ما هي حيوانات الجلالة

يتم تعريف كلمة


الجلالة


عند الفقهاء إذا تم اقترانه بكلمة حيوان أو حيوانات، بأنه كل حيوان يتغذى على النجاسات، وهنا لم يحدد الفقه ما هي الحيوانات التي تتناول النجاسة، بل قال أن الجلالة هنا اسم يشمل أي حيوان يقوم بتناول النجاسة، سواء كان هذا الحيوان من الإبل، أو البقر، أو الغنم، أو الدجاج، أو الإوز، أو غيرها من كافة الحيوانات التي يتم تناول لحمها.


تعريف

الجلالة

فقهيا

  • وفي الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما : ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لَبَنِ الْجَلَّالَةِ ) رواه الترمذي (1825) وصححه ، وكذلك صححه النووي ، وقال ابن حجر في ” الفتح ” (9/649) : ” على شرط البخاري ” ، وصححه الألباني .
  • وعَنْ ابن عمر رضي الله عنهما قال : ( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ ، وَأَلْبَانِهَا ) رواه الترمذي (1824) ، وصححه الألباني في ” صحيح سنن الترمذي “
  • وعَنْ عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ ، وَعَنْ الْجَلَّالَةِ ، وَعَنْ رُكُوبِهَا ، وَعَنْ أَكْلِ لَحْمِهَا ) رواه النسائي (4447) وحسنه ابن حجر في ” الفتح ” (9/648) ، وكذا حسنه الألباني في ” صحيح سنن النسائي”.


حكم أكل

الجلالة

فكما رأينا أن هناك أحاديث تثبت أن تناول الحيوانات التي تتغذى على أكل النجاسة، لا يجوز تناول لحمها أو شرب لبنها أو حتي وركوبها، وإذا كانت دجاجة يشمل أيضا عدم تناول بيضها، وهذا حكم جميع جمهور العلماء، فالحيوانات التي تأكل النجاسة يكون لها أكثر من حكم وهم :


  • الحالة الأولى

    أن يكون الحيوانات تغذي مرة أو عدد قليل جدا من النجاسة ولكن أغلب ما يتناوله من الطعام الطيب، فحكم الحيوانات الجلالة لا يشمل هذا النوع من الحيوانات،قال الخطابي رحمه الله : ” فأما إذا رعت الكلأ ، واعتلفت الحَبَّ ، وكانت تنال مع ذلك شيئاً من الجِلَّة ، فليست بجلالة ، وإنما هي كالدجاج ونحوها من الحيوان الذي ربما نال الشيء منها ، وغالب غذائه وعلفه من غيرها : فلا يكره أكله ” انتهى من ” معالم السنن ” (4/244) .
  • أما عن

    الحالة الثانية

    تكون عندما يكثر الحيوان من تناول النجاسة، وتظهر هذه النجاسة على رائحة ولحم الحيوان، فهذا يشمل النهي التام عن تناول اللحم أو شرب اللبن أو تناول البيض، ولا يستخدم كوسيلة للركوب، قال الكاساني رحمه الله : ” إنَّمَا تَكُونُ جَلَّالَةً إذَا تَغَيَّرَتْ وَوُجِدَ مِنْهَا رِيحٌ مُنْتِنَةٌ ، فَهِيَ الْجَلَّالَةُ حِينَئِذٍ ، لَا يُشْرَبُ لَبَنُهَا ، وَلَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا ” انتهى من ” بدائع الصنائع ” (5/40) .

  • الحالة الثالثة

    أن يكون كل ما يتناوله من النجاسة فقط، ولكن لا يظهر عليه أي رائحة عفنة أو على لحمه تظهر النجاسة، فهل يطلق عليه حيوان جلاله، فهناك مذاهب أختلف عليها الحكم، فعند مذهب الحنابلة يعتبر حيوان جلالة ولا يجوز تناوله، لان الحيوان الذي تناول النجاسة سواء كانت ظاهره عليه أم لا يعتبر جلالة، حيث قال ابن قدامة رحمه الله : ” فَإِذَا كَانَ أَكْثَرُ عَلَفِهَا النَّجَاسَةَ ، حُرُمَ لَحْمُهَا وَلَبَنُهَا ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ عَلَفِهَا الطَّاهِرَ ، لَمْ يَحْرُمْ أَكْلُهَا وَلَا لَبَنُهَا ” انتهى من ” المغني ” (9/413)، أما عند الشافعية والحنفية فلا يُعد من الجلالة، لان شرط ظهور الجلالة على رائحته أو لحمه لم يتبين، قال السرخسي رحمه الله : ” وَتَفْسِيرُ الْجَلَّالَةِ : الَّتِي تَعْتَادُ أَكْلَ الْجِيَفِ .. فَيَتَغَيَّر لَحْمُهَا ، وَيَكُونُ لَحْمُهَا مُنْتِنًا فَحَرُمَ الْأَكْلُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْخَبَائِثِ … وَأَمَّا مَا يَخْلِطُ فَيَتَنَاوَلُ الْجِيَفَ وَغَيْرَ الْجِيَفِ عَلَى وَجْهٍ لا يَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ مِنْ لَحْمِهِ ، فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ ” انتهى من ” المبسوط ” (11/255) .
  • وأيضا هناك نوع من النجاسة التي تستحيل ومعانها أنها تتحول إلى مواد أخرى فلا يسري الحكم عليها، فهناك نجاسة تأتي من النباتات والمزروعات والتي لا حرج منها، لإنها طهرت من خلال شجرة إلا إذا ظهر النجاسة عليها في ثمارها.


