معنى تغليظ الدية 



دية القتل





الدية شرعاً هي  المال الواجب في النفس أو فيما دونها، والأصل في وجوبها قوله تعالى: “وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا







دية القتل الخطأ





من قام بقتل نفس خطأ فيجب عليه الدية وكفارة الصيام شهرين متتابعين، كما قال تعالى: “وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا” إلى قوله تعالى: “فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا


“.



دية القتل لا تسقط إن كان القتل خطأ حتى لو كان المقتول مخطئاً، فالدية واجبة في الشرع على القاتل، وتدفع لعائلة المقتول، وهي تساوي خمسة وثلاثين كيلوغراماً وسبعمائة غرام من الفضة


الخام،


وتقدر بسعر السوق وتدفع لأهله تبعاً لذلك.



يجوز دفع الدية على أقساط خلال مدة لا تزيد على ثلاث سنوات، إلا إذا رغبت العاقلة في عدم التقسيط، فإن لم تستطع فالقاتل، فإن لم يستطع فيجوز أخذ الدية ولو من الزكاة.




دية القتل العمد









دية القتل العمد تكون إذا تنازل أولياء الدم كلهم أو جزء منهم ولو واحدًا عن القصاص، والدية في مصر حسب قول الفتوي سبعة وأربعون كيلوغرامًا من الفضة وستمائة غرام من الفضة بقيمتها يوم ظهور الحقيقية سواء كان رضاءً أم قضاءً، ويمكن لأولياء الدم أن يعفو عن القصاص والدية، وإن عفا بعض منهم عن القصاص فلا قصاص حتى لو رفض باقي الأولياء العفو.



تقسم الدية على أولياء الدم بحسب نصيبهم في الميراث الشرعي للمقتول، وإذا تنازل أحد منهم عن نصيبة في دية المقتول لا يسقط ذلك حق الباقين في نصيبهم.




أقوال العلماء في كفارة القتل الخطأ





  • القتل الخطأ يلزم القاتل القيام بأمرين: أحدهما:

    الدية المخففة

    على العاقلة. وثانيهما: الكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة سليمة من العيوب المخلة بالعمل والكسب، فإن لم يجد ذلك فصيام شهرين متتابعين.



والدليل على ذلك قوله تعالى: “وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَل َمُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُوا فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا”




حكم من عجز عن الصوم في كفارة القتل





اختلف جمهور الفقهاء في حكم من لا يستطيع الصوم في كفارة القتل على رأيين:


  • الأول: وجهة نظر جمهور العلماء، وهو “أنه ليس عليه اطعام، لأن الله تعالى لم يذكر ذلك في حاله الكفارة عن القتل وذكر فقط العتق والصوم، ولو كان هناك إطعام لذكره الله تعالى”.



  • الثاني: وذلك قول جمهور الشافعية وهو “أنه يجب الإطعام وذلك قياساً على غيره كالتكفير عن الظهار والصيام”، ولعل الصحيح في تلك المسألة هو التفصيل بين العاجز عن الصيام دائماً، وبين العاجز مؤقتاً، والعاجز عن الإطعام دائماً يطعم، ومن كان عجزة مؤقتاً علية الانتظار حتى تكون له القدرة على الصيام.


    [1]



ما هو معنى تغليظ الدية




الدية المغلظة

تكون فيمن يقتل الناس عمدًا إذا سقط القود وذلك عند الجمهور وهناك أكثر من رأي:


  • رأي الإمام أبو حنيفة: “أنه لا يوجد دية في القتل العمد، لكن الواجب هو ما اتفق عليه الطرفان، وهو أمر حالي وبدون تأخير”.



  • ورأي الإمام مالك: “تغلظ الدية في القتل الخطأ والقتل العمد إذا قتل الأب أو الأم ابنه، فتكون الدية مغلظة وذلك لمنعه من الانتقام المتعمد”.



  • ورأى الشافعية والحنابلة: “أن تغلظ دية الخطأ إذا تم القتل في الأرض المقدسة (الحرام) أو في الشهر الحرام، ووضع الشافعيون تغليظ لذوي الرحم، وأضاف الحنابلة القتل في حالة الإحرام بحديث ابن عمرو – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “أعتى الناس على الله ثلاثة: من قتل في حرم الله أو قتل غير قاتله أو قتل لذحل الجاهلية”



  • ويرى جمهور الحنفية والمالكية: “أنه ليس هناك تغليظ أبداً في الخطأ، لقول الله تعالى: {فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ}”.



