كيف أقوي إيماني بالله

العقيدة الإسلامية تعد علماً شاملاً كاملاً مما جعلها تحتل مكانة عظيمة بين العلوم بل إنها تعد العلم الأهم على الإطلاق، وقد أوجب الله سبحانه وتعالى على عباده جميعهم التفقه بها وبجميع أحكامها فقد كانت أول ما علمه الله جل وعلا لرسوله الحبيب ومنها تندرج وتنبثق باقي العلوم الأخرى، ولكي يتمكن المسلم من فهم وإدراك معنى العقيدة وعلمها لابد أن يتعلم أولاً أركان الإيمان.

قال تعالى في كتابه الكريم (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ۚ وَإِن كَانَتْ لَكَبيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ) البقرة :143، وقد ورد معنى الإيمان في تلك الآية الكريمة بالصلاة وهي ثاني أركان الإسلام ولا قيام لإيمان العبد إلا بها.

كيف أقوي إيماني بالله

الإيمان بالله تعالى ستة أركان وهو المقصود به العقيدة تلك الأركان الستة هي الإيمان بالله، الإيمان بالملائكة، الإيمان بالكتب السماويّة، الإيمان بالرّسل، الإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالقدر خيره وشرّه، والتي تعد من الأعمال القلبيّة حيث إن موضعها القلب، أي من باطن الإنسان وبذلك فإنها تختلف عن أركان الإسلام وهي (شهادة أن لا إله إلا الله، إقامة الصلاة، إيتاء الصلاة، صوم رمضان، حج البيت لمن استطاع إليه سبيلا).
وقد وردت أركان الإسلام في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان)، وبذلك فإن أركان الإسلام تشمل الأعمال الظاهرية التي تتضمن كلاً مما يكمن في القلب من إيمان وما يظهر للغير من عبادات. [1]

مفهوم الإيمان بالله

الإيمان بالله تعالى هو أول أركان الإيمان وأعظمها حيث أمر الله جل وعلا خلقه بالإيمان به وعبادته وتوحيده حق العبادة والانتهاء عن الشرك به أو الاعتقاد والإيمان بغيره، كما بين لنا سبحانه أن الإيمان الصحيح هو سبيل الفلاح والنجاح ولمن يتركه فهو الخاسر في الدنيا والآخرة وهو ما قال به الله سبحانه (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة: 256.

موضع الإيمان بالله هو القلب وحقيقته تبدو من الأفعال والأقوال التي يقوم بها العبد، وفيما يتعلق بمفهوم الإيمان فإنه ينقسم إلى أربعة مفاهيم ينبغي على العباد الإيمان بها جميعها لكي يتحقق إيمانه ويصبح قوياً راسخاً، تلك المفاهيم هي:


  • الإيمان بوجود الله سبحانه:

    فما فطر الله تعالى خلقه عليه يدل على وجود الله وهو ما يأتي في قلب الإنسان دون سابق تعليم أو جهد مبذول من خلال ما أنعم به الله سبحانه على عباده من نعمة العقل، فكيف وجدت جميع تلك المخلوقات على الأرض دون وجود خالق لها، كما أنه من دلالات وجود الله القرآن الكريم، وما قد أجراه الله على يد أنبيائه ورسله لا يمكن لبشر أن يأتي بها.

  • الإيمان بربوية الله:

    من خلال تمام الاعتقاد أن الله هو من خلق جميع المخلوقات وهو من يدبر لهم شؤونهم، إحيائهم رزقهم وإماتتهم ولا يمكن لأحد أن يقلده أو يأتي بمثل ما أوتي الله من مقدرة، وقد قال تعالى في ذلك (أَلا لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ تَبارَكَ اللَّـهُ رَبُّ العالَمينَ) الأعراف: 54.

  • الإيمان بألوهية الله:

    والمقصود بذلك توحيد العبادة لله، حيث ينفرد المسلم لخالقه وحده بالإيمان به والعبادة بشتى أنواعها وهي ما لا يمكن القيام بها لأحد سواه.

