سمات الشخصية المتكلفة

خلق الله الإنسان وخلق معه الحاجة الملحة إلى التواجد في التجمعات والتقرب من البشر المنتمين لذات العرق والعادات والثقافات والعمل على مشاركتهم أحزانه ومشاكله وهمومه وأحلامه وآماله. وهي من السمات الأصيلة في بني البشر على مر العصور وحتى يحقق القبول الإجتماعي بين مجموعته بداية من المجتمع والأصدقاء والأسرة؛  ومن أشكال هذا التقبل هو إحترام أحقية الفرد في الشعور بالمحبة والإحترام ممن حوله.

وإذا حصل الفرد على ما يكفيه من هذه المحبة والتقبل اللازمين له فإنه يُصبح فرد سوي في المجتمع وخالي من العقد والمشاكل النفسية؛ أما إذا لم يتحصل الفرد على هذا الشعور الهام فإنه يتحول إلى شخص غير سوي نفسياً ويشكل خطر على نفسه وعلى المجتمع من حوله ومن أبرز الأمراض التي تنتاب الشخصية التي تفتقد إلى هذه المشاعر الهامة هو تحول الفرد إلى الشخصية المتكلفة المبالغة في كل تصرفاتها وإنفعالاتها.


تعريف الشخصية المتكلفة

كل شخص منا يتميز بسمات معينة تشكل طريقة حياته وتؤثر على سلوكياته وعاداته ورغباته وأحلامه. ولكن إذا إختلفت هذه السمات لتشكل إنحراف عن الطبيعة المجتمعية أو ما إعتاد البشر على أنه من السلوكيات الطبيعية فيعتبر في هذه الحالة ما يسمى باضطراب الشخصية الذي يتوجب العلاج الفوري. ومنها ما إذا كان هذا السلوك متصلباً أو متشدد يصعب على الآخرين التعامل معه وتؤثر بالسلب على حياة الشخص وعلى المحيطين به.[1]

وعادة ما تبدأ هذه الإضطرابات السلوكية من الطفولة مروراً بمراحل المراهقة لتشكل الشخصية المتكلفة الناضجة مع مرور الوقت وبالرغم من أن مشاكل الشخصية المتكلفة يصعب تداركها مع مرور العمر إلا أنه وبرغبة الشخص ذاته في العلاج وشعوره الدائم بالدعم والتقبل يساهم في علاج الفرد بشكل إيجابي وسريع والنتائج التي سيحصل عليها مثمرة .


سمات الشخص المتكلف


الكذب

من أبرز سمات الشخصية المتكلفة؛ فهو دائم

الكذب

وقول غير الحقيقة ويدعي أن الأخرين هم الموهومين ولا يعرفون حقيقته. وعادة ما يكون الكذب هو الطريقة التي يستخدمها لتزييف الواقع أو لكي يوهم نفسه بأن شيئاً ما في أحلامه لا يستطيع تحقيقة في الواقع فيرغب في تحقيقه بالكذب.

ويدعي غير الحقيقة و يقول للناس غير الذي في نفسه ليدعي على نفسه بما ليس فيه. وقد يتسبب بكذبه هذا في المشاكل العديدة للأشخاص من حوله نظراً إلى إدخاله لهم في كذبته وتوريطه لهم في قرابتهم منه أو أنهم يعملون لديه وهكذا وغالباً ما يتم كشف هؤلاء الناس في أقرب وقت وخاصة إذا كان الإدعاء والتكلف يرتبط بوجود أطراف غريبة وتطور الموضوعات على غير الحقيقة.


الإدعاء والتزييف

بسبب الكذب وعدم تقبل الواقع أحياناً ما يلجأ الشخص المتكلف إلى الكذب وقول غير الحقيقة والميل إلى التصنع في كل التصرفات وفي المشاعر. فالشخص المتكلف دائماً ما يكون مبالغ في التعبير عن مشاعره وفي كلامه ويكون واضح إلى كل من حوله ولا يستطيع أحد تصديقه. والكذب الدائم هو الداعم له في التصنع حتى تكتمل الصورة .

وغالباً ما يكون التصنع نابع من نقص في الموارد المادية وعدم تقبل الشخص لفكرة قلة ذات اليد أو الصبر لحين السعى وراء الأحلام والرغبة في الحصول على المال الحلال؛ فتجده يدعي الحساب ذاك في

البنك

أو أن يدعي أن هذا الشخص الشهير والده أو أحد أقاربه أو أنه يمتلك البيت الكائن في الحي هذا وغيره من أساليب التصنع التي قد تنجح أحياناً لكنها ما تلبث أن تتكشف عند موقف يقلب موازين الأمور رأساً على عقب.


