تعريف الشعر الأندلسي وخصائصه
يبدأ العصر الأندلسي من دخول العرب إلى الأندلس عام 91هـ وكان فتح الأندلس امتدادًا لحركة الفتح الإسلامي لنشر الدعوة الإسلامية هناك حيث ففتحت الأندلس بحملة أعدها موسى بن نصير، بقيادة طارق بن زياد وبقي الحكم العربي الإسلامي في الأندلس إلى عام 898هـ ، ولقد وقسم المؤرخون الفترة الزمنية إلى أقسام حسب التغيرات السياسية التي حصلت في الأندلس ، وهي عهد الولاة ، عهد الإمارة ، ملوك الطوائف ، دولة المرابطين ، دولة الموحدين ، بني الأحمر ، والدارس للعصر الأندلسي يلاحظ أن الأدب تأثر بالأحوال السياسية في الأندلس ، فازدهر الشعر الأندلسي في عصر ملوك الطوائف لأن كل شاعر اتصل بحاكم يدافع عنه ، كما أن الطبيعة الأندلسية أثرت في الشعر الأندلسي ولغته .
موضوعات الشعر الأندلسي
عند البحث عن
مفهوم الشعر الاندلسي
نجد أنه قد تنوّعت
فنون الشعر الاندلسي
، فجمع بين الموضوعات التقليدية للشعر من مدح ، والغزل ، إلى جانب موضوعات توسع بها الشعراء كرثاء المدن والشعر التعليمي وهي من
مظاهر التجديد في الشعر الاندلسي
، وكذلك فإن الاهتمام بالغناء أدى إلى وجود فنون شعرية مستحدثة أهمها الموشحات والزجل ومن هذه الموضوعات ما يأتي ، وشعر المدح هو من فنون الشعر التقليدية التي نظم فيها الأندلسيون الشعر وأكثروا منه بسبب اتصالهم بالحكام الأندلسيين على اختلاف المراحل السياسية التي مرّت بها الأندلس ومن أهم الشعراء ابن هانئ الأندلسي ، وابن درّاج القسطلي ، وابن حمديس الصقلي ، وقد تأثر هؤلاء الشعراء بالشعراء القدماء في شعرهم .
شعر الغزل
شعر الغزل هو من فنون الشعر التقليدية التي نظم فيها الأندلسيون الشعر ، فأجاده كثير من الشعراء ، وعبّروا عن حبّهم وألَمِهم من الفراق ، وقد تأثر هذا الموضوع الشعري بالقدماء من جهة ، وكانت له خصوصيته من جهة أخرى لأن الشاعر الأندلسي متأثر بالطبيعة الأندلسية مما أثر في الشعر ألفاظًا وبناءً ، ومن أشهر قصائد الغزل قصيدة ابن زيدون في حب ولادة بنت المستكفي .
رثاء المدن
يعتبر
الرثاء في الشعر الاندلسي
من أهم الموضوعات ، كما أن رثاء المدن هو من الموضوعات التي توسع بها الشعراء الأندلسيون فكانوا يرثون المدن والإمارات التي تسقط من الأندلس ، ويبكون الأندلس وضياعها ويعبرون عن ألمهم وحزنهم ، ويصورون الأحوال التي تتزامن مع سقوط هذه المدن والإمارات ، والحال الذي آل إليه العرب ، وكانت أول مدينة سقطت مدينة طليطلة ، وقد عبر الشعراء عن صدمتهم بسقوطها بقصائد متعددة ، ومن الشعراء من رثى الأندلس ومن أشهر القصائد
قصيدة ابو البقاء الرندي في رثاء الاندلس
.
الشعر التعليمي
الشعر العليمي هو من الموضوعات التي توسع بها الشعراء الأندلسيون أيضًا ، فقد كان الشعر التعليمي موجودًا في العصر العباسي ، والهدف من هذا الشعر تسهيل علم من العلوم ومحاولة حفظه وتذكره ، وتنظم على بحر الرجز ، وانتقل الشعر التعليمي إلى الأندلس ، ومن الأمثلة على هذا الشعر ، ألفية ابن مالك في النحو ، وألفية لسان الدين بن الخطيب في الفقه وغيرها ، بالإضافة إلى ذلك أرجوزة يحيى بن حكم الغزال في فتح الأندلس .
الموشحات في الشعر الأندلسي
الموشحات فن شعري مستحدَث وهو خاص بالعصر الأندلسي ، وله قواعد معينة في التقفية ، والشكل البنائي للقصيدة وأقسامها ، وباستعماله اللُّغة الدارجة وبعض الألفاظ الأعجمية في الخرجة ، وقد اتصل اتصالًا وثيقًا بالغناء ، وقد سمي الموشح بهذا الاسم لأسباب منها لما فيه من تزيين وصنعة ، وبعضهم شبهه بوشاح المرأة ، ومن أهم الشعراء في الموشحات لسان الدين بن الخطيب ، وابن زهر الإشبيلي .
