مفهوم التدخل المهني


الوصول إلى أفضل مستوى من الاحترافية والجودة في تنفيذ الأنشطة اليومية الموكلة إلى أي شخص سواء أنشطة تعليمية أو مهام عمل أو غيرها من أهم ما يسعى إليه كل شخص أو مؤسسة ، وقد توصل كبار علماء علم النفس إلى أن المهارة بمفردها دون وجود بعض المقومات النفسية تؤثر بشكل سلبي تمامًا على مدى الجودة والإتقان في أداء تلك المهام ، ومن هنا ظهر مصطلح التدخل المهني .


تعريف التدخل المهني


قام البعض بتعريق التدخل المهني على أنه التنفيذ الفعلي لمفهوم حل المشكلات ، حيث أنه يُشير إلى الانتقال من مرحلة التفكير في المشكلة وتحليلها إلى مرحلة حل هذه المشكلة ، عبر تناولها جيدًا من كافة الجوانب ومعرفة كيف يُمكن مواجهة العراقيل الموجودة بها ودراسة أهم الحلول الممكنة واختيار أفضلها .


أما الشخص المعني بتنفيذ عملية التدخل المهني في أي مكان ؛ فهو


الأخصائي الاجتماعي


الذي يعمل في ضوء ما يتوفر لديه من نظريات ومعلومات وخبرات بفهم طبيعة المشكلة التي أمامه سواء كانت لفرد أو جماعة فهمًا واعيًا وكاملًا ؛ بهدف تغيير الوضع إلى الأفضل الذي يتمثل بطبيعة الحال في إيجاد حلول مناسبة ومخرج من أي مشكلة [1] .


أبعاد التدخل المهني


ينطوي مفهوم التدخل المهني على مجموعة من الأبعاد والجوانب والإجراءات الهامة ، مثل :


-يشمل مجموعة من العمليات والأنشطة المهنية التي تأتي في ترتيب وتنظيم منطقي ومدروس يعتمد عليها الأخصائي الاجتماعي .


-العمل على تنفيذ تلك العمليات والأنشطة بشكل مباشر مع العينة المعنية بتطبيق مفهوم التدخل المهني سواء في حالة الطلاب أو الموظفين أو مؤسسات العمل والمجتمعات عامة .


-يهدف التدخل المهني بشكل أساسي إلى التخفيف من مدى وقْع المشكلات المختلفة على نفسية من يُعاني منها سواء كان ذلك فيما يخص الجانب النفسي أو العملي أو التعليمي أو الاجتماعي ، أو غيرهم .


-كما أنه من أهم أبعاد وأهداف التدخل المهني هو دخول حيز التطبيق للخطط التي يُمكن من خلالها الوصول إلى حلول مثالية قدر الإمكان للمشكلات وهو يعتمد بشكل أساسي أيضًا على استخدام نظرية المدخل الانتقائي .


نظريات التدخل المهني


هناك أكثر من نوع من أنواع النظريات التي يتم الاعتماد عليها عند تطبيق مفهوم التدخل المهني ، ومن أهمها ، ما يلي :


نظريات أساسية


وهي النظريات الأساسية التي يتم من خلالها تحديد تحديد شكل الإطار النظري للممارسة العامة التي تُمهد التدخل المهني الصحيح ؛ حيث أنه في ضوء تلك النظريات يتم التعرف على جوانب المشكلة ومناطق الخلل والقصور التي قد أدت إليها ، وعند تطبيقها مع العملاء ؛ فهي قد تكشف عن جوانب الاهتمام وما يتعرضون له من مشكلات ولكن لا يُمكن من خلال تلك النظريات الوصول إلى حلول مناسبة وإيجابية لتلك المشكلات ، ومن أهم هذه الفئة من النظريات كل من ( نظرية النسقي الأيكولوجي ، نظرية الاتساق ، وغيرهم ) .


نظريات عملية


أما النظريات العلمية في التدخل المهني ؛ فهي تُشير إلى الاستراتيجيات والأساليب التي يتم الاعتماد عليها من أجل الوصول إلى حلول مناسبة ومُساعدة للعملاء أو أي أفراد أو جماعات تواجه بعض المشكلات ، وتعد تلك النظريات هي الأهم فيما يخص مفهوم التدخل المهني بما فيها استراتيجية حل المشكلات والتدخل الانتقائي وغيرهم .


أهمية التدخل المهني


إن التدخل المهني لا يُعد مفهوم وليد اللحظة ، ولكنه قد ظهر منذ وقت طويل ، ونظرًا إلى مدة أهميته ؛ فهو لا يزال يجد صدى هام من الاهتمام سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات والمجتمعات أيضًا ، قد قام بعض الباحثين والخبراء بتلخيص أهمية التدخل المهني عبر النقاط التالية :


-بناء علاقات إيجابية في أي مجتمع مهني ، ولا سيما أن التدخل المهني الناجح لا يتم إلّا من خلال التعاون بين مُقدم الخدمة وهو الأخصائي الاجتماعي وبين الفئة محل التطبيق .


