شعراء فرنسا في القرن التاسع عشر

نشأ الأدب الفرنسي في القرن التاسع عشر على فترات متقطعة لكنها كانت ديناميكية ومؤثرة ، وقد تأثر الشعراء في هذا القرن بالأحداث السياسية وخاصة خلال في فترات حكام مثل نابليون بونابرت ونابليون الثالث ولويس الثامن عشر ولويس فيليب دورليان، وكان الشعراء الفرنسيون مثل تشارلز بودلير وفيكتور هوغو وبول فرلان في طليعة من اكتشفوا اضطرابات تلك المرحلة وقد انعكست على إنتاجهم الشعري بشكل واضح.

تشارلز بودلير

يعد تشارليز بودلير واحد من أكثر شعراء القرن التاسع عشر إقناعًا، وفي حين أن فيكتور هوجو والذي عاصر بودلير قد تم تصنيفه على أنه أعظم شعراء فرنسا في القرن التاسع عشر، إلا أن بودلير يتفوق عليه في تعبيره غير المسبوق عن الحساسية المعقدة والموضوعات الحديثة داخل هيكل من الصرامة الكلاسيكية والفنية، وقد تميز بودلير أيضًا بمهاراته في كتابة فن النثر والتي تساوت تقريبًا مع قدراته الشعرية، وبجانب أعماله الشعرية والنثرية والنقد الأدبي فقد كان لبودلير ترجمات مؤثرة للكاتب الأمريكي إدجار آلان بو، وعمل روائي قصير.[1]

ولد الشاعر تشارليز بيير بودلير في 9 أبريل 1821م بباريس، وتوفي في 31 أغسطس 1867، وقد كان شاعر وناقد أدبي وفني، وقد أثبت بودلير نفسه لأول مرة في الوسط الأدبي بباريس ليس كشاعر بل كناقد فني وذلك بمراجعاته عن الصالونات الأدبية في عام 1845م و1846م.

يعتبر العمل الأكثر شهرة لبودلير هو “ديوان أزهار الشر” وهو عبارة عن مجلد شعري تم نشره لأول مرة في عام 1857، وكان عملًا ثوريًا لأنه كان يسلط الضوء على كيفية تغير مفهوم الجمال وتحديثه، وقد تم تأطير العمل في سياق أن باريس أصبحت مدينة صناعية أكثر وأن هذا العصر يمكن أن يحمل مواضيع خصبة لإلهام الأدب.[2]

ويبدأ بودلير كتابه بمخاطبة القارئ بشكل شخصي كشريك له في تأليف شعره، وهو يستحضر في قصيدته عالمًا مليئًا بالفساد والخطيئة والنفاق، ويدعي أن الشيطان هو الذي يتحكم في أفعالهم في ذلك العصر ويحركهم بخيوط مثل الدمى، وأن الإنسان في ذلك العصر ينجذب نحو الشر بإرادته الحرة وأنه أكثر بشاعة وشرًا وأقسى من أي وحش أو شيطان.

ولكن الشاعر يؤكد على أن الفن هو نوع من الخير أصبح ثمين للغاية وهو أمر مبهج يعيد التوازن إلى التوازن الطبيعي ويعيد القيم العليا للإنسان.

فيكتور هوجو

كان فيكتور هوجو

اديب فرنسي له يوميات رائعة

ولد هوجو في 26 فبراير 1802م، وقد كانت دراسته في مجال القانون لكنه لم يعمل في تلك المهنة وبدلًا من ذلك تفوق في مجال الأدب والشعر حتى تم تصنيفه كواحد من أكثر الشخصيات الأدبية شهرة في فرنسا وأحد أعظم الشعراء الرومانسيين في عصره.

وخلال حياته شهد هوجو على مجموعة كبيرة من التغيرات الهائلة التي حدثت في فرنسا مثل تمرد يونيو 1832م وثورة 1848، وحتى انقلاب عام 1851م، وكانت هوية فرنسا وسياستها في اضطراب مستمر طوال تلك الفترة، ويمكن اعتبار تلك التجارب والأحداث كمصدر إلهام واضح لأعمال هوجو.

