المُرقش الأكبر ولد في (73 ق.هـ و 552 م) اسمه عمرو بن سعد بن مالك من ضبيعة بن قيس . كان شاعر جاهلي و ما يعرف بالمرقش الأصغر هو ابن أخيه، وقد كتب في كتاب الأغاني، أنه كان “للمرقشين جميعا موقع في بكر بن وائل، وحروبها مع تغلب”.
كما كتب الأصبهاني أن والده قد دفعه هو وأخاه حرملة إلى نصارني من أهل الحيرة فعلمهما . [2]
وكان لمرقش مشاعر في داخله لابنة لعمه. وأثناء غيابه قد تزوجت بأمر من والدها وكان رجل من خارج القبيلة، ولما عاد مرقش عرف بذلك، بعد أن كانوا اخفوا عنه الأمر، وقالوا له بأنها ماتت، ولكنه عزم للبحث عنها، واخذ معه عبدا له مع زوجته، وفي اثناء سفره اصيب بمرض عضال، وطالت الامه ، وادرك العبد أنه سوف يموت ، فقرر أن يصحب زوجته ويعود إلى القبيلة ، لكن المرقشعلى الرغم من وطأة المرض عليه أحس بخيانته، فضحى بنفسه، وقم بالكتابة على لوح مؤخرة الرحل مكونة من ستة أبيات، كتب في البيت الثالث والخامس منها :يا راكبا إما عرضت فبلغن ، أنس بن سعد إن لقيت وحرملا .من مبلغ الأقوام أن مرقشا أضحى على الأصحاب عبئا مثقلا .
يشتهر المرقش بين أكبر شعراء الجاهلية الذين كتبوا شعرهم كنتاج عفويتهم الفطرية فأثرى التفاعل الخلاق بين شخصيته وواقعه والتي كانت تشبه الاسطورة وبين الموضوع الفني الذي كاد يقوم عليه شعره . فهو لم يترك حدود معاناته الشخصية للوصول الى ذلك الشعر الاجتماعي الذي يمتاز بالمديح والفخر والرثاء . ظهرت نفسه مترفعة عن الصراعات السياسية اليومية التي كانت تعرف بالتبجح والغرور والشتم ، وكان منشغلاً بمسألة الوجود في الحب والحرمان .
قصة حب المرقش الأكبر
تعرف عشق المرقش لابنة عمه انها الملهم في كتابته لشعراً كثيراً . وكان المرقش يحسن الكتابة. يعد شعره من الطبقة الأولى، وضاع منه الكثير . ولد باليمن، وترعرع بالعراق .
اتصل فترة بالحارث أبي شمر الغساني ونادمه ومدح ه. وكان الحارث متخذه كاتباً له. وتزوجت حبيبته أسماء برجل من قبيلة بني مراد، فمرض المرقش وقتاً ، ثم قصدها فمات في حبها. وفي المؤرخين من يطلق على عمرو بن سعد وربيعة بن سعد. وهم عمّ المرقش الأصغر، وهذا عم طرفة بن العبد. [1]
وبعد رحلة طويلة وشاقة للمرقش عان بها الكثير والكثير ولما اتى العبدان إلى العشيرة قاموا باعلان خبر موت المرقش خلال سفره، إلا أن أخاه حرملة قلق في الأمر، ثم قام بأخذ الرحل فاطلع على الأبيات المكتوبة عليه، فعلم بتفاصيل الأمر، قام العبدان بقول الحقيقة. لكن المرقش المحتضر اخفا إيصال خبره إلى ابنة عمه، لأنه كان قريبا من مكان زوج حبيبته، فاستغاثت من زوجها، وأحضرا المرقش إلى البيت، إلا أنه كان في النفس الأخير، فأدركه الموت بمنزل زوج حبيبته .
كان الارقش الاكبر من طلائع الفرسان العاشقين للحب العذري . ولقصة عقه مع الحبيبة الضائعة أبعاد التي سوف تحدث مع غيره من شعراء من الجاهلية . من هذه الابعاد الشعور بكره العالم وبخيانة الغير وبالعقبات اللانهائية التي تقوم في وجه تحقيق حب حقيقي . فكأن هذا الحب لا يعيش الا في داخل النفس ولا يتم تحقيقه الا في خيال المعاني . من هنا يضحى هذا الحب شاملاً يرقى فوق العلاقات الثنائية بين الحبيبين . وهنا يلقى هذا الحب سعادة خاصة .
وحين كتب المرقش الاكبر في أكثر من قصيده على الآثار الدوارس ، فانه يبكي بالفعل عشق الحبيبة في نفسه وهي في فكره ومن حوله واينما ذهب واتجه . ولذلك كانت قمة التفجع بالاطلال ، وان كانت تقليدية ، ذات قيد عضوي بتجربة الجحود والضياع لدى شاعرنا.
ديوان المرقش الأكبر
قصيدة “فهل يرجعن” للمرقش الاكبر: فهل يرجعن لي لمّتي إن خضبتها إلى عهدها، قبل الممات، خضابها رأت أقحوان الشّيب فوق خطيطة إذا مطرت لم يستكنّ صؤابها فإن يظعن الشّيب الشّباب فقد ترى به لمّتي لم يرم عنها غرابها ويقول أيضًا: ودوّيّة غبراء قد طال عهدها تهالك فيها الورد والمرء ناعس قطعت إلى معروفها منكراتها بعيهمة تنسلّ واللّيل دامس وتسمع تزقاء من البوم حولها كما ضربت بعد الهدوّ النّواقس وأعرض أعلام كأنّ رؤوسها رؤوس رجال فى خليج تغامس ولمّا أضأنا اللّيل عند شوائنا عرانا عليها أطلس اللّون بائس.
