تاريخ اللغة العربية في مصر

اللغة العربية هي من أقدم اللغات التي عرفها العالم على مر العصور ، و تندرج من أصول سامية ، كما أنها لغة القرآن الكريم الذي أنزله الله – عز وجل – على نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم – وتحدى به أرباب الفصاحة والبلاغة من أهل مكة ، وقد كان لهذه اللغة تاريخ طويل في أغلب البلاد التي دخلها الفتح الإسلامي ، ومن أهم هذه الدول هي مصر ، التي فتحها عمرو بن العاص ولكن وقبل الفتح كان اللغة العربية منتشرة في مصر كذلك ومرت بالعديد من المراحل .


تطور اللغة العربية في مصر

مرت اللغة العربية في مصر بالعديد من المراحل ومن أهم هذه المراحل مرحلة ما قبل الإسلام ، وما بعد الإسلام:


اللغة العربية في مصر قبل الإسلام

اللغة العربية كان لها وجود قبل الإسلام في مصر ، وليس كما يعتقد البعض أن اللغة القبطية كانت هي اللغة السائدة فقط في مصر وهناك عدة أسباب وراء ذلك وهي : [1]


  1. التجارة

    : كانت حركة التجارة قبل دخول الإسلام إلى مصر منتقلة من  مصر ، إلي شبه الجزيرة ، والعكس ، وكانت حركة الوصل بينهما هي مدينة غزة ، وكلاً من شبه الجزيرة العربية ، وغزة كانوا وما زالوا يتحدثون اللغة العربية .

  2. هجرة القبائل

    : هناك العديد من القبائل التي  هاجرت من شبه الجزيرة العربية إلى مصر ، ومن مصر إلى شبه الجزيرة العربية ، مثل هجرة قبائل كهلان التي استقرت في الجزء الشمالي الشرقي لمصر ، وهجرة قبيلة بلي التي استقرت في القصير ، وقبيلة خزاعة ، وهذا ما يعني أن هؤلاء الأشخاص اختلطوا بالشعب المصري وتزوجوا من نسائهم ، وهذا أدي إلى انتشار اللغة في مصر .
  3. وقد أدى وجود واحتكاك العرب مع أقباط مصر إلى تشابه كبير وتبادل في المفردات بين اللغتين ، الأمر الذي أدي إلى أن بعض اللغويين  زعم بوجود صلة قرابة فيما بينهما لأنه كان من الضروري  دخول بعض المفردات العربية في القبطية ودخول بعض مفردات القبطية إلى العربية مثل لفظ ( قبس ) و ( صداع ) و ( مشط ) و ( بردى ) .
  4. وقال الإمام السيوطي في كتابه أن أثر تأثير القبطية على المصرية أدي إلى ذكر بعض الألفاظ القبطية في القرآن الكريم وذلك مثل قوله تعالى (( ولات حين مناص )) فقال : أي فرار بالقبطية .


اللغة العربية في مصر بعد الإسلام

ولكن بعد الإسلام وبعد فتح عمرو بن العاص لمصر ، كان هناك صراع كبير بين اللغتين ، العربية ، والقبطية ، وحدث هذا الصراع نتيجة للكثير من الأسباب السياسية ، الاقتصادية ،والدينية ، والكثير من الأسباب الأخرى ، و ظل هذا الصراع قائم حتى وقت طويل إلى أن كانت الغلبة للغة العربية نتيجة  للعوامل السياسية والاقتصادية كان لها تأثير واضح ، فقد سعوا سعي دؤب لمحاولة تعريب لغة مصر ، ونشر الإسلام فيها بالحسنة وكانت محاولة مشتملة على عدد ركائز وهي  : [2]

  1. إحلال العربية مكان القبطية في المكاتبات الرسمية والدواوين .
  2. دعوة بعض القبائل العربية للإقامة الدائمة في مصر والاختلاط بأهلها .
  3. إحلال المسلمين محل الأقباط في الوظائف الرسمية .
  4. فرض الضرائب على الأقباط .
  5. كما أن الإسلام الذي انتشر في هذه الفترة انتشاراً واسع كان له فضل كبير في نشر العربية ، حيث أنه كان لابد أن يعرف الفرد لغة دينه الجديد .
  6. لذلك فمن الملاحظات التي سجلها تاريخ مصر أن المناطق التي انتشر في فيها الإسلام ، انتشرت فيها كذلك اللغة العربية ، والمناطق التي لم ينتشر فيها الإسلام ظلت محتفظة بقوة اللغة القبطية ، وأن المسلمين كانوا أسرع في تعلم العربية من غيرهم .
  7. وقال أحد المؤلفين أفتراءً أن المسلمين حاولوا نشر الإسلام بالقوة ، وتعلم اللغة العربية  ، وانتشارها في ذلك الوقت يؤكد أنهم دخلوا الدين عن طوع منهم ، لذلك رغبوا في تعلم لغة القرآن الكريم ، والحديث الشريف .
  8. كما أن عمرو بن العاص لم يأخذ أي شيء مما تملكه الكنائس أو تحتفظ به قبل أو بعد الفتح  ، وحب الناس للفتح الإسلامي وانتشاره أدي لانتشار اللغة العربية كذلك واندثار اللغة القبطية .


