اسهامات الخليل بن أحمد الفراهيدي في علم الأصوات
علم الأصوات هو من أشهر العلوم في
اللغة العربية
، ويعتمد بالدرجة الأولى على نطق الأحرف ، وعند العرب فأن الاهتمام بهذا العلم جاء نتيجة لأنهم أرادو أن يتقنوا قرأة القرآن الكريم ، وتجويده ، وحسنِ أدائه ، كما أن الصوت هو من أهم الأشياء التي يمكن لها أن تجعل قرأة القرآن دقيقة ، وخالية من الأخطاء ، كما أن علم الأصوات ساعد غير الناطقين باللغة العربية على تعلمها ، والقدرة على نطق الأحرف ، من خلال معرفة المخارج للوصول للقدرة على نطق الحرف بطريقة صحيحة ، وهناك الكثير من العلماء الذين ساهموا في تطور هذا العلم ، وجعله يصل إلينا ونتعلم منه كل ما هو جديد ، ومن أهم هؤلاء العلماء هو الخليل بن أحمد الفراهيدي.
الخليل بن أحمد الفراهيدي وعلم الأصوات
كان الإمام
الخليل بن أحمد الفراهيدي
الكثير من الإسهامات التي ساعدت على تطور علم الأصوات وجعلته له مكانة كبيرة في اللغة العربية ، واستفاد منه العجم قبل العرب ومن أهم هذه الإسهامات : [1]
التجديد في علم الأصوات
- هناك الكثير من العلماء يظن أن الخليل بن أحمد الفراهيدي قام باقتباس كل ما قدمه في علم الأصوات من الأصواتِ عندَ نحاةِ السنسكريتيةِ من الهنودِ ، وهذا الرأي جاء نتيجة إلى أن علوم اللغة العربية تتطور بدرجة كبيرة دفعتهم إلى أن يقولوا أن علوم اللغة العربية جاءت بناء على غيرها.
- و أكدَ الفرد أولمان هذا التأثرَ بقوله:صنَّف الخليلُ بن أحمدَ الفراهيدي معجمَه الشامل العين طبقاً للقواعد الهنديةِ وفقَ نظامٍ صوتيٍّ منطلقُه حرفُ العين .)
- ولكن الكثير من الدارسين العرب ، وغير العرب رفض هذا الرأي تماماً ، أين كان المصدر الذي أعتمد عليه الخليل بن أحمد الفراهيدي ، وقالوا أن هذا لا أساس له من الصحة .
- وأن كان الدليل هو أن الخليل بن أحمد الفراهيدي على خلفية واسعة باللغات الأجنبية ، فهذا لا يعد دليل يعتمد عليه .
- وأضافوا أن الخليل ونهضته بعلم الأصوات ، وعلم اللغة العربية متماشياً مع النهضة في الكثير من العلوم العربية ، والشرعية ، مثل علم الحديث ، والتوحيد ، وغيره من العلوم الأخرى .
- أمَّا مسألة لقاء الخليل بحنين بن اسحق فالرد على ذلك أن الخليل توفي عام (179هـ) قبل أنْ يولدَ حنينُ بن اسحق توفي عام (264هـ) .
جمع مفردات اللغة
عندما عمد الخليل بن أحمد الفراهيدي على تأليف معجمه العين لخدمة علم الأصوات فأن هدفه منه كان جمع مفردات اللغة على سبيل الحصر والاستيعاب لا الترتيب والتصنيف بحسب الموضوعات وكانت الوسيلة وراء هذا الترتيب الأبجدي المتوارث عن الساميات ولا الترتيب الألفبائي التعليمي وهذا لأنهما لا يجعلنا هناك قيمة صوتية للكلمات وهذا عكس المبدأ الذي أعتمد عليه الخليل وقد أثبت أن الطريقة التي اعتمدها هي الطريقة الصحيحة حيث أنه أنتج لنا عدد مهول من الكلمات سواء ما كان منها أو ما هو كائن وما سيكون.
الاهتمام بالأصوات المنطوقة
كانت الطريقة الرئيسية التي اعتمدت عليها الخليل في جمع المفردات هو المشافهة : أي أخذ الكلمات من أفواه الناطقين بها ، وهو الأقوام الذين تختلف لهجاتهم العربية ، فركز أهتمامه على ما ينطقه العامة من الناس ، والشعراء ، وما يسمعه لا ما يقرأها في الكتب ، وبعد الكثير من الوقت والبحث ، والمجهود الكبير توصل أل ( ا ب ت ث ) فلم يستطع الاعتماد على الألف لأنَّه حرفٌ معتلٌ ، ولم يقدر على أن يبدأ بحرف الباء لأنه ثاني حرف من الحروف ، لهذا لم يعتمد الترتيب الأبجدي الذي قدمه نصر عاصم ، كما أنه لم يستخدم الترتيب الأبجدي المتوارث عن اللغات السامية وهذا لأنه لا يعطى أي قيمةٍ صوتيةٍ تركيبيةٍ التي تساعد على فهم التراكيب الصوتية للكلام العربي الأصيل ، ومن هنا أتجه إلى
ترتيب الأحرف
حسب الترتيب الصوتي ووجد أن أغلب الأحرف تخرج من الحلق ، لذلك بدأ بالحروف الحلقية ، وهو أول من بدأ الترتيب العربي بالترتيب الصوتي للأحرف ، وهي فكرة رائعة وفريدة من نوعها ، ولم يسبق لها أحداً غيره .