الزجل
الزجل هو فن شعري مستحدَث أيضًا في الأندلس ، ويمكن تعريفه بموشح منظوم باللغة العامية ، نسجته الطبقة العامية على سليقتها التي كانت تؤدى مصحوبة بالموسيقى ، ونظمت دون التِزام بقافية أو وزن وهي تقابل فن الموشحات عند المثقفين ، وأول مبتكر للزجل هو أبو بكر بن قزمان ، ومن الزجالين الكبار في الأندلس أيضًا أحمد بن الحاج المعروف بمدغليس الذي يعد من أهم الزجالين بعد ابن قزمان عند الأندلسيين .
خصائص الشعر الأندلسي
يمتاز الشعر الأندلسي بخصائص متعددة بسبب تأثره بالحياة السياسية والاجتماعية والحضارية ، وما يتعلق بخصوصية الأندلس وطبيعتها وهذا كله أثر في الشعر الأندلسي شكلًا ومضمونًا ، وأثر بالشعراء الأندلسيين فنظموا شعرًا متميزًا ، عبروا فيه عن عصرهم ومن أهم هذه الخصائص ما يأتي إيثار الشعراء الأندلسيين الأسلوب ، الذي يتَّسم باللين والرقة والسهولة ، وهذا لا يعني ضعف الشعر ، فقد استخدموا الألفاظ الموحية بالمعنى عن قرب وهذا يجعل القارئ يقف على حقيقة مشاعرهم وأحاسيسهم بسهولة ويسر ، وفي ذلك يقول أحمد ضيف فقد عهدنا الأندلسيين برعوا في نوع جميل من الخيال ، ورقة الأسلوب ، وجزالة اللفظ ، والأوصاف التي دعتْهم إليها آثار تلك المدنية الحديثة ولم يَعهدها شعراء العرب .
حافظ الشعراء الأندلسيون على الأسلوب العربي المحكم البناء القوي والرصين وتأثروا بالشعراء المشارقة ومن ذلك قول المعارضات الشعرية للمتنبي ولأبي العلاء المعري وغيرهما ، ولكن هذا لم يمنع أن يكون لهم خصوصية في شعرهم من حيث اللغة والأسلوب .
أهم شعراء الأندلس
تخلص الشعر الأندلسي من قيود القصيدة التقليدية ، ويظهر هذا واضحًا في الموشحات الأندلسية ، وذلك تأثرًا بالبيئة الأندلسية ، وتميز الأندلسيون بشعر الطبيعة و تفوقوا فيه وأتوا بقصائد كثيرة تعبر عن جمال طبيعة الأندلس من بساتين وحقول وأزهار وأنهار، وغيرها ، وأهم شعراء الأندلس هم كالتالي .
ابن خفاجة
شاعر أندلسي قصر شعره على وصف الطبيعة ، ولذلك عرف بصنوبري الأندلس وجنان الأندلس ، وولد ابن خفاجة ونشأ وتوفي في مدينة بلنسية ، وقد عاش في زمن ملوك الطوائف ولكنه لم يمدحهم ، وعاش بين عامي 450 – 533 هـ ، ومن أشهر قصائده وصف الجبل ، وله ديوان شعر مطبوع .
المعتمد بن عباد
كان ملكًا على مدينة إشبيلية في الأندلس بين عامي 461-484 ، وكان فارسًا وشاعرًا مجيدًا ، وقد وقع في أسر المرابطين الذين جاءوا من المغرب ليسيطروا على الأندلس ، وأسر المعتمد على أيديهم في مدينة أغمات في المغرب ، وتوفي في الأسر عام 488هـ وله أشعار قالها وهو في السجن .
ابن عبدون
هو أبو محمد عبد المجيد بن عبد اللّه بن عبدون الفهري اليابري ، من يابرة غربي بطليوس وكان صاحب ملكة شعرية ، وقد ظهر هذا عنده في سن مبكرة ، فمدح المتوكل عمر بن المظفر أمير بطليوس ، و كان كاتبًا شاعرًا شجاعًا فارسًا و كان مثل أبيه يعد ملاذًا لأهل الأدب و الشعر ، و أعجب المتوكل بالشاعر في إمارته ، ولكن لم يكن ثمة قبول بين الطرفين فاتصل الشاعر بالمعتمد بن عبّاد ومدحه .
ابن دراج القسطلي
هو شاعر أندلسي مُجيد اسمه أحمد بن محمد بن دراج القسطلي الأندلسي أبو عمر، كان شاعر المنصور بن أبي عامر ، في عهد الحجابة العامرية وكاتب الإنشاء في أيامه ، ويعد من العلماء المتقدمين والشعراء الفحول في عصره يجيد نظم الشعر ، وله أشعارٌ حسنة ، وقد أشاد بالشاعر كل من كتب عنه من النقاد في المشرق والمغرب فقد شبهه الثعالبي في كتاب اليتيمة بالمتنبي .[1]