الفرق بين الاحصاء الوصفي والاستدلالي

علم الإحصاء هو أحد أهم العلوم التي عرفتها البشرية، فمع التقدم السريع الذي يعيشه العالم بالوقت الحالي، احتاج الإنسان إلى التعرف على نتائج الإحصائيات النهائية بدلًا من الاطلاع في كل مرة على سلسلة لا حصر لها من الأرقام، وعقد مقارنات فيما بينها حتى الوصول إلى استنتاجات واضحة، ويعتبر الفرق بين الإحصاء الوصفي والاستدلالي أحد الفروق التي يبحث عنها الكثيرين، ممن يفتقرون إلى المعرفة بمجالات الإحصاء المتعددة، تلك الفئة التي ترغب في التعرف على العلم بشكل كامل.

تعريف علم الإحصاء

علم الإحصاء (بالإنجليزية: Statistics) هو شكل من أشكال التحليل الرياضي، الذي يستخدم النماذج الكمية والتمثيلات الرياضية والمقتطفات المتعددة لمجموعة من البيانات التجريبية والدراسات الواقعية، إذ تدرس الإحصائيات منهجيات لجمع ومراجعة وتحليل واستخلاص النتائج من البيانات.

الجدير بالذكر أن علم الإحصاء يمثل الصندوق الجامع للأدوات، ذلك الصندوق الذي يجمع مجموعة متفرقة من البيانات والمعلومات، ويلخصها لكي تصبح في النهاية استنتاجات واقعية لمجموعة البيانات المتوفرة، على نفس السياق نجد أن علم الإحصاء ليس مجرد علمًا تكميليًا، بل هو أحد العلوم الرئيسية للتطور البشري، فكيف للإنسان أن يعرف مدى تقدمه عن الماضي إذ لم يعقد مقارنة بين موارده في الماضي والموارد التي يمتلكها في الحاضر، وهذا بالضبط ما يقوم به علم الإحصاء بفروعه المختلفة.

نجد أن علم الإحصاء يتفرع إلى أنواع، تلك الأنواع تختلف في مفهومها عن بعضها البعض، وتتمثل فروع علم الإحصاء فيما يلي:

  • الإحصاء الوصفي
  • الإحصاء الاستدلالي [1]

مفهوم الإحصاء الوصفي


الإحصاء الوصفي

(بالإنجليزية: Descriptive Statistics) يمثل مجموعة المعاملات الوصفية الموجزة، تلك التي تلخص مجموعة معينة من البيانات، والتي يمكن أن تكون إما تمثيلًا كاملًا للمجتمع أو لعينة منه فقط، إذ يتم تقسيم الإحصائيات الوصفية إلى مقاييس مسئولة عن الاتجاه المركزي، ومقاييس التقلب أو كما يطلق عليها مقاييس الانتشار والتباين.

تشمل مقاييس الاتجاه المركزي كلًا من الوسيط والمتوسط والوضع، بينما تشمل مقاييس التباين كلًا من التباين والانحراف المعياري ، بالإضافة إلى الكشف عن المتغيرات الدنيا والقصوى.

باختصار تساعد الإحصائيات الوصفية على وصف مميزات مجموعة معينة، وفهم تلك المجموعة من خلال تقديم ملخصات قصيرة حول العينة ومقاييس البيانات، إذ يتم استخدام هذا النوع من الإحصاء لتحليل ووصف كمية يصعب فهمها عبر مجموعة كبيرة من البيانات، عن طريق تحديد أوصاف صغيرة يسهل فهمها. [2]

مفهوم الإحصاء الاستدلالي

الإحصاء الاستدلالي (بالإنجليزية: inferential statistics) يستخدم عينة عشوائية من البيانات المأخوذة من مجتمع ما، لوصف أو استنتاج سكان هذا المجتمع، إذ تعتبر الإحصائيات الاستدلالية قيّمة عندما لا يكون فحص كل فرد من السكان ممكنًا أو مناسبًا، على سبيل المثال يعتبر قياس قطر كل مسمار يتم تصنيعه داخل مصنع أمر غير عملي على الرغم من كونه ممكن، لكن بدلًا من ذلك يمكن قياس عينة عشوائية من أقطار المسامير التي يتم تصنيعها داخل هذا المصنع، إذ يمكن استخدام البيانات الناتجة عن العينة العشوائية لعمل تعميم حول أقطار جميع المسامير.

من الجدير بالذكر أن عمل الإحصاء الاستدلالي يعتمد على مجموعة من الفرضيات، وكذلك على التقدير الإحصائي الذي يتم الحصول عليه، وفي النهاية يساعد الإحصاء الاستدلال الباحثين على الوصول إلى البيانات والمعلومات التي يتم البحث عنها بطريقة أبسط. [3]

الفرق بين الاحصاء الوصفي والاحصاء الاستدلالي

يختلف عمل الإحصاء الوصفي عن الإحصاء الاستدلالي بشكل كبير، وذلك يمكن أن يتضح بشكل أكبر من خلال عقد المقارنة بينهما.

