كيف بدات حروب العملات

تعتبر حروب العملات هي نتاج طبيعي عن التطور الاقتصادي في البلاد والبلاد القوية فقط هي التي تتحكم في الاقتصاد العالمي ويكون لها الكلمة العليا فيما يتعلق بأسعار المنتجات الحيوية والرئيسية في البلاد . وكلما زاد التطور العالمي وزاد إقتصاد دول عن أخرى كان لها الصدارة والقوة في تحديد قيمة العملة لها ولقيمة عملات الدول الأخرى من حيث الشراء والبيع وغيرها من الأمور الأقتصادية الأخرى .


تاريخ حرب العملة

يدعم الأقتصاد العالمي فكرة الحرب على قيمة العملة من قديم الأزل ؛ وبالتحديد من وقت بداية التطور الإقتصادي في العالم كله وظهور دول كبيرة متحكمة في الإقتصاد العالمي وتلعب قوة عملتها دور هام في مقابل العملات الأخرى  ؛ ومحاولة كل دولة الإرتقاء بعملتها .

ومن هنا يأتي السؤال ؛ عن ماهية قيمة انخفاض الدولار الأمريكي أو ما معنى اليورو القوي ؟ وتأثير هذا على البورصة العالمية و الاقتصاد العالمي وخاصة الدول الصغيرة والفقيرة .[1]

والواقع أنه تتغير قيمة العملات بالنسبة لبعضها البعض لأسباب عديدة وتقوم الدول أحياناً بتخفيض قيمة عملاتها على أمل أن تجعل الدين الحكومي أسهل عليها في حالة  الدفع أو العمل على تحفيز اقتصادها وانعاشه .

ويرجع ذلك إلى وجود قيمة منخفضة للعملات يجعل الصادرات أرخص من صادرات البلدان الأخرى ويساعد الشركات الصغيرة على النمو ، وتعزيز العمالة إذا قامت إحدى الدول بتخفيض عملتها واتبعت دول أخرى حذوها لتعزيز اقتصادها من خلال تغيير الميزان التجاري. فإنها تُعرف باسم تخفيض قيمة العملة التنافسي أو حرب العملات .


التأثير السلبي لحرب العملات

تُسمى حروب العملات أحياناً بالسباق نحو القاع وبينما يقلل تخفيض قيمة العملة من الصادرات الأكثر تنافسية ، فإنه يجعل الواردات أكثر تكلفة، مما يقلل من القدرة الشرائية للمواطنين . كما يمكن أن يزيد من نسبة التضخم في البلاد وتميل حروب العملات إلى كبح التجارة الدولية .


حرب العملة المبكرة

صيغ مصطلح حرب العملات في مطلع عام 2010 من قبل وزير المالية البرازيلي غيدو مانتيغا ؛ لكن عملية تخفيض قيمة العملة التنافسية مستمرة منذ الحرب العالمية الأولى ؛ عندما ابتعدت الدول لأول مرة عن معيار الذهب وهو نظام تم فيه ربط النقود الورقية للبلاد إلى احتياطياتها من الذهب . وأصبحت قادرة على التلاعب في قيمة العملة من خلال السياسة النقدية .

وفي عشرينيات القرن العشرين استهلكت ألمانيا وفرنسا وبلجيكا عملاتها من أجل العودة إلى معيار الذهب بعد التخلي عنه خلال الحرب العالمية الأولى . لكن بريطانيا فعلت العكس فرفعت قيمة عملتها وهذا منع حرب العملات على نطاق واسع ومع ذلك في أواخر القرن العشرين انخرطت بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة في دورة تخفيض قيمة العملة التنافسي الذي ثبط التجارة العالمية وربما ساهم في نهاية المطاف في الكساد الكبير الذي حدث في عام 1936 حين وافقت الدول الثلاث على استقرار عملاتها وإنهاء الحرب على العملات .


النظام الدولاري

في عام 1944 اجتمعت العديد من الدول ووافقت على سعر صرف ثابت في الغالب مرتبط بالذهب من خلال الدولار الأمريكي وهذا حافظ على استقرار العملات في الغالب لما يقرب من ثلاثة عقود قبل أن يأخذ الرئيس الأمريكي وقتها نيكسون الولايات المتحدة الأمريكية إلى معيار الذهب مرة أخرى في عام 1971 . و كانت العملات أكثر تقلباً لكن حرب العملات لم تنفجر لأن الدول كانت لها عدة أولويات مختلفة ونادراً ما تشارك في تخفيض قيمة العملة في كل مرة .

