جدول تقسيم الميراث
الإرث اصطلاحا هو ما يورثه الشخص المتوفي أو الجماعة لمن بعدهم من
الورثة الشرعيين
، أما شرعا فمعناه ما يخلفه الشخص لورثته من أموال وحقوق، وقد جعل الله تعالى المال قياماً للناس حيث قال تعالى (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًاً …) {النساء 5}، والمال وسيلة يحتاج إليها الناس لتحقيق مصالحهم، وما دامت توجد حياة على سطح الأرض توجد الحاجة الملحة للمال، فإذا مات الإنسان فلا بد من أن يكون هناك مالك جديد يخلفه في ماله، ولو كان هنا أخذ مال المتوفى بالقوة لأصبحنا نعيش في غابة يسيطر فيها القوي، ولذلك من رحمة الله علينا أن جعل هناك قواعد وأحكام للميراث نسير عليها في حياتنا وتكون نهجا لنا حتى لا نقع في أخطاء,
تقسيم الميرات
جعل الإسلام
تقسيم الورث
الخاص بالشخص المتوفى يقسم على أقاربه بالعدل، وذلك لأن أهل الجاهلية قبل مجيء الإسلام كانوا يجعلون إرث الشخص المتوفى من حق الأكبر من الأبناء دون الصغير، والرجال دون النساء، أو يذهب المال إلى العم بحجة أن النساء والصغار ليس هم إرث، فجاء الإسلام ليبطل هذه العادات الخاطئة، حيث قال الله تعالى ” لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا….) ، يوصيكم للَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ….) وقال عن نصيب الأم: (… فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ….) {النساء 11}، وقال عن ميراث الزوجة: (… وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ…). [1]
جدول الورثة الشرعيين في الاسلام
-
النكاح: أي الزواج، وإن لم يحصل فيه خلوة، وبسبب النكاح يمكن لزوجان أن يتوارث كلا منهما الآخر بشرط أن يكون عقد الزواج قائم بينهما، وفي حال حدوث طلاق بينهما وانقضت عدة الزوجة لا يوجد توارث بينهما، وهناك استثناء لذلك وهو إذا طلق الزوج زوجته في مرض موته بغرض حرمانها من الميراث، فإن الفقهاء هنا أوجبوا ميراث الزوجة للزوجة حتى بعد انقضاء العدة، وحتى بعد زواجها برجل آخر، وذلك معاملة للزوج الظالم بنقيض قصده.
-
الولاء: وهو قرابة حكمية، إذا قام السيد بإعتاق العبد يسمى هذا الولاء، وهذا تفضل من السيد على العبد، حيث أنه أعطاه الحرية، فهنا السيد يرث العبد بعد موته.
-
النسب: وهو القرابة الحقيقية أو
الورثة الشرعيين
، وهو يشترط وجود اتصال بين الشخص والشخص المتوفى سواء كانت قريبة أو بعيدة من جهة الأم أو الأب، وهو يعد أقوى سبب للإرث، وينقسم القرابة الوارثون إلى ثلاثة أقسام هم:
-
الأصول: من ناحية الذكور أبو المتوفى وأبو الأب، ومن ناحية الأنثى أم المتوفى، وكلّ جدة تُدلي بوارث، أو وارثة.
-
الفروع: وهم أبناء الميت وما يتدلى منهم، كأبن الابن أو ابنة الابن.
-
الحواشي: وهم إخوة الميت وأخواته بشكل مطلق، وما يتدلى منهم أيضا من أبناء كأبناء إخوته الذكور لغير الأمّ -أي أبناء الإخوة الأشقاء وأبناء الإخوة لأب- وأعمام الميت الأشقاء ولأب وإن علوا، وبنو الأعمام، وإن نزلوا.
وبهذا نكون أوضحنا الأسباب الأساسية للإرث المتفق عليها بين علماء الدين، وهي أيضا أسباب يوافقها العقل على أنها جديرة بأن تكون سبباً للإرث، وتجدر الإشارة إلى أنه هناك أسباب أخرى سبباً للإرث ولكن هناك اختلاف فيها كبيت مال المسلمين، وذوي الأرحام (وهم الأقارب غير الوارثين)، ويجب على الورثة اتباع
اجراءات توزيع الميراث
كما ذكرها الشرع.
