ما هي صناعة الأفلام الوثائقية
الأفلام الوثائقية هي أفلام تروي قصة لكن بطريقة مختلفة تمامًا عن الأفلام السينمائية العادية، فهو عادة ما يروي قصص حقيقية مثل كفاح شخص أو حتى أمة، وإلى جانب أنها تساهم في خلق التعاطف مع الموضوع، فإن الأفلام الوثائقية يمكن أيضًا أن تخلق الوعي حول القضايا الاجتماعية الهامة، وهي تمكن المشاهد من الوصول إلى بيئات غريبة ودول أجنبية لا يمكن الوصول إليها في العادة إلا عبر تلك الأفلام.
ويمكن أن يكشف الفيلم الوثائقي فساد أو ظلم، وعندما تربط بين الفيلم الوثائقي والواقع فإنك تنشئ مستوى أعمق من الفهم لدى المشاهد الذي يربط بسهولة بين الواقع وأحداث الفيلم، ويعرف الناقد السينمائي الأمريكي والمخرج باري لورنتز الفيلم الوثائقي بأنه “فيلم واقعي مثير”.
تاريخ الأفلام الوثائقية
يمكن تلخيص تاريخ الأفلام الوثائقية في النقاط التالية:[1]
كانت الأفلام الأولى التي تم إنتاجها ما قبل القرن العشرين تسمى “أفلام واقعية” لأنها التقطت مقتطفات قصيرة من أحداث “فعلية” حقيقية ، مثل قطار ينطلق إلى الرصيف أو العمال يغادرون المصنع، إذن ، في جوهرها ، كانت جميع الأفلام السينمائية الأولى التي تم إنتاجها أفلامًا وثائقية ، فنحن نشاهد القطار كما هو ولا نعرف من على متنه أو لماذا ركبوه، وقد سميت تلك الأفلام أيضًا بالأفلام الإخبارية، وقد استغرق الأمر حوالي عشر سنوات ، تقريبًا من عام 1895 إلى عام 1905 ، لصانعي الأفلام الأوائل لمعرفة كيفية إجراء تعديلات واستخدام السرد لرواية قصة
في روسيا 1920م بدأت الروح الحقيقية للفيلم الوثائقي تظهر مع شاعر شاب ومحرر أفلام يسمى دزيغا فيرتوف، حيث ابتكر سلسلة من الأفلام الإخبارية التعليمة أطلق عليها اسم “رجل مع كاميرا” وذلك أثناء فترة الثورة الروسية.
أما أول فيلم وثائقي أصلي فهو فيلم Nanook of the North للمخرج الأمريكي روبرت فلاهيرتي وتم إنتاجه عام 1922م وهو يعرض حياة عائلة حقيقية من الإسكيمو، وكانت مدة الفيلم كاملة 78 دقيقة، وقد قضى فلاهيرتي ثلاثة سنوات لتصوير نانوك وعائلته في القطب الشمال، وأثناء التصوير تعرضت نصف المادة الفيلمية التي صورها فلاهيرتي للحريق لأن مادة الأفلام في تلك الأيام كانت مصنوعة من النتروجلسرين، وكان عليه أن يعود ويصور اللقطات المحترقة من جديد.
أما أول من استخدم مصطلح “فيلم وثائقي” لوصف الأفلام الواقعية فكان المخرج الأسكتلندي جون جريرسون عام 1926م، وقد عرف جون الفيلم الوثائقي بأنه معالجة إبداعية للواقع.
وخلال ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين أصبح الفيلم الوثائقي أداة دعائية قيمة للحكومات مثل الحكومة الألمانية والأمريكية والبريطانية وخاصة خلال الحرب العالمية الثانية.
مع ظهور معدات تكنولوجيا جديدة ومعدات وكاميرات خفيفة ظهرت أساليب جديدة في صناعة الأفلام والتي سمحت بالتقاط المزيد من الأحداث ” التلقائية” فظهر ما يعرف باسم سينما فيريتيه أو سينما الواقع ما بين خمسينيات إلى سبعينيات القرن العشرين، وقد كان صانع الأفلام الفرنسي جان روش من رواد تلك الصناعة.
