العوامل التي ساعدت على انهيار مملكة الأنباط

نسب الأنباط

الأنباط من القبائل العربية البدوية التي هاجرت من اليمن إلى شمال الجزيرة العربية واستقروا في مدينة الأردن، وكانت تنتشر هذه القبائل في سيناء والنقب.

ويقال أنهم كانوا حتى أواخر القرن الرابع قبل الميلاد متمسكين بحياة البداوة، حيث أنهم كانوا يجافون كل شيء يؤدي إلى الاستقرار مثل بناء البيوت وممارسة الزراعة، فكان لهم انتماء كلي إلى الزهد الفطري أو العشائري، ومن عاداتهم بأنهم كانوا يبتعدون عن شرب الخمر لأنهم كانوا يقرنون بين البداوة وبين النفور من كل ما يضعف فيهم روح الحرية، حتى لا يؤدي بهم الأمر إلى قبول سيطرة الأقوياء.

فكان الأنباط من البدو العرب الرحل من صحراء النقب الذين لم يقتنعوا بتربية الإبل والماشية، ولم تقتصر حياتهم على حياة الرعي، بل عملوا على جمع ثرواتهم والعمل كتجار واستخدموا طرق البخور التي انطلقت من مدينة قطبان وهي متواجدة في اليمن اليوم، عبر سبأ المجاورة، فاتخذوها مركز تجاري قوي، فقد ساهم سفرهم المستمر على هذه الطرق من أن يعرفوا المنطقة عن كثب وأصبح لديهم مهارة في العثور على مصادر المياه والحفاظ عليها مما أمكنهم من نقل البضائع بسرعة وبكفاءة عالية.

مملكة الأنباط

تقع مملكة الأنباط شمال الجزيرة العربية على طريق البخور التجاري، فهذا الطريق يمتد من المحيط الهندي حتى الموانئ البحرية لفلسطين وسوريا، وكانت حدود مملكة الأنباط هي المملكة الأردنية الهاشمية، و عملوا على احتلال مناطق الادوميين في القرن الثاني قبل الميلاد في الأدرن، وأقاموا مملكة الأنباط وجعلوا من منطقة سلع وتعرف أيضاً باسم الرقيم عاصمة لهم.[3] .

كانت مملكة الأنباط كياناً قوياً وقد ازدهرت منذ سنة 169 قبل الميلاد، ودامت حتى نهاية القرن الأول الميلادي، و إن هذه المملكة فيها الأراضي الصخرية الحجرية، ويتواجد فيها الجبال والواحات الخصبة التي هي مركز تواجد المياه، مما أدى إلى استقرار الناس في هذه الأراضي وبالتالي عملوا في مجال الزراعة.

مظاهر الحياة النبطية وأعمالهم

نجد أن النشاط التجاري كان عصب النبطيين في المنطقة حيث أنه كان سبباً في بروز مظاهر في الحياة النبطية منها:

  • عناية النبطيين بتربية الجِمال والحرص على وجود القطران لهنائها، بالإضافة إلى أنهم عملوا على توفير المؤونة لها.
  • عملوا على تزويد أنفسهم بكل الأدوات التي تعينهم على توضيب بضائعهم وبالتالي المحافظة عليها، والعمل على ترتيب هذه البضاعة وتصنيفها.
  • بنوا السفن وخصصوا وقت للتدريب على شؤون البحر، بالإضافة إلى تزويد الموانئ كل ما تحتاجه من معدات مثل مينائي الحوراء وأيلة.
  • خصصوا أماكن لتفريغ البضاعة فهيا مثل الكهوف الكبيرة في البارد بمدينة البترا، فحجم هذه الكهوف كانت تدل على أنها كانت تستخدم كمخازن إيداع وليست للسكن، فهنا نستنتج أن منطقة البارد كانت لإيداع البضائع وكانت نقطة تفريغ وتعبئة واقعة خارج المدينة.
  • ودفع هذا النشاط التجاري إلى تعزيز وظهور الجانب الصناعي والزراعي والرعوي والتعديني.
  • وقد عملوا على التجارة بالبلسم فكانوا يستخرجونه من أشجار البلسم بأريحا، فكان ينمو في الوديان، واستعمل الأطباء البلسم كعقار.
  • واستخرجوا القار من البحر الميت، وتاجروا به، وكانوا يستخدمونه في تقوية المواد والأدوات، وكان المصريون يستعملونه في صنع المجوهرات الزائفة، بالإضافة إلى أنهم كانوا يلونون المعادن، وكانوا يقومون بصناعة أقنعة مموهة بالقار ويضعونها مع المومياء، وقال البعض أنهم كانوا يستخدمون القار في التحنيط ولكن استبعد بعضهم هذا الاستخدام.[1]

المهنة الرئيسية للأنباط

كانت المهنة الرئيسية للأنماط هي التجارة، فقد كان النشاط التجاري في بادئ الأمر هو عبارة عن أصحاب قوافل ينقلون السلع لحساب غيرهم، ولكن بمرور الوقت قد طوروا من عملهم في هذا المجال، وأصبحوا هم أنفسهم تجاراً أو شركاء في التجارة.

فاعتمد أسلوب تطورهم على أنهم لم يكتفوا بالممرات والطرق البرية للتجارة، بل عملوا على بناء سفن، وأصبحوا يبلغون موانئ اليمن نفسها ليتم نقل السلع إلى الميناءين الشماليين على البحر الأحمر، ونعني بهذا ميناء الحوراء وأيلة.