وتغليظ الدية يكون بالزيادة في عددها بأن تجعل دية وثلثا، أو في صفتها، أو بتعجيلها، أو بأن تجعل في مال القاتل.




مقدار الدية المغلظة





الدية المغلظة في القتل العمد والقتل شبه العمد مائة إبل أرباع خمسة وعشرون بنت مخاض، وخمسة وعشرون بنت لبون، وخمسة وعشرون حقة، وخمسة وعشرون جذعة، وتختلف الحالات التي تجب فيها الدية المغلظة والحالات التي تجب فيها الدية المخففة.


فقد روى الزهري عن السائب بن يزيد قال: “كانت الدية على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أرباعًا خمسًا وعشرين جذعة، وخمسًا وعشرين حقة، وخمسًا وعشرين بنت لبون، وخمسًا وعشرين بنت مخاض”، وهذا ما قاله جمهور الحنفية والمالكية والحنابلة


.



ويرى الشافعية -وهو قول عند الحنابلة ومحمَّد من الحنفية- أن الدية تكون أثلاثًا: ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة في بطونها أولادها، لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “من قُتِلَ متعمدًا دفع إلى أولياء المقتول، فإن شاءوا قتلوه، وإن شاءوا أخذوا الدية، وهو ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة”، ولحديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “ألا إن دية الخطأ شبه العمد ما كان بالسوط والعصا، مئة من الإبل، منها أربعون في بطونها أولادها






وتكون دية الخطأ أخماسًا: عشرون بنت مخاض وعشرون ابن مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون حقة وعشرون جذعة، وذلك لما روى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “في دية الخطأ عشرون حقة وعشرون جذعة وعشرون بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون بنو مخاض


“.




من يتحمل الدية إذا لم يكن للجاني عاقلة أو عجزت عن تحملها





إذا كان الجاني ليس له عاقلة، أو كانت له عاقلة ولم تستطع أن تتحمل ما وجب عليها، فيرى جمهور الفقهاء أن يتحمل بيت مال المسلمين دية المقتول لقوله – صلى الله عليه وسلم -: “أنا وارث من لا وارث له، أعقل عنه وأرثه


“.


[2]



حكم تغليظ الدية



الدية تغلظ على حسب نوع القتل، وأسباب القتل العمد، أو


القتل شبه


العمد، أو في الحرم، أو في الأشهر الحرم، أو ذي الرحم، وتكون العقوبة أشد ومغلظة على حسب الجرم الذي ارتكب.



فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “أَلَا إِنَّ قَتِيلَ


الْخَطَإِ


قَتِيلَ السَّوْطِ وَالْعَصَا، فِيهِ مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ مُغَلَّظَةٌ، أَرْبَعُونَ مِنْهَا فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا”.



وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “قَتِيلُ الْخَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ، قَتِيلُ السَّوْطِ وَالْعَصَا، مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، أَرْبَعُونَ مِنْهَا فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا”


[3]



دية ما دون النفس





تجب الدية كاملة في حال فقد المنفعة التي يقوم بها العضو كالسمع، والبصر، والكلام، والعقل، وشل العضو كاليد.



ما كان الإنسان يمتلك منه شيئان، فتجب في كل واحد منهما نصف الدية، وفيهما معاً الدية كاملة، مثل: العينان، والأذنان، والشفتان، واليدان ونحو ذلك.



ومن أصاب عضواً  فأدي ذلك للشلل  العضو فعليه دفع الدية للعضو ما عدا الأنف والأذن، لأن الجمال يبقى حتى لو شل أحدهما.


ومن كان له عضو واحد من هذه الأعضاء مثل من فقد إحدى عينيه أو قدميه، فيستحق الدية الكاملة وذلك لإتلاف العضو الباقي الذي ينتفع به، وإذا ذهبت منفعة أحد العضوين ففيه نصف الدية، وإن ذهبت منفعتهما معاً وجبت الدية كاملة.



وما كان الإنسان يمتلك منه أربعة أشياء كجفن العينين، ففي كل واحد إذا قطع ربع الدية، وفي جميعها الدية كاملة.


[4]