيمين -رحمه الله- وصالح الفوزان عن قراءة سور الانشقاق ومريم ومحمد لتسهيل الولادة قالا: بأنّ ذلك لا أصل له في السُّنة. [7]، [8]


الدروس المستفادة من سورة الانشقاق

هناك بعض الدروس التي يمكن الاستفادة منها عند قراءة سورة الانشقاق والتدبر فيها، ومنها: [3]

  • كل إنسان سوف يحصل على جزاء ما قام به، والعاقل هو من يطلب ويفعل الخير لينل الثواب، وينجو من العقاب.
  • لا توجد أعذار لمن لم يؤمنوا بالله عز وجل على الرغم من كثرة الأدلة ووضوحها والتي تؤكد وجود الله وأنه واحد لا شريك له.
  • أهالي الجنة في دنياهم يعيشون بالخوف والبكاء والحزن، ولذلك يبدلهم عز وجل بالأمن والخير في الآخرة، أما أهالي النار يعيشون في دنياهم يضحكون ويستهزئون، فيبدلهم تعالى هذا عند الآخرة بالحزن الشديد والألم.