خصائص شعر أبو العلاء المعري
من هو أبو العلاء المعري
هو شاعر قديم ، كان اسمه أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان بن محمد بن سليمان بن أحمد بن سليمان بن داود بن مطهر بن زياد بن ربيعة بن الحرث بن ربيعة بن أنور بن أسحم بن أرقم بن النعمان بن عدي بن غطفان بن عمر بن بريح بن خزيمة بن تيم الله بن أسد بن المعري.
كان
أبو العلاء المعري
من قوم فيهم الرئاسة والقضاء حيث تولى نفر من أهله قضاء المعرة وقيل انه سليمان بن محمد وكانوا أهل علم وثراء ومنهم كان ايضا علماء وكتاب وشعراء وفيهم كتبت فصول في الكتب والمؤلفات ومواقف لأهل معرة في عزهم بينهم.
وكان أبو العلاء ضعيف الجسد وكانت قامته قصيرة وكان جسمه نحيف ترك مرض الجدري على وجهه.
مولد أبو العلاء المعري
ولد في السابع والعشرين من شهر ربيع الأول لسنة ثلاثمائة وثلاثة وستون هجريا وفي عام ثلثمائة وسبع وستون أصيب بالجدري وابيضت عينه اليمنى ثم ذهبت اليسرى تماما وقد قال عن أمر عماه في بيت شعر له يقول:
سواد العين زار سواد قلبي ** ليتفقوا على فهم الأمور
وقال أيضا في ذلك :
أنا الذي نظر الاعمى إلى أدبي ** وأسمعت كلماتي من به صمم.
علم أبو العلاء المعري
تعلم اللغة والنحو عن والده ، وتعلم من عبد السلام بن الحسين البصري في بغداد ورحل إلى طرابلس ، وأخذ العلم من كتب موقوفة هناك وله ذكر في جمع الجوامع ، وقال السيوطي أنه أسند أحاديثه في الطبقات الكبرى ، كان وافر العلم وله حظ كبير من فنون الأدب نابغ في النحو والصرف. [1]
تلاميذ أبو العلاء المعري
قد كان للمعري تلاميذ من الشعراء منهم نذكر أبي المكارم عبد الوارث بن محمد الأبهري ومحمد بن احمد بن ابي الصقر الانباري والخليل بن عبد الجبار القزويني وأبي تمام غالب بن عيسى الانصاري وقرأ عليه أحد الشعراء الكبار وهو بن فرجة البروجردي.
خصائص شعر أبو العلاء المعري
إن اللغة هي أداة الشاعر وخامته الاولى في الصناعة الشعرية وكلما كانت خامته ثرية كان شعره مميز والعكس ، كان أبو العلاء المعري من هؤلاء الذين يملكون المفردات والتراكيب والقدرة على صياغتها وتذكر المفردات اللغوية حتى كان له قاموسا في الشعر العربي ، مما جعل لأسلوبه خصائص ميزته عن غيره ،
وتدور أهم خصائص شعره في اللغة والأسلوب والموسيقى فيما بلي :
-
إحاطته باللغة وقدرته على التصرف فيها ، الانفراد بتراكيب خاصة وبنية لغوية متميزة.
-
الثقافة اللغوية الواسعة ببراعة ونبوغ وعبقرية ، امتلاك شوارد اللغة وتطويعها.
-
استعمال الغريب من الألفاظ في الشعر والنثر ،
مثال هذا البيت الشعري في خصائصه اللغوية “وَإِنَّ المَوتَ راحَةُ هِبرِزِيٍّ ** أَضَرَّ بِلُبِّهِ داءٌ عَياءُ” ،وايضا قال “جَلا فَرّقَدَيْهِ قَبْل نُوحٍ وآدمٍ ** إلى الْيَوْمِ لم يُدعيا في الْقَراهِب” -
كان أسلوبه في اللزوميات أسلوب شامل يدور أحيانا بين السهولة والبيان والوضوح وأحيانا أخرى يتسم بالتعقيد ، كان أسلوبه مميز وعرف بجزالة الأسلوب ومتانة التراكيب.
-
عرف عنه قوة الأسلوب وطيب الجرس ، فقال في شعره ”
أُولو الفضلِ، في أوطانهم، غرباءُ *** تشِذّ وتنأى عنهمُ القُربَاءُ”
-
أناقة في التأليف وفتوة في الأسلوب ، استخدام أساليب الاستفهام والنهي والنفي ، فقال “
طِباعُ الوَرى فيها النِفاقُ فَأَقصِهِم *** وَحـيـداً وَلا تَـصـحَب خَليلاً تُنافِقُه”
-
الأهتمام الشديد بالقوافي ، اتخاذ جميع الأساليب المتكلفة لإظهار جمال الموسيقى.
