رواية لا تقولي أنّك خائفة

القصة تدور حول الفتاة التي تدعى سامية يوسف عمر، من مواليد عام 1991، تعيش تلك الفتاة حالة من الفقر نتيجة لتداعيات الحرب القائمة في مدينتها مقديشو. يسكن جميع أفراد العائلة في الكوخ المؤلف من غرفتين فقط، وينتمي هذا الكوخ لمجمع سكني يضم عدداً من الأكواخ الأخرى.

بداية القصة وتسمية الرواية

“لا تقولي أنّك خائفة” أو “Don’t tell me you are afraid” هو الشعار الرسمي الذي يتردّد باستمرار داخل العائلة – تطبيقاً للنظرية التي تقول بأنك إن لم تعترف بالخوف فإنك لن تشعر بوجوده، ولكن تلك العائلة تعيش في بيئة تعتبر فيها مشاعر الخوف الاستجابة المنطقية الوحيدة لطبيعة الأحداث والصراعات المحيطة.

تبدأ أحداث الرواية عندما تكون سامية بعمر الثماني سنوات، تلازم سامية في تلك المرحلة صديقها علي الذي تعتبره بمثابة الأخ بالنسبة لها ولا تفترق عنه أبدا، إذ يشتركان بالعديد من الصفات كالعمر والأنشطة المفضلة وغيرها من الأمور.

يعيش علي مع أبوه وإخوته الذكور في غرفة مستقلة تنتمي لنفس المجمع السكني الذي تعيش به عائلة سامية، ويسعى الأبوين لتأمين احتياجات أبنائهما من خلال عملهما في مهنة بيع الفواكه والملابس في الأسواق، ويمكن اعتبار الأبوين كأصدقاء لكن يملك كل منهما مرجعية قبلية أو عشائرية مختلفة.

تتميز الفتاة الصغيرة سامية بأنها عداءة سريعة من الطراز الرفيع مستفيدة من نحافتها الشديدة أو بالحقيقة سوء تغذيتها – علينا تصديق أنّ تلك الفتاة ستكون بعد بضعة سنوات فقط مؤهلة للمنافسة بالمسابقات وفق المعايير الخاصة بفئة البالغين – وتحلم سامية بأن تصبح عداءة أولمبية في يوم من الأيام. توقف علي عن محاولاته لهزيمة سامية واستسلم لفكرة عدم قدرته على فعل ذلك، لذا قرّر أن ينصّب نفسه مدرباّ شخصياّ بالنسبة لها.

الصعوبات التي واجهت سامية

يشارك في الحرب القائمة في الصومال العديد من العشائر المختلفة التي يسعى كل منها لإحكام السيطرة ولو على جزء من أراضي البلاد على أقل تقدير، تمثل أصوات إطلاق النار موسيقى تصويرية لأحداث الحياة اليومية في البلاد. يتعاظم تأثير وهيمنة حركة الشباب يوما بعد يوم، ويعتبرون أنفسهم تنظيماً إسلامياً متعصّباً. تغطي أم وأخوات سامية البنات رؤوسهنّ باستخدام حجابات خفيفة وذات ألوان فاتحة، فيما تفضل سامية أن تتمرّن مرتدية الشورت والبلوزات ذات الأكمام القصيرة.

لكن مع ظهور حركة الشباب توجّب على سامية أسوةً بباقي النساء أن تغطي كافة مناطق جسدها طوال الوقت من خلال ارتداء ملابس خاصة كالبرقع أو النقاب، وعندها لجأت سامية إلى تأخير مواعيد حصص التمرين إلى الليل – بعد بدء فترة حظر التجوال – مستخدمة ملعب رياضي مهجور يحوي مسار للجري مليء بالعلامات والحفر الناتجة عن سقوط الطلقات النارية.

الانطلاقة الحقيقية لسامية يوسف عمر

بعد تحقيقها للعديد من الانتصارات والنجاحات في المسابقات المحلية من فئة الهواة، قرّرت اللجنة الأولمبية الصومالية أن تضمّ سامية للبعثة الرسمية التي ستمثّل البلاد في المحافل الدولية، وفي عام 2008 تمّ اختيار سامية كواحدة من رياضيين صوماليين بمجال ألعاب القوى للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية المقامة في بكين لاكتساب الخبرة.

وقعت سامية في الجولة الأولى ضمن المجموعة التي تضم واحدة من أفضل العداءات على مستوى العالم، الجامايكية فيرونيكا كامبل براون؛ فتاة نحيفة ترتدي قميصاً مستعاراً وجهاً لوجه أمام عداءات طويلات القامة ويتمتّعن ببنية عضلية قوية مرتدين ملابس رياضية من الليكرا. بالطبع كانت سامية تائهة خلال السباق وتأخرت عن منافساتها بشكل ملحوظ، ولكنها حظيت بموجة عارمة من التصفيق والتشجيع من حشود الجماهير التي كانت تملأ المدرجات.

