مقتطفات من حياة الصحابة في رمضان
شهر رمضان المبارك هو خير الشهور التي تمر على المسلم الحق وينتظرها من عام لعام، بل وحثنا الرسول الكريم على الدعاء والتقرب من الله والدعوة لبلوغه حتى يخرج منه المسلم وقد فاز بالدنيا والاخرة.
ولنا في الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وفي صحابته الكرام خير مثال عن العبادات في رمضان والتقرب إلى الله بأحب الأعمال وكيف كانوا يستعدون لشهر رمضان الكريم.
الهدف من صوم شهر رمضان
والهدف من الصوم هو تقريب المؤمنين من الله، وطول فترات الصيام تذكرنا بالمعاناة الشديدة للفقراء، وغالباً ما يكثر المسلمين من التبرعات للمسلمين والجمعيات خلال شهر رمضان الكريم حتى يوفرون لهم الكثير من قوت يومهم، كما أن الصيام هو أكبر تدريب للنفس على التحكم بالنفس وضبطها.
كما يرى الأطباء والمتخصصين في التغذية أن الصيام يساعد الجسم على التخلص من كافة الشوائب والسموم التي تصيب الجسد والأخلاق والصفات الضارة التي تصيب النفس والروح، كما يمكنك التخلص من العادات المضرة بالصحة مثل التدخين أو
الإفراط في تناول القهوة
وتناول الكثير من الطعام.
[1]
استعداد الرسول والصحابة لشهر رمضان
اعتاد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) على إعداد أصحابه لإعداد ذواتهم لهذا الشهر والاحتفال به من خلال العبادات والطاعة، وقال أنس بن مالك: بدأ رمضان وكما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: (هذا الشهر بدأ فيه ليلة خير من ألف شهر مشتق منها ، مشتقة من الخير كله ، ولا شيء مستمد من صلاحه إلا البائس).
وبهذه الطريقة فإن أرواح الصحابة جميعهم رضي عنهم الله وأرضاهم يتوقون لهذا الشهر الكريم وأجره العظيم.
بعد ذلك ، حذر النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) أصحابه من شيء قد يتسبب في زوال سعادة رمضان وأجره الكبير، وفي هذا الصدد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يصوم أحدكم قبل رمضان بيومين أو يومين ، إلا إذا جاء صدفة صومه).
على الرغم من أن الصوم هو طاعة ، لكن القيام بذلك مباشرة قبل رمضان سيقضي على الفرح الذي يجده المسلم في اليوم الأول من رمضان ، لأنه يجعل أيامًا مماثلة ، لذلك نهى النبي عن ذلك. [2]
صور من حياة الصحابة في رمضان
لقد أدرك الصحابة الأبرار الفضل العظيم لشهر رمضان عند الله تعالى فكان ذلك سببا في اجتهادهم في العبادة ما بين صيام وقيام وتفطير صائم وإطعام الفقراء والعطف على المساكين، كل هذا مع ما كانوا فيه من جهاد وحرب لكافة أعداء الله لتكون كلمة الله هي العليا، وهكذا حوى تاريخهم صورا مشرقة وقدوات مباركة في كل أحوالهم من عبادة وجهاد وتزكية للنفوس ونفع للناس، ومن أبرز العبادات التي يقومخ بها الصحابة في رمضان ما يلي:
الإفطار مع المساكين
ومن أعجب ما ذكر عن ابن عمر – رضي الله عنهما – وأحواله أنه إذا أقبل عليه رمضان لا لا يفطر إلا مع المساكين بل ويحافظ على ذلك دائماً وباستمرار مهما تعاقبت السنون فإذا منعهم أهله عنه لم يتعش تلك الليلة.