الإضطراب النفسي

الشخصية المتكلفة شخصية غير سوية بأقوال الأطباء النفسيين؛ وعادة ما يرجع هذا  إلى مشاكل تربوية منذ الصغر أدت إلى تصرفه بهذه الطريقة غير السوية. ومن أبرز هذه التصرفات هي تصرفات الأب والأم تجاه أبنائهم أو التعامل معهم بالتقليل من شأنهم أو التقليل من قدراتهم مما جعلهم شخصية ناقمة أو غير راضية وضعيفة وخائفة من مواجهة حقيقتها أمام الناس.

أو شخصية غير متقبلة لنفسها وتخشى من حكم الناس عليها وتدعى بما ليس فيها. وأحيانا كثيرة قهر

الأب

والأم لأبنائهم أو المعاناة والفقر أحياناً الذين مر بهم الأبناء منذ الصغر هو الدافع الأساسي لإدعاء غير الواقع والتصنع والسعي إلى التكلف في التصرفات والمشاعر طوال الوقت.[2]


التعبير عما ينقصه

أحياناً كثيرة يكون جزء كبير من تصرفاتنا و إنفعالتنا لهو تعبير عن ما ينقصنا و يدور في بالنا، والشخصية المتكلفة تسعى دائما إلى الإدعاء بأشياء تنقصه ويخشى من الإعتراف بذلك فيسعى إلى الإدعاء بما ليس فيه وقول غير الحقيقة والتكلف في التصرفات والمشاعر حتى يعمل على توصيل الرسالة النفسية بطريقة أو بأخرى إلى الأخرين أنه لا يفتقد هذه الأمور في حياته.

ومثال ذلك من يدعي المحبة والطيبة على الفقراء والمحتاجين مثلاً هو في الواقع قد عاش تجربة إجتماعية سيئة تنتقص إلى الإحتواء والمحبة والدعم النفسي والمادي فيسعى دائماً إلى لفت الإنتباه إلى الأعمال الخيرية وكيف أنه يحب مساعده الأخرين ويرغب في أن كل الناس تسلك ذات السلوك الطيب؛ وهو في الحقيقة أبعد ما يكون على ذلك غير لفت الإنتباه والتكلف أمام الناس.


سمات شائعة للشخصية المتكلفة


  • عدم الثقة بالنفس

    والشك الدائم في الآخرين ومحبتهم له
  • الكذب المستمر والإدعاء بغير الحقيقة
  • رد الفعل المنفعل والعدائي والإهمال في الواجبات الإجتماعية
  • الميل إلى السخرية من الأخرين والتسفيه من أعمالهم
  • الرغبة في الوحدة وعدم تكوين صداقات أو الإندماج في الأنشطة المختلفة
  • التكلف في اللبس والكلام والرغبة الملحة في لفت الإنتباه بكل الأدوات
  • عدم الإعتراف بالخطأ أو الندم على إهانة الآخرين وتكرار المشكلات


علاج اضطراب الشخصية المتكلفة

هناك العديد من العوامل التي تساعد في علاج اضطرابات الشخصية بأنواعها ومنها الشخصية المتكلفة وأبرزها إدراك الشخص لنفسه أنه أمام مشكلة حقيقية تتطلب العلاج النفسي وهو أهم الخطوات التي تقودنا إلى الخطوة التالية وهو الذهاب إلى الطبيب النفسي الذي يعمل على تقييم الحالة النفسية للمريض وتشخيصها بشكل جيد والعمل على العلاج.


الكشف البدني

ويكون أول الطرق التي يقوم بها الطبيب النفسي لفحص ما إذا كان هناك مشكلة عضوية ترتبط ارتباط أساسي ومباشر بمشكلة نفسية ومنها مشاكل الحروق والإعاقات وغيرها من المشاكل الإجتماعية إلى جانب اختبارات شرب الكحول و

المخدرات

وغيرها.


الكشف النفسي

ويكون عن طريق تحليل الشخصية للمريض وسؤاله

أسئلة

مختلفة عن حياته والتاريخ العائلي الخاص به؛ والمناقشة حول سلوك المريض وانفعالاته وطموحاته في محاولة من الطبيب للوقوف على بواطن المشكلة الحقيقية والعمل على علاجها.

التعامل مع الشخصية المتكلفة

قد يكون أحد طرق العلاج للشخصية المتكلفة هو عن طريق الدعم العائلي والتقبل النفسي لكل المحيطين بالمريض والعمل على حضور العديد من الجلسات العلاجية التي تجمع المريض بغيره من الحالات المشابهة والتي تعاني من ذات المشكلة وكيف أنهم تخطوا مشاكل الشخصية المتكلفة وأصبحوا أفراد صالحين في المجتمع وقادرين على السيطرة على رغباتهم والعمل على تقبل أنفسهم في المجتمع الذين يعيشون فيه وأحيانا قد يصف الطبيب بعض العلاجات الدوائية التي تساهم في العلاج في مراحله الأولى.