ما هي الميتافيزيقيا الإسلامية
الميتافيزيقيا الإسلامية هي أحد التخصصات الفلسفية المنقولة إلى العالم الإسلامي من اليونانيين، وقد كانت
الميتافيزيقيا
ذات أهمية قصوى، فقد كان لها دور محوري في التاريخ العام، حيث كانت هي الإثبات على انتقال الفكر اليوناني إلى اللغة العربية، وقد تزامنت بدايات الفلسفة العربية مع أول ترجمة موسعة للميتافيزيقيا لأرسطو.
الميتافيزيقيا الإسلامية
وقد ذكر تاريخ العلوم العربية مجموعة من المترجمين المرتبطين بمؤسس الفلسفة العربية، وهو العالم الملقب بالكندي، تنتهي المرحلة المسماة (المبكرة أو الكلاسيكية) من علم الفلسفة بأكبر تفسير للميتافيزيقيا في الفلسفة الغربية للعالم
ابن رشد
.
وقد ظل الفكر العربي معنيًا في المقام الأول بعلم الميتافيزيقيا الإسلامية وحاول تفسير تعقيدات النص الأرسطي للفيلسوف أرسطو، للوصول إلى استيعاب نموذج العلوم الميتافيزيقية التي حددها
الفارابي
أولاً ثم نفذها ابن سينا.
الترجمات العربية للميتافيزيقيا
استمر نشاط الترجمة فيما يتعلق بالميتافيزيقيا دون انقطاع لثلاثة قرون بدايتًا من القرن التاسع إلى القرن الحادي عشر، والذي أدى لإنتاج العديد من الإصدارات العربية لنص أرسطو، والتي ربما اعتمد بعضها على وسطاء من متحدثي
اللغة السريانية
Syriac.
للوصول إلى إنتاج الميتافيزيقيا الإسلامية وتعرض هذه الترجمات درجات مختلفة من
- الشمولية : حيث بدأت ترجمة كافة الإصدارات المتكاملة للعمل أرسطو، وصولاً إلى الترجمات الخاصة بكتبه الفردية.
- الحرفية : والتي تعني اتخاذ مجموعة من الإجراءات الصارمة لترجمة المحتوى والبعد عن الترجمة الحرفية، بطريقة أقرب إلى إعادة الصياغة.
سبب ترجمة نصوص الميتافيزيقا للعربية
تدل الترجمات العربية للميتافيزيقيا على نية جعل النص الكامل لعمل أرسطو متاحًا للقراء العرب، كما اتسع نشاط الترجمة لينتج المزيد من الكتب، مثل كتاب Alpha Meizon (I) وكتابNu (XIV)، وقد بذل المترجمون جهد كبير لتقديم نسخة عربية مخلصة للعمل الأصلي اليوناني، تتسم بالوضوح الفلسفي.
فقد ساهمة جهود الترجمة لظهور علم الميتافيزيقيا الإسلامية حيث قام المترجمون بإضافة كافة الكتب والأعمال المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالميتافيزيقيا لأرسطو، إلى
اللغة العربية
حتى تكون متاحة للعلماء الناطقين بها مثل
- كتاب المبادئ .Theophrastus’s On First
- القسم الميتافيزيقي لنيكولاس من دمشق في فلسفة أرسطو.
- كتابات ألكسندر أفروديسياس حول مبادئ الكون.
- الكتابات الكونية لفيلوبونوس.
- التفسير الكامل للميتافيزيقا التقليدية اليونانية.
- الكتب المقابلة لأعمال أرسطو.
- التفسيرات اليونانية الرئيسية للميتافيزيقيا، مثل شرح ألكسندر أفروديسياس وثيميستوس.
- كتاب لامدا (الثاني عشر) وشرحه.
الكندي ومدرسته العلمية
شارك الكندي في تصنيف المنهج الأساسي لأرسطو، على أساس عدد من المصادر اليونانية المجهولة للتراث الأفلاطوني الجديد، حيث عبر عن وجهة نظر متناقضة لمكان الميتافيزيقيا في هذا المنهج.
ومن خلال تقديم عمل أرسطو باعتباره تتويجًا لتقسيم علم الفلسفة إلى أربعة أقسام، وهم الرياضيات والمنطق والفيزياء والميتافيزيقيا، ولكن الكندي اعتبر الميتافيزيقا الإسلامية كأحد العلوم الأولية للمعرفة الأخلاق.
وصف الكندي للميتافيزيقا الإسلامية
فقد وصف الكندي محتوى الميتافيزيقا الاسلامية بأنه العلم الفلسفي الذي يتعامل مع اللاهوت أي دراسة الأشياء غير المادية، ذلك لاحتوائه على إشارات صريحة إلى المبادئ الإسلامية مثل وحدانية الله، والأسماء الإلهية، والعناية الإلهية.
الميول الفلسفية للكندي
من خلال الاطلاع على أعمال الكندي واسهاماته في علم الميتافيزيقا الاسلامية يمكن تخمين ميوله الفلسفية، فقد اعتمد في أعماله على أسلوب إعادة الصياغة كتقنية تفسيرية لعلم الميتافيزيقا، كما اهتم بشكل خاص بأول كتاب للميتافيزيقا عن التقاليد العربية وهو الكتاب الثاني ألفا إلاتون.