ما هي موانع الإرث
اختلاف الدين
وهو أن يكون المتوفى على دين، والشخص الذي سوف يرث على دين آخر، حيث أن اختلاف الدين بين الشخصين يمنعهم من توارث بعضهم البعض، واختلاف الدين بين الشخصين له أوجه متعددة منها: [2]
-
أن يكون المتوفى مسلماً، والوارث كافر، يهودياً كان أو نصرانياً أو غيرهما من ملل الكفر، وفي هذه الحالة أجمع العلماء على أن لا يرث الكافر قريبه المسلم، وذلك وفقا لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ” لا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم …” رواه البخاري.
-
أن يكون المتوفى كافراً والشخص الذي سوف يرث مسلماً، وفي هذه الحال أيضا لا يرث المسلم قريبه الكافر، وذلك مطابقة للحديث السابق.
-
أن يكون الميت كافراً من ملة، والوارث كافراً من ملة أخرى، فهنا أيضا لا صحة للتوارث بينهما لحديث النبي صلى الله عليه وسلم “لا يتوارث أهل ملتين شتى” رواه أبو داود والترمذي.
الرق
والمقصود به العبودية، والرقيق لا يرث الحر، لأن الرقيق لا مال له بل ماله لسيده، وقد قال الله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ….} [الآية 75 من سورة النحل].
وهناك أنواع للعبودية ، وهي أن يكون الرقيق عبداً خالصاً، أو يكون مبعضاً (بعضه حر وبعضه عبد)، أو يكون مكاتباً، (وهو الموعود بالحرية مقابل مبلغ يدفعه)، وقد يكون مدبراً (وهو الموعود بالحرية عند موت سيده)، وقد تكون أم ولد: وهي المملوكة التي وطئها سيّدها، فحملت منه، وأتت بولد، فهذه لا تباع ولا توهب، وتُصبح حرة بمجرّد موت السيّد، والرقيق الكامل العبودية لا يرث ولا يورث، وغيره من أنواع الرقيق فيه تفاصيل فقهية كثيرة.
القتل
والقتل يقصد به إزهاق الروح، ومعناه: أن القاتل لا يرث المقتول، فمثلا لو قام ولد بقتل أباه فإنه لا يرثه.
ومن المعروف أن القتل أنواع، فمنه القتل بغير الحق مثل قتل العمد وقتل الخطأ وقتل شبه العمد، ومنه ما يكون بحق كالقتل قصاصاً، ولكن العلماء اتفقوا جميعا على أن القتل مانع من موانع الإرث، وذلك لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم “ليس للقاتل شيء وإن لم يكن له وارث فوارثه أقرب الناس إليه ولا يرث القاتل شيئاً” رواه أبو داود.
كيفية تقسيم الإرث
ولمعرفة
كيف يقسم الورث
بين الورثة يجب اتباع بعض الأشياء
،
مثل إخراج الحقوق المتعلقة بالإرث كالزكاة في حال كان الميت لم يخرج الزكاة، أو فك الرهن إن كان بعضها مرهوناً، وبعد ذلك قضاء الديون إن كان للمتوفى ديون، وإخراج مؤن تجهيز المتوفى، والشروع في تنفيذ الوصية إن كان هناك وصية في حدود الثلث، وفي
حال توصية المتوفى بأكثر من الثُلث فيتم توزيع الجزء الفائض على الورثة، حسب نصيب كل منهم، لكن التركة تُقسم بالثُلث كشرط أساسي للوصية”.
أما عن تعارض الوصية مع أحكام ديننا الحنيف فقد ذكرت دار الإفتاء أن الوصية مقيدة بانحصار الوصية في ثلث الميراث فقط، ويستثنى من ذلك فقط إجازة الورثة لها، وذلك لحديث الرسول صلى اله عليه وسلم: “لثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ”، ولا يجوز أيضا مخالفة الوصية لقواعد توزيع التركة. [3]
ومن الجدير بالذكر أن دار الإفتاء المصرية قالت أنه لا مجال للاجتهاد في الأحكام الشرعية فهي مثبتة بأدلة قرآنية واضحة، حيث قال الله تعالى “يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ”، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ أَعْطَى لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ”