تعريف التوازن الايزوستاتيكي

يُعد تعريف التوازن الايزوستاتيكي من أهم الموضوعات التي يتناولها علم الجيولوجيا ؛ وذلك من خلال دراسة نظرية التوازن الأيزوستاتيكي التي تُفسر كيفية توازن القشرة الأرضية بالرغم من تعرض الجبال ، والمرتفعات ، والقارات لعمليات التآكل .

تعريف التوازن الايزوستاتيكي

التوازن الايزوستاتيكي الخاص بجميع الأجزاء كبيرة الحجم الموجودة في الغلاف الصخري للأرض ، وهذه الكتل التي تطفو على الطبقة الأساسية ذات الكثافة الأعلى للغلاف الصخري ، طبقة الأثينوسفير هي الطبقة العلوية من الوشاح ، وتتكون من الصخر البلاستيكي الضعيف ، ويقع على بعد 110 كيلو متر تحت سطح الأرض .

يتحكم التوازن الايزوستاتيكي في المرتفعات الإقليمية التابعة لجميع القارات ، والمرتفعات التي توجد في المحيطات ، والبحار أيضًا ، وذلك استنادًا إلى الكثافة الخاصة بطبقات الصخور التي تتواجد في الأسفل .

يفترض الكثيرون أن الأعمدة الافتراضية التي تتواجد في منطقة مستعرضة متساوية ؛ فهي تمتد من طبقة الأثينوسفير إلى سطح الأرض تمتلك أوزان متساوية في جميع أجزاء الأرض ، وذلك باختلاف المواد التي تتكون منها ، وأيضًا اختلاف ارتفاعات سطحها العلوي .

مما يعني أن الإفراط في كتلة المواد المفترض تواجدها فوق مستوى سطح البحر مثل النظم الجبلية تعود إلى الجذور منخفضة الكثافة الموجودة تحت مستوى سطح البحر ؛ مما يعني أن الجبال العالية تمتلك جذورًا منخفضة الكثافة تتواجد في طبقة الوشاح .

مفهوم  التوازن الايزوستاتيكي يُعد أساسًا صلبًا لتطور نظرية الصفائح التكتونية ، كما أنه في عام 1735 أفادت بعض البعثات التي اختصت بقياس سحب الجاذبية الأفقية لجبال الأنديز بأن


جبال الأنديز


لا تُشكل نتوءًا صخريًا على طبقة صلبة ، وأنه لو كان كذلك فإن الخط الرأسي لها سوف ينجرف بنسبة ملائمة للجاذبية الخاصة بسلسلة الجبال ، ولكن معدل الانحراف كان أقل من المعدل الذي توقعه العلماء .

بعد مرور ما يقرب من قرن لوحظ وجود اختلافات تتشابه مع هذه الاختلافات في جنوب جبال الهيمالايا في الهند ؛ الأمر الذي يدل على وجود عملية تعويضية من خلال الكتل الموجودة تحت سلاسل الجبال . [1]

نظرية التوازن الايزوستاتيكي

تُفيد النظرية التوازن الايزوستاتيكي بأن الكتلة التي تتواجد فوق مستوى سطح البحر تُدعم تحت مستوى سطح البحر ؛ ولهذا السبب يوجد عمق محدد به يتساوى الوزن الكلي الخاص بكل وحدة مساحة في جميع أجزاء الأرض ، ويشتهر هذا العمق باسم ” عمق التعويض ” ، كما حدد هايفورد بوي في مفهومه بأن  عمق التعويض يكون 113 كيلو متر ؛ وذلك استنادًا إلى التغيرات التي تحدث في البيئات التكتونية بشكل دائم ؛ وهذا يُفسر ندرة حدوث التوازن الايزوستاتيكي ، والاقتراب منه إلى درجة كبيرة  في أغلب الأحيان ، فيحدث هذا التوازن الكامل في الهضاب العالية ، والخنادق المائية في أغلب الأوقات .

المفهوم الرئيسي لنظرية التوازن الايزوستاتيكي هي فرضية العالم جورج إيري التي تُفيد بأن


القشرة الأرضية


هي طبقة أكثر صلابة من الطبقة الموجودة بأسفلها ، وأن القشرة الأرضية تطفو على طبقة سائلة ، كما أن جورج إيري افترض أن قشرة الأرض كثافتها موحدة دائمًا .

وبالرغم من ذلك فإنه يرى أن سمك طبقة قشرة الأرض لا يُعد سمكًا متجانسًا ، وعلى هذا فإن الأجزاء ذات السماكة الأعلى في طبقة القشرة الأرضية تغوص في الطبقة التحتية على عمق أكبر من الأجزاء ذات الكثافة الأقل .

استنادًا إلى هذه الافتراضات فإن الجبال تمتلك جذورًا تحت سطح الأرض أكبر بكثير مما تبدو عليه على سطح الأرض ، وهذا أشبه بالجبال الجليدية ؛ حيث يكون الجزء الموجود تحت سطح الماء أكبر بكثير من الجزء الموجود فوق سطح الماء .

