معجزة التعليم في فنلندا

كيف حقّق نظام التعليم في فنلندا الجودة والتميّز

تشير البحوث والدراسات بالآونة الأخيرة إلى القفزة التي تمكن نظام التعليم في فنلندا من تحقيقها، حيث إن نتائج الامتحانات الدوليّة وضعت فنلندا من بين أوائل الدول بالتحصيل، وباستطلاع أجرته مجلة نيوزويك لعام 2010م ورد أنّ دولة فنلندا تعد هي (أفضل دولة في العالم من حيث الصحة والاقتصاد والتعليم والبيئة السياسيّة ونوعيّة الحياة، كما تعتبر فنلندا ثاني أكثر البلدان استقرارًا في العالم)،


حيث إنها بلد غني بالإصلاح الفكري والتعليمي الذي وصلت إليه على مر أعوام تحرص فيها على إجراء التغييرات البسيطة والجديدة التي أحدثت ثورة كاملة بالنظام التعليمي لديها، وقد بلغ بها الأمر أن تفوقت على الولايات المتحدة الأمريكية ودول شرق آسيا. [1]

مميزات التعليم في فنلندا

فيما يخص


نظام التعليم بفنلندا فإنها قد تمكنت من تحقيق الجودة والتميز في نظامها التعليمي من خلال اتباع بعض الأمور أبرزها الآتي: [1]



لا يوجد اختبار موحد




الاختبار القياسي هو الطريقة الشاملة التي يتم اختبار الطلاب بها في مختلف دول العالم باستثناء فنلندا والسبب في امتناعها عن اتباع ذلك الاسلوب في الاختبارات يرجع إلى أن الأسئلة تأتي على نطاق صغير، كما تكون الإجابة على الأسئلة المجهزة بطريقة ما لتحديد إتقان أو على الأقل كفاءة أحد الموضوعات التي تم تدريسها للطلاب مسبقاً، والذي ينتج عن ذلك النوع من الاختبارت غالبًا أن الطلاب سوف يتعلمون بأسلوب حشر المعلومات فقط من أجل اجتياز الاختبار وسوف يقوم المعلمون بالتدريس بهدف واحد هو اجتياز الاختبار من قبل الطلاب.



ولكن في الواقع لا يوجد بفنلندا اختبارات موحدة فيما عدا الاختبار المعروف باسم (اختبار شهادة الثانوية العامة الوطني)، وهو اختبار تطوعي للطلاب بنهاية المدرسة الثانوية العليا (تعادل تلك الشهادة مدرسة الثانوية أمريكية)، كما يتم تصنيف كافة الأطفال بجميع أنحاء فنلندا على أساس فردي مع تخصيص نظام الدرجات بواسطة المعلمين.



معلمين ذوي خبرة وكفاءة




كثيراً ما يتم إلقاء اللوم على فشل أنظمة التعليم على المعلمين والذي يكون في بعض الأحيان لوماً محقاً، أما في فنلندا ، تم تعيين مستوى عالٍ جدًا للمعلمين، إذ لا يوجد على الأغلب سبب لوجود نظام (درجات) صارم للمعلمين، وفي ذلك تحدث (باسي سالبرج) مدير وزارة التعليم الفنلندية وكاتب دروس فنلندية قائلاً: (ما الذي يمكن أن يتعلمه العالم من التغيير التربوي في فنلندا؟)، وقد أكمل قائلاً حول مساءلة المعلمين: (لا توجد كلمة تشير إلى المساءلة في الفنلندية … المساءلة هي شيء يُترك بعد طرح المسؤولية).



إذ أشار باسي إلى ضرورة أن حصول جميع المعلمين على درجة الماجستير قبل البدء في مزاولة المهنة، بالإضافة إلى أهمية حصولهم على برامج التدريس بأكثر المدارس المهنية الانتقائية والصرامة في البلد بأكمله، وفي الحالة التي لا يكون  أداء المعلم جيدًا بها، فمن مسؤولية المدير الفردي أن يتخذ موقفاً حيال ذلك، لكي ينعم الطلاب بأفضل رحلة تعليمية على الإطلاق.