كم تحبس

الجلالة

لا بتم تناول لحم الجلالة ولا يشرب لبنها أو يتم ركوبها إلا إذا زال منه آثر النجاسة والنتانة عليها، فلا يجوز أكلها، ولكن مع حبسها وتناولها الكثير من الطعان الطيب وزوال الطعم.

  • قال ابن قدامة رحمه الله : ” وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِحَبْسِهَا اتِّفَاقًا ” انتهى من ” المغني ” (9/414) .
  • وقال النووي : ” وَلَوْ حُبِسَتْ بَعْدَ ظُهُورِ النَّتْنِ ، وَعُلِفَتْ شَيْئًا طَاهِرًا ، فَزَالَتْ الرَّائِحَةُ ، ثُمَّ ذُبِحَتْ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهَا قَطْعًا .

    وَلَيْسَ لِلْقَدْرِ الَّذِي تُعْلفُهُ مِنْ حَدٍّ ، وَلَا لِزَمَانِهِ مِنْ ضَبْطٍ ، وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ بِمَا يُعْلَمُ فِي الْعَادَةِ أَوْ يُظَنُّ أَنَّ رَائِحَةَ النَّجَاسَةِ تَزُولُ بِهِ .

    وَلَوْ لَمْ تُعْلَفْ لَمْ يَزُلْ الْمَنْعُ بِغَسْلِ اللَّحْمِ بَعْدَ الذَّبْحِ ، وَلَا بِالطَّبْخِ وَإِنْ زَالَتْ الرَّائِحَةُ بِهِ ” انتهى من ” المجموع ” (9/ 29) .
  • وقال شيخ الإسلام


    ابن تيمية


    رحمه الله : ” فَإِذَا حُبِسَتْ حَتَّى تَطِيبَ كَانَتْ حَلَالًا بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ ذَلِكَ يَظْهَرُ أَثَرُ النَّجَاسَةِ فِي لَبَنِهَا وَبَيْضِهَا وَعَرَقِهَا ، فَيَظْهَرُ نَتْنُ النَّجَاسَةِ وَخُبْثُهَا ، فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ عَادَتْ طَاهِرَةً ، فَإِنَّ الْحُكْمَ إذَا ثَبَتَ بِعِلَّةِ زَالَ بِزَوَالِهَا ” انتهى من ” مجموع الفتاوى ” (21/618) .
  • وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ” وَالْمُعْتَبَرُ فِي جَوَازِ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ : زَوَالُ رَائِحَةِ النَّجَاسَةِ بَعْدَ أَنْ تُعْلَفَ بِالشَّيْءِ الطَّاهِرِ عَلَى الصَّحِيحِ ” انتهى من ” فتح الباري ” (9/648) .

ولم يحدد العلماء وقت معين لحبس حيوان الجلالة، فالإبل والبقر يمكن حبسهم أربعون يومًا، أما عند الغنم فيمكن حبسها سبعة أيام، والدجاج يفضل حبسه ثلاثة أيام فقط، وروى نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما : أَنَّهُ كَانَ يَحْبِسُ الدَّجَاجَةَ الْجَلَّالَةَ ثَلَاثًا ، انتهى من ” مصنف ابن أبي شيبة ” (5/148) ، وسنده صحيح كما قال الحافظ في ” الفتح ” (9/648)، ولكن هناك أوقال أخرى لا يقيد حبسها في مدة معينة، فكلما كانت نجسة كلما تم حبسها حتي تتخلص نهائيًا من وجود النجاسة بها، وإذا تطهرت يمكن تناولها في مذهب الحنفية والشافعية، لا يتم تناولها.

لحم الجلالة محرم أم مكروه

  • مذهب الحنابلة : تحريم أكل لحمها وبيضها وشرب لبنها ، وكراهة ركوبها . ينظر : ” الإنصاف ” (10/356) ، ” شرح منتهى الإرادات ” (3/411) .
  • ومذهب الحنفية والشافعية ورواية عن أحمد : كراهة الأكل والشرب والركوب . ينظر: ” بدائع الصنائع ” (5/40) ، ” مغني المحتاج ” (4/304) .

    قال الخطابي رحمه الله : ” كُرِهَ أكلُ لحومها وألبانها تنزهاً وتنظفاً ، وذلك أنها إذا اغتذت بها وُجِدَ نتنُ رائحتها في لحومها ” انتهى من ” معالم السنن ” (4/ 244) .
  • وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ” وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَابِلَةِ : إِلَى أَنَّ النَّهْيَ لِلتَّحْرِيمِ ، وَبِهِ جَزَمَ ابن دَقِيقِ الْعِيدِ عَنِ الْفُقَهَاءِ ، وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ وَالْقَفَّالُ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْبَغَوِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَأَلْحَقُوا بِلَبَنِهَا وَلَحْمِهَا : بَيْضَهَا ” انتهى من ” فتح الباري ” (9/648) .
  • وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” فالنهي فيها عن الركوب للتنزيه ، وأما عن الأكل فهو إما كراهة تنزيه وإما كراهة تحريم على خلاف بين العلماء في ذلك ” انتهى من ” شرح


    رياض الصالحين


    ” (6/435) .
  • فكل المذاهب أجمع على أن حيوان الجلالة، لا يجوز أكله ولا تناول بيضه ولا شرب لبنه، إلا إذا كان هناك رائحة منه أو من لحمه، ولكن إذا تمت طهارته من النجاسة يمكن تناوله.