ما هي الذنوب التي لا تغفر

هناك العديد من الذنوب التي لا يغفرها الله سبحانه وتعالى لصاحبها ، إن لم يتب منها توبة نصوحة قبل أن يموت ، وتعتبر كبائر الذنوب من الأمور العظيمة التي نهانا الله عن فعلها هو ورسوله (صلى الله عليه وسلم) ومنعنا من ارتكابها ، وهذه الذنوب مختلفة في درجاتها [1]  .

ذنوب لا تغفر

فهناك


السبع الموبقات


التي ذكرها النبي (صلى الله عليه وسلم) في حديثه الشريف الذي رواه الصحيحين البخاري ومسلم ، محدد فيه الكبائر وأعظم الذنوب وهي : (الشرك بالله ، السحر ، قتل النفس التي حرمها الله إلا بالحق ، أكل الربا ، أكل مال اليتيم ، التولي يوم الزحف أو الهروب من الجهاد في سبيل الله ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) ، ومن أكبر هذه الكبائر الشرك بالله سبحانه وتعالى فهو الشيء الوحيد الذي لا يغفره الله سبحانه وتعالى يوم البعث وهو الهلاك الأعظم ويخلد في النار أبدا [2] .

الشرك الأكبر

قال الله سبحانه و تعالى “إِن الله لا يغفر أَن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء” النساء الآية 48 ، وقال سبحانه وتعالى “إِنه من يشرك فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما  للظالمين من أنصار” ، المائدة الآية 72 ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ، ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار”، رواه مسلم في الإيمان ، وقال القرطبي رحمه الله عليه:” إن من مات على الشرك لا يدخل الجنة ، ولا يناله من الله رحمة ، ويخلد في النار أبد الآباد ، من غير انقطاع عذاب، ولا تصرم آماد ” ، وقد نشر كلا من ابن حزم ، والقرطبي ، والنووي الإجماع على أن المشرك يخلد في النار .

الشرك الأصغر

يوجد قولين في مسألة الشرك بالله

  • القول الأول: أنه تحت المشيئة ، وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية ، كما يوضح ميل الإمام ابن القيم إليه في الجواب الكافي .
  • القول الثاني : فإنه تحت الوعيد، وهو الذي مال إليه بعض من أهل العلم والفقهاء .

حقوق الناس ومظالمهم

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها ، فإنه ليس ثم دينار ولا درهم ، من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته ، فإن لم يكن له حسنات أُخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه”  رواه البخاري في الرقاق .

وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ، ويأتي وقد شتم هذا ، وقذف هذا وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا، وضرب هذا ، فيعطى هذا من حسناته ، وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه ، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار” رواه مسلم في البر والصلة والآداب .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله” وإن حق غير الله يحتاج إلى إيصالها لمستحقها ، وإلا لم يحصل الخلاص من ضرر ذلك الذنب ، لكن من لم يقدر على عدم رد الإيصال بعد بذله كل ما في وسعة ففي ذلك فعفو الله مأمول ، فإنه يضمن التبعات ويبدل السيئات حسنات”

القتل

تعتبر مسألة القتل من السبع الموبقات لأن القتل حق يتعلق به ثلاثة حقوق، وهي ما يأتي:

  1. حق الله سبحانه وتعالى.
  2. حق الولي والوارث.
  3. حقّ المقتول

فحق الله سبحانه وتعالى يزول بالتوبة ، وأما حق الوارث فإنه مخير بين ثلاثة أشياء هم:

  1. إما القصاص.
  2. إما العفو إلى غير عوض.
  3. إما العفو إلى مال.

وأخر حق المقتول فعن جندب رضي الله عنه قال: حدثني فلان أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) قال:” يجيء المقتول بقاتله يوم القيامة ، فيقول : سل هذا فيم قتلني؟ فيقول : قتلته على ملك فلان، قال جندب : فأعتقها ، رواه النسائي في تحريم الدم.

ولقد قال ابن القيم رحمه الله:” فالصواب والله أعلم أن يقال : إذا تاب القاتل من حق الله ، وسلم نفسه طوعا إلى الوارث ، ليستوفي منه حق موروثة  سقط عنه الحقان ، وبقي حق الموروث لا يضيعه الله. ويجعل من تمام مغفرته للقاتل أن يعوض المقتول لأن مصيبته لا تمحى بقتل قاتله ، والتوبة النصوح تذهب ما قبلها ، فيعوض هذا عن مظلمته ، ولا يعاقب هذا لإتمام توبته .

مغفرة الله للذنوب

يقول الله سبحانه وتعالى: “وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى” طـه الآية 82 ، ويقول الله سبحانه وتعالى:” وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب”، الرعد الآية 6 ، فإن الله سبحانه وتعالى يغفر الذنوب جميعا إذا شاء سواء أكانت زنا أو ما غيرها من الكبائر التي هي دون الشرك ، وإن مغفرة الله سبحانه وتعالى للذنوب والمعاصي والبعد عنها يتحقق على القول الصحيح عن طريق التوبة منها ، لأن من يتوب من ذنبه الذي ارتكبه وتاب الله عليه ، والتائب من الذنب يكون كمن لا ذنب له .

وأما في حالة موت صاحب الكبائر وهو لم يتب منها ، فإنه يرجع إلى مشيئة الله سبحانه وتعالى ، إن أراد عذبه وإن أراد غفر له هذا في جميع الذنوب ما عدا الشرك ، فإن من مات مشرك بالله سبحانه وتعالى ، فإنه يكون خالد في النار وذلك باتفاق أهل علماء المسلمين ، وفي الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه ، أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال: “ما من عبد قال:


لا إله إلا الله


، ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة قلت: وإن زنا وإن سرق؟ قال: وإن زنا وإن سرق. قلت: وإن زنا وإن سرق؟ قال: وإن زنا وإن سرق ثلاثا، ثم قال في الرابعة: على رغم أنف أبي ذر ، فخرج أبو ذر يجر إزاره وهو يقول: وإن رغم أنف أبي ذر

كيفية وطرق الاستغفار الصحيحة

إن


الاستغفار


من أجل الطاعات وأفضل القربات إلى الله سبحانه وتعالى ، فأي صيغة يستغفر بها العبد ربه فيكون هذا الاستغفار على خير ، مثل أن يقول أستغفر الله أو يقول رب اغفر لي ، وغيرهم من أساليب الاستغفار ، وأما عن سيد الاستغفار فهو أن يقول المسلم:” اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، وأبوء لك بنعمتك علي ، وأبوء بذنبي ، فاغفر لي ، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ” ، وذلك كما ثبت في الصحيح عن النبي (صلّى الله عليه وسلّم ) ولا يوجد وقت ، ولا مكان ولا عدد معين من مرات الاستغفار ، كلما أكثر الإنسان من الاستغفار كان هذا خيرا له ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم ) يقول:”والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة” رواه البخاري .

وعن الأغر بن يسار المزني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه ، فإني أتوب في اليوم مائة مرة”  رواه مسلم ، ولا يؤذي المسلم أن يستغفر بنية قضاء أمر معين مما يفضله ويريده العبد ، فقد قال الله سبحانه وتعالى في ما أخبر به عن

سيدنا نوح عليه السلام

: ” فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا ، ويمتددكم بأموال وبنين ويجعلْ لكم أنهارا” صدق الله العظيم نوح الآية 10 ، 11 .