اشتهر هوجو عمومًا برواياته الملحمية العظيمة” البؤساء” و” أحدب نوتردام” وهما تعدان من أروع

روايات الأدب الفرنسي

، ومع ذلك فإن مجموعته الشعرية التي تحمل عنوان  التأملات وأيضًا “أسطورة العصر” هي التي عملت على ترسيخ سمعته الأدبية المرموقة في فرنسا، وقد كانت مجموعة ” أسطورة العصر” عبارة عن مجموعة من القصائد التي تصور بشكل دقيق التطور التاريخي للإنسانية في جوهرها.

وبوجه عام كان هوجو يهتم في شعره بمناقشة موضوعات الموت والحب وأيضًا القضايا السياسية في عصره، وكان لحياة هوجو الشخصية التأثير الأكبر على أشعاره حيث أنه أنجب 5 أطفال من زوجته أديل لكنه فقد جميع أبناؤه باستثناء ابنته الصغرى خلال حياته ، ويظهر ذلك على سبيل المثال في قصيدته Demain ، dès l’aube “غدًا في الأسفل” والتي نشرها ضمن ديوان تأملات وقد كتب هوجو هذه القصيدة بعد وفاة ابنته المفضلة ليوبولدين والتي كانت متزوجة حديثًا في حادث غرق قارب في نهر السين مع زوجها وكان عمرها حينها 19 عامًا فقط، وتم تقسيم تلك القصيدة إلى جزأين وهما “تأملات في الماضي” وتأملات في الحاضر” ولحظة وفاة ابنته كانت هي العلامة الفاصلة بين هذين القسمين.

كما كتب هوجو أيضًا مجموعته الشعرية” كيف تكون جدًا” بعد وفاة طفله الثالث تشارلز عام 1871م وكان عمره حينها 44 وكان متزوجًا ولديه طفلين، وبعد فترة وجيزة توفت زوجة تشارلز وتركت طفليها، فأصبح هوجو وصيًا على أحفاده، فكتب تلك القصائد يصف فيها مشاعره كجد مؤتمن على أطفال أبرياء أيتام، وكيف أن نضارتهما قد خففت عنه كآبة الشيخوخة وفقد الأبناء.

ألفونس دو لامارتين

كان ألفونس دي لامارتين سياسي بارز بجانب كونه شاعر من أشهر شعراء الحركة الرومانسية في الأدب الفرنسي، وكان والد لامارتين قد سجن خلال الفترة التي عرفت بعصر الإرهاب الفرنسي، لكنه نجا بأعجوبة من المقصلة، وعندما وصل نابليون للحكم تم اعتبار لامارتين عدوًا للجمهورية بسبب عائلته الارستقراطية، وبعد عودة آل بوربون للحكم في عام 1814م بدأ لامارتين نشاطه كسياسي.

كان لامارتين منجذبًا للأدب بجانب السياسة، فقد مجموعة من المآسي النثرية والشعرية نتيجة لبعض تجاربه الخاصة، فعلى سبيل المثال التقي لامارتين في عام 1812 بفتاة شابة تدعى أنتونييلا ووقع في حبها لكنها توفيت بعد ثلاثة سنوات، فكتب حكايته النثرية التي تحمل اسم  anecdote تكريمًا لذكرى حبيبته المتوفية.

في وقت لاحق تعرف لامارتين على فتاة أخرى تدعى تشارليز، فكتب لها عدد من أشعاره الرومانسية الأخرى منها Le Lac، لكنها توفيت أيضًا عام 1817م فكتب لها Le Crucifix تكريمًا لذكراها أيضًا.

وقد نشر لامارتين مجموعته الشعرية الأولى في عام 1820م تحت عنوان ” Méditations poétiques” والتي لاقت نجاحًا كبيرًا بفضل طابعها الرومانسي والمشاعر الصادقة، وتم اعتبار لامارتين من أعظم شعراء العصر الرومانسي لأنه جلب للشعر الفرنسي موسيقى وقوافي جديدة وكان يتناول كلًا من المواضيع الحميمية والمواضيع الدينية في نفس الوقت.[3]

بول فرلان

ارتبط اسم بحركة الانحلال التي ظهرت في القرن التاسع عشر وتميزت أشعار فرلان بالرمزية وكانت أعماله تتأرجح بين الشهوانية والتصوف، وقد تأثر جدًا بأشعال بودلير الذي كان يقرأها منذ طفولته وعندما انتقل إلى باريس في عام 1851م تعرف على عدد كبير من الشعراء الباريسيين، وقد نشر فيرلين باكورة أعماله الشعرية في كتاب Poèmes saturniens في عام 1866م، وكان فرلان قد وقع في جب ابنة عمه اليسا ديهي وكانت فتاة يتيمة وقد ربتها عائلة فرلان، وبعد وفاتها كتب فرلان ديوانه الثاني Fêtes galantes وتم نشره عام 1869م.