عادت سامية لوطنها الأم، بعد رحلة مميزة حصلت من خلالها على فرصة للسفر عبر الطائرة للمرة الأولى في حياتها، والإقامة في أحد الفنادق الفاخرة، والمنافسة رفيعة المستوى في أمجد المسابقات العالمية لألعاب القوى، إضافتها إلى رؤيتها لمثلها الأعلى البطل الأولمبي البريطاني محمد فرح – الذي ينحدر من أصول صومالية بالأصل – على الرغم من عدم حصولها على فرصة التكلم معه، لهنا ينتهي الجانب المضيء المرتبط بالرحلة.

النصف الآخر من الرواية يتحدث عن الأشخاص الفقراء في كل أنحاء العالم، نتيجة الحروب والصراعات القائمة في بلادهم، إضافة إلى الظلم والاضطهاد الذي يعانونه بسبب طغيان بعض الجهات وتحكمها بحياة الناس مستخدمة الدين كذريعة لتبرير تلك الأفعال التي لا تمتّ للدين بِصِلة، وأمنية هؤلاء الأفراد للحصول على حياة أفضل، عبر شقّ طريقهم لبلاد “العالم الأول” كلاجئين. [1]

انقلاب حياة سامية رأساً على عقب

الشاب علي، الذي تمّ سحبه بشكل مفاجئ لتأدية الخدمة الإلزامية، غادر مقديشو ولم يظهر مجدداً إلا بشكل موجز كجندي في صفوف حركة الشباب. هودان، الأخت المفضلة لسامية والمغنية الموهوبة، تمّ منعها من ممارسة تلك المهنة وأُجبرت أخيرا على مغادرة البلاد لتبدأ رحلتها المحفوفة بالمخاطر عبر الصحراء مروراً بمدينة طرابلس الليبية، ومنها إلى إيطاليا “برّ الأمان”.

تكلّلت تلك الرحلة بالنجاح ووافقت دولة فنلندا على استضافتها كلاجئة. تعرض والد سامية لإصابة بالغة نتيجة حصاره في السوق خلال عملية تبادل لإطلاق النار، وأصبح بذلك غير قادر على الاستمرار في العمل وتوفي بعد فترة من تلك الحادثة. سامية التي أقسمت على البقاء في بلدها الأم من أجل النضال لتحصيل حقوق المرأة، تستسلم للقدر الذي لا مفرّ منه، وتطلب المساعدة للانتقال إلى إثيوبيا، ولكن لم يُسمح لها من قبل السلطات الصومالية بالانضمام إلى المعسكر التدريبي المقام هناك.

وفي محاولة يائسة أخيرة منها لتحظى بالتدريب الذي تحتاجه لتكون جاهزة للمنافسة في أولمبياد لندن عام 2012، قرّرت سامية بدء رحلة جديدة، وكانت نتيجتها الوفاة غرقاً في البحر المتوسط قبل الوصول لوجهتها في أوروبا لتتمكن من الالتحاق بأولمبياد لندن.

فكرة الرواية

في فترة لاحقة، أعلن كاتب الرواية الإيطالي كاتوتسيلا عن أنه تحدث بشكل مطوّل مع هودان أخت سامية ومع امرأة أخرى كانت قريبة من سامية في تلك الفترة، وذلك بعد معرفته بالقصة عن طريق مشاهدته لأحد الأفلام الوثائقية التي تناولت هذا الموضوع. استطاع الكاتب بعدها أن يكوّن فكرة واضحة ومتكاملة لتفاصيل القصة على الرغم من تجاهله الواضح للجوانب المتعلقة بالحياة الشخصية لسامية، والتي تعتبر أكثر أهمية للكاتبة الأنثى ولبطلة القصة سامية أيضاً، كمرحلة بداية البلوغ وتحولها من طفلة إلى فتاة ناضجة، والخطر المستمر لاحتمالية تعرّضها للاغتصاب سواء أثناء إقامتها في مقديشو أو خلال رحلتها الطويلة وقت الهجرة.

حقائق مهمة عن الرواية وكاتبها

  • ولد كاتب الرواية كاتوتسيلا عام 1976 في

    مدينة ميلانو الإيطالية

    ، أمضى فترة من حياته بعد تخرجه من الجامعة مقيماً في أستراليا، ومن ثمّ عاد ليكمل حياته في وطنه الأم إيطاليا.
  • قدم العديد من المؤلفات الأدبية المتنوعة كالروايات والقصص القصيرة والمسرحيات وكتب الشعر، إضافة إلى عمله ككاتب في أعرق الصحف الإيطالية كصحيفة الإيسبريسو.
  • حازت تلك الرواية على صدى إعلامي كبير نتيجة تناولها قضية مهمة وواقعية، وتمّ ترجمتها للعديد من اللغات المختلفة لتكون متاحة للقرّاء على مستوى العالم.
  • بيعت أكثر من خمسمئة ألف نسخة من الرواية على مستوى العالم.
  • حصدت تلك الرواية العديد من الجوائز المهمة في إيطاليا وعلى مستوى العالم كجائزة premio strega giovani عام 2014. [2]