ما هو وقت الدلجه
تعريف الدلجة
يقال في المعجم أن أدلج القومُ أي ساروا أوّل اللّيل، أو من آخره، أو ساروا في أيَّ ساعة من ساعاته، أو ساروا اللّيلَ، إذا فإن الدلجه هي وقت السحر.[1]
ما هو وقت الدلجه
وقت الدلجة هو وقت السحر أي أنه وقت الثلث الاخير من الليل وقبل طلوع الفجر أو ما قبل طلوع الفجر الصادق ويمكن قيام وقت الدلجة إذا صادفه المسلم قبل الفجر بساعة واحدة، وفي قول آخر أن الدلجة هي الليل كله.[2]
معنى الدلجة في الحديث
المقصود حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكر فيه الدلجة وهو عن أَبِي هريرة رضي الله عنه أن النَّبيّ ﷺ قَالَ: “إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، ولنْ يشادَّ الدِّينُ إلاَّ غَلَبه فسدِّدُوا وقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، واسْتعِينُوا بِالْغدْوةِ والرَّوْحةِ وشَيْءٍ مِن الدُّلْجةِ” رواه البخاري.
وفي رواية أخري يقول” لَهُ سدِّدُوا وقَارِبُوا واغْدوا ورُوحُوا، وشَيْء مِنَ الدُّلْجةِ، الْقَصْد الْقصْد تَبْلُغُوا”، و الغرض من الحديث أنه لا يجب على المؤمن أن يغالي في عبادته وأن عليه القيام بالفروض وما زاد من نوافل دون أن يضر نفسه ومن ذلك قول الله تعالى ( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ) [ص:86]
وأن يقوم الأنسان فيما يزيد عن الفروض بما يقدر عليه دون مشقة و من ذلك قوله سبحانه (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن:16]، وهذا تفصيل وشرح للحديث:
-
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ
)
والمقصود هنا أن الدين ميسر لكل من دان به ولا تعسير فيه وأن من قام بالفروض الواجبه عليه ثم أراد أن يستزيد بالنوافل فلا يشق على نفسه ، مثال من قام بكل فروض الصلاة كاملة وأراد أن يزيد فقام بالنوافل والسنن ثم زاد فقام الليل فعليه أن لا يرهق نفسه بقيام الليل كله ويكفيه من الليل ثلثه فقط كما جاء في قول الله ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ ) [البقرة:185].
-
ومن يسر هذا الدين الذي شملته الكلمة أن التوبة فيه من الذنب تكون بالعزم والاستغفار والتقرب إلى الله أما ما قبله من أديان كان يؤمر بقتل النفس لذلك خص اليسر مع كلمة الدين لتشملها بالمعنى.
-
المقصود ب
“
ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه”
أن هذا الدين بحر الطاعات فيه واسع وكبير ، ولن يستطيع إنسان أن يحيط بكل فعل من النوافل والسنن والمستحبات ليستوعب كل ما في الدين، وعلى كل أنسان أن يأتي بواجباته وفروض دينه كاملة وأن يأتي من النوافل والسنن ما استطاع فقط فمثلا من يصوم رمضان ويحب أن يستزيد من الصيام فيكفيه صيام داود أو صيام الأيام القمرية القصد هنا أن لا يشق المرء على نفسه بصيام العام كله، والمقصود بغلبه أي ما قدر على القيام بكل الطاعات. -
المقصود ب”
فسددوا وقاربوا”
أن قوموا بما تستطيعون من زيادات في العبادة دون المشقة ودون إفراط أو تفريط، وقاربوا أي قوموا بما يقربكم من الكمال الذي لا يمكن الوصول إليه فإن كان القيام بكل العبادات غير الواجبة صعب فلا تفرطوا في جزء منها.
-
أبشروا بأجر عظيم و ثواب ما عملتم بدوام العمل وإن كان قليل و حتى من عجز منكم عن العمل الكامل مادام في غير الفروض يبشر بمغفرة ورضا وثواب واجر من الله.
