ما هي فوبيا النار

مثلت العلاقة الأولية بين الإنسان والنار، علاقة مخلوق يعتمد على تلك الطاقة التي كانت تُستخدم في الحماية من خطر الحيوانات الشرسة، وفي تسوية الطعام، وفي تشكيل المعادن وصنع الأدوات التي تُستخدم في الكثير من الأمور. وعلى جانب آخر، فإن التزام الحيطة أو الحذر بدرجة ما من استخدام النار. ولكن هل يُمكن أن تتسبب النار في الإصابة بالهلع منها؟ وأن يُصاب الإنسان بما يُسمى بفوبيا النار؟

ما هي فوبيا النار

  • نشأت فوبيا النار من كلمة الكراهية “Pyr” وهي تعني النار باليونانية، وكلمة “فوبوس” وتعني الخوف أو الفزع.
  • ولقد اعتمد أسلافنا على الاستخدام الحكيم للنار؛ فهي تفيد في الطهي، والحفاظ على دفء الجسم،  ولكنهم عاصروا نتائج الاستخدام الغير منضبط للنار.
  • ولازالت تلك المعاناة قائمة حتى اليوم، ورُغم اتباع الأساليب الحديثة في تدعيم الأبنية وحمايتها من مخاطر الحرائق التي يمكن أن تندلع بين حين وآخر.
  • ويعاني المرضى بفوبيا النار من كاة أشكال التعامل اليومي معها؛ فهم يفزعون من الموقد، والغلاية، وأي عناصر للتدفئة في منازلهم.
  • ولا يستطيع الشخص المصاب بفوبيا النار تحمل حفلات السفاري، ولا الإقامة بالمخيمات، أو حتى رؤية الشموع.
  • يتطور الأمر بالنسبة للمصابين بفوبيا النار حد ممارسة الطقوس الاستحواذية مثل: الفحص المستمر للبطاريات بالنسبة لكاشفات الدخان، أو استمرار التحقق من إغلاق الفرن أو الموقد، وهكذا.
  • كما وتزيد بعض الحوادث الأمر سوءاً؛ كأن يضطر المصاب للهروب من المنزل نتيجة اندلاع حريق، أو كأن يُفزعه اندلاع الحريق في ملابسه بشكل غير مقصود.
  • ولهذا فإن فوبيا النار أو رهاب النار يُقصد به الخوف الدائم والملازم من رؤية الحريق أو اندلاعه لدرجة أنه يؤثر على حياة الشخص وما اعتاد عليه من أنشطة، وعادات.
  • ويزداد هذا الرهاب بالأماكن التي تتواجد بها الآلات أو المعدات التي تُنتج النار، مثل المطبخ حيث يوجد الموقد أو المدخنة.[1]

أسباب الإصابة بفوبيا النار

  • التجارب السلبية: يُرد أحد أقوى أسباب الإصابة بفوبيا النار إلى تعرض الشخص لتجربة سلبية فيما مضى مع النار؛ كأن يكون منزله قد تعرض لحريق ضخم، أو يكون هو ذاته قد تعرض للاحتراق.
  • الوراثة: فهناك بالتبعية انتقال للأمراض النفسية من جيل الآباء إلى جيل الأبناء، فإن حدث ولاحظ الإبن على أبيه خوفه من النار في سن الطفولة المبكرة بالذات؛ فهذا يدفعه إلى تبني سلوكيات الخوف من النار أيضاً.
  • وظائف الدماغ: ويأتي ذلك في الكيفية التي يستقبل بها البعض خوفهم وحذرهم من النار عن غيرهم؛ حيث يزيد قلق البعض من النار بشكل يفوق المعتاد.

أعراض الإصابة بفوبيا النار

تختلف الأعراض بشكل نسبي بين الأطفال والبالغين. فعند الأطفال نجد أن أشهر أعراض فوبيا النار هي:

  • البكاء.
  • التيبس، والتشبث بالأشخاص والأشياء.
  • التصرف بغضب زائد عن الحد.
  • الالتصاق بالوالدين، وعدم تركهما.
  • عدم الرغبة في التحدث عن النار، أو حتى الاقتراب منها.

أما بالنسبة للبالغين، فنستطيع أن نستشف الجسدي منها، والنفسي أيضاً. فمن الأعراض الجسدية:

  • سرعة ضربات القلب.
  • التنفس السريع، أو ضيق التنفس.
  • ضيق في الصدر.
  • الرجفة.

  • جفاف الفم

    .
  • الشعور بالغثيان.
  • الدوار، أو الإغماء.

أما بالنسبة للأعراض النفسية، فيعد أبرزها ما يلي:

  • الشعور بالقلق حال رؤية التعامل الأبسط مع النار كإنارة الشموع مثلاً.
  • الشعور بالخوف والاضطراب عند سماع أي حديث عن النار أو الحرائق.
  • فقدان القدرة على التحكم، حتى وإن كان صاحبها يدرك ما للأمر من عدم منطقية.
  • الهروب والفرار من المواقع أو المناطق التي يشتعل بها الحريق لأي سبب.
  • تأثر التعاملات اليومية مع الجميع، و في العمل أو الدراسة بسبب الخوف من النار.