  • الإيمان بأسماء الله سبحانه وصفاته العلى:

    تشمل أسماء الله سبحانه وتتضمن صفاته ولإيضاح ذلك نذكر اسم الله الكريم وبه صفة الكرم، بينما اسم الله الرحيم دلالة على رحمته سبحانه بخلقه، كما تشتق الرحمة من اسم الله الرحمن، والجدير بالذكر أن صفات الله لا تشبه صفات أحد سواه ولا حتى تقترب من عظمتها وجلالها، ولذلك على المسلم أن يؤمن بجميع أسماء الله وصفاته التي وردت في كتابه الكريم أحاديث نبيه الشريفة.


كيف يتحقق الإيمان بالله

يمكن التعرف على كيفية الإيمان بالله من خلال فهم أركانه واتباعها وأولها الإيمان بالله جل وعلا والتي تكون حقيقته باليقين أن الله هو رب كل شيء وخالقه ومليكه ، وحده المستحق أن ينفرد بالعبادة وحده المتصف بصفات التنزه والكمال المنزه عن أي نقص، ولكي يكون الإيمان راسخاً قوياً ثابتاً هناك العديد من الوسائل التي يمكن من خلالها تحقيق ذلك والتي تعين العبد على زيادة إيمانه، أهمها الآتي:


  • اتقاء الله:

    من خلال الالتزام بأوامر الله سبحانه، والامتناع التام عما نهى عنه حيث يصبح ما يشغل المسلم هو طاعة خالقه والحذر من ارتكاب الذنوب والمعاصي، مع استشعار مراقبة الله سبحانه والعلم بما يفعله أو يقوله، بالجهر والسر، وكلما كثر ما يقوم به العبد من طاعات زاد إيمانه وأصبح أقوى، بينما لمن يستمر على ارتكاب الذنوب والمعاصي فهو ضعيف الإيمان.

  • معرفة الله حق المعرفة:

    من خلال علم المسلم بما أنعم عليه به الله حين خلقه في أحسن صورة فهو من رحمه ودبر له أمره ورزقه، أنعم عليه بنعمة الإسلام يقضي له حاجته، وعلى ذلك فكلما زادت معرفة العبد بربه قوي الإيمان به.

  • المواظبة على أداء الصلاة:

    من خلال الحرص عليها وفقاً أركانها وشروطها بالأوقات المحددة، فهي ثاني أركان الإسلام التي لا قيام له بدون صحتها فهي أقوى رباط ما بين العبد وربه تمنحه الطمأنينة والخشوع مما يجعله يصل إلى أعلى مراتب الإيمان والسعادة.

  • تلاوة القرآن الكريم:

    من خلال تدبر آياته وأحكامه ومعانيه واستشعارها من القلب، وتطبيق تلك الأحكام والمعاني على جميع جوانب الحياة، ولذلك على من يقرأ القرآن أن يقوم بذلك في هدوء وخشوع وطمأنينة.

  • التفقه في العلوم الشرعية:

    وهي أحد أهم الأسباب في تقوية الإيمان حيث يساعد ذلك في اتضاح تفكير المسلم تجاه دينه وزيادة علمه وفهمه له وبالتالي قوة الإيمان بشكل عام.

  • المداومة على ذكر الله:

    المسلم الذي يجعل ذكر الله تعالى منهجه في الحياة وسبيله في كل وقت يشعر بالسعادة والخشوع والطمأنينة وأن الله تعالى قريب منه في كل وقت وحين. [2]

أهمية الإيمان بالله

هناك الكثير من الآثار التي تترتب على قوة الإيمان بالله وله العديد من الثمار التي تشمل كافة النواحي في حياة العبد سواء بالدنيا أو الآخرة والتي تعود عليه بالخير والنفع، نذكر من تلك الفوائد التالي: [3]

  • توطيد العلاقة ما بين الله تعالى والمسلم في جميع المجالات الحياتية والهداية نحو الطريق المستقيم.
  • تصبح العبادة على العبد أيسر بل ويحبها ويجد نفسه يسارع إلى أداء الأعمال الصالحة طاعة وتقرباً لله تعالى.
  • تقي المؤمن مما يتعرض إليه من فتن الدنيا وتساعده على الوقاية من الوقوع في المعاصي والذنوب.