وكان رضي الله كما ذكر عنه إذا جاءه سائل وهو جالس على طعامه كان يأخذ نصيبه من الطعام ويقوم بإعطائه إلى السائل فيرجع وقد أكل أهله ما بقي من الطعام فيصبح صائما ولم يأكل شيئا، بل ولم يكن هذا التصرف من ابن عمر – رضي الله عنهما – خاصا به وحده بل كان أحد السمات الأساسية للصحابة وكافة التابعين في رمضان.
وفي ذلك يقول أبو السوار العدوي – رحمه الله -: “كان رجال من بني عدي يصلون في هذا المسجد ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده إن وجد من يأكل معه أكل وإلا أخرج طعامه إلى المسجد فأكله مع الناس وأكل الناس معه.
وروي عن بعض السلف قوله :”لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعاما يشتهونه أحب إلي من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل”.
وكان بعض السلف أو الصالحين القدامى مثل ابن المبارك والحسن رحمهما الله تعالى يستحب أن يطعم إخوانه الطعام وهو
صائم
ويجلس يخدمهم وروحهم صدقة لأربعين سنة.
إخلاص النية
ومن أغرب وأعجب الصور العجيبة في إخلاص النية وعلو الهمة التي جمعت بين المواظبة على الصوم والصدقة في دأب عجيب ما رواه ابن أبي عدي عن داود بن أبي هند – رحمهما الله تعالى – قال: “صام داود بن ابي هند اربعين سنة لا يعلم به أهله، فقد كان خزازا يحمل معه غداءه من عندهم فيتصدق به في الطريق ويرجع عشيا فيفطر معهم”.
علو الهمة
وقال الحافظ ابن الجوزي – رحمه الله – معلقا: “يظن أهل السوق أنه قد أكل في البيت ويظن أهله أنه قد أكل في السوق”. ومن نماذج علو الهمة كذلك في إطعام الطعام ما روي عن حماد بن أبي سليمان – رحمه الله – أنه كان يفطر في شهر رمضان خمسمائة إنسان.
الإكثار من قراءة القرآن وختمه أكثر من مرة
كان حال السلف في العناية بكتاب الله وخصوصاً في رمضان حالاً عجيباً لا يكاد المرء يتصوره لو لا استفاضته عنهم في صور فائقة من علو الهمة ، حيث كان بعض السلف يختم في قيام رمضان فقط كل عشر ليال، وبعضهم في كل سبع وبعضهم في كل ثلاث.
وكان بعضهم يختم القرآن كل يوم مرة منهم الصحابي الجليل ثالث
الخلفاء الراشدين
عثمان بن عفان – رضي الله عنه ، وكان للإمام الشافعي – رحمه الله – ستون ختمة في رمضان يقرؤها في غير الصلاة.
ومن أحوالهم في الإقبال على القرآن والتفرغ له: أن الزهري – رحمه الله – كان إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن.
وكان سفيان الثوري – رحمه الله – إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن. [3]
قصة التراويح
من قصص الصحابة التي تشهد بدورها لهمتهم العالية قصتهم في قيام ليل رمضان حيث حرص الصحابة على قيام الليل في جماعة في شهر رمضان منذ بدايته وحتى نهايته.
وفي عهد النبي صلى الله عليه وسلم عندما صلى في المسجد من جوف الليل فصلى بصلاته ناس من أصحابه ثلاث ليال فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله – أي أمتلا من الناس – فلم يخرج إليهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فلما أصبح قال – صلى الله عليه وسلم -: “قد رأيت الذي صنعتم ولم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم وذلك في رمضان”.
الحرص على قيام الليل
في قيام الليل والمداومة عليه برهان واضح على حرص الصحابة – رضي الله عنهم – على قيام الليل في رمضان والانتفاع فيه بتلاوة القرآن التي هي أفضل ما تكون في الصلاة.
وقد تجدد ذلك في خلافة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – عندما دخل ليلة رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر – رضي الله عنه -: “والله إني لأرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل”، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب فلما خرج في ليلة أخرى فوجدهم يصلون بصلاة قارئهم قال: نعمت البدعة هذه. [5]