كيفية تشخيص فوبيا النار

  • عند تشخيص المريض بأنه مصاب فعليا بفوبيا النار يجب التأكد في البداية أن هذا الخوف قد تطور إلى رهاب بالفعل، وليس مجرد ازعاج أو قلق خفيف التأثير يمكن السيطرة عليه بتجنب ما يُزعج.
  • فعند زيادة التأثير للحد الذي يُعطل الكثير من الواجبات أو الأعمال بمجالات الدراسة أو العمل أو الحياة بشكل عام.
  • ففي حالة الخوف فقط لابد من التوجه إلى الطبيب للكشف وتقييم الحالة، ومن ثم وضع الخطة العلاجية.
  • وقد يأخذ الطبيب معلومات حول تاريخ علاجك الجسدي والنفسي، لمعرفة ما إذا كانت هناك أية أدوية ستتعارض والخطة العلاجية خاصتك، كما وقد يستخدم الطبيب الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية كأحد أهم معايير التشخيص.

كيفية علاج فوبيا النار

  • لابد لك في البداية من طلب المساعدة، وبشكل خاص من أخصائي الصحة العقلية؛ فكثير من مراكز الصحة العقلية يُمكنها تقديم العلاج السري للأشخاص الذين يعانون اضطرابات عقلية أو يعانون من تعاطي المخدرات.
  • كما ويمكن استشارة مراكز الطب النفسي، والصحة النفسية أيضاً أو توجيه الأسئلة المتعلقة بحالتك أو بحالة من يهمك أمرهم من مرضى فوبيا النار، كما أنهم يوفرون بهذه المراكز أساليب وطرق الدعم المختلفة.

ومن أهم طرق العلاج المتبعة للتخلص من فوبيا النار، ما يلي:

  • علاج التعرض: ويعتمد هذا العلاج على مواجعة مخاوف الشخص من النار بلتعرض للنار وعلى مراحل تدريجية حتى يبدأ الخوف أو الرهاب من النار في الاختفاء، وذلك عند تعلم التحكم في المشاعر فور التعرض للنار.
  • وتظهر طرق أخرى مثل: التحدث عن النار أو التفكير بها، وكذا مشاهدة الصور أو مقاطع الفيديو عن النار، وكذا بالاقتراب من النار كأن يجري المُصاب أو يتواجد على مقربة من نار وذلك لبعض الوقت، ويتم الالتزام بفترة زمنية تزيد مع مرور الوقت بالعلاج.
  • وهناك العلاج السلوكي المعرفي: وغالباً ما يُتبع هذا العلاج بالتزامن مع العلاج بالتعرض، وهو ما يفيد في التعرف بشكل أكبر على استراتيجيات مواجهة خوفك من النار.
  • ومن ثم سيبدأ العمل على تغيير أنماط التفكير في النار، من أجل إزالة الأعراض، وتعزيز الفكرة الرئيسية بأن هدف مخاوفك لا يؤثر عليك.
  • وستتعلم أيضاً كيفية التعامل بهدوء، وتقنيات الاسترخاء، والتنفس بشكل سليم عند رؤية النار أو التعرض لأي حريق.
  • قد يساعد كلا الأسلوبين في تخلص مريض فوبيا النار من المرض، ولكن هناك بعض الحالات التي تستلزم تناول الدواء.

ومن أبرز أمثلة الأدوية التي تُوصف لمريض فوبيا النار :

  • مضادات الاكتئاب: حيث أن بعضها يفيد في علاج القلق، ونوباته عن طريق تغيير استخدام الدماغ لبعض المواد الكيميائية التي تؤثر بشكل سلبي على مزاجية المريض.

  • البنزوديازيبينات

    : وهي عبارة عن المهدئات التي تساعدك على الاسترخاء، ويتم وصفها لتؤخذ على المدى القصير ؛ حيث أنها من الممكن أن تؤثر بالسلب فتسبب الإدمان.
  • حاصرات بيتا: تستخدم هذه الأدوية في الغالب لعلاج ارتفاع


    ضغط الدم


    ، ولكن من جهة أخرى هي تساعد على تخفيف أعراض القلق، مثل سرعات ضربات القلب، والرجفة أو الارتعاش.[2]

إن التعامل مع مريض فوبيا النار بحكمة واحتواء يُمكنه أن يوجز الكثير من الوقت المتوقع لعلاجه. كما أن التزام المريض بالخطة العلاجية، وبالأدوية الموصوفة من قبل الطبيب أو المختص يساعد في تخطيه لمخاوفه، والتخلص من تأثير هذا الرهاب على حياته، ومن ثم يُمكنه أن يحظى بصحة ذهنية ونفسية سليمة تمكنه من التعايش مع كل ما ومن يحيط به بشكل طبيعي.