هذا بالإضافة إلى الفرضية التي طورها برات ، والتي تُفيد بأن القشرة الأرضية تمتلك سمك ثابت ، وموحد تحت سطح البحر ، كما أن قاعدة القشرة الأرضية لها أوزانًا متساوية لكل وحدة مساحة في عمق التعويض ، وهذا يُشير بشكل أساسي إلى المناطق الأرضية التي تمتلك الكثافة الأقل كالسلاسل الجبلية على سبيل المثال ، وتفوق مستوى سطح البحر في المناطق التي تمتلك الكثافة الأعلى .

ويُفسر ذلك بأن الجبال في الأصل هي نتيجة للتوسع المتصاعد الحادث للمواد الحارة في منطقة ما في القشرة الأرضية ، والتي تميزت بالحجم الكبير ، والكثافة القليلة بعد التبريد .

من أشهر إسهامات العلماء التي تخص نظرية التوازن الايزوستاتيكي هي إسهامات هيسكانين الذي قدم الفرضية التي تُعد فرضية وسيطة بين الفرضيتين السابق ذكرهما ، وتُفيد بأن حوالي ثلثي الطبوغرافيا تُعوض من خلال تكون الجذر ، وأن الثلث الباقي بالقشرة الأرضية يتواجد أعلى الحدود الفاصلة بين القشرة الأرضية ، والطبقة السفلية . [1]

نتائج جيولوجية للتوازن الايزوستاتيكي

تسري فاعلية قوانين الطفو على القارات بنفس فاعليتها التي تعمل بها في الجبال ، والجبال الجليدية ؛ فالجبل الجليدي يُمكنه الارتفاع بمستوى أعلى من سطح الماء في حالة ذوبان الجزء العلوي منه ، وهذا الجزء الطواف ثم يبقى غارقًا في الأعماق ، وخاصةً عند وجود المزيد من الأحمال ، وبالرغم من ذلك يكون وقت التوازن الأيزوستاتيكي الخاص بالقارات بطيء مقارنة بالوقت الخاص بالجبال ؛ وذلك نظرًا للزوجة طبقة الأثينوسفير ، وهي الطبقة العلوية من الوشاح ، كما ينتج عن ذلك مجموعة من العمليات الجيولوجية ديناميكية الحركة .

فمن الممكن أن يكون تكوين الصفائح الجليدية سببًا واضحًا في غرق جزء من سطح الأرض ، ومن أبرز الأمثلة على ذلك ما حدث في العصر الجليدي الأخير في المناطق التي تحتوي على صفائح جليدية ، أما في وقتنا الحالي فإن تعود ، وترتد تدريجيًا باتجاه الأعلى منذ لحظات الذوبان الأولى للجليد الثقيل ؛ مما يُقلل الحمل على طبقة الأثينوسفير .

من أبرز الأدلة الخاصة بالحركات الديناميكية الجيولوجية التي تخص التوازن الايزوستاتيكي هي المنحدرات البحرية ، والأمواج التي تتواجد على ارتفاع عالٍ يصل إلى ” مئات الأمتار ” فوق مستوى سطح البحر ، ويُمكننا ملاحظة ذلك في وقتنا الحالي ، هذا بالإضافة إلى إمكانية قياس نسبة هذا الارتفاع في كندا ، وفي بحر البلطيق أيضًا ، ويلعب بطء حركة التوازن الايزوستاتيكي دورًا هامًا في استمرار ارتفاع الكثير من أجزاء القشرة الأرضية .

كما تعمل عملية ارتفاع الأراضي الايزوستاتيكية على تعويض عملية التآكل التي تحدث في الجبال ؛ ففي حالة نقل المواد المتآكلة من الجبال في منطقة ما بعيدة ؛ فإن الأرض سترتفع إلى الأعلى حتى تُعوض هذا التآكل ، وتُحقق التوازن ، وتظهر عمليات التآكل ، والتعويض ، والتوازن بشكل أوضح في مناطق حواف الهضاب ؛ فيُمكن أن تتبب عملية التوازن الأيزوستاتيكي في ارتفاع الحواف لدرجة أعلى من الارتفاع التي وصلت إليه الحواف من قبل ؛ الأمر الذي يُفسر تكون الكثير من قمم التلال على ارتفاعات أكبر بصورة كبيرة من ارتفاعات الهضاب التي تُحيط بها ، وتظهر هذه العملية بشكل واضح في المناطق التي تضم سلاسل جبلية تُحيط بالهضاب ، ومن أبرز الأمثلة على ذلك هضبة التبت التي تُحيط بها سلسلة جبال الهيمالايا ، وسلسلة جبال كونلون .

يُمكن أن تزيد كثافة جذور القشرة السميكة الموجودة تحت الجبال ، وتتم إزالتها من خلال الحمل الحراري للغلاف ، أو بواسطة التفريغ ؛ فبعد انفصال هذا الجذر ترتفع طبقة الأثينوسفير ، وتتم إعادة التوازن ، ويترتب عليها زيادة الكتلة الجبلية الموجودة ، وارتفاع الجبال . [2]