انتشار اللغة العربية في مصر

في نهاية القرن الأول إلى عام 215هـ ، ازدادت قوة اللغة العربية في مواجهة اللغة القبطية وهذا كان نتيجة الكثير من الأشياء التي قامت بها الدولة الإسلامية في ذلك الوقت ومنها : [3]

  • زيادة حركة التعريب ، كما أن المسلمين تمكنوا من تقلد مناصب كبيرة ووظائف في الدولة بعد أن كانت مقصورة على الأقباط .
  • جعل اللغة العربية شرط لتعين في الوظائف المهمة ، جعل الأقباط يهملون دراسة اللغة اليونانية ، والقطبية ويهتمون بدراسة اللغة العربية في المدارس حتى يتمكنوا من تقلد الوظائف المهمة .
  • هناك الكثير من الحيل التي حاول الأقباط أن يقوموا بها لتهرب من دفع الجزية التي فرضها عليهم عمرو بن العاص في ذلك الوقت منها ادعاء كثير منهم حقهم في الإعفاء من دفع الجزية بحجة ترهبهم أو انتسابهم للكنيسة ، كما حاول بعضهم إلى تغيير محل إقامتهم وأقاموا في مناطق أخرى لم تدرج أسماؤهم في قوائم الضرائب فيها ، وحاول بعض المزارعين إلى هجرة أراضيهم وقراهم بحجة عدم استطاعتهم الوفاء بالتزاماتهم المالية ، ولكن تشدد المسلمين في دفع الجزية لهم جعل الكثير يحاول الدخول في الإسلام والتعرف على اللغة العربية .
  • هاجر ما يقرب من ثلاثين قبيلة من قبائل العرب إلي مصر ، وهذا أدي إلى زيادة أعداد من يتحدثون اللغة العربية في مصر ، كما أنه أدي إلي تطور اللغة بشكل ملحوظ .
  • ولكن السبب الرئيسي الذي يمكن أن يكون قد أدى إلي الوصول لهذه المرحلة هو محاولة الأقباط أكتشاف الدين الإسلامي الجديد ولا يمكن القراءة عنه إلا من خلال الكتب العربية ، كما أنهم وجود في دخولهم لهذا الدين راحة إعفاء من دفع الجزية للمسلمين .


اللغة العربية اللغة الرسمية في مصر

في القرن الثالث والرابع الهجري كانت مرحلة نصر لـ

تاريخ اللغة العربية

على اللغة القبطية  ، فقد كانت هناك الكثير من العوامل التي ساعدت على ذلك وهي : [3]

  • هجرت الكثير من القبائل العربية التي تتحدث اللغة العربية بطلاقة وتكتب الشعر  ، مثل قبيلة الكنز التي هاجرت في خلافة المتوكل فتفرقوا في جهات كثيرة منها في أسوان وشمال النوبة ، وقبيلتا هلال وسليم اللتان هاجرتا في القرن العاشر ونزلوا الصعيد ، وسلالة جعفر الطيار نزحوا عن الحجاز بسبب ضغط بني الحسن .
  • ضعف شوكة الأقباط خاصة بعد  الثورات الدموية التي قاموا فكان رد فعل المأمون  أن يحضر بنفسه إلى مصر ويخمدها بشدة ويقضي بذلك على أخر أمل للأقباط في مصر  ، ويقول المقريزي : ” ومن حينئذ أذل الله القبط في جميع أراضي مصر وخذل شوكتهم ، فلم يقدر أحد منهم على الخروج ولا القيام على السلطان ، وغلب المسلمون على القرى ” .
  • بعد فترة قصيرة من الزمن كان التمكين من نصيب العرب في جميع الوظائف ، حيث شغلوا مناصب في الزراعة ، والتجارة ، وكانت لهم الغلبة ولغتهم بالطبع هي السائدة والمستعملة ، وقلة استعمال اللغة يميتها ، ويجعلها تندثر لذلك اندثرت اللغة القبطية .
  • وبعدها صدر قرار رسمي من الدولة بجعل اللغة العربية هي اللغة الرسمية ، ولغة التخاطب في مصر .