ونجد أنهم كانوا مستمرين في نشاطهم التجاري، حتى جاء البطالمة وعملوا على تهديد هذا النشاط واستولوا على ميناء أيلة، وحال البطالمة بين الأنباط وبين الوصول إلى البحر الأحمر، ولا نستبعد أنهم كانوا يضايقون التجارة النبطية في الطرق البرية، وتم ذلك بعد استيلاء البطالمة على الولاية العمانية، واحتلوا أيضاً الموآبية والجلية إلى الشمال من بترا.

ويقال أن الأنباط كانوا يمارسون أعمال القرصنة البحرية، ولكن تبين من التاريخ أن كانت هذه الأعمال رداً على تصرفات البطالمة، لأن ليس من المقنع والمعقول أن شعب يعتمد اعتماداً كلي على التجارة براً وبحراً، ويقوم بهذه الأعمال اللصوصية والقرصنة لأن هذا العمل يتعارض مع حياة الأمن والاستقرار الاقتصادي بالنسبة لمملكة الأنباط، ولكن هنا نلتمس براعة الأنباط في صناعة السفن، و نلتمس قدرتهم ومهارتهم في تسخير البحر لنموهم الاقتصادي ونشاطهم وقدرتهم العريقة في شؤون الملاحة.[1]

العوامل التي سببت انهيار دولة الأنباط

نجد أن مملكة الأنباط قد عاشت ربيعها كله على التجارة، فهنا سر تطورها واستمراريتها، فكان لها طرقاً بحرية وبرية تجارية ولهذا فإن أعداء مملكة الأنباط قد دخلوا من باب زعزعة تجارتها ليستطيعوا السيطرة عليها أو إلغاء نفوذها، فمن الأسباب أو

العوامل التي ساعدت على تدهور الاقتصاد النبطي

هي:

  • فكان من

    اسباب انهيار مملكة الانباط

    هو خسرانهم للكثير من التوسع التجاري بعد أن غدا البحر الأحمر مجالاً ناشطاً للسفن الرومانية، وهذا يعني أنهم لم يتكبدوا الخسارة البحرية فحسب، بل إنهم عانوا من تضاؤل حصصهم الربحية من التجارة البرية، فبدا طريق بترا يصبح مهجوراً تماماً.
  • تصادمت مملكة الأنباط مع المصالح التجارية البحرية المصرية، وانتهى هذا التصادم بخسائر فادحة للأنباط، فهم كانوا مستفيدين كثيراً من هذه الممرات التجارية البحرية حيث أنهم كانوا يحصلون على أرباح باهظة من القوافل التجارية التي كانت تمر ببلادهم، ولهذا السبب و نظراً لأهمية هذه الطرق البحرية مما دفع الأنباط بأن يقوموا بغارات على التجارة البحرية المصرية، مما أدى إلى تدهور العلاقات العامة بينهم وبين البطالمة.[2]
  • اكتشفت روما طرقاً جديدة للتجارة التي كان لها أثر سلبي كبير على اقتصاد مملكة الأنباط، بسبب عدم مرور القوافل التجارية الرومانية عبر أراضي مملكة الأنباط.
  • عمل الامبراطور الروماني الذي يعرف باسم تراجان على ضم مملكة الأنباط  إلى الإمبراطورية الرمانية تحت اسم الولاية العربية، وأدى هذا إلى فقدان البتراء والمدن النبطية مثل مدينة الحجر، وتزعزعت سيطرتها على طرق البخور وعلى المنطقة بشكل عام، ونتج هذا إلى ظهور مدينة تدمر السورية التي اُعتمدت كمركز للتجارة، وحولت القوافل التجارية من المدن النبطية التي كانت تعاني في انهيار في الثروة والمكانة، وتوجهت إلى تدمر السورية.[1]

ديانة الأنباط

شهد الأنباط انتقال من الحياة البدوية أو شبه بدوية إلى حياة مستقرة فهذا الانتقال ووجود

ممالك جنوب شبه الجزيره العربيه قبل الاسلام

قد أثر عليهم ودفعهم إلى تطوير الدين لديهم على عدة أوجه أو عوامل:


  • العامل الأول

    هو تطوير الدين على مستوى الشعائر والمعتقدات والمؤسسات الدينية، فإن استقرارهم كان منبع فكرة بروز الحاجة إلى معبد وبالتالي هذا المعبد يحتاج إلى فناً معمارياً خاضع للتطور.

  • العامل الثاني

    الذي أدى إلى تطور الدين لديهم هو الاتصال بالحضارات الأخرى فقد اتصلوا بحضارات غربية وحضارات شرقية، فمن هذه الحضارات الحضارة اليونانية والمصرية والآرامية وغيرها، فكان لهذه

    الحضارات القديمة في شبه الجزيرة العربية

    أثراً في اقتباس شعائر ورموز لم تكن متداولة عند الأنباط بالإضافة إلى تأثيرها بالفن النبطي سواء في الرسم أو النحت.

فكانوا في الأرجح يعبدون اللات والعزى ومناة وذو الشرى، فتتجلى اللات بمفهوم الشمس فكانوا يعبدون الشمس، أما اسم ذي الشرى فكانت تتمثل بصخرة مربعة متواجدة في صلخد وأيضاً عرفت باللات.