لماذا نحب رائحة البنزين
البنزين مركب هيدروكربوني مما يعني أنه يتكون من ذرات الهيدروجين والكربون فقط لا غير و يعرف بالصيغة الجزيئية (C6H6) وهو متواجد بصورة طبيعية بالنفط الخام مما يدل على عدم حاجته إلى التصنيع ومن خصائصه أنه سائل ليس له لون ولكنه سريع الاشتعال والتبخر، كما أن من مميزاته ما له من رائحة حلوة يعشق الكثيرون استنشاقها وقد كان يستخدم كمذيب فيما سبق على نطاق واسع إلى أن تم اكتشاف ما يترتب عليه من الإصابة بمرض السرطان.
ويوجد الكثيرون ممن يحبون استنشاق رائحة البنزين بل ويصل الأمر بالنسبة لهم إلى مرحلة العشق والإدمان فهناك من يستمتع بقضاء الوقت في محطات الوقود دون أن يفهم ما السبب وراء ذلك مما جعل العلماء يدرسون ويبحثون الأمر للوصول إلى السبب العلمي وراء ذلك والذي يرجع إلى ما تم وصفه بمكون البنزين السحري.
لماذا نحب رائحة البنزين
لكي نفهم لماذا تعد رائحة البنزين من أكثر الروائح الحلوة والجذابة بالنسبة للبعض لابد أولاً من التعرف على مكوناته فهو عبارة عن مزيج كيميائي منها العوامل المضادة للصدأ، ومواد التشحيم والكثير من المركبات الأخرى التي تعرف باسم الهيدروكربونات ومواد كيميائية أخرى، وللبنزين رائحة نفاذة ما إن اقترب الشخص منها وصلت على الفور إلى أنفه وتمكن من استنشاقها وتميزها.
وكما يحب الأشخاص رائحة البنزين فإنهم يحبون أيضاً الجازولين وهو أحد المواد المتوفرة في محطات الوقود والمكونة من مركبات هيدروكربونية البنزين أحدها حيث يتواجد في الجازولين بنسبة تتراوح ما بين (1-4)%، والسبب وراء إضافة البنزين إلى الجازولين هو الرغبة في رفع ما به من نسبة أوكتان بما يجعل مقدرة محرك السيارة تتحسن وتترفع فيما يتعلق بالاشتعال الذاتي. [1]
ولا يتفق الجميع في حب رائحة البنزين والجازولين ولكنه يحدث مع الغالبية العظمى منهم والشعور بالنشوة حين بلوغ رائحته إلى الأنف والبعض الآخر يراها سيئة ويصيبهم الضيق والرغبة في الابتعاد عن مصدر الرائحة، تلك التفرقة تتوقف على التقييم الشخصي للرائحة من قبل الإنسان نفسه مثل تفضيل البعض لرائحة عطر ما وعدم تفضيل البعض الآخر له، وهو ما لا يوجد له تفسير علمي دقيق حتى الآن.
وقد قال في ذلك الصدد الدكتور آلان هيرش (Dr. Alan Hirsch) الطبيب الأعصاب بالطب النفسي في تفسيره حول الأمر أن الفص الشمي وهو ذلك الجزء من الجهاز العصبي الطرفي المتحكم بعواطف الإنسان وفيما يتعلق بذلك فإن السبب وراء الشعور بالاستمتاع حين شم رائحة البنزين يعود إلى ارتباطه ببعض الذكريات السعيدة.
وحينما يتم استنشاق الجازولين أو البنزين يتم استحضار تلك الذكريات مرة أخرى وتذكرها مما يجعل الشخص يشعر بالبهجة والسعادة بل وقد يلجأ إليه البعض من أجل الإحساس بالاسترخاء والتخلص من الاكتئاب والملل أو الهروب بشكل مؤقت من المشكلات، كما يحدث أن يجرب استنشاقه البعض بدافع التقليد ومن ثم يبدأ في الاعتياد عليها.
في الواقع فإن مجرد الاستمتاع بتلك الرائحة أثناء الوقت القليل بالتواجد في محطات الوقود لملأ السيارة بالبنزين لا يشكل مشكلة، بينما القلق والخطورة تكمن حينما يصل الأمر للإدمان الذي يكون مشابهاً للكحول أو المخدرات خاصة ما يتميز به البنزين عنهم من سهولة الحصول عليه فهو غير مخالف بالنسبة لغيره للقانون. [2]
الحد المسموح من التعرض للبنزين
هناك الكثير من المساعي التي تمت من قبل منظمات عديدة لكي يتم الوصول إلى الحد المسموح به للأشخاص من استنشاق البنزين بما لا يترتب عنه إصابتهم بالضرر ومن بين تلك المنظمات إدارة السّلامة والصّحة المهنيّة (OSHA) التي قررت أن أقصى حد يمكن استنشاقه بأماكن العمل يومياً من البنزين أو الجازولين هو جزء من مليون بمتوسط العمل اليومي، وخمسة أجزاء من مليون حينما يتم التعرض إلى البنزين لمدة خمسة عشر دقيقة.