منذ ستينيات وحتى أوائل تسعينات القرن العشرين أصبح التليفزيون منفذًا هامًا لصناعة الأفلام الوثائقية.
مع تقدم التكنولوجيا وإمكانية الوصول إلى خدمات البث مثل Netflix و Hulu ، دخل الفيلم الوثائقي في الوعي الشعبي باعتباره أحد الأشكال الفنية السائدة في سرد القصص السينمائية والصحافة والتعبير الشخصي.
أنواع الفيلم الوثائقي
يوجد5
أنواع الفيلم الوثائقي وخصائصها
تختلف فيما بينهما، وهي:[2]
- الفيلم الوثائقي التفسيري.
- الفيلم الوثائقي الانطباعي.
- الفيلم الوثائقي التجريبي.
- الفيلم الوثائقي الانعكاسي.
- الفيلم الوثائقي الرصدي.
عناصر الفيلم الوثائقي
المقابلات
يجب تأطير الأشخاص في المقابلات التي تظهر في الفيلم بحيث تملأ حوالي ثلث الشاشة، وضع في اعتبارك اتجاه النظرة الخاصة بهم في الفضاء السلبي، واحترس من الانعكاسات التي قد تظهر في النظارات التي يرتديها الضيف.
القواطع
قم بتصوير الكثير من القواطع، وستجد أن الأمور أسهل في غرفة التحرير، وقد تكون القواطع لافتات على المحلات أو وجوه أشخاص أو لقطات عاطفية مثل رجل يجلس في حديقة يتأمل أو غيرها.
سينما فيريتيه (اللقطات الباردة)
هذه اللقطات التي تلتقطها للشخصيات في فيلمك على طبيعتهم، ببساطة تابعهم بالكاميرا، وكأن المصور غير موجود، تساعد هذه اللقطات في الكشف عن الجزء “العاطفي” من شخصية أو موضوع الفيلم.
لقطات العمل
قد تحتاج لإظهار صوتك في الخلفية أو تصوير نفسك أثناء العمل، تبعًا لنوع الفيلم وطبيعته.[3]
اللقطات الأرشيفية
اللقطات الأرشيفية سواء الفيديوهات أو الصور عنصر هام جدًا في صناعة الأفلام الوثائقية، وهناك عدة طرق لمسحها وتحويلها لجزء من فيلمك متاحة اليوم.
خطوات صناعة فيلم وثائقي
تعد صناعة الفيلم الوثائقي من أكثر الأمور تحديًا في العمل السينمائي، وبالطبع فإن صناعة أي فيلم أيًا كان نوعه هي في البداية فنًا وليست علمًا، مع ذلك هناك مجموعة من الخطوات الأساسية لعمل فيلم وثائقي، وهي:
اختر قصة تهتم بها
يجب أن يكون موضوع الفيلم الوثائقي الذي تختاره، مثير لاهتمامك، لأنك إذا لم تشعر بالإثارة فإن الفيلم النهائي قد يكون فاترًا أيضًا، وستجد أن الكثير من المشاهدين في النهاية لا يفهمون فكرتك.
قم بعمل أبحاث عن الموضوع
يجب أن تعلم كل المعلومات الممكنة عن موضوع الفيلم الذي اخترته قبل أن تبدأ، فأوقات تكون جميع خطوط القصة واضحة وأوقات لا تكون كذلك، لذلك يجب أن تقوم بالكثير من البحث وتسير وراء كل الخيوط لجمع جميع الحقائق الممكنة حول الشخصيات أو موضوع فيلمك، حتى لا يضيع منك جوهر القصة في النهاية.