جمع عدد الأحرف
حدد الخليل عدد الحروف التي ألفت منها أبنية كلام العرب بتسعة عشرين حرفا أوردها ثلاث مرات:
- في المرة الأولى أورد الحروف التسعة والعشرين دون ذكر العدد
- في المرة الثانية ذكر العدد وسمى حروف العلة فقط (في العربية تسعة وعشرون حرفا منها خمسة وعشرون حرفاً صحاحاً لها أحياز و مدارج وأربعة أحرف جوف وهي الواو والياء والألف اللينة والهمزة )
- في المرة الثالثة أوردها مع ذكر العدد مرتين وأشار إلى أنها مرتبة على الولاء صحيحها ومعتلها وهذه الحروف التسعة والعشرين هي نفسها عند سيبويه لكنه خالف ترتيب الخليل ثم أضاف حروفا أخرى سماها بالفروع فوصل بها إلى الأربعة و الأربعين .
- كما أنه رتب الحروف التسعة والعشرون وفق هذه الأبيات : [2]
عن حسن هجر خريدة غناجة
قلبي كواه جوى شديد ضرار
صحبي سيبتدئون زجـــري
طلباً دهش تطلب ظالم ذي ثار
رغما لذي نصحي فؤادي بالهوى
متـلهب وذوي الملام يداري
إسهامات أخرى للخليل في علم الأصوات
- بدأ الخليل بن أحمد بالحروف لأنها الأساس الذي يتكون منه الكلمات ، ويمكن أن تتكون الكلمات من أكثر من مخرج ، ولكن ما نبه إليه الخليل ، هو أن بناء الحروف فوق الترتيب الصوتي يساعد على ترتيب الكلمات وفق ترتيب صوتي ، وليس أبجدي ، وهذا ما يجعل نطق الكلمة صحيح .
- نصف الكلمات العربية إلى كلمات ثلاثية ، ورباعية ، وخماسية ، وسداسية ، وهذا ما يختص به علم الصرف .
- كما أنه قسم الكلام إلى كل من حرف ، واسم ، وفعل مثل في ، وأحمد ، وذهب وهو ما له علاقة بعلم النحو .
- كما أنه اهتم بالزيادات التي تختص بها الكلمات مثل زيادة همزة الوصل في بداية الكلام .
- كما أن الخليل أول من نبه إلى أن الكلمة لا يمكن أن تكون أقل من ثلاثة أحرف ، والذي نرأه أقل من ثلاثة أحرف مثل كلمة يد أو فم فالحرف الثالث محذوف لالتقاء الساكنين.
- وقد أوضح الخليل إلى أن أصول الكلام العربي على ثلاثة أحرف وهي عل ذلك منذ الكثير من الأزمنة ، لذلك فأنك لا تجد أصل لأسم أو فعلا ثنائيا بل إن الحرف الثنائي إن أردت تحويله إلى اسم أدخلت عليه التشديد حتى يصير ثلاثياً نحو هلٌّ وقدٌّ.
- وأوضح الخليل أن الكلمات التي تتكون من أحرف رباعية ، أو خماسية لا يمكن أن تحتوى على حرف شفوية ، أو زلاقية ، وهذا يعد من أكبر الأدلة على أنها كلمات عربية وغير عجمية ، والدليل جهة وعلى حقيقة هذه الكلمة وتواجدها في الواقع المنطقي وعدم اصطناعها مثل كلمة الكشعطج وهناك بعض الكلمات التي خرجت عن قاعدة الخليل ولكنها قليلة جداً مثل (العَسْجَدُ والقَسْطوس والقُداحِس والدُعشُوقةُ والُهْدُعةُ والزُهْزُقَةُ) وتعد شاذة عن اللغة العربية كذلك ، وأن نطق بها ، أما ما سوغ بناء هذه الكلمات على الرغم من خلوها من حروف الذلاقة فهو دخول حرفي (ق.ع) المتصفين بالطلاقة وضخامة الجرس والصناعة . [3]