وفي عام 1997 انهارت العديد من الاقتصادات الآسيوية مما تسبب في الأزمة الآسيوية . وبعد الأزمة الأسيوية اهتز ايمان الدول بإمكانية التبادل الحر وبدأت العديد من الدول في التدخل للحفاظ على قيمة عملاتها منخفضة بعض الشيء بالنسبة للدولار ؛ فقد اشترت الصين على سبيل المثال أكثر من ترليون دولار أمريكي للحفاظ على قوة الدولار وضعف اليوان نسبياً .


تخفيض قيمة العملة

حرب العملات لها أكثر من تعريف اقتصادي وعالمي ولها تعريف آخر يسمى تخفيض قيمة العملة وهي شرط في الشؤون الدولية حيث تسعى البلدان إلى اكتساب ميزة تجارية على الدول الأخرى من خلال التسبب في انخفاض سعر الصرف لعملاتها مقارنة بالعملات الأخرى مع انخفاض سعر صرف عملة الدولة لتصبح الصادرات أكثر تنافسية في البلدان الأخرى وتصبح الواردات إلى البلاد أكثر تكلفة .

ويؤثر على الصناعة المحلية وبالتالي العمالة التي تتلقى دفعة في الطلب من الأسواق المحلية والأجنبية ومع ذلك هناك تكلفة في السفر إلى الخارج أيضاً ؛ وبالتالي لا تحظى بشعبية لأنها تضر بالقوة الشرائية للمواطنين وعندما تتبنى جميع الدول استراتيجية مماثلة يمكن أن تؤدي إلى تراجع عام في التجارة الدولية مما يضر جميع بلاد العالم .[2]

تاريخياً كانت عمليات تخفيض قيمة العملة التنافسية نادرة ؛ حيث فضلت عمليات البلدان بشكل عام الحفاظ على قيمة عالية لعملاتها وسمحت بشكل عام لقوى السوق بالعمل أو شاركت في أنظمة أسعار الصرف المُدراة . إلى أن حدث استثناء عندما اندلعت حرب العملات في ثلاثينيات القرن الماضي عندما تخلت الدول عن معيار الذهب خلال فترة الكساد واستخدمت تخفيض قيمة العملة في محاولة لتحفيز اقتصادها وبما أن هذا يدفع البطالة بشكل فعال إلى الخارج فقد انتقم الشركاء التجاريين بسرعة من تخفيض قيمة عملتهم وتعتبر هذه الفترة حالة معاكسة لجميع الأطراف المعنية حيث أدت التغيرات غير المتوقعة في أسعار الصرف إلى انخفاض التجارة الدولية الإجمالية .


حرب العملة العالمية

كان وزير المالية البرازيلي السابق  GUIDO MANTEAGA في وقت اندلاع حرب العملات العالمية في عام 2010 له العديد من الاقتراحات التي اثرت على العملات العالمية عندما اقترح صانعوا السياسات وكبار الموظفين والصحفيين أن عبارة حرب العملة قد بالغت في تقدير حجم العداء مع بعض الاستثناءات القليلة مثل مانتيجا .

وحتى المعلقين الذين وافقوا على أنه كانت هناك حرب عملة في عام 2010 استنتجوا بشكل عام أنها قد أخفقت بحلول منتصف عام 2011 واستخدمت الحلول المنخرطة في تخفيض قيمة العملة المحتمل منذ عام 2010 مزيجاً من ادوات السياسة بما في ذلك التدخل الحكومي المباشر وفرض ضوابط رأس المال وبشكل غير مباشر والعمل على التسهيل الكمي في حين أن العديد من البلدان تعرضت لضغوط تصاعدية غير مرغوب فيها على أسعار الصرف الخاصة بها وشاركت في الجدل المستمر عن التغيير في سعر العملات .


آلية تخفيض قيمة العملات

يجب على الدول الراغبة في تخفيض قيمة عملتها أو على الأقل التحقق من ارتفاع قيمة عملتها ، أن تعمل ضمن قيود النظام النقدي الدولي السائد . خلال ثلاثينيات القرن الماضي كانت البلدان تسيطر بشكل مباشر على أسعار صرف عملاتها من خلال إجراءات البنوك المركزية بعد انهيار نظام بريتون وودز في أوائل السبعينات ازداد تأثير الأسواق بشكل كبير حيث حددت قوى السوق إلى حد كبير أسعار الصرف لعدد متزايد من البلدان ومع ذلك لا يزال بإمكان البنك المركزي للدولة التدخل في الأسواق لإجراء تخفيض قيمة العملة .