ضع خطة عمل
يجب أن تصنع مخطط تفصيلي عن الطريقة التي ستخبر بها قصتك للناس، واسأل نفسك ماهو النمط الذي سأتبعه؟، هل هناك لقطات أو صور حقيقية تساعد في السرد، أم سأحتاج لتصوير كل شيء من جديد؟ ما هي عناصر المقنعة التي ستكون مقنعة؟ ما هي العناصر التي ستجعل المشاهد يشعر بكل تفاصيل المؤامرة؟، وغير ذلك من الأسئلة التي ستحدد اتجاه العمل.
قم بإنشاء قائمة باللقطات
يجب أن تضع قائمة بجميع اللقطات والمقابلات التي ستحتاجها لصنع الفيلم، وبالطبع هذه اللقطات تعتمد على نوع الفيلم الوثائقي ومدى تعقيد مشروعك، واعتمادًا على تلك القائمة قد تحتاج لوضع ميزانية للفيلم.
وبالطبع لا توجد قواعد لعدد المقابلات التي ستجريها خلال الفيلم قد تحتاج لإجراء 100 مقابلة اعتمادًا على ظروف الفيلم، فلكل فيلم ظروفه الخاصة، لكن بوجه عام ضع في اعتبارك أن المشاهد لا يمكنه أن يتعرف على أكثر من 7 أو 8 شخصيات في الفيلم الواحد، لذلك إذا قمت بإجراء 100 مقابلة فلا تتفاجأ أنك في النهاية قد لا تستطيع عرضها بالكامل في فيلمك.
ابدأ بالتصوير
يجب أن تحدد هل تصنع فيلمًا وثائقيًا للعرض على الإنترنت أو الأجهزة المحمولة أو التليفزيون أو السينما أو مزيج بين كل هؤلاء، لأن طريقة عرض الفيلم قد تملي عليك أسلوب التصوير وأسلوب رواية القصة، قد لا تظهر بعض التفاصيل الدقيقة على شاشات الهاتف، لذلك يجب أن تقوم بتصوير مجموعة متنوعة من الزوايا للقطات سواء اللقطات القريبة أو اللقطات المتوسطة أو الواسعة.
اكتب سيناريو
بمجرد تصوير جميع اللقطات سوف تحتاج لجمعها معًا وتنظيمها في نص، لذلك بعد التصوير حدد العناصر الأكثر إقناعًا في قصتك، وابدأ في صياغة مشاهد مصغرة حول تلك الأحداث، وتذكر أن النص ليس بالضرورة أن يكون تعليق صوتي على الفيلم، لكن النص يصف ما يراه الجمهور ويسمعه في النهاية.
ابدأ في تحرير الفيلم
إن تحرير الفيلم يشبه تجميع أحجية كبيرة رائعة، وستحتاج أولًا لاختيار جهاز كمبيوتر وبرنامج تحرير فيديو، وبمجرد أن تصبح معدات العمل جاهزة، قم بترتيب مقاطع الفيديو الخاصة بك واحدة تلو الأخرى في تسلسل مناسب، وسوف تحتاج لعرض بعض اللقطات بسرعة وبعضها ببطء لخلق تجربة مشاهدة ديناميكية في النهاية.
تحقق من المسائل القانونية وحقوق النشر والتأليف
على الرغم من أن تلك الخطوة في نهاية القائمة، إلا أنك في الواقع يجب أن تضع هذا الأمر في اعتبارك من بداية صناعة الفيلم حتى نهايته، ويجب أن تولي أهمية كبرى لهذا القسم وقراءة جميع لإرشادات القانونية حتى البسيطة حتى قبل أن تبدأ في صناعة الفيلم.
نشر الفيلم
الآن بعد أن أنهيت فيلمك حان الوقت لعرضه للجمهور، لم يكن هناك الكثير من الخيارات أمام صناع الأفلام الوثائقية في الماضي، لكن اليوم مع تعدد وسائط العرض يمكنك إيصال الفيلم الوثائقي للجمهور بسهولة وبكثير من الطرق بداية من التليفزيون وحتى الهواتف والإنترنت ومنصات العرض الرقمية.[4]