التعاون لا المنافسة

يرى أغلب الأمريكيين وغيرها من الدول النظام التعليمي باعتباره منافسة كبيرة، بينما الفنلنديون فإنهم يرون الأمر من منظور مختلف، يقتبس حيث يقول الكاتب سامولي بارونين: (الفائزون الحقيقيون لا يتنافسون)، ومن المفارقات أن ذلك الموقف وضع فنلندا على رأس المجموعة الدولية، فلا وجود بالنظام التعليمي في فنلندا للأنظمة المصطنعة أو التعسفية التي تقوم على على الجدارة، إلى جانب عدم وجود قوائم للمدارس أو المعلمين تقوم على تقييم الأفضل أداءً من بينهم، إذ أن البيئة التعليمية لديهم ليست تنافسية بل إن التعاون هو القاعدة.


فلسفة التعليم في فنلندا


تشتهر فنلندا

في نظامها التعليمي على رؤيا فلسفة تربويّة  منبثقة من الواقع وظروف الحياة السائد بها، وهو ما لا يتنافى مع الاطّلاع على تجارب الآخرين والتأثّر بها، ولكن بغير نقل حرفي أو نسخ عن مصادر أجنبية خارجيّة، والجدير بالذكر أنه لم تتمّ عمليّة التغيير والإصلاح بنظام التعليم في فنلندا كطفرة، ولكنها في الواقع قد مرّت بمراحل واحتاجت للجهد والوقت والمثابرة، الأمر الذي رافقه الدراسات والبحوث التطبيقية والنظريّة الميدانيّة من قبل الأخصائيين والخبراء بعلم النفس والتربية والمربّين.

وقد أكدت الرؤيا التربويّة بفنلندا حول مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين كافة المتعلّمين، حيث إن المدارس جميعها حكوميّة وممولة ومدعومة من الدولة، حيث لا يوجد فروق بالمستوى بين مدارس الأحياء و

مدن فنلندا

الميسورة أو المدارس بالمجمّعات القرويّة أو أحياء شعبيّة، بل إن عدد المدارس الخاصّة بفنلندا يعتبر شبه معدوم، فلا يوجد من قبل الدولة تشجّع على فتح مثل تلك المدارس.

كما يكفل دستور البلاد حقّ التعليم المجانيّ لكافة الطلاب بجميع المراحل، فلا هناك فصل أو عزلة للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصّة، ولكنهم يتعلّمون مع غيرهم من بقية الطلاب، ويحظون مثلهم مثل غيرهم بالعناية والاهتمام، حيث يهدف التعليم بفنلندا إلى تنمية شخصيّة الطالب المتكاملة بمختلف أبعادها وجوانبها: (النفسية، الروحية، البدنية، العقليّة، الاجتماعيّة والجماليّة)، مع الحرص على غرس قيم العدل، التعدديّة، الاستقامة والتسامح وقبول المختلف، العطاء، والانتماء.


البنيّة التحتيّة

الداعمة الملائمة

تتيح فنلندا للطلاب مدارس ومؤسسات عصريّة، حيث إن المباني والغرف تتميز بالاتساع كما أنها تكون مزوّدة بكافة التجهيزات وسبل الراحة في التعليم، حيث يوجد المختبرات وأماكن الأكل والاستراحة، بالإضافة إلى غيرها من المرافق مثل قاعات الأنشطة، الملاعب الرياضيّة والمسارح، المكتبات، وجميعها مجهّزة لكي تستجيب وتستوعب  احتياجات المتعلّمين للتعلم، والرياضة، اللعب، والترفيه.


المعلّمون والمديرون


في فنلندا



لقد تحسنت فنلندا بشكل كبير في القراءة والرياضيات ومحو الأمية العلمية على مدى العقد الماضي إلى حد كبير لأن مدرسيها موثوق بهم للقيام بكل ما يلزم لتغيير حياة الشباب [2]، كما أن




معظم المعلمين الفنلنديين البالغين من العدد اثنان وستون ألف معلم بثلاث آلاف وخمسمائة مدرسة من لابلاند حتى توركو، إذ يتم اختيار المعلمون والمدراء




من بين أعلى عشرة بالمائة من خريجي فلندا الحاصلين  على درجة الماجستير المطلوبة في التعليم.