-
“واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء
من
الدلجة”
أي قوموا بالواجبات والعبادات في الأوقات التي يغمركم فيها النشاط أو الأوقات التي تتميز هي ذاتها بالنشاط، في معنى آخر و الغدوة مقصود بها السير في أول النهار وما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس، والروحة بالفتح السير بعد الزوال، والدلجة بضم أوله وفتحه وإسكان اللام سير آخر الليل وقيل سير الليل كله، وهنا كانت كلمة بعض الغرض منها جزء من الليل وليس كله حتى ينال الجسم حظه من النوم والراحة، خاصة أن أعمال الليل تكن أكثر مشقة على الفرد من أعمال النهار، وكان لتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم الخطاب إلى المسافر لأن من يسافر إذا سافر بالليل والنهار متواصلا عجز عن استكمال سفره وانهك قوته وتوقف، أما إذا اختار أن يمشي في سفره في تلك الأوقات التي تتميز بالنشاط تمكن من الاستكمال دون أن يشق على نفسه.
وكان اختيار النبي صلى الله عليه وسلم للمسافر ليعطي تشبيه للمسلم بأن الدنيا التي لابد لها من زوال وانتقال للآخرة بالسفر كما ينتقل الشخص من مكان لمكان وليوضح لكل عاقل أن البقاء في الدنيا محال ، ويعني هنا أن سر في أول الليل وفي أول النهار، السير في أول النهار غدوة، والروحة في آخر النهار؛ أما القول الآخر القصد تبلغوا فعلى كل مسلم أن لا يتكلف بل يتحرى في العبادة قدر جهده و النشاط.[3]
العبادات المشروعة في وقت الدلجة
-
إن المشروع في وقت الغدوة هو صلاة الفجر وذكر الله وقراءة أذكار الصباح.
-
أما وقت الرواحة فيشرع في هذا الوقت صلاة العصر و ذكر الله سبحانه وتعالى و قراءة أذكار المساء.
-
أما وقت الدلجة فهو قيام الليل و الاستغفار والدعاء.
وقت الدلجة وقيام الليل
-
قيام الليل هو سنة مشروعة اشتهر بها العباد الصالحين فقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بقيام الليل و ذلك في الآيات من سورة المزمل والمعني هنا بالمزمل هو الرسول صلى الله عليه وسلم ﷺ، قال الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا [المزمل:1-2] يعني قم يا محمد صلى الله عليه وسلم.
-
قيام الليل سنة مؤكدة في أول الليل ونصفه وآخره والدلجة تعني الليل وفي معنى آخر أن الدلجة آخر الليل فتشرع فيه تلك العبادة العظيمة ومن هنا يتضح أن وقت الدلجة وقت عظيم في الدين حيث أن أعظم أوقات قيام الليل و أفضلها هو الثلث الأخير والذي يختص بكلمة الدلجة.
-
الارتباط بين أعظم العبادات من السنن المؤكدة اختص به وقت الدلجة وهو ما يؤكد على قيمة وأهمية هذا الوقت العظيم.[4]
وقت الدلجة ودلوك الشمس
جاء في الآية قول الله تعالى أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)، و دلوك الشمس مقصود به زوال الشمس.
العلاقة بين دلوك الشمس والدلجة هي القيام بالصلاة حتى وقت الزوال أما الدلجة على عكسها في القيام بالعبادات حتى قرب طلوع الشمس.
شهر رمضان ووقت الدلجة
شهر رمضان أعظم شهور العام وأكثرها بركة وقيام الليل وقت الدلجة من أعظم العبادات في هذا الشهر، ويشرع في وقت الدلجة من شهر رمضان قراءة القرآن والدعاء والاستغفار والتهجد (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا)، وبذلك يكون مستحب في وقت الظلمة القيام بهذه العبادات المذكورة في النقاط التالية:
-
قراءة القرآن ومدارسته أي قراءته بكثرة على الغير أو سماعه من الغير قراءة متأنية مع السعي لختم القرآن في أسبوع إن أمكن ثلاثة أيام لا أقل من ذلك.
-
الذكر والاستغفار وتسبيح المولى وهو من أعمال آخر الليل وقت الدلجة لا يجمع المسلم بين عظمة الشهر وعظمة الوقت وفضل الدعاء والاستغفار والتسبيح.[5]