والذي يعتبر مقدمة للموضوعات اللاهوتية لكتاب لامدا، وتظهر في كتابات الكندي إصرار واضح على مبدأ التوحيد، والتطرق إلى نموذج العلاقة بين الله والعالم، متأثرًا بالميتافيزيقيا الأفلاطونية الحديثة لعلم اللاهوت الأرسطي و Liber de reasonis، كما تبني عقيدة إنشاء الكون المستمدة من Philoponus.
تصور الكندي لعلم الفلسفة
يرى الكندي أن علم الفلسفة بوجه عام والميتافيزيقا الإسلامية بوجه خاص، تؤكد صحة النهج اللاهوتي وتظهر توافق الميتافيزيقيا اليونانية مع الدين الإسلامي، حيث أنها تعطي صياغة كاملة وتفسيرًا عقلانيًا لمعجزة الرسالة النبوية.
اسهامات الفارابي في الميتافيزيقا الاسلامية
قدم الفارابي طريقة تصنيفية جديدة ربط فيها الميتافيزيقيا بنظام العلوم الفلسفية والإسلامية، بدلاً من مجموعة الكتابات للعالم اليوناني أرسطو، في أهم مقالة مؤثرة من هذا النوع تحت عنوان تعداد العلوم، يصور فيها الميتافيزيقيا كنظام له طريقة دقيقة وهيكل مفصل.
حيث أنها تهتم بعلم الوجود الكامل (دراسة الكينونة) بكافة جوانبه، فمنها جزءًا يتعامل مع أساس العلوم الأخرى، وأخر مخصص للاهوت الفلسفي، كما تتعامل مع المسائل الإسلامية مثل
صفات الله
والأسماء الإلهية والأفعال.
تصور ابن سينا عن الميتافيزيقا الاسلامية
قام العالم
ابن سينا
بوضع خطوط عريضة للميتافيزيقا العربية، وأطروحة حول تصنيفات العلوم، والتي أثبتها في مذكراته إلى جانب أعماله المعرفية الأخرى، ولهذا السبب يعتبر أحد المخترعين، فقد أعتبر أن الميتافيزيقا جزء محوري من الفلسفة.
إلى جانب الفلسفة المنطقية والطبيعية، ويرى أنها تشكل بداية الفلسفة النظرية وليس نهايتها، وأنها قمة التدريس الفلسفي، كما اتسم منهجه لتفسير الميتافيزيقا بالإيجاز والانتقائية، والذي أثمر عن معالجة نهائية للاهوت الفلسفي، بشكل يتوافق مع الدين الاسلامي.
فترة ما بعد ابن سينا
يظهر الموقع المحوري لابن سينا في تاريخ الفلسفة الإسلامية بكل وضوح، فقد أدى ظهور الميتافيزيقيا لابن سينا، إلى اختفاء مناهج فلسفية، مثل المقاربات الثلاثة لميتافيزيقيا أرسطو، والتي تشمل التصنيف والتعليق والتكيف، بالإضافة إلى المدارس الرئيسية للفكر في الفترة التكوينية (كنديان)، والفارابيون Farabian والبغداديون.
وعلى الرغم من أن نص الميتافيزيقيا لأرسطو استمر في الانتشار باللغة العربية بعد القرن الحادي عشر، إلا أن الأعمال الميتافيزيقية لابن سينا قد حلت محله، ليتم نسخها والتعليق عليها وتقييمها، إما بشكل إيجابي أو نقدي، بالإضافة إلى
- مناقشة القضايا المتعلقة بتمييز ابن سينا بين الجوهر والوجود، وأولوية الأولى على الأخيرة.
- امتيازات اللاهوت الفلسفي لابن سينا على اللاهوت الديالكتيكي dialectical الإسلامي، والذي يسمح له بالتحدث عن الله بشكل منضبط وصحيح.
آراء الفلاسفة في الميتافيزيقا لابن سينا
انقسم الفلاسفة إلى ثلاث اتجاهات رئيسية تجاه الميتافيزيقا ابن سينا في الفلسفة العربية ما بعد ابن سينا، وهم القبول؛ مراجعة؛ ورفض وجهة نظر ابن سينا.
المؤيدون لفلسفة ابن سينا
تمثل المجموعة المؤيدة شبكة من العلماء تضم ما لا يقل عن ثلاثة أجيال، من أعضاء المدرسة الذين ربطوا أنفسهم صراحة بتدريس ميتافيزيقا لابن سينا، ومن هؤلاء الفلاسفة تلاميذ مباشرين لابن سينا، مثل أبو العباس فيصل بن محمد اللوكاري.
رد فعل المحافظون على ابن سينا
وكما ظهر رد الفعل المحافظ على الميتافيزيقيا ابن سينا وفلسفة ابن سينا بشكل عام، الذي حاول إعادة وضع علم الفلسفة إلى فترة ما قبل ابن سينا، فقام البعض باتباع فكر
فيثاغورس
وأفلاطون كفلسفة حقيقية، مثل إيهاب الدين السهروردي.
ومنهم من أعاد توجيه الانتباه إلى الميتافيزيقيا لأرسطو، بهدف استعادة الفهم الأصلي لنص أرسطو ضد ابتكارات ابن سينا، مثل ابن رشد Averroes، الذي تحتوي تفسيراته الثلاثة للميتافيزيقيا على انتقادات متكررة لابن سينا.[1]
يقدر علماء الفلسفة وخاصتا الفلسفة الاسلامية، قيمة علم الميتافيزيقا الاسلامية ودوره الواضح في تطور العلوم المختلفة، والبحث في العلوم اللاهوتية، خصوصًا فيما يتعلق بمسألة التوحيد الالهي.