تزوج فرلان من سيدة شابة تسمى ماتيلدا موتيه دي فلورفيل في عام 1870م، وأنجب منها أبنًا وكتب لها ديوانه التالي La bonne chanson، لكنه تخلى عنها من أجل علاقة مع الشاعر الفرنسي آرثر رامبو والذي انتمى لنفس المدرسة الشعرية التي انتمى لها فرلان.

في فترة لاحقة سجن فرلان لمدة 18 شهرًا بعد أن أطلق النار على صديقه رامبو وهو تحت تأثير الكحول، وخلال فترة سجنه درس أعمال شكسبير وسرفانتس، وأثرت كتاباته الشعرية بتلك الفترة كثيرًا، وبالرغم من أن فرلان قضى العقد الأخير من حياته بين العشوائيات والمستشفيات وعانى من إدمان الكحول، لكن ذلك لم يمنعه من كسب إعجاب الحشود بأشعاره، حتى أن أقرانه من الشعراء انتخبوه ” أمير شعراء فرنسا”.[4]

آرثر رامبو

كان جان نيكولاس آرثر رامبو من أشهر شعراء

فرنسا

في القرن التاسع عشر بالرغم من أنه توقف عن الكتابة في سن مبكر جدًا، إلا أن أشعار رامبو تعد من أشهر الأعمال في الحركة الرمزية، وقد بدأ رامبو كتابة الشعر وهو صغير جدًا وحياته الأدبية بدأت بعدما نصحه أحد أصدقائه أن يرسل بعض أعماله للشاعر فرلان الذي أعجب جدًا بشعره وأرسل إليه أمواله ليساعده على الانتقال إلى

باريس

، وأشهر أعمال رامبو هي قصيدة” القارب النشوان” والتي تصف رحلة شخص في قارب بعد أن تحرر من كل القيود، وسار منطلق في الأرض والسماء.[5]

إتيان مالارمي

كان إتيان مالارمي (عرف أيضًا باسم ستيفان مالارمي) واحد من أربعة شعراء فرنسيين قادوا ما يعرف بالحركة الرمزية في الأدب الفرنسيين، وهم آرثر رامبو وبول فرلان وتشارلز بودلير وستيفان مالارمي، وقد اندفع مالارمي نحو الرمزية بعد أن فقد عدد من أفراد عائلته في سن مبكر، وبالرغم من أن مالارمي كان شهيرًا وأثر في

الأدب الفرنسي

، إلا أن كثير من أشعاره كانت غير مفهومة بسبب تركيب الجمل المعقدة واللغة الغامضة التي كتب بها.[6]

فردريك ميسترال

كان ميسترال كاتب وشاعر فرنسي مخضرم من مقاطعة بروفانس الفرنسية، وقد حصل على جائزة نوبل تقديرًا لكتاباتهالشعرية، الشعرية التي عكست طبيعة مدينته ، كما اشتهر بأنه عالم لغوي قام بتأليف قواميس للغة البروفانسية، وقد بدأت شهرة ميسترال بعد أن امتدح الكاتب والشاعر ألفونس دي لامارتين بعض أعماله، وأشهر أعمال ميسترال الشعرية مجموعة”رسائل من طاحونة الهواء”.[7]

أنسلم ماثيو

ولد أنسيلمي ماتيو في 21 أبريل 1828 في شاتونوف دو باب، وكان والديه من الجيل الرابع من مالكي دومين ماتيو ، وهو مزرعة عنب لا تزال تعمل حتى اليوم، وكان بروفانسيًا أيضًا وقد شارك مع ميسترال في تأسيس حركة كانت تهدف إى إحياء التراث البروفانسي تسمى فيلبريج .

جان لورين

كان جان لورين شاعر وروائي مخضرم، ينتمي للمدرسة الرمزية في الفن، وقد ألف عدة مجموعات شعرية أشهرها L’ombre ardente التي نشرها عام 1897م.