تعريف المقامة وانواعها

ازدهر فن النثر في العصر العباسي كجزء من ازدهار الحركة الأدبية في هذا العصر، والمقامات هي عبارة عن حكاية نثرية، لا تخلو أيضًا من أبيات الشعر، وتحمل بداخلها موعظة أو نقد أو

مدح

أو ذم وغيرها من المواضيع النثرية المعروفة، وقد ظهر هذا الفن وازدهر في العصر العباسي، وتطور وانتقل لبلاد الأندلس وبلاد فارس، وتمت ترجمته أيضًا لبعض اللغات الأوروبية، إلا أن العهد الذهبي للمقامات كان في فترة العصر العباسي، مع وجود بديع الزمان الهمذاني وأبو القاسم الحريري.

تعريف المقامات الأدبية


المقامة هو

فن أدبي نثري وهو من أقدم الفنون الأدبية التي ظهرت بعد الإسلام، فقد بدأ هذا الفن في الظهور في القرن الرابع الهجري، والمقامة هي أقرب للرواية الخيالية، حيث أنها تروي قصة أو حكاية متصلة ومحبوكة على لسان راوي،  والراوي قد يكون بطل القصة أو ممن عاشوا أحداثها.

ويعتقد أن أول من روى المقامات هو الشاعر بديع الزمان الهمذاني والذي كتب ما يقرب من أربعمائة مقامة، وسميت بالمقامة لأن كلمة مقامة تعني المجلس الذي يجلس الناس فيه، والتعريف الأدبي للمقامة هي قضية تدور جميع أحداثها في جلسة واحدة.

والغرض الأساسي من المقامة هو النصح والوعظ والتعليم، حيث كانت كل مقامة تحكي على لسان الراوي قصة وعبرة تحدث لبطل المقامة والذي يطلق عليه المكدي والذي ينتصر دائمًا في نهاية القصة.[1]

نشأة فن المقامات

بالطبع كان العرب منذ غيرهم منذ قديم الأزل كانوا يقيمون المجالس ويرددون الحكايات بهدف الاستمتاع في مجالس، وكانت تلك القصص تعبر عن معتقداتهم وأفكارهم وعاداتهم الاجتماعية.

وتتكون المقامة الأدبية من ثلاثة عناصر هي (الراوي، والمكدي والعقدة).

  • والراوي : هو الذي تروى القصة على لسانة في المقامة نفسها.
  • والعقدة : هي التي تحاك حولها قصة المقامة وأحيانًا تكون العقدة بعيدة عن الأخلاق الكريمة.
  • والمكدي : هو بطل المقامة الذي تدور حوله القصة بأكملها وينتصر في نهاية القصة.

وتبنى المقامات على الإغراق في استخدام البديع، فهي عبارة عن قصة قصيرة مسجوعة.

وكما ذكرنا فإن بديع الزمان الهمزاني هو مؤسس فن المقامات وهو من أطلق اسم المقامة على هذا الفن، لكن مما لاشك فيه أن هناك ثلاثة أسماء كبيرة ساهمت في تأسيس هذا الفن، وهم:

  • بديع الزمان الهمذاني: بالرغم من أن البعض يعتقد أن المقامات معروفة منذ القدم، إلا أن بديع الزمان الهمذاني هو أول من أطلق اسم المقامة على هذا الفن.
  • ابو بكر بن دريد: والذي وضع 40 مقامة تم اعتارها الأساس لفن المقامات.
  • ابن فارس: يعتقد أن أبي الحسين أحمد ابن فارس هو أول من كتب المقامات وأن بديع الزمان الهمزاني قد اشتق منه هذا الفن.

أنواع المقامات

إن تصنيف المقامات يتم غالبًا تبعًا لكاتبها، حيث اشتهر كل كاتب بتقديم نوع محدد من المواضيع، وكانت المقامات تسمى غالبًا نسبة لموضوعها.