من مبلغ الفتيان أنّ مرقّشا ، أضحى على الأصحاب عبا مثقلا ،
ذهب السّباع بأنفه فتركنه … ينهسن منه فى القفار مجدّلا .
وكأنما ترد السّباع بشلوه ، إذ غاب جمع بنى ضبيعة، منه.
يا صاحبي تلبـثـا لا تـعـجـلا ، إن الرواح رهين ألا تـفـعـلا .فلعل لبـثـكـمـا يفـرط سـيئا ، أو يسبق الإسراع سيباً مـقـبـلا . ياراكباً إما عرضت فـبـلـغـن ، آنس بن سعد إن لقيت وحرمـلاللـه دركـمـا ودر أبـيكـمــا .إن أفلت العبدان حتـى يقـتـلا من مبلغ الأقـوام أن مـرقـشـاً أضحى على الأصحاب عبئاً مثقلا ، وكأنما ترد السـبـاع بـشـلـوه إذ غاب جمع بني ضبيعة منهـلا . [4]
ديوان الشعر الجاهلي
لا يحْمِلُ الحِقْدَ مَنْ تَعْلُو بِهِ الرُّتَبُ ولا ينالُ العلى من طبعهُ الغضبُ ومن يكنْ عبد قومٍ لا يخالفهمْ إذا جفوهُ ويسترضى إذا عتبوا قدْ كُنْتُ فِيما مَضَى أَرْعَى جِمَالَهُمُ واليَوْمَ أَحْمي حِمَاهُمْ كلَّما نُكِبُوا لله دَرُّ بَني عَبْسٍ لَقَدْ نَسَلُوا منَ الأكارمِ ما قد تنسلُ العربُ لئنْ يعيبوا سوادي فهوَ لي نسبٌ يَوْمَ النِّزَالِ إذا مَا فَاتَني النَسبُ إِن كُنتَ تَعلَمُ يا نُعمانُ أَنَّ يَدي قَصيرَةٌ عَنكَ فَالأَيّامُ تَنقَلِبُ اليَومَ تَعلَمُ يا نُعمانُ أَيَّ فَتىً يَلقى أَخاكَ الَّذي قَد غَرَّهُ العُصَبُ إِنَّ الأَفاعي وَإِن لانَت مَلامِسُها عِندَ التَقَلُّبِ في أَنيابِها العَطَبُ فَتًى يَخُوضُ غِمَارَ الحرْبِ مُبْتَسِماً وَيَنْثَنِي وَسِنَانُ الرُّمْحِ مُخْتَضِبُ إنْ سلَّ صارمهُ سالتَ مضاربهُ وأَشْرَقَ الجَوُّ وانْشَقَّتْ لَهُ الحُجُبُ والخَيْلُ تَشْهَدُ لي أَنِّي أُكَفْكِفُهَا والطّعن مثلُ شرارِ النَّار يلتهبُ إذا التقيتُ الأعادي يومَ معركة ٍ تَركْتُ جَمْعَهُمُ المَغْرُور يُنْتَهَبُ لي النفوسُ وللطّيرِاللحومُ ولل ـوحْشِ العِظَامُ وَلِلخَيَّالَةِ السَّلَبُ لا أبعدَ الله عن عيني غطارفة ً إنْساً إذَا نَزَلُوا جِنَّا إذَا رَكِبُوا أسودُ غابٍ ولكنْ لا نيوبَ لهم إلاَّ الأَسِنَّة ُ والهِنْدِيَّة ُ القُضْبُ تعدو بهمْ أعوجيِّاتٌ مضَّمرةٌ مِثْلُ السَّرَاحِينِ في أعناقها القَببُ ما زلْتُ ألقى صُدُورَ الخَيْلِ منْدَفِقاً بالطَّعن حتى يضجَّ السَّرجُ واللَّببُ فا لعميْ لو كانَ في أجفانهمْ نظروا والخُرْسُ لوْ كَانَ في أَفْوَاهِهمْ خَطَبُوا والنَّقْعُ يَوْمَ طِرَادِ الخَيْل يشْهَدُ لي والضَّرْبُ والطَّعْنُ والأَقْلامُ والكُتُب.
كَمْ يُبْعِدُ الدَّهْرُ مَنْ أَرْجُو أُقارِبُهُ عنِّي ويبعثُ شيطاناً أحاربهُ فيالهُ من زمانٍ كلَّما انصرفتْ صروفهُ فتكتْ فينا عواقبهُ دَهْرٌ يرَى الغدْرَ من إحدَى طبَائِعهِ فكيْفَ يَهْنا بهِ حُرٌّ يُصَاحِبُهُ جَرَّبْتُهُ وَأنا غِرٌّ فَهَذَّبَني منْ بَعْدِما شَيَّبَتْ رَأْسي تجَاربُهُ وَكيْفَ أخْشى منَ الأَيَّامِ نائِبة ً وَالدَّهْرُ أهْونُ مَا عِنْدي نَوائبُهُ كم ليلة ٍ سرتُ في البيداءِ منفرداً واللَّيْلُ لِلْغَرْبِ قدْ مالت كوَاكبُهُ سيفي أنيسي ورمحي كلَّما نهمتْ أسدُ الدِّحالِ إليها مالَ جانبهُ وَكمْ غدِيرٍ مَزجْتُ الماءَ فيهِ دماً عندَ الصَّباحِ وراحَ الوحش طالبهُ يا طامعاً في هلاكي عدْ بلا طمعٍ ولا تردْ كأسَ حتفِ أنت شاربهُ. [3]