تعريف الزهد في عصر الضعف
تعريف شعر الزهد
الزهد هو انعدام الرغبة في الشيء، فالشخص الزاهد هو المقل من كل شيء، فلا يرغب في الطعام إلا للعيش، ولا يرغب في أي شيء إلا للضرورة، ويعرف الزهد بأنه مخالفة الرغبات، والقصد من الزهد هو الرضا والقناعة والاكتفاء بأقل الأشياء، والبعد عن الطرف والرفاهية، ويعرف عند أهل العلم، بأنه نهي النفس عن الهوى، وصفاء القلب والتقرب لله عز وجل.
أما عن الزهد في الشعر: فهو فن مستجد نشأ في العصر العباسي، بغرض أن يرجع الناس عن الترف والحياة المبهرجة، حيث كانت مظاهر الغناء والترف بلغت أشدها، مما استدعى إلى الدعوة إلى الرجوع إلى الله والتقرب منه، والابتعاد عن مظاهر الحياة الزائفة والاعتدال في كل شيء، حيث يعتبر الشعر فن الدعوة، لما له من قدرة على ملامسة القلوب وتنوير العقول، فكان يدعوا شعر الزهد إلى البساطة في كل شيء.
ما هو تعريف الزهد في عصر الضعف
دور الزهد في العصر العباسي
كان ابعاد الناس عن المجون والترف الزائد الذي كان من أبزر سمات العصر، كما أن شهد العصر في اواخره حالة من الاضمحلال والركاكة، وظهر الانحطاط في كافة الجوانب، وكانت بداية للانهيار في كافة النواحي الحياتية، ومن بينهم الشعر، مما استدعى إلى الدعوة لشعر الزهد، والذي يقتصر على أنواع معينة من الكتابة الشعرية، ويقصد بالزهد في عصر الضعف هو دعوة صريحة للشعراء بترك الكتابة عن ملذات الحياة، والاتجاه إلى الكتابة عن المديح النبوي، ووصف الغزوات، وشعر الحكمة والرثاء، حيث اقتصر الشعر حينها على بعض من الموضوعات فقط[4].
ولكن عانى الشعر حينها من الضعف والركاكة، وكان أحد الأمور التي انهارت مع انهيار الحياة الاجتماعية والسياسية، فكان عصر الضعف بمثابة نكبة على الأدب والشعر[1] ، ويرجع الضعف والركاكة والانهيار في نهاية العصر العباسي إلى:
- عدم التشجيع من قبل الحكام للشعر والشعراء.
- اضطراب الحياة الاجتماعية والسياسية.
- سوء الأحوال الاقتصادية.
- الحروب والنزاعات التي جعلت الناس تعزف عن الفنون والأدب.
- الوقوع والغرق في الصنعة اللفظية من قبل الشعراء.
ودعا شعر الزهد في عصر الضعف إلى مجموعة من القيم تحسب له، حيث كان يدعوا إلى:
-
التوكل على الله، فقال الشاعر سفيان الثوري
- إن كنت ترجو اهلل فاقنع به فعنده الفضل الكثير البشير
- من ذا الذي تلزمه فاقة وذخره اهلل العلي الكبير
-
التوبة لله عز وجل، فيقول الشاعر عبد الله المبارك:
- رأيت الذنوب تميت القلوب ويتبعها الذل أزمانها
- وترك الذنوب حياة القلوب فاختر لنفسك عصيانها
-
الانصراف عن متع الدنيا، والتوجه إلى الله عز وجل، حيث كان الهدف الأساسي في
تيار الزهد
في كل العصور، فيقول الشاعر إبراهيم بن الأدهم:- أرى الدنيا لمن هي في يده عذابا كلما كبرت لديه
- تهين الكرامات بها لصغر وتكرم كلما هانت عليه
- إذا استغنيت عن شيء فدعه وخذ ما كنت محتاجا إليه
-
القناعة والرضا، حيث يقول الشاعر بشير بن الحارث:
- قالوا رضيت بذا؟ قلت القنوع غنى ليس الغنى كثرة الأموال والورق
- رضيت بالله في عسري وفي يسري فلست أسلك إلا واضح الطرق
-
التذكير بالموت والترهيب منه فيقول الشاعر محمود الوراق
- بكيت لقرب الأجل، وبعد فوات الأمل
- و واقد شب طرا، يعقب شبابا رحل
- شباب كأن لم يكن، وشيب كأن لم يزل
خصائص شعر الزهد
لم يكن شعر الزهد هو المثال للراقي للأدب العربي حيث إن الأدب والشعر العربي بمثابة حضارة ونهضة لا مثيل لها، فشعراء العرب حفروا أبيات الشعر في التراث وكتب التاريخ حفراً، حيث اختص شعر الزهد في العصر العباسي[3]:
الصياغة
عرف شعر الزهد ببساطة اللفظ وسهولة الكلمة، وخلا تماماً من التعقيد والالتواء والتركيب، ومن أشهر شعراء الزهد في العصر العباسي أبو العتاهية، حيث أقيمت في أشعاره الكثير من الدراسات والرسائل العلمية، كونه أبزر شعراء العصر، وعرفت الجمل والأبيات في شعر الزهد بالركاكة في الكلمة، والمعاني البسيطة والضعيفة، حتى المقاصد الفلسفية كانت بسيطة.