  • الإحصاءات الوصفية: عند عمل هذا النوع من الإحصاء يتم اختيار المجموعة التي نريد وصفها، من ثم نقوم بقياس جميع المجموعات في هذه المجموعة، وهنا يصف الملخص الإحصائي الذي يتم الحصول عليه هذه المجموعة بيقين تام خارج خطأ القياس.
  • الإحصاءات الاستدلالية: عند القيام بهذا النوع من الإحصاء نحتاج إلى تحديد السكان، من ثم إلى وضع الخطة لأخذ عينات تنتج عينة مثالية، إذ تتضمن النتائج الإحصائية النهائية عدم اليقين في استخدام تلك العينة لفهم مجتمع ما بأكمله، فقط يكون الاعتماد على العينة العشوائية التي يتم الحصول على البيانات الخاصة بها.
  • عملية الدراسة: إن الدراسة باستخدام الإحصائيات الوصفية أسهل بالتأكيد في عملية التنفيذ، ومع ذلك فإن الحاجة إلى وجود تأثير، أو العلاقة بين المتغيرات في مجتمع ما يحتاج إلى الإحصائيات الاستدلالية.
  • وظيفة الإحصاءات: تتمثل وظيفة الإحصاء الوصفي في وصف وشرح البيانات، أما عن وظيفة الإحصاء الاستدلالي فتتمثل في محاولة الوصول إلى النتيجة النهائية للتعرف على المزيد بشأن أمر ما، فالإحصاء الاستدلالي يمتد حتى الوصول إلى المزيد بشأن البيانات المتاحة.
  • الاستخدام: يستخدم الإحصاء الوصفي في الوصف لأمر ما، بينما الإحصاء الاستدلالي فيستخدم بعملية توضيح فرص الحدوث للأمر.
  • الشكل النهائي للإحصاء: يتمثل الشكل النهائي للإحصاء الاستدلالي في سرد الاحتمالات المكتوبة، بينما يتمثل الشكل النهائي في الإحصاء الوصفي بعرض الرسم البياني، والجداول الخاصة بالنتيجة النهائية.
  • الأهمية: باختصار تكمن أهمية الإحصاء الوصفي في التحليل للبيانات الخاصة بقضية ما، بينما تكمن أهمية الإحصاء الاستدلالي في التنبؤ بالنتائج. [4]

أهمية استخدام الإحصاء

تتمثل أهمية استخدام علم الإحصاء بفروعه وأنواعه في الآتي:

  • تقديم الحقائق بشكل محدد، دون الاعتماد على طرق تقليدية غير مجدية.
  • الإحصائيات تقوم بتسهيل عمليات المقارنة، وهذا الأمر يعتبر أحد الأمور الهامة والأساسية بالنسبة لاقتصاد الدول.
  • تقدم الإحصائيات الإرشاد والنصح في صياغة السياسات المناسبة، وهذا بناءً على النتائج التي يتم الحصول عليها.
  • الإحصائيات تساهم في التنبؤ بالنتائج المترتبة على فرض قرار ما، وذلك يدعم تقديم الحلول اللازمة لمعالجة الآثار السلبية الناتجة عن فرض هذا القرار.
  • الطرق الإحصائية مفيدة في صياغة الفرضيات، واختبارها بشكل كامل بهدف تطوير نظريات جديدة تساهم في عملية النمو. [5]

تاريخ علم الإحصاء

تعود الأساليب الإحصائية إلى القرن الخامس قبل الميلاد، بينما تظهر أقدم كتابة معروفة عن الإحصاء بكتاب يعود تاريخه إلى القرن التاسع، هذا الكتاب يعرف باسم ” مخطوطة فك رموز الرسائل المشفرة “، إذ يقدم أبو يوسف الكندي وصف تفصيلي لكيفية استخدام الإحصائيات، وتحليل كافة البيانات لفك تشفير الرسائل، فقد كان هذا الكتاب بمثابة ولادة لعلم الإحصاء، وكذلك للتحليل السريري، بحسب تصريحات المهندس السعودي إبراهيم القاضي.

وفي القرن الرابع عشر تحديدًا في فلورنسا تم تضمين العديد من المعلومات الإحصائية، تلك التي تخص السكان والمراسيم والتجارة والتعليم والمرافق الدينية، ليكون استخدام الإحصاء في هذا القرن مقدمة لاستخدام علم الإحصاء بشكل إيجابي على مر التاريخ.

على نفس السياق نجد أن بعض العلماء قد قاموا بتحديد أصل الإحصاء، لينسبوه إلى عام 1663، مع نشر الملاحظات الطبيعية والسياسية على تقارير الوفيات بواسطة جون جراونت، إذ تمحورت التطبيقات المبكرة للتفكير الإحصائي حول احتياج الدول لتأسيس السياسة بناءً على البيانات الديموغرافية والاقتصادية، فمن هنا جاءت الأصول الإحصائية لاستخدام العلم بشكل مميز.

يذكر أن عملية توسيع نطاق النظام الخاص بالإحصائيات جاءت في أوائل القرن التاسع عشر، لكي يشمل عملية جمع البيانات وتحليلها وبشكل عام، مما يصب في مصلحة الدول واقتصادها ونمائها بشكل أكبر مما كانت عليه.

فاستخدام الإحصائيات على مر التاريخ كان هدفه تعليم الناس استخدام العينات المحدودة، للتوصل إلى استنتاجات دقيقة وذكية حول مجموعة أكبر من الشرائح، وذلك توفيرًا للوقت والجهد معًا، ولازال علم الإحصاء في حالة من التطور حتى اليوم، بهدف الوصول إلى نتائج أكثر دقة. [6]