-التدخل المهني الصحيح يُنمي دافعية التغيير نحو الإيجابية لدى العميل أو أفراد العمل أو غيرهم ، ولا سيما أن مساعدة الفرد على حل مشكلاته وتذيل اصعاب قدر الإمكان من أهم أسباب الرغبة في الانتقال إلى التغيير الإيجابي الذي يعود بالنفع العام على الجميع .


-لا يتم تطبيق التدخل المهني بشكل عشوائي ؛ بل إن كل حالة يكون لها مدخل التدخل المهني المناسب بشكل أكبر لها ، حيث أن الأخصائي الاجتماعي يُركز بشكل أكبر على التجاوب والتفاعل مع الفرد والاستماع بأذن صاغية إلى ما يواجهه من مشكلات ، ثم يقوم بتحليلها واستخدام النظريات المختلفة ، ومن ثَم ؛ الوصول إلى أفضل أسلوب للتدخل المهني من أجل حل المشكلة .


-لا يغض التدخل المهني الطرف عن أي مشاعر سلبية تنتاب الفرد أو العميل ، وإنما يأخذها جيدًا في الاعتبار ؛ ولا سيما أن التخلص من تلك المشاعر واستبدالها بمشاعر أخرى إيجابية هو السبيل إلى تحقيق التغيير الإيجابي المنشود في أي مكان .


-في بعض الأحيان ؛ تكون المشكلات التي يُعاني منها الفرد غاية في التعقيد والصعوبة ، وهنا لا يجب أن يتسلل اليأس بأي حال من الأحوال إلى الأخصائي الاجتماعي ؛ لأن هذا اليأس قد ينتقل إلى الفرد ويؤدي إلى تفاقم مشاعره السلبية ، وإنما على ك اخصائي اجتماعي أن يعي ويفهم المشكلة جيدًا وأن يستعين بكبار الخبراء من أجل الوصول إلى نتيجة إيجابية في نهاية الأمر .


نماذج التدخل المهني


كما يوجد أيضًا بعض نماذج التدخل المهني التي يُمكن تطبيقها في الممارسة العامة ، مثل :


النموذج السلوكي


وهو المعني بدراسة سلوك الفرد الخارجي ومحاولة مقاومة السلوك غير المرغوب به واستبداله باخر قويم ، ويتم تنفيذ هذا النموذج من خلال الخطوات التالية :


  • تحديد السلوك المُراد تقيمه واستبداله باخر إيجابي .

  • تحديد البيئة والظروف المحيطة بالفرد وما إذا كان لها تأثير في حدوث هذا السلوك .

  • تحديد أي عوامل أخرى لها دور في هذا السلوك .

  • تحديد طبيعة الظروف والعوامل القابلة للتغيير .

  • تحديد خطة عمل في صورة جدول زمني يتم اتباعها في رحلة تغيير السلوك .

  • والخطوة النهائية لهذا النموذج تكون من خلال النجاح في تغيير هذا السلوك .


النموذج الإدراكي


بينما النموذج الإدراكي لا يعتمد على السلوك الظاهري للفرد ؛ وإنما هو مرتبط ارتباطًا وثيقًا بما يجول في ذهن الفرد ولا يظهر عليه في صورة سلوك خارجي وإنما يؤثر عليه تأثيرًا داخليًا فقط ينعكس في بعض تعاملاته ، وهو يتطلب قدر أكبر من الفهم والوعي من أجل تنفيذه بشكل صحيح عبر الخطوات التالية :


-التعرف على طبيعة حياة الفرد وأي أحداث قد تعرض لها ، معرفة مدى تأثير تلك الاحداث على حياته من كافة الجوانب .


-وفهم وتحليل طبيعة المشكلة التي يُعاني منها بشكل دقيق ، ومُساعدته على التخلص منها قدر الإمكان بالطريقة المناسبة وفي الوقت المناسب .


-وتنتهي خطوات هذا النموذج عند تحقيق الهدف المنشود وهو القضاء على الاضطراب النفسي الداخلي غير الظاهر الذي يُعاني منه الفرد .


ويُذكر أن تطبيق نظريات التدخل المهني في أي مكان بشكل صحيح وبالاعتماد على الأخصائيين الاجتماعيين المتمكنين من عملهم والقادرين على الوصول إلى المغزى الرئيسي لأي مشكلة ؛ من شأنه أن يُساعد بشكل كبير على تطوير أداء الأفراد والمنظمات وتنمية المجتمعات بوجه عام .