العقلانية والحكمة
عرفت الأشعار في تلك الحقبة بتوظيف العقل والحكمة في كافة مجريات الحياة، والدعوة إلى التفكير والتدبر في الله وأحكام الشريعة والدين، والدعوة للأخلاق والابتعاد عن الأمور الدنيوية.
الموسيقى الشعرية
لم يلتزم شعر الزهد بالموسيقى الشعرية، ولم يتقيد بالأوزان والقوافي، بل كان يخرج عن تقاليد الشعر، من أجل توصيل المعنى، كما ابتكر الشعراء وعلى رأسهم أبي العتاهية أوزان جديدة، وكان هو أول من كسر القواعد، فقد يمكن التحدث عن أبي العتاهية وشعر الزهد على أنهم شيء واحد، فكان الأب الشرعي لهذا النوع من الأشعار، وهو من
اهم شعراء الزهد
، ومن سمات أسلوبه الخروج عن القاعدة وكسر القافية[2].
كثرة استخدام الأسلوب الإنشائي
كثر استخدام الأسلوب الإنشائي في شعر الزهد، حيث كان المقصد من استخدام تلك الأساليب هو اثارة الانتباه والتشويق، فاستخدم الشعراء أسلوب النداء وأسلوب الاستفهام، وأسلوب التعجب والأمر والنهي.
أسلوب الخطابة الوعظية
يستخدم أسلوب الخطابة الوعظية من أجل إثارة أنتباه المستمع، والابتعاد عن الممل.
اهم شعراء الزهد
هناك العديد من شعراء الزهد الذين نبغوا في كتابته، فلم يكن الزهد حكراً على العصر العباسي فقد، بل كان يمتد من العصر الجاهلي واذدهر في العصر الإسلامي والأموي والعباسي، ومن أشهر كتاب شعر الزهد:
رابعة العدوية
وهي ام الخير بنت إسماعيل العدوي، ولقبها سيدة العاشقين، واكنت شاعرة وزاهدة متصوفة، ومن بلين كتاباتها عن الزهد:
- أحبك حبين حب الهوى، وحبا لأنك أهل لذاك
- فأما الذي هو حب الهوى، فشغلي بذكرك عمن سواك
- وأما الذي أنت أهل له، فكشفك لي الحجب حتى أراك
أبو العتاهية
- ومن اشعاره، لعمرك ما الدنيا بدار بقاء
- كفاك بدار الموت دار فناء، فلا تعشق الدنيا أخي، فإنما
- يرى عاشق الدنيا بجهد بلاء، حلاوتها ممزوجة بمرارة
- وراحتها ممزوجة بغناء، فلا تمس يوماً في ثياب مخيلة
- فإنك من طين خلقت وماء لقل امر تلقاه لله شاكرا
أبو النواس
الحسن بن هاني المعروف بأبو النواس، كان أحد الشعراء الذين يكتبوا عن الحب والغزل، وكان له باع كبير في الشعر الماجن والحياة الدنيوية، ولكن بعد ذلك تغير الأمر، وشعر بالذنب، وكتب عن الزهد والرجوع إلى الله عز وجل، ومن بين أشعاره:
- أراك يزيدك الإثراء شوقاً
- إلى الدنيا كأنك لا تموت
- تظل على الغنى أبداً
- حريصاً أن تخاف فوات شيء لا يفوت
- وأغنى منك ذو طمرين راضِِ
- من الدنيا يبلغه ما يفوت