وحينما يتجاوز ذلك التركيز إلى حد أكبر من المصرح به فلابد حينها من توافر أجهزة للحماية الشخصية مثل أفنعة التنفس، وقد حددت وكالة حماية البيئة (EPA) متوسط نسبة البنزين المصرح بها من الجازولين وهي (0.62٪) فيما يتعلق بالحجم، وبأقصى حد (1.3٪)، وخمسة جزء من البليون من مياه الشرب وقد اعتبرت لجنة سلامة المنتجات الاستهلاكية (CPSC) جميع المنتجات التي تتضمن خمسة بالمائة أو ما يزيد عن ذلك من الوزن من البنزين بأنه من قبيل المنتجات الخطرة وهو ما يتعين معه وضع علامات تحذيرية توضح تلك الخطورة.
طرق التعرض للبنزين
الكثير من الأشخاص يتعرضون يومياً إلى استنشاق رائحة البنزين والجازولين أو ملامسة أحدها خاصة في حالات العمل بالأماكن التي يستخدم بها البنزين أو حين استخدام المنتجات المتضمنة في تكوينها البنزين، كما قد يحدث ذلك نتيجة التعرض للتلوث ومن بين أبرز الطرق التي يمكن من خلالها التعرض لاستنشاق البنزين التالي:
-
استخدام منتج يحتوي على بنزين:
الكثير من المنتجات التي يستخدمها الإنسان في حياته اليومية تعتمد في مكوناتها على البنزين منها مواد التشحيم، المنظفات، الدهانات، الأصباغ، الغراء، المبيدات الحشرية، والمذيبات، -
أماكن العمل:
من أبرز أماكن العمل التي تجعل من يعمل بها في حالة تعرض دائم لاستنشاق البنزين وكذلك ملامسته العمال بمصانع المطاط، مصافي النفط، المصانع الكيميائية، مصانع الأحذية، رجال الإطفاء، محطات الوقود، الصناعة المرتبطة بالغازولين، المطابع والفنيين بالمختبرات. -
التلوث:
قد يحدث أن يتم استنشاق البنزين لأسباب خارجة عن إرادة الإنسان أو بمعنى آخر يحدث استنشاق له دون فعل متعمد مثل التعرض لعوادم السيارات، الرائحة المنبعثة من مياه الصرف الصحي، انبعاث المصانع، دخان السجائر كذلك يمكن أن يتواجد البنزين بمياه الشرب الملوثة.
مخاطر التعرض للبنزين
يترتب على التعرض للمواد الهيدروكربونية للبنزين ضعف الجهاز العصبي وهو ما يترتب عليه الإصابة ببعض الأعراض عقب استنشاق البنزين لمدة تقرب من الخمس دقائق ومنها:
- الرغبة في الثرثرة.
- ضعف العضلات.
- عدم المقدرة على اتخاذ القرارات.
- الشعور بالدوخة والخفة والبطء في رد الفعل.
- التلعثم بالكلام والإصابة بالهلوسة.
- النشوة والخدر.
- الإصابة بالارتباك والقيء.
- السعال الذي تتراوح حدته ما بين الخفيف والحاد. [3]، [4]
خطورة إدمان استنشاق البنزين
من أكثر المخاطر التي قد يصاب بها من بلغت محبته لاستنشاق البنزين حد الإدمان التالي:
- المشاكل بالجهاز التنفسي والتلف الدائم بالدماغ.
- الإصابة بالتشوهات في الدم وضعف جهاز المناعة بالجسم.
- الصداع المزمن وتلف القلب.
- تلف الكلى والكبد والشعور المستمر بالوهن والتعب.
- لمن كانت في فترة الحمل وقد قامت باستنشاق البنزين أكثر من الحد المعتاد فإنها تتعرض للإجهاض والنزيف أو الإصابة بتشوهات الأجنة.
- الولادة المبكرة وإنجاب أطفال وقت الولادة تعاني من انخفاض الوزن.
- الإصابة بالالتهابات الرئوية، التشنجات وتلف الدماغ.
- المشاكل المالية والعائلية.
- التعرض للغيبوبة، وقد يصل الأمر حد الموت وهو ما أشارت إليه الدراسات في تقديرها لما بلغه عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم إثر التعرض لاستنشاق البنزين الزائد عن الحد المسموح به ما بين عامي (1981، 2003م) بأستراليا فقط مائة شخص.