المقامات العربية

المقامات العربية هي التي ظهرت في العصر العباسي، ومن أشهر من قاموا بكتابة المقامات العربية:

مقامات بديع الزمان الهمذاني: اختلف المؤرخين عن مبتدع فن المقامات لكن لاشك الهمذاني هو أول من مهد الطريق لكل من كتبوا المقامات من بعده وأولهم الحريري، كما أنه أول من نظمها بشكلها المعروف وهو أيضًا واضع

خصائص المقامات في العصر العباسي

وأول من سمى هذا الفن بالمقامة.

مقامات أبو القاسم الحريري: عند الحديث عن فن المقامة فإن الحريري لا يمكن إغفاله إذ يعتبر من تلامذة الهمذاني وفي نفس الوقت من مؤسسي قواعد فن المقامات.

مقامات ابن الناقيا :البغدادي الأصل ويعتقد أنه كان سريانيًا لكنه كتب المقامات العربية بعد تأثره ببديع الزمان ، وكان يحاول أن يحاكي الهمذاني في اختيار عبارات رنانة ، لكنه لم يكن يهدف في مقاماته للنقد الاجتماعي.

مقامات

الزمخشري

: هو فخر خوارزم أبو القاسم الزمخشري، وقدكتب خمسين مقامه وكان هدفها جميعًا النصح والعظة، منها مقامة المراشد ومقامة التقوىومقامة الإرعواء والتي تعني الرجوع للرشد والطريق القويم، وكان الزمخشري يبدأ مقاماته دائمًا بنداء “يا أبا القاسم”.

مقامات ابن الجوزي : أو المقامات الجوزية وهي تمتاز بصبغتها الصوفية.

مقامات الحنفي: الّتي اتبع فيها جانب الاعتدال ، وقد كتب الحريري ذلك بنفسه، حيث قال إن الهمذاني اعتمد على الإيجاز في مقاماته، بينما اعتمد هو على الاعتدال دون أن يتغافل عن الهزل في مقاماته.

مقامات الصفدي: والذي تأثر بشكل كبير بمقامات ابن العطار إلا أنها ضاعت على مر الزمان، فلم يتبق منها شيء الآن.

المقامات الأندلسية

كان

الأدب الأندلسي

بأكمله في البداية محاكاة للأدب المشرقي، لكن مع الوقت تطور وأصبح له صبغته الخاصة ، وقد نما وازدهر مع ازدهار الأندلس ثم اضمحل وندثر مع اضمحلال الأندلس، ومن أشهر الأداب العربية التي انتقلت للأندلس هي المقامات والتي ظهرت في الأندلس بين القرنين الخامس والتاسع الهجري، ومن أشهر رواد فن المقامات الأندلسية أبو حفص بن شهيد، وأبو مطرف عبدالرحمن بن فتوح، وقد اتسمت المقامة الأندلسية بالإطناب والطول وهذا من أهم الاختلافات بين خصائص المقامات في الأندلس وخصائص المقامات في العصر العباسي، كما أن الراوي اختفي من كثير من المقامات الأندلسية.

المقامات الفارسية

اقتبس الفرس من المقامات العربية، فكانت المقامات الفارسية تقليدًا للمقامات العربية لكن

خصائص المقامه

الفارسية كانت مختلفة عن المقامات العباسية ، وكان من أشهر من ألفوا المقامات في بلاد فارس قاضي البخ  حميد الدين أبو بكر محمد البلخي.

المقامات العربية الحديثة

ظهرت في العصر الحديث مجموعة من المقامات ولو أنها ليست غزيرة لكن يعتبر النقاد أن فن المقامات استمر حتى القرن التاسع عشر الميلادي تقريبًا وأن الشاعر والأديب أحمد فارس الشدياق كان من شعراء المقامات في العصر الحديث.