والغالبية العظمى من المدارس صغيرة من حيث المساحة وعدد الطلاب بما يسمح لكي يعرف المعلمون جميع الطلاب، [2] كذلك فإن


المعلّمون بفنلندا يحظون على مكانة مرموقة قد توازي  مكانة المحامين والأطباء، وربما قد تتخطاهم، وفي ذلك تسعى الدولة نحو جذب الممتازين بتلك المهنة واستقطابهم، وإعدادهم وتأهيلهم بصورة موسعة ومكثّفة بالجامعات في تخصّصاتهم مع تدريبهم وتأهيلهم على أساليب التربية وعلم النفس سواء العملية أو النظريّة الحديثة والمتنوّعة التي تساعدهم في أداء مهامّهم والتعامل مع مختلف قدرات الطلاب ومستوياتهم المتباينة، ويلاقي المعلّمون التشجيع والدعم والإثراء عقب تخرّجهم وانخراطهم بالعمل في المدارس مع الطلاب.

ويذكر أنّ معلّمي فنلندا للمراحل الابتدائية والإعداديّة والثانويّة لا يتم تعيينهم إلا من كان منهم من حملة شهادة الماجستير أو الدكتوراه، كما يتمتّعون بالاستقلاليّة في التدريس والمشاركة الفعّالة بإعداد المناهج الدراسيّة، واختيار المضامين الملائمة لطلابهم، حيث يتّصف بالمهنية في عملهم، ويعدون التدريس مسؤوليّة وطنيّة ورسالة، ويتحلّون بالحماس في ممارسة عملهم، دون شعور بالإحباط أو الملل، وعادةً ما يستمرّون بوظائفهم حتّى الخروج إلى لتقاعد.

وفيما يتعلق بعلاقة المعلّمين فيما بينهم داخل المدارسو أو مع معلّمين الذين يعملون خارج مدرستهم، فإنها دوماً ما تكون علاقة تعاونية  ودية وانفتاح ممّا يرقي من معارفهم وأدائهم، بينما علاقتهم مع الطلاب والتعامل معهم فإنه تقوم على الاحتواء، الاحترام، والتشجيع والإرشاد والتوجيه، فلا يتهرّبون من واجبهم تجاه كلّ طالب بالمدرسة لكي يلجؤوا إلى إعطاء دروس خصوصيّة خارج المدرسة مثلما يحدث بالدول الأخرى.


المتعلّمون محور العمليّة التعليميّة التعلّميّة

حرص ذلك النظام على توفير تكافؤ الفرص والمساواة لكافة المتعلّمين، فلا يوجد مدارس انتقائيّة خاصّة، ولا تمويل أو تخصيص مختلف أو معلّمين يتمتعون بكفاءة وتأهيل مختلف عن بعضهم، كما تضم الصفوف بالمدارس بين جدرانها الطلاب الأصحاء وغيرهم من ذوي الاحتياجات الخاصّة، دون فصل بينهم، ومن

العوامل المؤثرة في نظام التعليم في فنلندا

ما يلي:

  • التعليم المجانيّ لكافة الطلاب، حيث إن الجميع يحظى على وجبات الطعام المجانيّة، والسفر المجاني لجميع الطلاب التي يبعد سكنها بثلاث كيلومترات عن المدرسة.
  • جميع الطلاب حتّى بدء المرحلة الثانويّة، يحصل على الكتب مجّانًا.
  • الصفوف الدراسية مريحة وواسعة وغير مكتظة أو مزدحمة، إذ أن الروضة لا يفوق عدد طلابها عن اثني عشر طالبًا، والصفوف الأساسيّة الابتدائيّة لا يتجاوز عدد طلابها عن خمسة وعشرين طالبًا، وفي بعض الأحوال يتم تقسيم الصفّ إلى مجموعات صغيرة تترواح الواحدة ما بين ستة إلى سبعة طلاب مع معلّم لكلّ مجموعة.
  • عدد ساعات بقاء الطلاب بالصفوف قليل لا يزيد عن ثلاث ساعات باليوم، وباقي الوقت يتم تخصيصه لفعاليّات وأنشطة ممتعة.
  • لا يفرض على الطلاب امتحانات ثقيلة ولا وظائف مملّة منزليّة.
  • التركيز على التشخيص والتعرف على مستوى كلّ طالب من أجل اختيار ما يناسب ذلك التشخيص.
  • لا يلتزم الطلاب بارتداء زيّ مدرسي موحد، كما يسمح لمن يرغب أن يخلع حذائه.
  • وفيما يخص

    شعار وزارة التعليم

    في فنلندا، فإنهم يطبّقون الشعار: ( إنّ كلَّ تلميذٍ يعتبرُ مُهمًّا).