-
حسن تذوقه السمعي ، اتسم بظاهرة التصريع والتي تسمى التقطيع الموسيقي ، فقال ”
يَـأتـي عَـلى الخَـلقِ إِصـبـاحٌ وَإِمساءُ *** وَكُـــلُّنـــا لِصُـــروفِ الدَهـــرِ نَــسّــاءُ” [2]
أغراض شعر أبو العلاء المعري
كان الزهد والبعد عن الأغراض التقليدية للشعراء من مدح وذم ورثاء هي أهم أغراض أبو العلاء المعري ، كانت نظرته تتصف بالحكمة و فلسفته واشعاره تدور في فلك الزهد في الحياة ، وربما كان لفقد بصره العامل الأساسي في ذلك ، وكان بصيرته بديلا عن بصره و كان لحكمته قدره على تحريره من قيود واسر الجسد حتى صار حكيم الشعراء.
مؤلفات ابو العلاء المعري
كان له عدة مؤلفات وهي (
رسالة الغفران ، رسالة الملائكة ، رسالة الهناء ، ديوان سقط الزند ، لزوم ما لا يلزم ، الأيك والغصون ، تاج الحرة ، عبث الوليد ، معجز أحمد ، شرح ديوان الحماسة ، ضوء السقط ، رسالة الصاهل والشاحج). [3]
قصائد أبو العلاء المعري مع الشرح
سوف نستعرض شرح لبعض أبيات قصيدته غير مجد في ملتي واعتقادي:
-
غَيْرُ مُجْدٍ في مِلّتي واعْتِقادي ** نَوْحُ باكٍ ولا تَرَنّمُ شادِ
-
وشَبِيهٌ صَوْتُ النّعيّ إذا قِي ** سَ بِصَوْتِ البَشيرِ في كلّ نادِ
-
أَبَكَتْ تِلْكُمُ الحَمَامَةُ أمْ غَنْ نَت ** عَلى فَرْعِ غُصْنِها المَيّادِ
-
صَاحِ هَذِي قُبُورُنا تَمْلأ الرُّحْ ** بَ فأينَ القُبُورُ مِنْ عَهدِ عادِ
في أول أربعة أبيات يتحدث أبو العلاء المعري عن الموت والحياة والغناء والبكاء وكأنهم شئ واحد وكذلك صوت النوح والنعي على الميت يشبه صوت المبشر بالولادة وجميعهم كحمامة على الاغصان تنوح لا ندري حقيقة ان كان هذا نواح ام غناء ، ثم يطالب الانسان الحي أن يترفق بالارض فتحتها مدفون ابائه واجداده.
-
“خَفّفِ الوَطْء ما أظُنّ أدِيمَ ال أرْضِ إلاّ مِنْ هَذِهِ الأجْسادِ
-
وقَبيحٌ بنَا وإنْ قَدُمَ العَهْ دُ هَوَانُ الآبَاءِ والأجْدادِ
-
سِرْ إنِ اسْطَعتَ في الهَوَاءِ رُوَيداً لا اخْتِيالاً عَلى رُفَاتِ العِبادِ
-
رُبّ لَحْدٍ قَدْ صَارَ لَحْداً مراراً ضَاحِكٍ مِنْ تَزَاحُمِ الأضْدادِ”
ثم يكمل حديثه للإنسان ويذكره بأن هذه اجساد وبقايا أجداده تحتها ، ثم مشددا على عدم الاختيال مطالبا بخفة المشي حتى أن استطاع البشر الطير بدلا من السير على الرفات ، ثم يصور حال اللحد الذي ضم جسد وراء جسد حتى ضحك وتعجب من تعاقب الناس عليه ومدى اختلافهم بين الصالحين الاخيار والاشرار.
-
وَدَفِينٍ عَلى بَقايا دَفِينٍ ** في طَويلِ الأزْمانِ وَالآباءِ
-
فاسْألِ الفَرْقَدَينِ عَمّنْ أحَسّا ** مِنْ قَبيلٍ وآنسا من بلادِ
-
كَمْ أقامَا على زَوالِ نَهارٍ ** وَأنارا لِمُدْلِجٍ في سَوَادِ
-
تَعَبُ كُلّها الحَياةُ فَما أعْ ** جَبُ إلاّ مِنْ راغبٍ في ازْديادِ
ثم يقول عن دفن ميتا بعد ميت قد دفن أحدهما في بقايا الاخر على مر العصور والأزمنة ، ثم يتسائل عن بقايا من قبلنا ثم يتسائل عن مشهد الغروب وكيف كان نور وضياء في الصحراء للتائهين ، ثم يصدم المشاعر بحقيقة الحياة وكيف أنها لا راحة فيها وان كلها شقاء فلما يطلب ابن آدم منها زيادة.
-
“إنّ حزناً في ساعة الموت أضعا***ف سرورٍ في ساعة الميلاد
-
خُلق الناس للبقاء فضلّت *** أمة يحسبونهم للنفاد
-
إنما ينقلون من دار أعما *** لٍ إلى دار شِقوة أو رشاد
-
ضجعة الموت رقدة يستريح ال *** جسم فيها والعيش مثل السهاد”
وهنا يقول الشاعر عن حزن الموت والذي يكون اضعاف فرحتهم بالميلاد وان الموت هي المحطة الاخيرة فكيف يحسبون انهم باقون في هذه الدنيا وهم ينتقلون من الدنيا إلى الآخرة اما تكون دار عذاب أو راحة بحسب أعمالهم و بالموت يستريح الجسد مثلما يستريح بالنوم من التعب.