بديع الزمان الهمذاني

بدأ بديع الزمان في كتابة المقامات منذ عام 375 هـ ، ويعتقد أنه كتب مايزيد عن 400 مقامة، لكن ما وصل إلينا منها هو 50 مقامة  فقط، وكانت مقاماته هي المرجع والنموذج لكل من كتبوا المقامات من بعده، لكن هذا لا ينفي أن الهمذاني قد تأثر بكتابات من سبقوه من أصحاب الفنون النثرية مثل ابن المقفع صاحب كتاب ” الف ليلة وليلة”، وقد عكف طلاب الأدب في جميع الأمصار العربية على دراسة مقامات الهمذاني والاستفادة منها وترتيلها مثلما ترتل الأناشيد الدينية، وقد تميز الهمذاني عن غيره ممن كتبوا المقامات بقوة التعبير والصياغة المحكمة.

خصائص مقامات بديع الزمان الهمزاني

  • وقد تميزت مقامات بيع الزمان عن غيرها بقصر المقدمة.
  • ومن مميزاتها أيضًا الدعابة والمرح والتهكم.
  • كما تميز بعدم تكرار المنى فقلما تجد مقامتين لبديع الزمان تكرران نفس المعنى.
  • كان بدع الزمان يهتم بعرض مساويء المجتمع لكنه لم يهتم أبدًا بإصلاح تلك العيوب.
  • كان بديع الزمان يحسن تحليل طبائع الناس، لكنه كثير الاحتقار للناس في مقاماته.
  • كان أسلوبه يتميز بالفصاحة والسهولة والوضوح، مع حسن تركيب الجمل واختيار الألفاظ دون تكلف أو إغراق في استخدام السجع.
  • كان يستهل جميع مقاماته بقول حدثنا.
  • كان الراوي في مقامات الهذاني دائمًا هو عيسى بن هشام وبطل كل مقاماته هو أبو الفتح الإسكندري.

ومن أهم المواضيع التي تناولتها مقامات بديع الزمان الهمذاني:

  • المديح: فقد كتب الهمذاني ست مقامات في مديح والي سجستان ، بعد أن عاش هناك عامين، وقد بالغ وأطنب في مدح وذكر محاسنه.
  • النقد الأدبي: فقد قام الهمذاني بنقد الشعراء والكتاب الآخرين في أربعة مقامات مثل الفرزدق وامرؤ القيس وغيرهم حتى أنه كتب في نقد الجاحظ مقامة سميت بالجاحظية وهو ينتقده فيها لأن نثره يخلو من السجع.
  • الوعظ الديني والزهد: فالمقامة الوعظية والمقامة الأهوازية تحملان دعوة للزهد والتأمل.
  • الحض على العلم والتعليم: فمقامات بديع الزمان لا تخلو من الوعظ على لسان السكندري أو حتى بشكل مستعار.

مقامات بديع الزمان الهمذاني

تمت تسمية المقامات باسم الموضوع الأساسي بها، وغالبًا ما يكون اسم مكان، ومن أشهر مقامات بديع الزمان الهمذاني:

  • المقامة الكوفية
  • المقامة الأسدية
  • المقامة الأزادية
  • المقامة القرادية

من انواع المقامات ما يسمى مقامات الحريري

تعتبر مقامات الحريري هي تلك التي تم تكوينها على يد يحيي محمود الواسطي وهو من ركز على موضوع اهدار الاموار وابتزازها عن طريق التحايل، وهناك الكثير من الكتب التاريخية المتسلسلة تتكلم عن هذا الفن ومنها مقامات بديع الزمان ومقامات ابن نباتة ومقامات ابن ناقية، ومقامات الحريري.

وتقوم مقامات الحريري بإكمالها على اِبتزاز المال من خلال الحيلة والمغامرات التي بطلها أبي زيدِ السروجي التي يحكيها الحارث بن همام، ولغتها كانت متناسقة ومتينة، ولا تخلو من بعص التصنع وتعتبر المقامات فن من فنون الكتابة العربية اخترعه بديع الزمان الهمذاني، فيعد نوع من القصص القصيرة تشتمل على الحركة التمثيلية، وي

دور الحوار فيها بين شخصين، ويلتزم مؤلفها بالصنعة الأدبية التي تقوم على السجع والبديع.[2]